نقص التروية القلبية
نقص التروية القلبية
الأعراض والأسباب والعلاج
عندما يقل تدفق الدم الى القلب، لا تصل الكمية اللازمة من الأوكسجين إليه فتقل تروية عضلة القلب ويحد من قدرتها على ضخ الدم الى الجسم بشكل طبيعي؛ في الغالب يكون السبب وجود انسداد جزئي أو كلي للشرايين التاجية.
والمقصود بالتروية عملية تزويد الأنسجة الحيوية والخلايا بالغذاء والأوكسجين، بحيث تضمن هذه العملية وصول كمية الدم اللازمة الى عضلة القلب من خلال الشرايين. في الحالة الطبيعية، يجب أن يصل حوالي 2 ملليمتر من الدم لكل غرام من عضلة القلب في الدقيقة الواحدة وذلك في حالات الراحة والاسترخاء؛ اما في حالات الجهد البدني، ترتفع هذه الكمية الى ثلاثة أضعاف. هناك سببان مسؤولان عن مرض نقص التروية؛ السبب الأول والأكثر انتشارا حدوث انسداد ميكانيكي في الشرايين التاجية يسهم في حدوث هذا النقص بحيث ينخفض تدفق جريان الدم التاجي إلى منطقة القلب، فتحدث الجلطة في جوف الشرايين التاجية إضافة الى تشنج عضلات جدار الشرايين وتضيق فوهة الشريان التاجي. أما السبب الثاني فهو نقص جريان الدم الغني بالأوكسجين للقلب، إما بسبب مرض فقر الدم الأنيميا أو تسمم الدم بغاز ثاني أوكسيد الكربون، أو نتيجة انخفاض الضغط الشرياني ما يسبب ضغط الشريان التاجي او زيادة حاجة القلب إلى الأوكسجين بسبب زيادة النتاج القلبي وهو الدم الذي يضخه القلب إلى الشرايين خلال دقيقة أو نتيجة لفرط نشاط الغدة الدرقية أو ضخامة القلب تضيق الصمام الأبهري، أو الارتفاع الشديد في ضغط الدم.
هناك بعض الحالات المرضية التي تسهم في حدوث نقص التروية القلبية
- تصلب الشرايين هو أكثر الأسباب شيوعا حيث تتراكم لوحات، تتكون في الغالب من الكولسترول، على جدران الشرايين وتعيق عملية تدفق الدم.
- الجلطة الدموية: حيث يمكن أن تتفتت اللويحات التي تتطور في تصلب الشرايين وتؤدي إلى حدوث الجلطة الدموية. وقد تحجب الجلطة أحد الشرايين، وتؤدي إلى نقص حاد مفاجئ في تروية عضلة القلب، مما يؤدي إلى نوبة قلبية.
- انقباض الشريان التاجي يقلل من تدفق الدم إلى جزء من عضلة القلب، وهو من الأسباب غير الشائعة لنقص التروية القلبية.
إلى جانب الأسباب المذكورة أعلاه، هناك بعض العوامل الخطرة التي تزيد من خطر حدوث نقص في تروية عضلة القلب وهي أمور وممارسات يقوم بها الإنسان خلال حياته اليومية تجعله عرضة لهذا النوع من أمراض القلب. ولعل أكثر العوامل خطرا هي التدخين بشتى أنواعه إضافة الى التدخين السلبي وما يحمله من مخاطر أيضا، حيث يعمل مع مرور الوقت والسنوات على تدمير الجدران الداخلية للشرايين؛ هذا الضرر يمكن أن يكون سببا في ترسب الكولسترول على الشريان الى جانب بعض المواد الأخرى التي تتجمع وتبطئ تدفق الدم في الشرايين التاجية.
مرض السكري هو أيضا واحدا من عوامل الخطر المرتبطة بزيادة حدوث نقص في التروية، وكذلك ضغط الدم المرتفع، فمع مرور الوقت، يمكن لضغط الدم المرتفع أن يسرع من تصلب الشرايين، ما يؤدي إلى تلف الشرايين التاجية. السكري وارتفاع ضغط الدم هما من الأمراض المزمنة التي ينبغي إدارتها جيدا للحد مما تسببه من مضاعفات.
من عوامل الخطر الأساسية ارتفاع مستوى الكولسترول في الدم كونه جزءا أساسيا من الرواسب التي يمكن أن تضيق الشرايين التاجية. وقد يكون مستوى عالٍ من الكولسترول منخفض الكثافة (LDL) في الدم، ناتجا عن حالة وراثية أو نظام غذائي غني بالدهون المشبعة والكولسترول. كما أن ارتفاع مستوى الدهون الثلاثية بالدم تسهم أيضاً في تصلب الشرايين.
السمنة تشكل خطرا كبيرا أيضا، لاسيما مع ارتباطها بمرض السكري وارتفاع ضغط الدم وارتفاع مستويات الكولسترول في الدم. محيط الخصر، فقياس الخصر الذي يزيد عن 35 بوصة (89 سنتيمتر) بالنسبة للنساء، و40 بوصة (102 سم) لدى الرجال، يزيد من خطر ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب. يساهم نمط الحياة غير الصحي في زيادة السمنة ومع الوقت يرتفع معدل الكولسترول والدهون الثلاثية وتزيد مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة التي تعمل مع الوقت على ارتفاع خطر الإصابة بنقص التروية القلبية.
في بداية الأمر، لا يشعر المريض بأي أعراض تذكر، وما أن تبدأ الأعراض فإن المرض في هذه الحالة يكون في مراحل متقدمة. ومن أكثر الأعراض شيوعاً هي ضغط في الصدر أو ألم، وعادة على الجانب الأيسر من الجسم (الذبحة الصدرية). وتشمل العلامات والأعراض الأخرى آلام الرقبة أو الفك، ألم في الكتف أو الذراع، نبضات سريعة، ضيق في التنفس عند بذل مجهود بدني، قيء وغثيان، تعرق، وإرهاق شديد. نقص التروية القلبية يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، منها الإصابة بنوبة قلبية، فإذا أصبح الشريان التاجي مسدودا تماما، فقد يؤدي نقص الدم والأكسجين إلى نوبة قلبية تدمر جزءا من عضلة القلب. قد يؤدي الأمر الى حدوث عدم انتظام ضربات القلب، ما يؤدي مع الوقت إلى إضعاف القلب. فشل القلب هو كذلك من المضاعفات الخطرة لنقص التروية لأنه يمكن أن يدمر عضلة القلب، فتقل قدرته على ضخ الدم بفعالية إلى بقية الجسم.
سبل التشخيص
يوجد اليوم خيارات عدة يلجأ إليها الطبيب من أجل الحصول على تشخيص دقيق للحالة المرضية؛ وتكون البداية دوما برسم القلب الكهربائي (ECG)، حيث يتم تسجيل النشاط الكهربائي للقلب عبر الأقطاب الكهربائية المتصلة بالجلد. وجود تغيرات غير طبيعية في النشاط الكهربائي للقلب قد تكون مؤشرا إلى نقص التروية القلبية. نتائج رسم القلب الكهربائي تقود الطبيب الى المزيد من الفحوصات لفهم الحالة عن كثب، فيقوم بإخضاع المريض لتخطيط صدى القلب عبر توجيه موجات صوتية إلى القلب من جهاز يشبه العصا يتم تثبيته على صدر المريض ليتم بعد ذلك إنتاج صور فيديو للقلب. يساعد هذا التخطيط في تحديد ما إذا كانت منطقة من القلب قد أصابها الضرر، ولا تضخ بشكل طبيعي.
اختبار الجهد لمراقبة إيقاع القلب وضغط الدم والتنفس أثناء المشي على جهاز المشي أو ركوب دراجة ثابتة لأن التمرين يجعل القلب يضخّ بقوة أكبر وأسرع عن المعتاد، لذلك يمكن لاختبار الضغط أن يكتشف مشاكل القلب التي قد لا تكون ملحوظة. المسح النووي هو أحد وسائل التشخيص لمرض نقص التروية القلبية، حيث يتم حقن كميات صغيرة من المواد المشعة في مجرى الدم. وأثناء التمرين، يتم مراقبتها حيث تتدفق عبر القلب والرئتين، ما يسمح بمعرفة مشاكل تدفق الدم. من وسائل التشخيص أيضا تصوير الأوعية التاجية، حيث يتم حقن صبغة في الأوعية الدموية للقلب، ثم تأخذ آلة الأشعة السينية سلسلة من الصور (تصوير الأوعية الدموية)، لتعطي نظرة مفصلة عما في داخل الأوعية الدموية. الأشعة المقطعية القلبية تحدد ما إذا كان المريض يعاني من تكلس الشريان التاجي، أو وجود أي علامة تدل على تصلب الشرايين التاجية. كما يمكن رؤية الشرايين القلبية باستخدام التصوير المقطعي (تصوير الأوعية التاجية).