مقابلات

الدكتور كليمان الخوري

الدكتور كليمان الخوري

رئيس قسم العلاج الشعاعي في مركز كليمنصو الطبي في بيروت

العلاج الشعاعي.. دقة متناهية ونتائج أفضل في مكافحة سرطان الثدي

يعد العلاج الشعاعي جزءًا لا يتجزأ من خطة علاج سرطان الثدي، حيث يساهم في تقليل خطر حدوث انتكاسة جديدة وتدمير أي خلايا سرطانية متبقية. وعلى الرغم من أنه قد يسبّب بعض الآثار الجانبية المؤقتة، إلا أن فوائده تفوق بكثير هذه الآثار.  الدكتور كليمان الخوري، رئيس قسم العلاج الشعاعي في مركز كليمنصو الطبي في بيروت، يقول في حديثه إلى مجلةالمستشفى العربي، إنه بفضل التقدم في التقنيات الحديثة أصبح العلاج الشعاعي أكثر دقة وأقل تسببًا لضرر الأنسجة السليمة، ما يزيد من فرص الشفاء ويحسّن نوعية حياة المريضة. 

ما هي تقنيات العلاج الشعاعي الحديثة المستخدمة في علاج سرطان الثدي؟

شهد العلاج الشعاعي لسرطان الثدي تطورات كبيرة في السنوات الأخيرة؛ من التقنيات الحديثة المستخدمة تقنية حبس النفس (Deep Inspiratory Breath Hold) وهي تقنية طبية متطورة تُستخدم في علاج سرطان الثدي، وخاصة عندما يكون مكان الورم قريبًا من القلب أو الرئة. 

تتضمن هذه التقنية قيام المريضة بأخذ نفس عميق وحبسه لمدة معينة تتراوح ما بين 20 إلى 30 ثانية أثناء جلسة العلاج الشعاعي؛ الهدف من ذلك هو حماية القلب، فعندما تأخذ المريضة نفسًا عميقًا وتحبسه٬ يتحرك القلب إلى الخلف والأسفل وهذا يجعل من الممكن توجيه الإشعاع بدقة أكبر، مع تقليل درجة الأشعة التي يتلقاها القلب.

يوجد أيضاً تقنية العلاج الشعاعي  (VMAT- Volumetric Modulated Arc Therapy) التي تعتبر من أحدث تقنيات العلاج الشعاعي، وتتميز بدقتها العالية وقدرتها على حماية الأنسجة السليمة من جرعة شعاعية مكثّفة غير ضرورية. إنها تقنية حديثة ومتطورة في مجال العلاج الشعاعي تستخدم لتوجيه جرعات عالية من الإشعاع بدقة متناهية نحو الهدف، مع تقليل الضرر الذي يلحق بالأنسجة السليمة المحيطة. تعتبر هذه التقنية تطوراً كبيراً عن التقنيات التقليدية في العلاج الشعاعي ، حيث تسمح بتوزيع الجرعات الشعاعية بشكل أكثر دقة وتوافقاً مع شكل الورم وحجمه.

هدفنا هو توفير علاج شخصي لكل مريضة، حيث يتم اختيار التقنية الأنسب لحالتها لتقليل الآثار الجانبية وتحسين فرص الشفاء.

هل العلاج الشعاعي ضروري لكل مريضة سرطان ثدي؟

تختلف الحاجة إلى العلاج الشعاعي من مريضة لأخرى، ويعتمد ذلك على عوامل عدة مثل نوع الورم ومرحلة السرطان وحجم الاستئصال الجراحي. في الحالات المبكرة، قد لا يكون العلاج الشعاعي ضروريًا إذا تم استئصال الثدي بالكامل. 

ولكن في الحالات المتقدمة، حتى بعد الجراحة الكاملة، يعتبر العلاج الشعاعي جزءًا هامًا من خطة العلاج الشاملة. 

يتم اتخاذ القرار بشأن العلاج الشعاعي من قبل فريق طبي متعدد التخصصات بعد تقييم حالة كل مريضة بشكل فردي.

كيف يتم تحديد منطقة العلاج الشعاعي؟ وعدد الجلسات؟

نستخدم مبدأ التجزئة في العلاج الشعاعي، حيث نقوم بتقسيم الجرعة الإجمالية إلى جرعات صغيرة يومية. هذا الأسلوب يسمح لنا بتدمير الخلايا السرطانية مع الحفاظ على الأنسجة السليمة. قد تتساءل لماذا نحتاج إلى هذا العدد الكبير من الجلسات، ولكن الإجابة تكمن في أننا نتعامل مع أنسجة حساسة جداً. لذا، فإن التوزيع الدقيق للجرعات هو الأسلوب الأكثر أماناً وفعالية.

هدفنا الرئيسي من العلاج الشعاعي هو الوقاية من حدوث انتكاسة جديدة للسرطان. لذلك نقوم بتحديد منطقة العلاج بدقة ونوزع الجرعات الشعاعية على عدد من الجلسات الصغيرة.

ومؤخراً، تشهد بروتوكولات العلاج الشعاعي لسرطان الثدي تطوراً مستمراً. فقد أظهرت الدراسات الحديثة إمكانية تقليل عدد جلسات العلاج الشعاعي من 25 إلى 15 جلسة للحالات الموضعية وحتى إلى 5 جلسات. 

ماذا عن المضاعفات وكيفية إدارتها أثناء رحلة العلاج؟

في الواقع، قد يسبّب العلاج الشعاعي بعض الآثار الجانبية المحتملة، ومن الضروري أن تكون المريضة على دراية بها لتعرف كيفية التعامل معها.

أكثر الآثار الجانبية شيوعًا هي احمرار وتصبغ الجلد في منطقة العلاج، والتي عادة ما تظهر بعد بضعة أسابيع من بدء العلاج وتختفي تدريجيًا بعد الانتهاء منه. قد تشعر المريضة أيضًا بالتعب والإرهاق خلال فترة العلاج، خاصة في الأسابيع الأخيرة.

للتقليل من هذه المضاعفات، ننصح المريضات باستخدام كريمات خاصة لترطيب الجلد، وتجنب استخدام المنتجات التي تحتوي على مواد كيميائية قوية، القيام بتمارين خفيفة بانتظام لتحسين الدورة الدموية وتقليل التورم والتصلب، تناول الأطعمة الغنية بالفيتامينات والمعادن لتعزيز الجهاز المناعي، والحصول على قسط كافٍ من النوم للاسترخاء وتجديد الطاقة.

أما بالنسبة للمضاعفات طويلة الأمد، فقد تشمل تصلب الجلد في منطقة الصدر، وتورم في الذراع بسبب إزالة العقد الليمفاوية، وتغيرات في حساسية الجلد. في حالات نادرة، قد تحدث مضاعفات أكثر خطورة مثل أمراض القلب والرئة. 

تقنية حبس النفس، على سبيل المثال، تلعب دوراً حاسماً في تقليل الآثار الجانبية على القلب، خاصة في حالة سرطان الثدي الأيسر. 

فقد أظهرت الدراسات السابقة أن العديد من الناجيات من سرطان الثدي، اللواتي خضعن للعلاجات التقليدية، عانين من مشاكل في القلب والرئة على المدى الطويل. لذا، سعينا لتطوير تقنيات جديدة، مثل تقنية حبس النفس أثناء العلاج الإشعاعي، لتقليل هذه الآثار الجانبية والحفاظ على جودة الحياة. من المهم أن نذكر أن هذه الآثار الجانبية تختلف من مريضة إلى أخرى، وقد لا تعاني جميع المريضات منها بالشدة نفسها. لذلك، ننصح المريضات بإبلاغ الفريق الطبي عن أي أعراض جديدة أو متفاقمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى