مقابلات

الدكتور بيورن زويغا

الدكتور بيورن زويغا

نائب الرئيس التنفيذي لمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث

نقود مسيرة تحوّل طموحة بما يتماشى مع أفضل الممارسات الدولية

يعد مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في طليعة خطط التحول الطموحة للرعاية الصحية في المملكة العربية السعودية، ليصبح مركزًا طبيًا أكاديميًا غير ربحي معترفًا به عالميًا، وقد أعلن المستشفى الذي يضم 2443 سريرًا للرعاية الثلاثية والرباعية عن نموذج جديد لتقديم الرعاية الصحية عبر ثمانية مراكز للتميز. ومع مطلع العام 2025، أطلقت إدارة التخصصي عملية انتقال واسعة النطاق تشمل أكثر من 17000 موظف لإعادة صياغة استراتيجياتها التشغيلية، وتعزيز الكفاءة، ورفع مستوى رعاية المرضى، ودفع البحث الطبي والتعليم المتطور. التقينا بالدكتور بيورن زويغا، نائب الرئيس التنفيذي لمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، للحديث حول كيفية دعم المستشفى لنموذج رعاية صحية أكثر ابتكارًا في المملكة العربية السعودية والمشهد الطبي العالمي.

لماذا يطبق مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث هيكلاً تنظيمياً ونموذجاً تشغيلياً جديداً؟

يقود مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث مسيرة تحوّل طموحة ليصبح أحد أفضل مؤسسات الرعاية الصحية على مستوى العالم. ويركّز الهيكل التنظيمي الجديد على دمج الرعاية المتمحورة حول المريض، ورفع كفاءة التشغيل وتعزيز الاستدامة مستهدفاً من خلال مراكز التميّز المتخصّصة الثمانية، توفير رحلة مريض سلسة وفعّالة ومصمّمة في كافة مراحل العلاج، لتقديم نتائج رعاية صحية مثالية.

ويتواءم هذا التحوّل مع أفضل الممارسات الدولية في مجال الرعاية الصحية، ويعزّز قدرة المستشفى على تلبية الطلب المتزايد بشكلٍ كبير على الخدمات الصحية التخصصية. وفي هذا السياق، يعمل التخصصي على تحسين النتائج السريرية، وتبسيط عمليات التشغيل، من خلال تقليل الإجراءات وتحسين استغلال الموارد، حيث يرتبط هذا التطوّر الهيكلي بشكلٍ وثيق بالتزام المستشفى بنهج الابتكار والبحث والتعليم الطبي. وفي سياق الحديث عن النموذج التشغيلي الجديد، تجدر الإشارة إلى أن المستشفى استقبل خلال عام 2023 أكثر من 43 ألف مريض جديد. كما سجل قسم الطوارئ حوالى 154 ألف زيارة، بينما تجاوزت الزيارات في عياداتنا الخارجية 1.9 مليون زيارة. علاوة على ذلك، استفاد نحو 180 ألف مريض من خدمات مركز الرعاية الافتراضي في المستشفى خلال العام نفسه. وانطلاقًا من هذه الجهود، نسعى في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث لتحقيق مستقبل يسهل فيه الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية المتخصصة والمبتكرة والفعالة لعدد أكبر من المستفيدين.

ما هي مراكز التميّز الجديدة؟

يمثّل إطلاق مراكز التميّز في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث تحولاً جذرياً في تقديم الرعاية المتخصصة، فقد تمّ تصميم كل مركز من مراكز التميّز الثمانيةالمخصّصة للعلوم العصبية، والطب الوراثي، وزراعة الأعضاء، وصحة الأطفال والنساء، والقلب، والسرطان، والخدمات الجراحيةلتسهيل الأعمال، مع الحرص على تقديم رعايةٍ صحية شاملة تتمحور حول المريض. تعمل هذه المراكز على توجيه الخبرات والموارد لتوفير مسارات علاجية متكاملة للحالات الطبية المعقدة. فعلى سبيل المثال، يتصدر مركز التميز للطب الوراثي مجال الاستشارات الوراثية، والتشخيص الجزيئي، والعلاج الجيني. بالإضافة إلى ذلك، يقدم مركز التميز للقلب رعاية استثنائية من خلال نهجه الموحّد، حيث تشمل خدماته علاج أمراض القلب وعمليات القلب الجراحية.

ويدعم كل مركز من مراكز التميّز التكامل بين فرق عمل متعددة التخصّصات، مما يرفع من مستوى التميّز على صعيد الرعاية السريرية، ويدفع الابتكار في مجال الأبحاث. وتسهم الهيكلة الجديدة في التخفيف من الحواجز بين فرق العمل، مما يسمح لكوادرنا الطبية العمل بشكل متماسك ضمن إطار يعطي الأولوية لتجربة المريض، وبتركيزه على الخدمات المتخصّصة وتوظيف أحدث التقنيات الطبية، يقدم مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث معايير جديدة للرعاية الصحية المتخصصة، مما يرسّخ مكانته كرائد عالمياً في رعاية المرضى والابتكار الطبي.

ما هي المعايير التي تم اعتمادها لتوزيع الأقسام على كل مركز من مراكز التميّز الجديدة؟

يعكس التصميم الدقيق لإطار عمل مراكز التميّز الجديدة التزام مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالدقة، حيث تمّ توزيع 126 قسم على مراكز التميّز وفقاً لعمليةٍ ممنهجة تعطي الأولوية لاحتياجات المرضى، وتركّز على الأهداف الإستراتيجية، وتحسين الكفاءة التشغيلية.

شملت العملية تنظيم ورش عمل مع الفرق القيادية لضمان توافق القرارات مع الرؤية الشاملة للمستشفى، مع مراعاة تعقيدات الرعاية ودمج الخبرات المتعددة التخصصات، بالإضافة إلى تحسين الموارد لتعزيز النتائج. على سبيل المثال، يوفر مركز التميّز لصحة النساء والأطفال نظام رعاية متكامل يتضمن قسمًا للعناية المركزة بحديثي الولادة، وقسمًا لعلاج أورام الأطفال، وقسمًا لطب الأم والجنين. كما يحتوي مركز التميّز للسرطان الذي يعالج نحو 25% من جميع حالات السرطان في المملكة العربية السعودية، على أقسام مخصصة لأمراض الدم، والأورام الإشعاعية، والأورام الجراحية، مما يسهل علاج مرضى السرطان البالغين. ويضمن اعتماد هذا النهج المتمحور حول المريض أن يكون كل مركز من مراكز التميّز مزوداً بكافة الخبرات اللازمة لنجاحه في تحقيق نتائج استثنائية، ممّا يعكس التزام المستشفى الثابت وجهوده المتواصلة لتحقيق التميّز التشغيلي وإحداث تحوّل نوعيّ في مجال الرعاية الصحية على مستوى العالم.

كيف سيُحسّن النموذج الجديد للمستشفى من جودة الرعاية الصحية المقدّمة؟

تمت إعادة هيكلة تنظيم مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بهدف تعزيز تقديم الرعاية الصحية بشكل أوسع. وتضع مراكز التميز الأولوية للتكامل والرعاية الموجهة نحو المريض، مما يسهم في تعزيز الكفاءة والتعاون بين المتخصصين، ما يضمن حصول المرضى على رعاية شاملة تبدأ من التشخيص وحتى العلاج.

وبذلك، ستعمل الفرق متعددة التخصصات بشكل وثيق لمعالجة الحالات الطبية المعقدة، وخلق نهج فعال يقلل التأخير ويعظم النتائج. على سبيل المثال، يمكن للمرضى في مركز التميز للسرطان الآن الاستفادة من فريق موحد من أطباء الأورام وأطباء الأشعة وأخصائيي الرعاية التلطيفية الذين يتعاونون لتصميم وتنفيذ خطط العلاج الشاملة، كما يسهل الهيكل الجديد توحيد مسارات الرعاية، وتعزيز الاتساق والتميز في جميع التخصصات، بما يضمن التكامل بين الأدوات المتقدمة للتشخيص والعلاج ضمن النموذج التنظيمي الجديد، مما يعزز دقة النتائج السريرية. 

إن تأسيس مراكز التميز يعكس التزام التخصصي بتطوير خدمات الرعاية الصحية، في إطار يعتمد تعزيز ثقافة التعاون والتحسين المستمر، لتحقيق أثر إيجابي على المرضى ومقدمي الرعاية الصحية.

كيف سيؤثر الهيكل التنظيمي الجديد على أوقات الانتظار أو سهولة الوصول إلى الرعاية المتخصصة؟

يمثل نموذج المستشفى الذي يتمحور حول المريض تحولًا جوهريًا في قطاع الرعاية الصحية، حيث يتيح الهيكل التنظيمي الجديد تحديد المشكلات المحتملة التي قد تؤثر على المرضى ومعالجتها بشكل استباقي. كما أن تنظيم الخدمات ضمن مراكز تميز متخصصة يوفر للمرضى إمكانية الحصول على الرعاية في مكان واحد، مما يلغي الحاجة للتنقل بين الأقسام المختلفة. ولتقليل فترات الانتظار بشكل فعال، قمنا بتطوير مراكز تميز متخصصة لتقديم الرعاية الصحية للحالات الحرجة بسرعة وكفاءة، مع ضمان تعزيز التفاعل والتنسيق وتبادل المعلومات بين الممارسين الصحيين، مما يُمكّن المرضى في نهاية المطاف من الوصول إلى أفضل رعاية صحية متخصصة.

لإطلاق نموذجٍ تشغيليٍّ متكامل، لا بدّ من اعتماد نهجٍ شامل يأخذ بعين الاعتبار المرضى والموظفين على حدٍّ سواء، بحيث يتم التركيز على تقديم رعايةٍ صحية استثنائية تتمحور حول المريض، مع الحرص على توفير بيئة عمل أكثر ترابطاً ومرونة للممارسين الصحيين في الوقت نفسه. هذا النموذج التشغيلي الجديد يهدف في جوهره إلى معالجة التحديات التشغيلية وإدارة الأزمات المحتملة عبر كافة مراكز التميّز لتعزيز التنسيق وتحقيق نتائج متميّزة للمرضى، واعتمدنا في بناءه على مزيجٍ من الخبرات التقنية والقدرات القيادية، وهي مزايا لطالما اتّسم بها موظفونا.

إنَّ النموذج الجديد والمبتكر للمستشفى متعدد الأوجه، إذ يوفّر للموظّفين فرصاً كبيرة لتعزيز مساهماتهم وللتطوّر والترقّي في وظائفهم، ممّا يثري مساراتهم المهنية بخبراتٍ قيمة، كما يوفر برامج تدريبٍ للموظّفين ومبادرات تساعد على تطوير وتنمية المهارات القيادية، ما يعزز قدرتنا على استقطاب المواهب والاحتفاظ بها، ودفع التميز في المجالات الحيوية، بما في ذلك العلاج والتعليم والبحث. كما يهيئ هذا النهج المتكامل الظروف لتحقيق نجاحاتٍ متتالية تحقق التزام المستشفى بتقديم رعايةٍ صحية متخصّصة عالمية المستوى وتجارب استثنائية للمرضى، مع توفير بيئة عمل تمكّن الموظّفين وتُثري مساراتهم المهنية في الوقت نفسه.

ما هي المعايير المالية الجديدة التي سيتم اعتمادها؟

تماشياً مع أهدافنا المحددة بوضوح، قمنا بدراسة تخصيص الموارد الأمثل في جميع أقسام مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بعناية. وقمنا بشكل استباقي بتطوير مجموعة جديدة من مقاييس الربح والخسارة ومؤشرات الأداء الرئيسية لتتوافق مع أهداف نموذج تخطيط موارد المؤسسة الجديد وسلسلة التوريد المتطورة لدينا. وانطلاقا من العام الحالي 2025، بدأنا التكيّف مع تطبيق نظام التصنيف السعودي للمجموعات التشخيصية ذات العلاقة، الذي يضع معياراً موحّداً لسداد تكاليف الرعاية الصحية في جميع أنحاء المملكة العربية السعودية. ومع الانتقال إلى تطبيق هذا النظام الجديد، ستُسْتَبْدَل تلقائيّاً بعض المقاييس التقليدية، مثل وحدات القيمة النسبية، حيث سيترتّب على ذلك تحول المستشفى نحو مقاييس تعتمد على الأداء، بما في ذلك متوسط مدة الإقامة، جودة الرعاية، ومدى استخدام الموارد.

 ومن خلال استخدام أدوات متطوّرة لتحديد التكاليف وإعداد التقارير، يمكننا الإحاطة بشكلٍ أفضل بالتكاليف الفعلية للرعاية الصحية، وربط الأداء المالي بالنتائج السريرية، كما ستوفّر مؤشرات الأداء الرئيسية المتطورة رؤى قيمة حول مستوى الطلب على خدمات الرعاية بشكلٍ عام، ممّا يضمن أعلى مستوى للأداء في مراكز التميّز، ويساعد على تقييم أدائها المالي، ما يعزز استدامة التخصصي كمؤسسةٍ صحية مستقلّة.

بالإضافة إلى ذلك، سنوظّف مواردنا لتطوير خدماتٍ مبتكرة تحسّن نتائج رعاية المرضى والأبحاث والتعليم. فعلى سبيل المثال، سيتم إعطاء الأولوية للاستثمارات الرأسمالية بناءً على مستوى سلامة المرضى والموظفين، والامتثال التنظيمي، والأداء التشغيلي، وبما يتوافق مع هدفنا المتمثّل في تحقيق أداءٍ عالمي المستوى ويحظى بتقديرٍ دولي. وقد تمّ تصميم عمليات حوكمة النفقات الرأسمالية الخاصّة بالمستشفى بهدف تحقيق التوازن فيما بين هذه العوامل، والتخطيط الإستراتيجي لتحقيق أفضل قيمة ممكنة.

وعلاوة على ذلك، سنركز مواردنا على تطوير خدمات مبتكرة تُسهم في تحسين نتائج المرضى وتعزيز الأبحاث والتعليم، وستُمنح الأولوية للاستثمارات الرأسمالية بناءً على معايير تشمل سلامة المرضى والموظفين، والامتثال التنظيمي، والأداء التشغيلي، بما يتماشى مع هدفنا في تحقيق أداء عالمي المستوى، كما تم تصميم عمليات حوكمة الإنفاق الرأسمالي لدينا لضمان موازنة هذه العوامل وتطبيق التخطيط الاستراتيجي لتحقيق أفضل قيمة ممكنة.

كيف ستندمج السجلات/ الأنظمة الحالية مع الهيكل التنظيمي الجديد؟

يلتزم مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بتقديم الأولوية للمرضى وأسرهم، ويتضمن ذلك إجراء تقييم شامل للسجلات والأنظمة الحالية مع التخطيط الدقيق لضمان انتقالها بسلاسة إلى خدمات مراكز التميز الجديدة، مما يحقق أعلى مستويات الكفاءة والفعالية، مع التركيز على كيفية دمج هذه السجلات والأنظمة في الهيكل التنظيمي الجديد.

وتعتبر السجلات والأنظمة الحالية الركيزة الأساسية لهذه المرحلة الانتقالية، حيث يعتمد المستشفى على نموذج تشغيلي مصمم خصيصًا لتلبية الاحتياجات وضمان التكامل الفعّال لجميع السجلات والأنظمة ضمن الهيكل التنظيمي الجديد، مما يضمن انتقالًا سلسًا ومنظمًا لكل مركز من مراكز التميز دون التأثير على استمرارية الخدمات المقدمة. ونظرًا للاحتياجات المختلفة لكل مركز من مراكز التميز بناءً على ديناميكيات التشغيل وتوافر الموارد، تُصَمم عملية الانتقال لتلبية تلك المتطلبات الفريدة، مع بناء بنية تحتية قوية وقابلة للتطوير تدعم التحول التنظيمي، مما يضمن أن يكون الانتقال واضحًا وسلسًا لجميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الإدارة ومقدمو الرعاية الصحية والموظفون والشركاء والمرضى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى