مقابلات

البروفيسور كلود طيار

الأخصائي في جراحة الجهاز الهضمي والكبد وجراحة المنظار والبدانة في مركز كليمنصو الطبي بالتعاون  مع جونز هوبكنز إنترناشيونال

البروفيسور كلود طيار

“نسبة النجاح باتت اليوم مرتفعة جداً إذا ما تم تشخيص حالة المريض بدقة”

شهدت زراعة الكبد تطورات ملحوظة رافقت التطور الطبي في هذا المجال سواء على المستوى الجراحي أو الطبي وحققت نسب نجاح عالية جداً، فالآثار الجانبية باتت أقل والتعافي أسرع. نجاح العملية يعتمد بالدرجة الأولى على الدقة في اختيار المريض بحسب حالته المرضية التي تستدعي زراعة الكبد، وفق ما اوضحه البروفيسور كلود طيّار، الأخصائي في جراحة الجهاز الهضمي والكبد وجراحة المنظار والبدانة في مركز كليمنصو الطبي بالتعاون مع جونز هوبكنز إنترناشيونال، في حديثه إلى مجلة “المستشفى العربي”.

نود الحديث بداية عمّا حققه الطب من إنجازات على مستوى جراحة زراعة الكبد؟ 

لقد شهدت زراعة الكبد تطورات ملحوظة خلال السنوات الماضية على الصعيد الجراحي وعلى الصعيد الطبي؛ على الصعيد الجراحي، فقد باتت التقنية أكثر تنظيماً من حيث معايير الرعاية (Standard of Care) فالتعقيدات والمضاعفات باتت أقل والتعافي أسرع وهي تتم اليوم في مراكز طبية متخصصة في هذا الشأن. 

الطريقة الكلاسيكية لهذه العملية تتم من واهب متوفى دماغياً وهي تشكل حوالى 95 بالمائة من عمليات زراعة الكبد في أوروبا وأميركا، والنسبة المتبقية تتم من واهبين أحياء.

أما على الصعيد الطبي، فإن ما شهده الطب من تطور على مستوى الأدوية المناعية التي تحث الجسم على عدم رفض العضو الجديد أسهم في الحد من الآثار الجانبية في مرحلة ما بعد العملية وهو ما زاد من نسبة نجاحها.

إلى أي مدى أسهمت هذه التطورات في تحسين معدلات نجاح الجراحة والحد من المضاعفات في مرحلة ما بعد العملية؟

في الواقع، هذه التطورات كان لها الدور الأساس في رفع نسبة نجاح العملية والحد من المضاعفات التي يمكن أن يعاني منها المريض سواء خلال الجراحة أو بعدها؛ بالنسبة للمتبرع الحي، أي ما نسبته خمسة بالمائة من عمليات زراعة الكبد، فإن التطورات على مستوى الجراحة أسهمت في الحد من المضاعفات حيث يمكن للروبوت في هذه الحالة أن يسهل عملية الإستئصال وهنا نجمع بين الروبوت والمنظار في عملية تسمى Liver Laparoscopic Robotic Assistant. لكن المسألة مختلفة بالنسبة للمريض المتلقي للكبد، وهنا لابد من الجراحة لإستئصال الكبد التالف وزرع الكبد الجديد مع ما يحتاجه ذلك من توصيلات ضرورية لنجاح عمل العضو الجديد، وهو ما بات يتم بشكل ناجح من خلال شق صغير في أسفل البطن.

ماذا عن الخطوات المتبعة في مرحلة ما قبل الجراحة وخلالها وما بعدها؟

بداية التحضيرات تكمن بالدرجة الأولى في فهم السبب الذي أدى إلى فشل الكبد؛ قد يكون السبب هو الإصابة بورم سرطاني وهنا علينا التأكد من أمور عدة أولها حجم الورم ومكان إنتشاره ضمن الكبد وما اذا كان قد انتشر إلى خارج الكبد أم لا، وطبعا يجب الأخذ بعين الإعتبار حالة المريض الصحية عموماً من حيث القلب والضغط وغيرها من الأمور التي تحدد إمكانية قدرته على تحمل التخدير العمومي أم لا.

خلال العمل الجراحي، فإن الفريق الجراحي عليه أن يستعد بشكل كامل لإجراء جراحة مثالية ولعل أهم ما يجب أن يقوم به الجراح هو توصيل الشرايين بشكل سليم ودقيق لتجنب أي خلل في عمل العضو الجديد. فالشريان الأحمر (Artery) والأزرق (Vein) لتغذية الكبد وهناك أيضاً الوريد الكبدي (Hepatic Vein) الذي يعمل على إعادة الدم من الكبد إلى القلب، وشريان آخر لإخراج الصفراء من الكبد. هذه التوصيلات الأربعة يجب أن تتم بدقة متناهية لتجنب المضاعفات مثل حدوث نزيف أو إنقطاع الدم عن الكبد أو غيرها من الآثار الجانبية.

بعد العملية، فإن متابعة المريض تتم عن كثب على المستوى الجراحي للتأكد من عدم حدوث أي مضاعفات أو آثار جانبية وتحديدا خلال الأيام العشرة الأولى على أن تستمر المتابعة المكثفة خلال الشهر الأول وتستمر بشكل شبه كامل بعد ذلك لتنتهي بعد عام ثم تصبح المتابعة دورية. 

يجب أيضاً متابعة المريض طبياً من حيث الأدوية المناعية التي يتناولها المريض بشكل مزمن لحث الجهاز المناعي على إستقبال العضو الجديد وعدم رفضه. هذا النوع من الأدوية تطور بشكل لافت في السنوات الأخيرة وباتت آثاره الجانبية أقل بكثير.

ما هي شروط نجاح هذه الجراحة الضخمة؟

يعتمد نجاح العملية على الدقة في انتقاء الحالات التي تحتاج إلى عملية زراعة كبد وإلى طريقة تحضير المريض وظروفه الصحية بشكل عام. نسبة النجاح باتت اليوم مرتفعة جداً إذا ما تم اختيار المريض بدقة.

هناك أسباب عدة تؤدي إلى فشل الكبد، منها قصور في وظيفة الكبد ناتج عن تشمعه لأسباب مثل الإلتهابات الفيروسية (Hepatitis) أو الإفراط في شرب الكحول، أو السمنة المفرطة التي تؤدي إلى تشمع الكبد وزيادة الدهون. هذه الأسباب تشكل حوالى 60 إلى 70 بالمائة من أسباب فشل وظيفة الكبد والقصور في وظيفته.

هناك سبب آخر هو الأورام، وذلك يعني إنه يوجد تشمع  في الكبد ولكن وظيفته لا تزال جيدة ولكن هناك أورام في أكثر من مكان ضمن الكبد وليس خارجه وبطريقة لها معايير خاصة من حيث الحجم والكمية. يشكل هذا السبب نحو 20 إلى 30 بالمائة من الحالات التي تحتاج إلى عملية الزرع.

من الأسباب النادرة بعض الأمراض الوراثية لدى الأطفال أو ذوبان الكبد إثر تناول دواء ما أو الإصابة بالتسمم.

نسبة نجاح العملية من الناحية التقنية تفوق الـ90 بالمائة وما نسبته 10 بالمائة أو ربما أقل قد يعانون من آثار جانبية قد تودي بحياتهم. على مستوى الشفاء من المرض، فذلك يعود إلى السبب الأساسي. في حالات الفشل الحاد في وظيفة الكبد فإن نسبة النجاح تفوق الـ90 بالمائة، أما في حالات تشمع في الكبد الناتج عن فيروس أو عن قصور في وظيفة الكبد فإن نسبة النجاح تفوق الـ70 بالمائة ويشفى المريض تماماً من المرض. في حال كان السبب ورم في الكبد، فإن النسبة أقل وقد تصل إلى حوالى 60 بالمائة لأن الورم يمكن أن يعاود الظهور ولكن طبعا هناك علاجات أخرى. 

ماذا عن الشروط التي يجب توافرها سواء من متبرع حي أو متوفى؟

في حالات المتبرع المتوفى دماغياً، وهي الحالات الأكثر إنتشاراً، يجب أن يكون الكبد سليماً خالِ من أي أمراض فيروسية أو إلتهابات أو حتى أورام مع التأكد أن المتوفى لم يكن يعاني من ورم في الكبد ولم يشفَ منه بشكل نهائي لأنه قد يعاود الظهور بعد نحو خمس سنوات. للتحقق من ذلك، يجب إجراء فحص دم للكبد وصورة صوتية أو scanner.

من الشروط الأساسية أيضاً أن تكون فئات الدم متطابقة بغض النظر عما إذا كانت سلبية أو إيجابية.

بالنسبة للمتبرع الحي، فيجب ان يكون من اقارب الدرجة الاولى لتطابق الانسجة وفئات الدم والحالة الصحية العامة يجب ان تكون جيدة.

هل تعود حياة المريض إلى طبيعتها بعد عملية الزرع؟

نعم تعود حياة المريض إلى طبيعتها بنسبة تفوق الـ90 بالمائة لأن هناك أدوية مناعية على المريض أن يتناولها بشكل دائم تحث جهاز المناعة على عدم رفض العضو الجديد. على المريض كذلك إجراء الفحوصات الدورية بشكل مكثف في البداية على أن تنخفض تدريجياً لتصبح كل عام. 

هناك بعض المشاكل الصحية الناتجة عن العلاج المناعي الذي يتناوله المريض يمكن أن تؤدي إلى السكري أو الضغط أو الدهون في الدم والكبد، لكن تطور هذا النوع من الأدوية خفّف منها إلى جانب المتابعة الدورية التي تسهم في الحد من تبعاتها ومهما كانت فهي بالتأكيد أقل وطأة على صحة المريض من فشل الكبد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى