“شيكاغو للطب يضيف خيار العلاج بالموسيقى لمرضى الزهايمر والخرف”
“شيكاغو للطب يضيف خيار العلاج بالموسيقى لمرضى الزهايمر والخرف”
من مستشفى جامعة شيكاغو
بسبب إصابته بالخرف الجبهي–الصدغي، يمكن أن يكون تيد أوبنهايمر في بعض الأحيان غير مبالٍ ومشوشًا. لكن هذه الحال ليست نفسها خلال جلسات العلاج بالموسيقى التي يتم إجراؤها في منزله من خلال مركز الذاكرة – وهو جزء من مركز شيكاغو للطب للرعاية والبحث الشامل عن اضطرابات الذاكرة.
تقول سوزان زوجة أوبنهايمر، “إن العلاج بالموسيقى هو أفضل ساعة في الأسبوع لتيد، لأنه مندمج ومتنبّه ومتحمّس للعزف على بوقه، وهي الآلة التي تعلّم العزف عليها عندما كان مراهقًا، لكنه كان قد تركها لعقود قبل تشخيصه. خلال الجلسات، يحصل تيد أيضًا على فرصة الغناء والعزف على الكسيلوفون.
“ما هي الأغنية التالية التي يجب أن نعزفها؟” تسأل المعالِجة الموسيقية لتيد، ميا إيليوبولوس كرينغس، من شركة غريتر شيكاغو للعلاج بالموسيقى، خلال جلسة حديثة في شقته في شيكاغو.
يتصفّح تيد أوراق الموسيقى لديه ويختار أغنية “على الجانب المشمس من الشارع” للويس أرمسترونغ.
تعزف كرينغس على غيتارها وتغني. يمسك تيد بوقه ويبدأ في العزف على أنغام موسيقى الجاز. إنه يستمتع جدًّا بالكثير من المرح، حتى أنه يحافظ على النوتة الأخيرة بشكل مؤكد. ويصفق له الجميع في الغرفة.
“أود أن أعزف في كارنيغي هول يومًا ما”، يقول تيد بابتسامة.
أحيانًا ترقص سوزان بخفة، وتتبادل هي وتيد النظرات. إنها علاقة رقيقة بين الزوجين، الذين اقترنا قبل 22 عامًا، خصوصاً أن مرض تيد أثّر في نوعية حياتهما وقلّل من قدرته على الإنخراط في المجتمع وتمييز مشاعر الآخرين. مثل هذه التجارب الإيجابية شجّعت الأطباء في مركز الذاكرة على إضافة العلاج بالموسيقى إلى برامج العلاج بالفنون الإبداعية للمرضى المصابين بمرض الزهايمر والخرف المرتبط به.
قال الدكتور جيمس ماسترياني، المتخصص في الفلسفة ومدير مركز الرعاية والبحث الشامل عن اضطرابات الذاكرة: “عادةً ما لا يتم تقديم العلاج بالموسيقى في مراكز الذاكرة. إنه شيء خاص نُركِّز عليه ونرغب في مواصلة توسيعه”.
تقود هذه الجهود الدكتورة كيتلين إم. سيبرت، وهي عالمة أعصاب سلوكية ملائمة بشكل فريد لهذا العمل؛ كونها عالمة أعصاب سلوكية وموسيقية هاوية في الوقت نفسه.
بما أن تيد يعاني أيضًا من الربو، فهو يمارس برنامجًا منفصلًا للتمارين البدنية لتحسين تنفسه، مما يساعد بدوره في عزفه على البوق. قالت كرينغس: “إن التنفس العميق لتأدية الغناء وعزف البوق يرسل المزيد من الأوكسجين إلى الدماغ، مما يخلق فوائد فيزيولوجية”. وأضافت: “إن العلاج بالموسيقى يجعل الناس يشعرون بأنهم ‘أفضل’ بطريقتهم الخاصة”. وكان تيد أكّد ذلك بقوله: “شعرت بالإنتعاش في نهاية جلستنا الأخيرة”.
وتابعت سوزان: “الرياضة المُناسبة تقدم له القوة البدنية، فيما يمنحه العلاج بالموسيقى المتعة العاطفية”. “عندما يغني تيد وميا، ويعزف تيد على البوق والكسيلوفون، يمتلئ منزلنا بالفرح”.
كيف تساعد الموسيقى مرضى الخرف؟
يمكن استخدام الموسيقى بطرق مختلفة استنادًا إلى نوع الخرف الذي يعاني منه المريض والأعراض التي تكون أكثر وضوحًا.
في الخرف الجبهي–الصدغي (كحالة تيد)، يمكن استهداف الدافع والإشارات الإجتماعية. بالمقابل، في الخرف المرتبط بمرض ألزهايمر، يمكن أن يستدعي تشغيل أغنية مفضّلة الأجزاء العميقة من الدماغ التي لا تتأثر بالمرض. يمكن أن يثير الذكريات السعيدة ومشاعر الفرح، مما يجلب الإبتسامة غالبًا على وجه الشخص المريض. يمكن مشاهدة أمثلة على ذلك في الفيلم الوثائقي “الحياة من الداخل” لعام 2014، الذي يلهم طاقم مركز الذاكرة.
“يمكن استخدام الموسيقى للحد من الإكتئاب والإضطراب والسلوكيات غير المرغوب بها لدى الأشخاص المصابين بالخرف”، كما قال سيبرت.
مثلاً قد تساعد أغنية الإفطار الصباحي أو وقت الإستحمام في إقناعهم بإلقيام بالمهام الروتينية التي عادةً ما تجعل المرضى يشعرون بالقلق. قد يكون من الصعب التعامل مع الترداد المتكرر أو تقلّبات المزاج التي يُظهرها المرضى، لذا قد تكون مشاركة الأغنية وسيلة جيدة للقيام بأعمال لا تعتمد على الذاكرة أو الإدراك.
وأضافت سيبرت: “قد لا يكون المريض مندمجًا أو متنبهًا. ولكن في العديد من الأحيان، إذا قمت بتشغيل الموسيقى التي يكون لها معنى شخصي بالنسبة إليهم – مثل أغنية زفاف أو شيء مرتبط بذكرى سعيدة – فإنهم يشعرون بالحيوية ويصبحون مندمجين وقد يغنّون حتى”. ووصَفَ العديد من أفراد عائلات المرضى هذا الأمر بأنه “باب خلفي إلى إدراكهم”.
المعالجون الموسيقيون المعتمدون الذين يعملون مع جامعة شيكاغو للطب، مثل كرينغز، مدربون على إجراء اتصال بصري مع المرضى، والسماح لهم باختيار الموسيقى، وتشجيعهم على الحديث عن كل أغنية. يسمح لهم هذا الإنخراط بالتعبير عن أنفسهم شفهيًا وبكل إبداع، ويمكن أن يوفّر لهم شعورًا بالنجاح.
“اللافت أن مقدِّمي الرعاية يَبدون مستمتعين بالعلاج الموسيقي بقدر المرضى. هذا جزء من هدف علاجات مركز الذاكرة الفنية الإبداعية”، كما قال ماسترياني: “هذا ما يخفّف الضغط عن مقدمي الرعاية ويؤدي إلى تحسين العلاقة بينهم وبين المريض”.
حالياً، يتوفر العلاج الموسيقي كجلسات خاصة فردية، ولكن هناك خطط قيد التنفيذ لجعله متوفرًا على نطاق أوسع وأسهل لناحية إمكانية الوصول إليه. لكن العائق أمام معظم مرضى الخرف هو التكلفة، حيث أن شركات التأمين الصحّي مثل Medicare أو Medicaid لا تغطي العلاج بالموسيقى.
قالت سيبرت: “العلاج بالموسيقى مُكلِف. ولتوفيره للمرضى وقياس تأثيره بشكل حقيقي، نحتاج إلى تجاوز هذه الفجوة”.
لكن في المقابل يقدّم مركز الذاكرة علاجات فنية إبداعية أقل تكلفة (ومجانية)، مثل برنامجهم المعترف به على الصعيد الوطني “الفن هو … الموضة”، حيث يتلقى المشاركون حزمة فنية محترفة مجانية عبر البريد كل أسبوع.
“الموسيقى والحركة والفنون هي المفتاح لجودة حياة معنوية عندما تعاني من الخرف، ونرغب في الإستفادة من ذلك قدر الإمكان”، قالت تيسا غارسيا ماكيوان، واحدة من مرضى الخرف الذين يتردّدون إلى المركز لتلقي العلاج. أحاول أن أؤمّن للعائلات، ليس فقط الوصول إلى الرعاية وتوفير أموالهم مع خطط الرعاية، ولكن أيضًا جودة حياة معنوية، لأنه حالياً لا يوجد علاج دوائي لهذه الأمراض.