أرمان فارس
رئيس نقابة مستوردي الادوية وأصحاب المستودعات في لبنان
أرمان فارس
“تطوّر الصناعة الدوائية اللبنانية رفع نسبة اعتماده على التصنيع المحلي”
عنوان المنتدى العربي الثامن للصناعات الصحية لهذا العام هو ”القيمة في الرعاية الصحية” . وقد بنت اللجنة العلمية برنامج المنتدى حول القيمة أي مقدار ما نضيفه من الأدوية والخدمات المرتبطة بها على قطاع الصحة. يشرح ذلك رئيس نقابة مستوردي الادوية وأصحاب المستودعات في لبنان أرمان فارس، ويقول في حديث لمجلة ”المستشفى العربي” إن قطاع الدواء في لبنان يأتي في المرتبة الثانية بعد القطاع المصرفي من ناحية قدرته على التنظيم والترتيب والمراقبة بالتعاون الكامل مع وزارة الصحة العامة. ويضيف أن هذا لا يعني أن كل شيء على ما يرام، وإنما هناك الإرادة والآلية للتعاون في ما بين القطاعين الخاص والعام لمعالجة كل الثغرات التي تظهر من وقت الى آخر .ويُلفت إلى أن لبنان انخفض اعتماده على الأدوية المستوردة لأن تطور الصناعة الدوائية اللبنانية كان كفيلا بإعطائه القدرة على توسيع نسبة اعتماده على التصنيع المحلي، لا سيما أن الكثير من الأدوية المبتكرة-المرجعية أصبحت قابلة للنسخ الشرعي. وفي ما يلي نص الحديث.
البداية دائما من أبرز العناوين التي سيطرحها المنتدى العربي الثامن للصناعات الصحية؟ وأهدافه لهذا العام؟
عنوان المنتدى هذا العام هو ”القيمة في الرعاية الصحية”. وقد بنت اللجنة العلمية برنامج المنتدى حول القيمة أي مقدار ما نضيفه من الأدوية والخدمات المرتبطة بها على قطاع الصحة، وذلك يوم الجمعة 20 نيسان (أبريل (2018، وموزّعاً على خمس حلقات وهي:
- بعد الافتتاح والمحاضرة التوجيهية، ستتناول الحلقة الاولى ”الشؤون التنظيمية لقطاع الصحة” ترأسها وزارة الصحة العامة وتشمل دراسة على تأثير الابتكارات الدوائية على إطالة العمر، دور المعلومات الصحية في تقييم فعّالية الإنفاق الصحي، الاستفادة من إدارة المشاريع في الصناعة الدوائية، ادارة المخاطر الدوائية عن طريق تعزيز القاعدة الرقابية للدواء (pharmacovigilance) لدى نقابة الصيادلة، دور التلقيح في تحسين المستوى الصحي.
- أما الحلقة الثانية “دور التكنولوجيا في القطاع الصحي” فيرأسها تجمّع الشركات الدوائية العالمية في لبنان، وتشمل توجّه الصناعات الرائدة نحو شخصنة الأدوية) أي أن يصبح تصنيع بعض الأدوية محوره المريض بدلاً من المرض) ودور الصحة الرقمية في تقييم الأدوية، وتحسين الصناعات المحلية بانفتاحها على التقنيات المبتكرة.
- والحلقة الثالثة ”القيمة للمرضى” ستديرها نقابة مصانع الأدوية في لبنان وتشمل وضع آلية لجمع النتائج العلاجية للمرضى اللبنانيين، حماية البيانات الشخصية وسريّتها، حلول اقتصادية لتوسيع التغطية الصحية، متابعة المريض في ما بعد العلاج، الإبتكار في الأمراض اليتيمة )أي الأمراض النادرة(.
- والحلقة الرابعة ”شمولية الإدارة الصحية” ستديرها نقابة مستوردي الأدوية وتشمل الحصول الباكر على الأدوية المبتكرة، والجديد في الأسس التنظيمية للمتممات الغذائية واللوازم الطبية.
- والحلقة الخامسة والأخيرة ”دور التعليم في الرعاية الصحية” سيديرها رئيس اللجنة النيابية للصحة العامة والشؤون الاجتماعية بحضور معالي وزير التربية ومشاركة نقيب صيادلة لبنان، عمداء كليات الصيدلة في الـ USJ، والـ LAU والجامعة اللبنانية، عميد كلية الطب في الـAUB ورئيسة نقابة الممرضات في لبنان.
بعد مرور عام على انعقاد المنتدى الذي كان بعنوان ”حلول مبتكرة في الصحة”، ماذا حققتم من العام الماضي حتى اليوم؟ وكيف تقيمون حجم المشاركة؟
كان ”المنتدى العربي السابع للصناعات الصحية” الذي عقد في أيار من العام الماضي حافلاً بالمداخلات الهامة ومنها ذات الطابع السياسي لأنها سلّطت الأضواء ومهّدت الطريق في المجالات التالية:
- أهمية تطوير قدرة لبنان على استيعاب الادوية المبتكرة على كل الأصعدة، تنظيمية كانت أم عملانية واقتصادية.
- تفعيل الشراكة الحقيقية بين القطاع العام والقطاع الخاص، عبر إنشاء ورش عمل خاصة بالتسجيل، الجودة، سلامة الدواء، أسس التسعير العادل، وسبل تخفيض الفاتورة الدوائية الشاملة، لصياغة إقتراحات تؤمن حصول المريض على العلاجات المبتكرة والجنيسية ضمن فاتورة صحية معقولة والعمل على رسم سياسة دوائية للسنين القادمة.
- توطيد وتوسيع التعاون بين الصناعات الدولية المصنعة للأدوية المبتكرة والصناعة الوطنية كضرورة استراتيجية.
- تطوير القدرات القيادية والارشادية لدى العاملين في القطاع الصحي.
في كل عام تتطور الأدوية والعلاجات، برأيكم، كيف يمكن للمريض أن يحصل على الدواء الجديد مع المحافظة على ضمان الجودة في لبنان؟
إن التحدي الأكبر في لبنان ليس في المحافظة على ضمان الجودة لأن هذا الموضوع محسوم نهائياً لدى كل المعنيين في القطاع الخاص والعام. إنما التحدّي الأول والأخير هو في تأمين التغطية الصحية الشاملة والكلفة الكائنة من وراء الاستحصال الباكر للأدوية المبتكرة.
وهذا لن يتحقّق الاّ من خلال مصارحة وطنية تسمّي الأشياء بأسمائها، من خلال إقرار موازنة مدروسة، دقيقة وجريئة. لن يحصل المواطن اللبناني على المستوى الصحّي الذي يدّعي السياسيون تحقيقه اذا لم يجرؤوا جميعا على الاعتراف بالتحدّي المالي الكائن وراء هذا الهدف. لن يفيد بعد الآن أن نستمرّ بسياسة النعامة التي تغرس رأسها في الأرض كي لا تواجه الواقع.
على صعيد الدواء في لبنان، يبقى التحدي الأساس لكم هو تأمين الدواء الجيد بالكلفة المنضبطة والرقابة الصارمة. ما هي الخطوات المتبعة من قبلكم في هذا المجال؟
ان المؤسسات الصيدلانية المنتمية الى نقابة مستوردي الأدوية ملتزمة بطريقة كاملة ونهائية بإيصال الدواء الجيّد المسجّل لدى وزارة الصحة العامة وفقاً للأصول، عبر سلسلة غير منقطعة من المسؤوليات ”من المنتج الى المواطن” تضمن حسن شروط الشحن والتخزين والتوزيع، وبالأسعار التي تحددها وزارة الصحة العامة وفقاً لأسس التسعير المعتمدة قانوناً. وإن قطاع الدواء في لبنان يأتي في المرتبة الثانية بعد القطاع المصرفي من ناحية قدرته على التنظيم والترتيب والمراقبة بالتعاون الكامل مع وزارة الصحة العامة.
هذا لا يعني أن كل شيء على ما يرام، وإنما هناك الإرادة والآلية للتعاون في ما بين القطاع الخاص والعام لمعالجة كل الثغرات التي تظهر من وقت الى آخر عن طريق:
- العمل الجاد والمتواصل في ما بين المعنيين لتحديث النصوص التنظيمية كلما دعت الحاجة لمواكبة التطورات العالمية والاحتياجات الاقتصادية المحلية.
- القدرة على احتواء أي تسلّل او انزلاق بشكل سريع، مسؤول وفعّال من خلال تقوية الرقابة الذاتية وزيادة جهاز المراقبة العامة.
- كما أرى أنه من المهم والاساسي انشاء تعاون جاد وعميق في ما بين القطاعين العام والخاص من ضمن قواعد مهنية عليا ذات مصداقية دولية هدفها توطيد العلاقة في ما بين وزارة الصحة العامة والشركات المصنّعة للأدوية – إن كانت تصنّع الادوية المبتكرة أو الادوية الجنيسية.
- اذاً هناك حاجة ملحّة لإدارة رشيدة لكلفة الدواء من دون التساهل في موضوع ”الجودة” و”ضمان الجودة” وسلسلة المسؤوليات المترابطة الحلقات بدءًا من المصنّع وصولا إلى المواطن.
ما هو ميثاق المعايير الأخلاقية لترويج الأدوية في لبنان؟ وما هي الأسس المتبعة؟ وهل هناك التزام بتلك المعايير من قبل الشركات المروّجة؟
بعد أن تم التوقيع على ”الميثاق الأخلاقي لترويج الدواء” بتاريخ 31 ايار 2016 من قبل مصانع الأدوية العالمية والمصانع الوطنية ومستوردي الأدوية ونقابات الأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان ونقابة أصحاب المستشفيات الخاصة، بدأت مرحلة التطبيق التي تشمل آليات الرصد والمراجعة. ولعلّ قوة الميثاق ليست في أنه كامل أو مثالي، بل في أنه وليد إرادة مشتركة جامعة، قررت تطبيقه طوعاً وعملت على إرساء قواعد الرصد والمراجعة له.
أما الهدف المرجو من تطبيق الميثاق فهو حصر المعايير التي يعتمدها الطبيب في وصفه للدواء أو الصيدلي في صرفه للدواء أو استبداله له بعد موافقة الطبيب والمريض، بالمعايير العلمية والعلاجية ومعايير الجودة والفعالية، من دون غيرها من المعايير لا سيما تلك التي تبدّي المصلحة المادية. ومن الطبيعي، في هذه الحال، أن تتصدّر الأدوية ذات الجودة والفعالية العلمية والعلاجية غير المشكوك بها، باقي الأدوية.
تلى توقيع الميثاق من قبل النقابات، توقيعه من قبل جميع المعنيين بتطبيقه من شركات مصنعة عالمية أو مصنعة محلية أو مستوردة للأدوية وما إلى ذلك. كما أنشئت لجنتان للملاحقة والتدقيق.
وفي حال بروز أي شكوى، هناك مستوى أول من المراجعة يبدأ بطريقة ”حبيّة”، إذا جاز التعبير، بين اللجنة الأولى من جهة والمؤسسة المتهمة بخرق الميثاق، من جهة ثانية، وإذا ما حُلّت القضية أمام اللجنة الأولى تصحّح الأمور كما يلزم، ولا تخرج الى العلن.
أما في حال لم يحل الموضوع فترفع الشكوى الى اللجنة الثانية التي يشارك فيها ايضاً ممثلون عن المصنعين والمستوردين، وفي حال لم يصر الى حلّ الشكوى أمام اللجنة الثانية، يتم رفعها الى معالي الوزير الذي بدوره يلاحقها مباشرة وقد يصل حجم الملاحقة الى اتخاذ اجراءات تصل إلى منع الشركة الخارقة للميثاق من توزيع أدويتها في لبنان.
إن القطار أصبح سارياً على السكة والمهم أن لا نعقّد الأمور اكثر من اللزوم. لكي تصبح آلية الرصد والمراجعة فاعلة، يجب أن ترتكز على الأمور الأساسية وأن تعتمد على ما تم الاتفاق عليه خطياً بدلاً من تأويل النصوص والنقاش حول أمور لم يأت النص على ذكرها.
إذا كانت المؤسسات الصيدلانية المنتمية الى نقابة مستوردي الأدوية ملتزمة تماما بهذه المعايير، هل من خطوات تقومون بها بالتعاون مع سائر الجهات المعنية من أجل ضبط سوق الدواء في لبنان والحد من الأدوية غير الشرعية؟
في إطار عمل نقابتنا على ضبط السوق، أدخلنا منذ 14 سنة ”هولوغرام النقابة” معروفاً بعبارة ”من المُنتِج إلى المواطن” ويحمل اسم النقابة واسم المؤسسة الصيدلانية المستوردة للدواء، والهدف منه أن نعطي ضمانة اضافية للمواطن اللبناني يستطيع من خلالها أن يتحقّق من شرعية استيراد الدواء، وإخضاعه لسلسلة غير منقطعة من المسؤوليات مترابطة الحلقات بدءًا من المُنتِج وصولاً الى المواطن.
ومنذ عدة سنوات، تقوم نقابة مستوردي الادوية بحملة إعلامية سنوية لهولوغرام النقابة والتي تقع في نطاق التوعية التي تقوم بها تجاه الرأي العام لتسليط الأضواء على أهمية ضمانة الجودة.
أما بالنسبة للأدوية التي لا تحمل هولوغرام النقابة، فإنه من المهم أن نؤكّد للرأي العام أن هولوغرام النقابة ليست الاّ ”ضمانة إضافية” إذ إن الضمانة الأساسية للتأكد من شرعية الادوية ونوعيتها هي – أولاً وأخيراً – الصيدلي الذي يثق به المواطن بحكم المعرفة السابقة والجوار. واتّكالُنا جميعاً على الصيدلي لانَّه صمّام الامان بالنسبة الى التصدي للتهريب والتزوير.
كما اننا نؤكد أن الجهود التي يبذلها المعنيون جميعاً – من وزارة الصحة العامة وادارة الجمارك ونقابة الصيادلة ونقابة مستوردي الادوية – تصب في نفس الاتجاه: تحمّل كل فريق مسؤولياته كاملة وتوعية الجميع لا سيما الرأي العام لخطورة الموضوع ولضرورة التنبّه له.
هلا حدثتنا عن الأسس المتبعة من قبل وزارة الصحة منذ العام 2016 لتطبيق الدليل الإرشادي لأصول التخزين والتوزيع الجيد للدواء؟
بعدما أقرّت وزارة الصحة العامة (القرار رقم 962/1 تاريخ (3/7/2014 معايير وأصول التخزين والتوزيع الجيد للمستحضرات الصيدلانية، اعتمدت سنة 2016 آلية تطبيقية لمراقبة تطبيق تلك المعايير لدى كل المؤسسات الصيدلانية العاملة في لبنان وسلّمت تلك الآلية للمعهد العالي للأعمال ESA في بيروت الذي باشر بالتنفيذ فوراً وقام بالكشف على جميع المؤسسات الصيدلانية وأصدر الشهادات عند المطابقة ووجّه الملاحظات للامتثال بالمعايير عند عدم المطابقة.
كيف تقيّم الصناعة المحلية للدواء؟ ما هي المعوقات؟ وما هو مستقبلها؟
لم يعد صحيحاً أن لبنان يعتمد على الأدوية المستوردة لأن تطور الصناعة الدوائية اللبنانية كانت هي الكفيلة بإعطاء لبنان القدرة على توسيع نسبة اعتماده على التصنيع المحلي، لا سيما أن الكثير من الأدوية المبتكرة-المرجعية اصبحت قابلة للنسخ الشرعي أي أن صناعة الأدوية المثيلة (جينيريك) للدواء المبتكر-المرجعي اصبحت تعم جميع بلدان العالم ولبنان بشكل خاص.
أما اللجوء الى الاستيراد فله سببان رئيسيان:
- الأول هو الحاجة الماسة للأدوية المعتمد تصنيعها على الأبحاث والتطوير، وهي أدوية المستقبل وغالباً ما هي بيولوجية.
- أما السبب الثاني فهو الطاقة المحدودة لدى الصناعة الوطنية لتأمين كل حاجات السوق من الأدوية القابلة للنسخ الشرعي والاستحالة الحالية للصناعة الوطنية من تأمين أدوية مبتكرة تفيد لبنان والعالم.
كلنا في لبنان نحترم الصناعة الوطنية اللبنانية بعد الجهود الحثيثة التي قامت بها تلك الصناعة منذ عشر سنوات. وهناك عدة قرارات تهدف الى تشجيع استعمال الدواء اللبناني إن كان ذلك من قبل الطبيب، في عملية وصف الدواء، أم من قبل الصيدلي، في عملية استبدال الدواء بالشروط المنصوص عنها في المادتين 46 و47 من القانون 367 تاريخ /8/1994 المعدلتين بالقانون رقم 90 تاريخ 6/3/2010.
وإن الفائدة من ذلك إعطاء الصناعة الوطنية المكانة التي تستحقها مع التأكيد أن المنافسة على الجودة والسعر يجب أن تبقى هي المرجع في نظامنا الاقتصادي الحر والمنتظم في الوقت نفسه.
أما المشكلة الأساسية التي تعاني منها الصناعة اللبنانية فهي إيجاد الأسواق لادويتها كون البلدان العربية متقوقعة على بعضها البعض والصناعة اللبنانية تعاني الأمرّين قبل أن تتمكّن من الدخول الى أي بلد. وفي الوقت نفسه فإن لبنان، من منطلق نظامه الاقتصادي المبني على المبادرة الحرة وانفتاح الأسواق، يسمح بتسجيل الأدوية العربية في لبنان من دون أن يفرض على البلدان العربية المستفيدة من هذا الانفتاح أن تبادل لبنان بنفس المعاملة المنفتحة.
ولا شك أنه من واجب السلطات اللبنانية أن تعمل الكثير لتصحيح الأمور في هذا المجال لإجبار بلدان المنطقة على قبول الأدوية المصنّعة في لبنان.
مجلة المستشفى العربي – عدد نيسان (أبريل) 2018 رقم 139 – صفحة 96