الدكتور مجيد أبي صعب
الدكتور مجيد أبي صعب
إستشاري أمراض الروماتيزم – مستشفى الاهلي / قطر
“انخفاض الاستروجين في مرحلة انقطاع الطمث، السبب الأساسي للإصابة بهشاشة العظام”
ذكرت منظمة الصحة العالمية أن النساء يشكّلن نحو 80 في المئة من مرضى هشاشة العظام حول العالم، حيث يصيب هذا المرض واحدة من كل ثلاثة نساء، ويتمثل بفقدان العظام لكثافتها وتعرضها للترقق بسبب انخفاض معدل الكالسيوم، ولمعرفة المزيد عن أسباب هذا المرض بالنسبة للمرأة، ومضاعفاته على صحتها وعلاجه، يحدثنا د.مجيد أبي صعب من مستشفى الأهلي في الحوار التالي:
لماذا المرأة أكثر عُرضة للإصابة بهشاشة العظام، وما تعريف هذا المرض؟
بدايةً هشاشة العظام (Osteoporosis) تعني العظام المنخورة، حيث تؤدي الإصابة بمرض هشاشة العظام إلى إضعاف العظام لتصبح هشة إلى درجة أن مجرد القيام بأعمال بسيطة جداً، وتحتاج إلى أقل قدر من الضغط كالانحناء إلى الأمام أو رفع مكنسة كهربائية أو حتى السعال، قد يسبب كسوراً في العظام، ويرجع سبب انتشار مرض هشاشة العظام بين النساء أكثر من الرجال إلى ازدياد وتيرة تضاؤل حجم الأنسجة العظمية باستمرار خاصةً في مرحلة انقطاع الطمث، وذلك جراء الهبوط الحاد الذي يطرأ في مستوى تركيز هرمون الأستروجين الأنثوي في الدم، وبالرغم من كثرة العوامل التي تؤثر على فقدان الأنسجة العظمية، إلا أن السبب الرئيسي للفقدان المتزايد للأنسجة العظمية لدى السيدات يعود إلى هبوط مستويات إنتاج الاستروجين خلال فترة ما يسمى بسن اليأس.
ما أهم أعراض هذا المرض؟
تتّسم المراحل المبكرة من ضعف الكتلة العظمية (Bone mass)، بأنها تخلو عادةً من الآلام أو وجود أية أعراض أخرى، لكن منذ لحظة ظهور ضعف أو ضمور في العظام من جراء الإصابة بمرض هشاشة العظام، قد تبدأ بعض الأعراض بالظهور، من بينها حدوث آلام في حال حدوث شرخ أو انهيار في الفقرات، فقدان الوزن مع الوقت، انحناء القامة، وحدوث كسور في الفقرات، أو حوض الفخذين، أو في عظام أخرى.
ما هي عوامل الخطر الأخرى غير نقص الاستروجين التي تسبب هشاشة العظام عند المرأة؟
تتعلق متانة العظام بالعموم بحجمها وكثافتها، أما كثافة العظام فتتعلق بمستويات الكالسيوم فيها، ولذلك ترتبط درجة الخطورة لإصابة شخص ما بتخلخل العظام بكمية الأنسجة العظمية التي تكون قد تراكمت في جسمه خلال الفترة العمرية الممتدة بين سن 25 و 35 عاماً (أوج كمية الأنسجة العظمية)، كما ترتبط بالسرعة التي يفقد فيها الشخص الأنسجة العظمية فيما بعد. وكلما كبر حجم الكتلة العظمية في أوجها كلما كان لدى الشخص مخزوناً أكبر من الكتلة العظمية، وبذلك يقل خطر الإصابة بهشاشة العظام في سن متقدمة نسبياً.
من الأسباب التي قد تؤدي إلى فقدان الكتلة العظمية وبالتالي الإصابة بالهشاشة الإفراز الزائد لهرمون الغدة الدرقية (Thyroid)، كما أن وجود نقص في استهلاك كميات كافية من الكالسيوم وفيتامين “د” خلال العقود الثلاثة الأولى من حياة الإنسان، قد يؤدي إلى هبوط في الكتلة العظمية وتكوينها في جسم الإنسان عند بلوغه السن التي تبلغ فيها الكتلة العظمية أوجها، ما يؤدي إلى فقدان هذا الشخص كتلة عظمية بسرعة أكبر نسبياً فيما بعد، وكذلك تُعّد السيدات ذوات بنية الجسم النحيفة أو صغيرات الحجم أكثر عرضة لخطر الإصابة بمرض هشاشة العظام. وأخيراً يعتبر مرض هشاشة العظام من الأمراض الوراثية، فإذا كان أحد الوالدين أو الإخوة في العائلة مصاباً به، فإن ذلك يزيد من احتمال الإصابة لدى الأفراد الآخرين.
ماذا عن مضاعفات المرض الأكثر انتشاراً ؟
تُعّد الكسور أكثر مضاعفات هشاشة العظام انتشاراً وخطورة لدى المصابين بمرض هشاشة العظام، وتحدث معظم الكسور عادةً في العمود الفقري، وفي عظام حوض الفخذين، نظراً لكونها العظام الرئيسية التي تحمل الجزء الأكبر من وزن الجسم، وتحدث هذه الكسور عادةً نتيجة لتلقي ضربات أو جراء حوادث السقوط.
وعلى الرغم من أن غالبية المصابين بمرض هشاشة العظام يشفون جيداً بفضل الحلول الجراحية المتقدمة والحديثة، إلا أن الكسور التي قد تحدث في حوض الفخذين قد تتسبب في حصول عجز لدى المصاب، بل قد تؤدي للوفاة في بعض الأحيان، وذلك من جراء التعقيدات التي قد تنشأ في أعقاب العمليات الجراحية، وخاصة ً لدى المتقدمين في السن. كذلك، فإن الكسور في أكفّ اليدين هي من الكسور الواسعة الانتشار بين مصابي مرض هشاشة العظام، والتي تنجم في الغالب عن حوادث السقوط، وفي بعض الحالات قد تحدث كسور في العمود الفقري دون التعّرض لضربات أو لحوادث سقوط، وذلك لمجرد وجود ضعف في عظام الظهر (الفقرات)، إلى درجة أنها تبدأ بالانضغاط فقرة فوق أخرى، ويسبب هذا الانضغاط آلاماً حادة في الظهر تستدعي فترة استشفاء طويلة. كما قد يؤدي ظهور عدد كبير من الكسور إلى فقدان بعض السنتيمترات من الطول، وتحول وضعية الجسم إلى الانحناء.
متى ينبغي على المرأة إجراء الفحوصات الخاصة بهشاشة العظام؟
تنصح المنظمة الأميركية القومية لهشاشة العظام السيدات اللواتي لا يتلقيّن أياً من العلاجات التي تحتوي على هرمون الأستروجين بالتوجه لإجراء فحص لكثافة العظام، وذلك في الحالات التالية:
- بلوغ سن الـ 65 عاماً، بغض النظر عما إذا كانت السيدة تنتمي لأي من المجموعات الأكثر عرضة لخطر الإصابة بمرض هشاشة العظام أم لا.
- بلوغ السيدة سن الإياس (مرحلة انقطاع الطمث)، إذا كانت تنتمي إلى واحدة من المجموعات الأكثر عرضة لخطر الإصابة بمرض هشاشة العظام على الأقل، بالإضافة إلى تعرضها لحادثة واحدة على الأقل لكسر في العظم.
- إذا كانت السيدة تعاني من أي من المشاكل الطبية المرتبطة بالعمود الفقري.
- إذا كانت السيدة تتلقى أياً من العلاجات الدوائية التي قد تسبب الإصابة بمرض هشاشة العظام، مثل البريدنيزون (Prednisone) أو ما شابه.
- إذا كانت السيدة تعاني من داء السكري من النوع الأول أو من أمراض الكبد أو أي من أمراض الكلى، أو أي من الأمراض التي قد تصيب الغدة الدرقية، أو إذا كانت هنالك حالات من الإصابة بمرض هشاشة العظام في التاريخ المرضي للعائلة.
- إذا انقطع الطمث لدى السيدة في سن مبكرة.
نصائح أخيرة للوقاية من المرض؟
هناك ثلاثة عوامل حيوية تساهم في تحسين صحة العظام على امتداد العمر، وبالتالي تقي من فقدان الكتلة العظمية أولها ضرورة ممارسة النشاط البدني بانتظام، والقيام بالتمارين الرياضيّة معظم أيام الأسبوع لمدّة نصف ساعة على الأقل، وثانياً استهلاك كميات كافية من الكالسيوم عبر تناول الأغذية الصحية الغنية بهذا العنصر، وذلك خلال مرحلة تكوين العظام منذ الصغر وحتى عمر الثلاثين، وأيضاً تناول الأغذية الغنية بفيتامين “د” الذي يُعد ضرورياً لتحفيز امتصاص الكالسيوم في الجسم، إضافة إلى التعّرض للشمس لمنح العظام القدرة على اختزان هذا الفيتامين، وأضيف على هذه العوامل ضرورة الامتناع عن التدخين وتقليل استهلاك الكافيين.
- تتأثر خلايا العظام بانعدام الاستروجين وتبدأ بالتفاعل سلبا على إفرازات الألياف العظمية فتزيد من تآكلها، لتصبح مكونات العظام ضئيلة تدريجيا لتدخل بمستوى الهشاشة. ولكن، لابد من الإشارة الى أنه ليس جميع النساء في سن متقدم يعانين من هشاشة العظام بعد انقطاع الهرمونات، حيث يوجد فئة من النساء تبقى عظامهن طبيعية وفئة أخرى تكون عظامهن ضعيفة، وحوالى ٣٠ ٪ لديهن عظام بمستوى الهشاشة. اما إعطاء هرمونات إضافية فلا ينصح بها على الامد الطويل لخطورتها المعروفة.
- النقص الشديد في استهلاك الكالسيوم وفيتامين “د” يؤدي إلى هبوط في الكتلة العظمية، لذلك ينبغي تناول المكملات الغذائية الغنية بالكالسيوم والفيتامين “د” لتفادي أثر فقدانهما على الكتلة العظمية. فنقص الفيتامين “د” يؤدي طبعا إلى مرض آخر شبيه بالهشاشة ويؤدي الى كسور والتواء في العظام تدريجيا، ويطلق عليه اسم اوسيو مالاشيا osteomalacia.
- ممارسة الرياضة بانتظام وتناول أغذية غنية بالكالسيوم تعتبر من العوامل المهمة للوقاية وخاصة في مرحلة النمو حتى عمر الثلاثين ليصبح العظم قادر على تحمّل الخسارة في سن متأخر بعدها. وكذلك، فإن الوقاية يجب أن تكون معتمدة خلال السن المتأخر للحفاظ نسبيا على ما بقي من قوت العظام.
- الكسور أكثر مضاعفات هشاشة العظام انتشاراً وخطورة لأنها تؤدي الى تكرار الكسور في فقرات الظهر وغيرها. فالدراسات الإحصائية أبرزت هذا الواقع وبناء عليه يسرع في بدء العلاج عندما يصبح العظم في نسبة الهشاشة.