“جرثومة المعدة الـ”هيليكوباكتر بيلوري
جرثومة المعدة الـ”هيليكوباكتر بيلوري”
من أسباب الإصابة بالقرحة والتهابات المعدة
تُعرف جرثومة المعدة الـ”هيليكوباكتر بيلوري” (Helicobacter pylori) بالجرثومة الخارقة كونها تستطيع مقاومة المضادات الحيوية والعيش في المعدة والتكيّف مع الأسيد الذي تفرزه. وجود هذه الجرثومة لا يستدعي القلق لأنها ليست مخيفة حيث تشير بعض الدراسات إلى ان حوالى ثلثي العالم يحمل هذا الجرثومة من دون أعراض تُذكر، ولكن علاجها يصبح ضروري في حال تسببت بالتهابات أو قرح أو أمراض ومشاكل أخرى في المعدة.
تعيش هذه الجرثومة في غشاء المعدة وتتسبب في أمراض كثيرة فيها مثل القرحة والتهابات المعدة والإثني عشر والسرطان وغيرها من الأمراض حتى خارج المعدة كأمراض الدم وبعض أمراض الجلد. انها ذات شكل حلزوني تأخذ من سطح المعدة الداخلي مكاناً للعيش والتكاثر، وهي محميّة من الأسيد الحمضي الذي تفرزه المعدة من قبل الطبقة المخاطية التي تغلف جدارها. ليس كل من يحمل الجرثومة يعتبر مريضا، وهنا ينبغي التمييز بين من يحمل الجرثومة وبين من هو مريض بحيث تكون الجرثومة عندها قد سببت له أمراضاً مثل القرحة. فمن الممكن أن نحمل الجرثومة لسنوات من دون أن ينتج شيء عن وجودها أي مشكلة صحية.
اما طرق الإصابة، فهي تدخل إلى جوف الجسم عن طريق الفم وتستقر في المعدة والأمعاء، والسبب الأكبر للإصابة هو تناول الأطعمة والمياه الملوثة كما أنه يمكن أن تنتقل عند الاتصال مع شخص آخر مصاب بها من خلال السلوكيات السلبية كالعطاس مثلاً أو عن طريق البراز المحتوي على الجرثومة ولكن لا تنتقل بواسطة نقل الدم من شخص مصاب إلى شخص سليم. فهناك بعض العوامل المسببة لظهور جرثومة الـ”هيليكوباكتر بيلوري” منها تردي النظافة الشخصية واستخدام عدد من الأشخاص لنفس الأدوات أو الأغراض الشخصية.
هناك بعض العوامل التي تساعد على انتقال العدوى بجرثومة الهيليكوباكتر وهي:
- العمر: كلما زاد عمر الإنسان كلما زادت إمكانية إصابته بهذه العدوى.
- تدني مستوى الحالة الاجتماعية والاقتصادية والفقر.
- تلوث مياه الشرب: حيث تعتبر احد العوامل الهامة التي قد تنقل العدوى لكثير من الناس.
- الأماكن المزدحمة والسكن الفقير واستعمال السرير من قبل عدة أشخاص.
- الإقامة في أماكن مغلقة لمجموعة من الناس.
- المطاعم التي لا تتبع الوسائل الصحية الكافية من حيث الكشف الدوري على العاملين بها، وعدم نظافة الأطباق.
- تناول الطعام خارج البيت في المطاعم أو أثناء السفر.
إن وجود هذه الجرثومة عند شخص ما لا يعني بالضرورة أنه يعاني من قرحة أو يتطور الأمر إلى سرطان المعدة، حيث إن معظم المصابين ليس لديهم أعراض أو مشاكل صحية إلا أن عدد قليل منهم قد يكونوا عرضة للإصابة بقرحة المعدة والإثنى عشر أو حتى سرطان المعدة. إذا ما أفضت الإصابة بالبكتيريا الحلزونية إلى أعراض، فإنها عادة ما تكون أعراض لأمراض معينة تصيب الجهاز الهضمي العلوي، مثل: التهاب المعدة أو القرحة الهضمية، والأعراض الناتجة والأكثر شيوعا من القرحة الهضمية تشمل ألم في البطن، تغيير في الشهية مع فقدان الوزن، الغثيان وقيء، كثرة التجشؤ، انتفاخ، قيء أو براز دموي.
فمع مرور الوقت، تعمل هذه الجرثومة على زيادة إنتاج حمض المعدة، وتسبب التهابات بالمعدة والأمعاء، وقد يصل الأمر إلى الإصابة بقرحة المعدة والإثنى عشر، إلا أن القرح في هذه الحالة لا تعالج فوراً بالأدوية لأنه عند انقطاع هذه الأدوية تعود القرحة من جديد نظرا لتواجد الجرثومة بالجسم. بعض الأبحاث التي أجريت في هذا المجال، أوضحت أن واحدا من كل ستة مرضى العدوى قد تتطور عندهم إلى قرحة الإثني عشر أو المعدة.
وسائل التشخيص
يتم التشخيص في البداية عن طريق التاريخ المرضي والفحص السّريري حيث يقوم الطبيب بتوقع القرحة وطلب بعض الفحوصات التأكيدية منها تحليل الدم لمعرفة وجود مضادات لها في الدم. يوجد عدد من الإختبارات التي تساعد في تشخيص الإصابة بهذه الجرثومة، ولعل أكثرها انتشارا هو فحص التنفس الذي يقيس كمية ثاني أكسيد الكربون في الجسم حيث يتم إعطاء المريض حبة دواء تحتوي على اليوريا ثم يطلب من المريض النفخ في محلول معين يتغير لونه نتيجة للنشاط البيوكيميائي للبكتيريا، أما إذا ما تغير لون المحلول فهذا يعني عدم وجود البكتيريا. عندها، يجب أخذ عينة بالمنظار المعوي، وفحصه مجهرياً، وزرعه. يمكن تشخيص الحالة أيضا من خلال فحص دم يساعد في الكشف عن وجود أجسام مضادة لجرثومة الملوية البوابية في الدم. ولكن لأن هذه الأجسام المضادة تبقى في الدم حتى بعد القضاء على الجرثومة، فإن هذا الفحص لا يعتبر موثوقا وذا مصداقية كافية، وبالتالي لا يمكن الإكتفاء به لإثبات وجود الجرثومة في الجسم.
اما اختبار البراز فيعتبر دقيقاً للغاية، حيث يكشف ما إذا كان جسم المصاب يحتوي على مستضدات (Antigen) الجرثومة. قد يلجأ الطبيب في بعض الحالات إلى طلب فحص تنظير المعدة (Gastroscopy)، حيث يتم أخذ عينة من الغشاء المخاطي للمعدة لفحص ما إذا كانت تحتوي على الجرثومة؛ وهو الفحص المؤكد للتشخيص ويتم فيه إدخال منظار على شكل أنبوب رفيع من الفم إلى المعدة والاثني عشر لرؤية جدار المعدة والأمعاء ولأخذ عينة إن لزم الأمر.
العلاج
يهدف علاج الهيليكوباكتر بيلوري إلى الشفاء من الأعراض ومن قرحة المعدة أو الإثني عشر، وكذلك التخلص من البكتيريا لمنع عودة المرض؛ فجميع المرضى الذين أصيبوا بالقرحة الحادة أو المزمنة بالإثني عشر أو المعدة أو الذين أصيبوا سابقاً بالهيليكوباكتر بيلوري، يحتاجون إلى العلاج من أجل التخلص من بكتيريا الهيليكوباكتر بيلوري.
وهنالك عدة اتجاهات لعلاج الهيليكوباكتر بيلوري بصورة صحيحة. الاتجاه الاول يكون عبر إعطاء مضادين حيويين معاً لمدة أسبوع أو أسبوعين، والاتجاه الثاني الخط الثاني للعلاج يكون من خلال إعطاء المريض كلودايل بازموث صب سترايت Colbidal bismuth subcitrate مع اثنين من المضادات الحيوية إضافة إلى أوميبرازول (Omeprazole). تستغرق فترة العلاج أسبوعين، وللتأكد من أن المريض قد تخلص من الهيليكوباكتر بيلوري يجب أن يعيد الطبيب اختبار الهيليكوباكتر بيلوري بالبراز، وكذلك فحص اليوريا باختبار التنفس بعد أربعة أسابيع من نهاية العلاج.
تعد جرثومة المعدة من اكثر الامراض شيوعا وانتشارا في مجتمعاتنا وخاصة القارة الأسيوية وينتج من اعراضها الم بالمعدة وغثيان والكثير من الاعراض والواجب علينا الوقاية قبل المرض