كيف نتعامل مع السّمنة؟
كيف نتعامل مع السّمنة؟
أساليب وخطط لإدارتها بناءً على احتياجات كل شخص
تعتبر السمنة مشكلة صحية عالمية في العصر الحديث وعامل رئيسي في زيادة خطر الإصابة بالأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والسكري وارتفاع ضغط الدم. إنها حالة زيادة غير طبيعية في الوزن الذي يؤدي إلى تراكم الدهون في الجسم.
إن إدارة السمنة لا تتعلق فقط بالمظهر الخارجي، بل إنها أيضًا مسألة صحية هامة تؤثر على الصحة العامة والهدف هو الحفاظ على وزن صحي وتحسين الصحة والعافية. فالتعامل مع السمنة يجب أن يتم بشكل شامل، بدءًا من التوعية والتغذية الصحية وانتهاءً بالعلاج الطبي المناسب.
النهج الحديث في معالجة السمنة عالمياً يعتمد على المريض بحد ذاته عبر إشراكه في القرارات، فعندما يشعر المريض أنه مشارك في عملية صنع القرار ويتم احترام تفضيلاته، يكون أكثر التزامًا بالعلاج وتغييرات نمط الحياة اللازمة لإدارة السمنة على المدى الطويل. كما يشعر بالراحة والثقة عندما يجد أن مقدم الرعاية يسمع له ويحترم آرائه حول صحته وعلاجه.
ولكن، كيف يمكن لمقدمي الرعاية الصحية اتّباع نهج يرتكز على المريض عند إدارة السمنة؟
الأساليب الفردية لإدارة السمنة قد تختلف من شخص لآخر، ومن الأفضل تصميم خطة بالتعاون مع مقدم الرعاية الصحية بناءً على الإحتياجات والظروف الفردية.
البداية تكون عبر إجراء محادثة شاملة مع المريض لفهم احتياجاته وتفضيلاته وأهدافه، ثم يستعرض خيارات العلاج المختلفة مع شرح مفصّل لمزايا وعيوب كل منها بشكل واضح ومفهوم.
هنا، يأخذ مقدم الرعاية الصحية رأي المريض ويحترم قراراته حتى لو لم تتطابق تمامًا مع التوصيات التي قدمها لأن الهدف هو مشاركة المريض في وضع خطة علاجية تتناسب معه وتدعم استقلاليته في إدارة صحته.
ينبغي توفير الموارد والمعلومات التي يحتاجها المريض لدعم التغييرات في نمط الحياة، ومتابعة حالته بانتظام لتقييم تقدمه وتقديم الدعم والتشجيع اللازمين.
وعليه، يجب أن يكون اختيار برنامج فقدان الوزن الشامل مناسبًا للفرد ويستند إلى حالته الصحية وأهدافه الشخصية.
يوصى بالتشاور مع فريق متعدد التخصصات يتضمن أطباء ومختصين في التغذية واللياقة البدنية لتحديد البرنامج الأنسب والتوجيه خلال رحلة فقدان الوزن.
من البرامج التي تنتهجها مراكز مكافحة السمنة والتي تعتمد على الإحتياجات الفردية لكل شخص:
برامج الرياضة والتمارين البدنية
تشمل هذه البرامج جداول تمارين مخصصة لزيادة النشاط البدني وحرق السعرات الحرارية. يمكن أن تشمل هذه البرامج تمارين القوة والتحمل والتمارين الهوائية مثل المشي والجري وركوب الدراجة.
برامج التغذية المتوازنة
تهدف هذه البرامج إلى توفير خطة غذائية صحية ومتوازنة تساعد في خفض السعرات الحرارية وتحسين القدرة على التحكم في الوزن. قد تشمل هذه البرامج تناول الأطعمة الغنية بالألياف، والفواكه والخضراوات، والبروتينات الصحية، وتقليل الدهون المشبعة والسكريات المضافة.
برامج إدارة الوزن والسلوك
تركز هذه البرامج على تغيير العادات الغذائية والنمط الحياتي العام للمساعدة في فقدان الوزن بشكل دائم. تشمل هذه البرامج تحديد عوامل الأكل المعتادة غير الصحية وتعزيز الوعي بالأكل الواعي وتطوير استراتيجيات للتحكم في الجوع والشهية.
برامج الدعم النفسي
قد تتضمن برامج فقدان الوزن الشاملة دعمًا نفسيًا وعاطفيًا للمساعدة في التغلب على العقبات النفسية وتعزيز التحفيز والالتزام بالبرنامج. يمكن أن تشمل هذه البرامج جلسات الإستشارة الفردية أو الجماعية، والتوجيه السلوكي، والدعم من الأقران.
جراحة السمنة
في حالات السمنة المفرطة الشديدة والتي لا يمكن التحكم فيها بواسطة البرامج الشاملة الأخرى، يمكن أن تكون الجراحة خيارًا. تشمل إجراءات جراحة السمنة تقليل حجم المعدة أو تغيير مسار المعدة والأمعاء للحد من امتصاص السعرات الحرارية.
تُعد جراحة تكميم المعدة من أكثر الإجراءات شيوعًا لفقدان الوزن. يتم خلالها إزالة جزء كبير من المعدة، ما يقلّل من حجم المعدة وتنخفض شهية الشخص وقدرته على تناول الطعام بكميات كبيرة.
تحويل مسار المعدة (Gastric Bypass) هي أيضاً من الإجراءات الجراحية التي تهدف إلى تقليل حجم المعدة وتعديل مسار الطعام على طول الجهاز الهضمي. يتم خلال العملية تجاوز جزء كبير من المعدة وجعله يتصل مباشرة بالأمعاء الدقيقة. هذا الإجراء يقلّل من قدرة الشخص على امتصاص السعرات الحرارية والعناصر الغذائية من الطعام المتناول.
تكميم المعدة بالموجات فوق الصوتية (Gastric Plication) تشمل طي الجدار المعوي بواسطة الموجات فوق الصوتية بدلاً من إزالة أي أجزاء من المعدة. يتم طي الجدار المعوي لتقليل حجم المعدة وتقليل الشهية والقدرة على تناول الطعام.
حلقة تكميم المعدة Gastric Banding) ) يتم وضع حلقة مطاطية حول الجزء العلوي من المعدة لتقليل حجم المعدة وتنظيم معدل الشحنات الغذائية. يمكن ضبط التوتر في الحلقة للتحكم في تدفق الطعام إلى المعدة. يمكن إزالة الحلقة في وقت لاحق إذا لزم الأمر.
عوامل يجب أخذها بعين الاعتبار
عند اختيار برنامج فقدان الوزن الشامل، هناك عوامل عدة يجب أخذها بعين الاعتبار.
من هذه العوامل:
- الحالة الصحية: على مقدم الرعاية الصحية تقييم الصحة العامة للشخص والتأكد من خلوّه من أي أمراض او مشاكل صحية قد تحول دون خسارته للوزن أو قد تتطلب برنامجاً غذائياً ورياضياً مخصصاً له.
- الأهداف الشخصية: تحديد الأهداف التي يرغب الشخص في تحقيقها من خلال برنامج فقدان الوزن لأنه يساعد على اختيار البرنامج الأنسب، فهناك من يسعى لخسارة الوزن أو لتحسين اللياقة البدنية وتثبيت الوزن أو تغيير العادات الغذائية السلبية.
- الأسلوب الغذائي: التأكد من أن البرنامج يتوافق مع أسلوب الشخص الغذائي وتفضيلاته الشخصية، بحيث يكون البرنامج قابل للتطبيق في حياته اليومية ويتناسب مع النمط الغذائي الذي يتبعه لكي يتمكّن من الإلتزام به على المدى الطويل.
- النشاط البدني: يجب أن يكون البرنامج متوازنًا بين النظام الغذائي والتمارين البدنية لتحقيق أفضل النتائج في فقدان الوزن.
- الدعم والتوجيه: تقديم الدعم والتوجيه المناسبين وهو ما يتطلّب في بعض الاحيان فريق متعدد التخصصات يشمل أطباء ومختصين في التغذية واللياقة البدنية للمساندة والتوجيه خلال رحلة فقدان الوزن.
حقن التنحيف
تعتبر حقن التنحيف أو ما يعرف أيضًا بالعلاج بالأدوية المؤثرة على الوزن، أداة مهمة ضمن مجموعة الخيارات المتاحة للأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة ويجدون صعوبة في فقدان الوزن بواسطة الطرق التقليدية. تساعد هذه الحقن في تحقيق فقدان الوزن بشكل أسرع وتحسين الصحة العامة وجودة الحياة. ومع ذلك، يجب أن يتم استخدام حقن التنحيف كجزء من برنامج شامل يشمل الحمية الغذائية والنشاط البدني ومتابعة طبية لضمان النتائج الأمثل والسلامة العامة للمريض.
إنها عبارة عن إجراء طبي يتضمن حقن الأدوية المؤثرة على الوزن مباشرة في الجسم، تعمل على تقليل الشهية وزيادة الشبع، أو على تثبيط امتصاص الدهون في الجهاز الهضمي، أو على تسريع معدل الأيض. تعمل حقن التنحيف كإضافة إلى برامج فقدان الوزن التقليدية مثل التغذية السليمة وممارسة النشاط البدني.
تعمل حقن التنحيف على مساعدة الأشخاص المصابين بالسمنة المفرطة على فقدان الوزن بشكل أسرع من خلال تحفيز عملية الحرق والإستهلاك الأيضي للسعرات الحرارية في الجسم.
كما تسهم في تحسين الصحة العامة لأن تخفيف الوزن يساعد على تحسين الصحة العامة والحد من مخاطر الأمراض المرتبطة بالسمنة مثل أمراض القلب والشرايين والسكري من النوع 2 وارتفاع ضغط الدم.
يمكن لفقدان الوزن أن يحسن القدرة على الحركة والمشي وأداء الأنشطة اليومية بشكل أفضل، ما يؤدي إلى زيادة الثقة بالنفس والرفاهية العامة.
على الرغم من أن حقن التنحيف يمكن أن تكون فعّالة في مساعدة الأشخاص على فقدان الوزن، إلا أنها ليست علاجًا دائمًا ولا تعالج الأسباب الجذرية للسمنة المفرطة، حيث أنها تعتبر جزءًا من برامج فقدان الوزن الشاملة وينبغي استخدامها بتوجيه من الأطباء المتخصصين. قد تكون مفيدة للأشخاص الذين يعانون من سمنة مفرطة ولم يتمكنوا من فقدان الوزن باستخدام الحمية الغذائية وممارسة التمارين البدنية فقط. ومع ذلك، قد يكون من الضروري استمرار المرضى في اتباع نمط حياة صحي وتغييرات في السلوك الغذائي والنشاط البدني للحفاظ على النتائج المحققة من حقن التنحيف.