فريق ربط عنق الرحم عن طريق البطن في مستشفى جامعة شيكاغو، يساعد مئات العائلات على منع فقدان الحمل كلّ عام
فريق ربط عنق الرحم عن طريق البطن في مستشفى جامعة شيكاغو، يساعد مئات العائلات على منع فقدان الحمل كلّ عام
بالنسبة إلى الدكتورة “لورا دوغلاس”، لم يفاجئها تقاعد مرشدها طبيب الغدد الصمّاء الإنجابيّة المعروف، “آرثر هاني”.
قالت “دوغلاس”، وهي طبيبة التوليد وأمراض النساء في مستشفى جامعة شيكاغو: “كنت طبيبة مقيمة معه أثناء تدريبي الطبّي من العام 2009 حتّى العام 2013. وقد عيّنني للعمل في مستشفى جامعة شيكاغو بعد إقامتي لأنّه كان مستعدًّا للتقاعد. لذلك، عرفت، منذ البداية، أنّ الوقت كان قصيرًا، وكنّا بحاجة إلى الإستعداد لمرحلة الإنتقال لأنّنا لم نكن نريد أن يقع البرنامج بكامله على عاتق شخص واحد”.
ففي النهاية، ساعد الطبيب “هاني” آلاف المريضات على منع فقدان الحمل، من خلال عمليّة معقّدة تقوّي عنق الرحم، وتُسمّى ربط عنق الرحم عن طريق البطن. وتقاعد في خريف العام 2020.
يعاني حوالى 1 ٪ من النساء من حالة تُعرف باسم قصور عنق الرحم، وكانت تُسمّى من قبل عنق الرحم غير الكفء. يتسبّب هذا القصور بتوسّع الأنسجة الضعيفة لعنق الرحم مبكرًا أثناء الحمل، ما يؤدّي إلى الولادة المبكرة أو، في كثير من الأحيان، فقدان الحمل. وغالبًا ما تُشخَّص الحالة بعد فقدان الحمل في الثلث الثاني منه. وبالنسبة إلى أولئك اللواتي مررن بهذه التجربة، فإنّ احتمال حدوثها مرّة أخرى يكون مدمّرًا.
قالت السيّدة “ألانا سكوت” من ماركهام في إلينوي: “لقد فقدت الحمل 4 مرّات قبل أن أعرف بأمر قصور عنق الرحم. لم أكن أخطّط لإنجاب الأطفال، لكنّني اكتشفت أنّني حامل، ثمّ أجهضت على الفور تقريبًا. لم نتحدّث عن الأمر مطلقًا، لكنّنا تخطّيناه”. “بعد المرّة الثالثة، أدركت أنّني أعاني من مشكلة ما، لكنّني كنت خائفة من اكتشافها لأنّني لم أرغب في المرور بهذه التجربة مرّة أخرى. ولكن، بعد ذلك، حملتُ من جديد. وعندما بدأ هذا الحمل بالفشل، حتّى بعد ربط عنق الرحم عبر المهبل، تمّ تحويلي إلى مستشفى جامعة شيكاغو حيث أخبروني أنّه يمكنهم المساعدة على معرفة ما كان يحدث، قبل أن أحمل من جديد”.
لم تكن ثمّة علاجات لقصور عنق الرحم حتّى تمّ تطوير تقنيّة تُعرف باسم “ماكدونالد” أو ربط عنق الرحم عن طريق المهبل، في الخمسينات من القرن الماضي. تُجرى هذه التقنيّة، عادةً، في الحالات التي تكون فيها المريضة حاملًا وتعاني من اتّساع عنق الرحم. وتنطوي على استخدام الغرز حول الجزء السفليّ من عنق الرحم، ما يبقيه مغلقًا. على الرغم من أنّ ربط عنق الرحم عن طريق المهبل له نسبة نجاح عالية، إلا أنّه لا يصلح للجميع.
بديل لربط عنق الرحم عن طريق المهبل
أيّد الطبيب “هاني” علاجًا بديلًا خلال فترة عمله في مستشفى جامعة شيكاغو: وهو ربط عنق الرحم عن طريق البطن، أو “TAC” (Transabdominal Cerclage). وتتضمّن هذه التقنيّة وضع شريط منسوج ومتين جراحيًّا حول الجزء العلويّ من عنق الرحم، ما يدعم وزن الحمل المتزايد ويمنع عنق الرحم من الفتح قبل الأوان.
وقال الدكتور “أندرو فيشر”، وهو أستاذ مساعد في أمراض النساء والتوليد في مستشفى جامعة شيكاغو: “أحبّ تشبيه الأمر بالبالون. إذا اعتبرنا الرحم بالونًا يتمدّد أثناء امتلائه، فإنّ ربط عنقه عن طريق المهبل يشبه الضغط على الجزء السفليّ من البالون والتمسّك به حتّى يخرج الهواء في نهاية المطاف. ولكن إذا ربطت خيطًا أعلى حول قاعدة البالون، فسيحافظ على هذا الضغط فترة أطول”.
عادة ما تُجرى تقنيّة “TAC” قبل الحمل، وبشكل دائم. يجب على النساء اللواتي أجرين هذه التقنيّة أن ينجبن عن طريق عمليّة قيصريّة مجدولة، ويمكن ترك الشريط في مكانه في حال حدوث حمل في المستقبل. في مستشفى جامعة شيكاغو، ينجح هذا الإجراء بنسبة تزيد عن 95٪، ما يسمح بالولادة المتأخّرة أو الكاملة (بمعنى أنّ الولادة تحدث بعد 36 أسبوعًا من الحمل أو أكثر).
هذه العمليّة صعبة ونادرة: قد تُجري معظم المستشفيات 5 عمليّات “TAC” أو 10 فقط، كلّ عام. ولكن بفضل إرث الطبيب “هاني”، يُجري مستشفى جامعة شيكاغو المئات منها سنويًّا.
تقود الطبيبة “دوغلاس”، وهي أستاذة مساعدة في أمراض النساء والتوليد، برنامج ربط عنق الرحم عن طريق البطن، وبدعم من الطبيب “فيشر” الذي انضمّ إلى مستشفى جامعة شيكاغو في حزيران/يونيو 2020، للتدريب مع الطبيب “هاني” قبل تقاعده. وينصبّ تركيزهما على تنمية فريق الدعم وتمكين المريضات من فهم خياراتهنّ.
وقالت الطبيبة “دوغلاس: “نحن لا نعلّم مجموعة من الأشخاص كيفيّة القيام بهذه العمليّة لمجرّد أنّها غير شائعة. نشعر، بقوّة، بأنّه إذا كان على أيّ طبيب أن يقوم بها، فعليه أن يكون جرّاحًا جيّدًا في أمراض النساء. من المهمّ أن تحصل هذه العمليّة في مركز متفوّق ويجريها أشخاص بشكل متكرّر”.
نظرًا إلى ندرة حالات قصور عنق الرحم، وندرة المزوّدين الذين يقدّمون تقنيّة “TAC” بشكل أكبر، تأتي المريضات إلى مستشفى جامعة شيكاغو من جميع أنحاء العالم للخضوع لهذه التقنيّة. ووجد الفريق أنّ التحوّل الناجم عن انتشار وباء كورونا نحو التطبيب عن بُعد، قد جعل فحص المريضات وإعدادهنّ أسهل بكثير.
وأضافت “دوغلاس”: “لقد ناقشت الكثير من المريضات في موضوع ربط عنق الرحم مع المزوّدين. لذلك، بحلول الوقت الذي نراهنّ فيه للتشاور، يكنّ قد أنجزن واجباتهنّ. وكان التحوّل نحو الاستشارات عبر الفيديو، أثناء الوباء، نعمة كبيرة. فيمكننا مراجعة سجلّات المريضة ومناقشة إيجابيّات القيام بهذه التقنيّة وسلبيّاته، لأنّها ليست مناسبة للجميع. من الرائع أن تكون قادرًا على التحدّث إلى المريضات افتراضيًّا وإيجاد هذه الصلة”.
في حالة السيّدة “سكوت”، كان قرار إجراء تقنيّة “TAC”، سريعًا.
وقالت: “لقد استقبلني مستشفى جامعة شيكاغو عندما كنت حاملًا في الأسبوع السابع تقريبًا، وقالت الطبيبة “دوغلاس” إنّنا بحاجة إلى ربط عنق الرحم بحلول الأسبوع التاسع. لذلك، فكّرنا أنا وزوجي، مليًّا، في المعلومات التي كانت متوفّرة لدينا، ورأينا أنّ فترة النقاهة كانت طويلة. ولم يكن مضمونًا أنّ الجنين سيصل إلى مرحلة الولادة. لكنّنا قرّرنا أنّ خياراتنا نفدت منّا، وإذا كان الأمر يمكن أن يساعد على إنقاذ الجنين، فلا داعيَ للتفكير”.
تُعدّ مضاعفات تقنيّة “TAC” نادرة، وعادة ما تحصل بسبب قلّة خبرة الجرّاحين. وقالت الطبيبة “دوغلاس”: “من السهل إجراء هذه التقنيّة بشكل سيّئ. يجب أن تكوني متأكّدة حقًّا من أنّ الربط سيحصل في موضع ممتاز للحصول على نتيجة جيّدة. لكن، بالنسبة إلينا، الجراحة واضحة وبسيطة لأنّنا نعرف ما يجب القيام به وكيفيّة إجرائها”.
ما التالي لبرنامج “TAC”؟
مع استمرار نموّ البرنامج في مستشفى جامعة شيكاغو، يأمل الفريق تطوير برنامج بحث يركّز على فهم أيّ مريضات هنّ أفضل المرشّحات لتقنيّة “TAC”، وأيّ مريضات يجب مراقبتهنّ عن كثب بحثًا عن المضاعفات المحتملة.
قالت الطبيبة “دوغلاس”: “تاريخيًّا، حصلنا على نتائج رائعة مع هذه التقنيّة، ولسنا مهتمّين بتغيير الوصفة. أهمّ شيء سيكون تحليل بياناتنا التاريخيّة لتحديد مدى نجاح هذا الإجراء لمريضات من مجموعات سكّانيّة مختلفة، ومن مختلف الأعمار، ومع ولادات مفردة أو متعدّدة. نودّ أيضًا أن نرى ما يمكننا فعله لجعل التعافي من هذه الجراحة أسهل على المريضات، وتحويل الجراحة إجراءً خارجيًّا”.
يأمل الطبيبان “فيشر” و”دوغلاس” أيضًا أن ينتشر الوعي بشكل أكبر بين مقدّمي الرعاية الصحّيّة الآخرين بشأن اعتبار تقنيّة “TAC” خيارًا.
وقال الطبيب “فيشر”: “لا أعتقد أنّ الأطبّاء يتحدّثون بما فيه الكفاية مع بعضهم أو مع مريضاتهم بشأن قوّة الصدمة التي يتعرّضن لها جرّاء فقدان الجنين بشكل متكرّر. أعتقد أنّ هذا هو أكبر خطر تواجهه معظم مريضاتنا، وهو مصدر قلقهنّ الأكبر. كلّ شيء على المحكّ بالنسبة إليهنّ. توجد مخاطر جراحيّة، لكنّها نادرة عند مقارنتها باحتماليّة عيش هذه الصدمة مرّة أخرى بدون تدخّل مثل هذا. تحتاج المريضات إلى معرفة أنّ هذا الخيار متاح لهنّ، وأنّنا هنا للمساعدة”.
ففي النهاية، يبقى الهدف من برنامج “TAC” كما هو: التأكّد من أنّ الآباء المحبّين يمكنهم أخيرًا إحضار طفل إلى المنزل. بالنسبة إلى السيّدة “سكوت”، كان الأمر يستحقّ كلّ هذا العناء.
وقالت: “في الأسبوع 37 من الحمل، في 23 كانون الأوّل/ديسمبر، ذهبت إلى المستشفى وأجريت عمليّة ولادة قيصريّة، وسار كلّ شيء كما هو مُخطّط له. لا يزال عنق رحمي مربوطًا، على الرغم من أنّني لا أعتقد أنّنا سننجب طفلًا آخر. بسبب كلّ ما مررت به والمحاربة بشدّة من أجل ابني، لا أعتقد أنّه يمكنني تحمّل حمل آخر من الناحية النفسيّة.
“وفي نهاية المطاف، أنا سعيدة جدًّا لأنّني قابلت الطبيبة “دوغلاس”. أنا مدينة لها بالكثير. لقد ساعدتني وزوجي على تجاوز هذا الأمر. لو لم أحضر إلى مستشفى جامعة شيكاغو، لما عرفت أبدًا أنّ تقنيّة “TAC” متوفّرة. وهي ما أنقذ حياة ابني”.
للمزيد من المعلومات، يُرجى زيارة الرابط التالي www.uchicagomedicine.org/global