مقابلات

الدكتور لويس شبطيني

الدكتور لويس شبطيني

الأخصائي في أمراض الجهاز الهضمي في مركز كليمنصو الطبي في بيروت 

التنظير الداخلي ما بين التكنولوجيا الحديثة وخبرة الطبيبدقة أكبر وكفاءة أعلى

شهدت تقنية التنظير الداخلي تطورًا ملحوظًا في السنوات الماضية، ما جعلها أداة أساسية في تشخيص العديد من أمراض الجهاز الهضمي وعلاجها. وقد عزّز الذكاء الاصطناعي من فعالية هذه التقنية، حيث ساهم في تحسين دقة التشخيص وزيادة كفاءة الإجراءات العلاجية، مع الإشارة إلى أن خبرة الطبيب تبقى هي الركيزة الأساسية التي يُعتمد عليها. الأخصائي في أمراض الجهاز الهضمي في مركز كليمنصو الطبي في بيروت الدكتور لويس شبطيني، أكّد في حديثه إلى مجلةالمستشفى العربيأن التكنولوجيا المتطورة أسهمت في إحداث نقلة نوعية في التنظير الداخلي على صعيد التشخيص والعلاج، فكان لها الدور المساعِد للطبيب في تقييم الحالة الصحية للمريض واتخاذ القرارات العلاجية المناسبة. في ما يلي نص الحوار.

ما هو دور الذكاء الاصطناعي في التنظير؟ وكيف استفدتم من هذا التطور؟

يمثل الذكاء الاصطناعي إضافة قيّمة إلى تقنية التنظير الداخلي حيث يساعد في زيادة دقة التشخيص وكفاءته بهدف تحسين جودة الرعاية الصحية المقدمة للمرضى.

إنه عبارة عن برنامج حاسوبي (Software) تم تلقينه كم هائل من البيانات الطبية المتعلقة بأمراض القولون والمستقيم والثآليل ومواصفاتها وكذلك أمراض الجهاز الهضمي العلوي. وبفضل تقنيات التعلم الآلي، يستطيع هذا البرنامج تحليل الصور الطبية وتحديد التغيرات المرضية بدقة عالية، فيساعد الأطباء على اكتشاف الحالات المرضية في مراحلها المبكرة والانتقال عندها من العلاج التقليدي إلى الطب الوقائي.

لقد شهد التنظير الداخلي تطوراً ملحوظاً بفضل التطبيقات المتزايدة للذكاء الاصطناعي. ومن أبرز هذه التطبيقات، المساعدة في الكشف المبكر عن الثآليل القولونية، والتي تعتبر الخطوة الأولى في الوقاية من سرطان القولون.

الذكاء الاصطناعي يمكنه مساعدة الطبيب في اكتشاف التغيرات الدقيقة في أنسجة القولون التي قد تفوته بالعين المجرّدة؛ فهو يعمل على تحليل صور التنظير بدقة عالية، ويحدد المناطق التي تشير إلى وجود ثآليل قد تكون مسطّحة أو شبيهة بأنسجة القولون فيصعب على الطبيب رؤيتها أو تمييزها، أو وجود تغيرات خلوية دقيقة في الأنسجة، ما يساعد الطبيب على توجيه اهتمامه إلى هذه المناطق وإجراء الفحوصات اللازمة.

لا يقتصر دور الذكاء الاصطناعي على تحديد موقع الثآليل، بل يتعدّاه إلى تقديم مؤشرات أولية حول طبيعتها، سواء كانت حميدة أو خبيثة. ومع ذلك، فإن التشخيص النهائي يعتمد على نتائج الخزعة النسيجية. 

ما هي أبرز التطورات التي طرأت على مستوى التنظير الداخلي؟

على صعيد تنظير القولون، من أبرز التطورات استخدام تقنية الضوء المنقّح التي تمكّننا من الكشف عن التغيرات الخلوية الدقيقة، وقد أصبحت هذه التقنيات جزءاً لا يتجزأ من ممارساتنا الطبية اليومية. وبفضل الخبرات المتراكمة للأطباء في التعامل مع أحدث التقنيات الطبية، أصبح بإمكانهم إجراء عمليات إزالة الثآليل أثناء التنظير بدقة عالية، ما يقلّل من الحاجة إلى التدخل الجراحي. 

أما على صعيد تنظير المعدة، تعتبر تقنية ERCP من الإجراءات العلاجية الفعالة لحالات انسداد القنوات الصفراوية الناجمة عن الحصوات. من خلال هذه التقنية، يمكن للأطباء الوصول إلى القنوات الصفراوية والكبد وإزالة الحصوات التي تسدّها، وذلك باستخدام أدوات طبية متخصصة. 

لقد ساهم التطور التكنولوجي في تحسين دقة هذه الإجراءات وجعلها أقل إيلاماً للمريض. ومن خلال هذه التقنية، يمكن للأطباء أيضاً تشخيص الحالات المرضية الأخرى في الجهاز الهضمي، مثل أورام البنكرياس، ما يجعلها أداة تشخيصية وعلاجية قيّمة.

متى ينتقل الطبيب من التشخيص إلى العلاج أثناء التنظير؟

تعتمد عملية اتخاذ قرار العلاج أثناء التنظير على تقييم دقيق لحجم الثآليل وشكلها. فالثآليل كبيرة الحجم والتي يتجاوز حجمها 3-4 سنتيمترات غالبًا ما تتطلب استئصالًا جراحيًا، نظراً لارتفاع احتمالية وجود خلايا سرطانية، بينما يمكن استئصال الثآليل الصغيرة خلال الجلسة نفسها لأنها في غالبية الحالات تكون حميدة وهو ما يمكن أن يحدده الطبيب خلال التنظير. 

في حالة الشك بوجود خلايا سرطانية، يتم أخذ خزعة لتحليلها بهدف الحصول على التشخيص الدقيق، ثم يتم تحديد خطة العلاج المناسبة بالتعاون مع الجرّاح. الهدف من هذه العملية هو تقديم أفضل رعاية طبية للمريض وضمان الشفاء التام. في حالات سرطان القولون المتقدمة التي تؤدي إلى انسداد الأمعاء، قد يكون التنظير بديلاً عن الجراحة التقليدية؛ يمكن للطبيب، باستخدام المنظار، فتح المسالك المسدودة وتسهيل عملية التبرز، ليوفر بذلك راحة أكبر للمريض. على الرغم من أن هذه الحالات نادرة، إلا أن التنظير يمثل خيارًا علاجيًا فعالًا.

بالنسبة للتنظير العلوي، يمكن استخدامه لمعالجة عدد من الحالات الطبية مثل وقف النزيف الناتج عن قرحة المعدة، وإزالة الحصوات من القناة الصفراوية، وأخذ الخزعات لتشخيص الأمراض المختلفة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام التنظير لعلاج مضاعفات ارتجاع المريء، مثل تضيق المريء الناتج عن كثرة الإلتهاب، حيث يتم توسيعه باستخدام البالون أو تركيب دعامة. وبذلك، يساهم التنظير في تحسين صحة المرضى وتقليل الحاجة إلى إجراءات جراحية كبيرة.

لابد لنا في الختام من التركيز على أهمية الجانب الوقائي للتنظير وضرورة إجرائه بعد سن الـ45.

بالتأكيد، يعتبر منظار القولون أحد أهم الفحوصات الوقائية التي ينصح بها الأطباء للكشف المبكر عن سرطان القولون والمستقيم. هذا الفحص يكتسب أهمية خاصة مع تقدم العمر ووجود عوامل خطر معينة للرجال والنساء على حد سواء، ويهدف إلى الكشف المبكر عن سرطان القولون وعلاجه في مراحله الأولى ما يقلّل بشكل كبير من خطر انتشار السرطان إلى أجزاء أخرى من الجسم والمضاعفات الصحية المرتبطة به. منظار القولون هو إجراء وقائي مهم للحفاظ على صحة الجهاز الهضمي وتقليل مخاطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى