كيفية إدارة مرض السكري
كيفية إدارة مرض السكري
تتسارع وتيرة معدل إنتشار السكري حول العالم، وهو من الأمراض المزمنة التي تستدعي إتباع نمط حياة صحي من أجل السيطرة على معدلاته والحد من المضاعفات التي يمكن أن تصيب أعضاء الجسم كافة. المبادرات والفعاليات التوعوية تسير على قدم وساق في شتى دول العالم من أجل نشر التوعية وتثقيف العامة حول مرض السكري وكيفية الوقاية من مضاعفاته لاسيما السكري من النوع الثاني.
يتّسم مرض السكري بحدوث إرتفاع غير طبيعي بمستوى الجلوكوز في الدم يسببه خلل في هرمون الأنسولين الذي تفرزه غدة البنكرياس، وهو الهرمون الأساسي القادر على خفض سكر الدم.
السكري من النوع الأول يتّسم بنقص إنتاج الانسولين، ويتطلب العلاج الحصول على حقن الانسولين بشكل يومي. لا يُعرف سبب حدوث هذا النوع ولا يمكن الوقاية منه. تشمل الأعراض فرط التبوّل، والعطش، والجوع المستمر، وفقدان الوزن، والتغيرات في البصر، والإحساس بالتعب. وقد تظهر هذه الأعراض فجأة. أما السكري من النوع الثاني فهو يحدث بسبب عدم فعالية إستخدام الجسم للانسولين، وتحدث في معظمها نتيجة لفرط الوزن والخمول البدني. قد تكون أعراض هذا النوع مماثلة لأعراض النوع الاول، ولكن قد تكون أقل وضوحاً في كثير من الأحيان. لذا فقد يُشخّص الداء بعد مرور عدة أعوام من بدء الأعراض، أي بعد حدوث المضاعفات. السكري من النوع الثاني لم يكن يُصادف إلا في البالغين حتى وقت قريب ولكنه يحدث الآن في صفوف الأطفال أيضاً1.
سكري النوع الثاني وأمراض القلب… علاقة وثيقة لكن الوقاية ممكنة
يواجه مرضى السكري خطرا مضاعفا من إحتمال التعرض لأمراض القلب في مرحلة ما من مراحل حياتهم مقارنة بأشخاص لا يعانون من هذا المرض المزمن؛ كلما طالت فترة الإصابة بمرض السكري كلما زاد إحتمال الإصابة بأمراض القلب2.
وجود مرض السكري يعني أن الجسم غير قادر على إستخدام الأنسولين بكفاءة للمحافظة على مستوى الجلوكوز ضمن معدلاته الطبيعية والصحية؛ غالبا ما يعاني مرضى السكري من زيادة في الوزن أو السمنة وإرتفاع ضغط الدم وإرتفاع الكوليسترول الضار، ما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. مرضى السكري معرضون للإصابة بأمراض القلب أكثر بحوالى مرتين إلى أربع مرات مقارنة مع غيرهم من الأصحاء؛ ولأن هذا الخطر مرتفع للغاية، فإن أمراض القلب والأوعية الدموية تبقى هي السبب الأكثر شيوعاً للوفاة بين المصابين بمرض السكري3. السبب في ذلك يعود إلى أن مرضى السكري، وتحديدا النوع الثاني، قد يعانون من واحدة من الحالات التالية التي تزيد من خطر التعرض لأمراض القلب:
إرتفاع ضغط الدم وهو من أكثر العوامل خطورة التي تؤدي للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية؛ هناك الكثير من الدراسات التي تربط ما بين إرتفاع ضغط الدم ومقاومة الأنسولين. خطر الإصابة بأمراض القلب يصبح مضاعفا في حال وجود مرض السكري وإرتفاع ضغط الدم معا.
يعاني مرضى السكري من معدلات مرتفعة من الكوليسترول الضار والدهون الثلاثية، ما يزيد من خطر التعرض لأمراض القلب التاجية. ثم أن هذا الإضطراب في الدهون يرتبط كذلك بمقاومة الأنسولين الذي يعاني منه مرضى السكري.
السمنة تشكل تهديدا كبيرا وتزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب، وقد ارتبطت كذلك مع مقاومة الأنسولين ما يشكل خطرا مضاعفا لمرضى السكري.
قلة النشاط البدني وعدم ممارسة أي نوع من الرياضات مهما كانت بسيطة يدخل ضمن إطار العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري. ممارسة التمارين الرياضية وخسارة الوزن يسهمان في الوقاية من الإصابة بالسكري من النوع الثاني ويخفضان معدل ضغط الدم ما يقلل من خطر الأصابة بالأزمة القلبية والسكتة الدماغية.
التدخين سواء أكنت مريض سكري أم لا، فإن التدخين يزيد من خطر التعرض لامراض القلب والسكتة الدماغية4.
كيفية إدارة مرض السكري والحفاظ على قلب سليم
إن إدارة مرض السكري من النوع الثاني من خلال المحافظة على معدل السكر الطبيعي في الدم لفترة طويلة يسهم في الحد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب؛ فكلما كانت حياة مريض السكري صحية كلما حافظ على قلب سليم نظرا للعلاقة الوثيقة بينهما5. إتباع الخطوات التالية يسهم إلى حد كبير في الحفاظ على معدل السكر في الدم الذي يقود إلى قلب صحي:
- ممارسة النشاط البدني إذ وبحسب الجمعية الأميركية للسكري فان ممارسة الرياضة تزيد من حساسية خلايا الجسم للأنسولين فيساعدها في الإستفادة من هذا الهرمون للحصول على ما يكفيها من الجلوكوز6.
- إتباع نمط غذائي مناسب لقلب صحي حيث ثبت أن هذه الطريقة هي السبيل الأهم في تجنب الإصابة بأمراض القلب7.
- خسارة الوزن الزائد والسمنة من أهم العوامل للحفاظ على قلب سليم والتخفيف من أثر مرض السكري ومضاعفاته؛ والمقصود هنا ليس خسارة الكثير من الوزن بل يكفي التخلص من حوالى 5 الى 10 بالمئة فقط. هذه الخطوة تسهل من عملية السيطرة على معدل السكري في الدم وبالتالي الوقاية من أمراض القلب8.
- الإمتناع عن التدخين بعد أن ثبت أن المدخنين هم عرضة للإصابة بالسكري من النوع الثاني أكثر من غير المدخنين بنسبة تتراوح ما بين 30 الى 40%9.
السمنة والسكري… خطر مضاعف
تشكل السمنة خطرا مضاعفا في حال ترافقت مع السكري حيث تعتبر احد مسببات السكري من النوع الثاني؛ يجمع الخبراء في هذا المجال على وجود علاقة وثيقة بين داء السكري والسمنة10. والأبحاث المشتركة التي تجري في هذا المجال أفضت الى نتيجة مفادها أن التخلص من الوزن الزائد يسهم في السيطرة على معدلات السكري وربما الشفاء منه في حال كان لا يزال في بدايته. الدراسات في هذا الشأن تشير إلى أن الأشخاص الذين يعانون من الوزن الزائد سوف يتطور هذا المرض في حياتهم، كما أن غالبية الحالات التي تم تشخيصها بالداء السكري من النوع الثاني يتم تشخيصها عند المرضى الذين يعانون من السمنة المفرطة وزيادة الوزن. فالبدانة تقوي مقاومة الانسولين ما يؤثر على تنظيم السكر في الجسم. تعرف السمنة، بحسب منظمة الصحة العالمية، بأنها تراكم الدهون بشكل مفرط يمكن ان يؤدي الى أمراض اخرى مع مرور الوقت؛ ويتم قياسها بحسب مؤشر كتلة الجسم (Body Mass Index- BMI) وهي أداة لتقييم الوزن الطبيعي أو زيادة الوزن من خلال العلاقة بين طول الجسم ووزنه عن طريق قسمة الوزن بالكيلوجرامات على مربع الطول (kg/m2).
داء السكري…
أجيال حديثة من العلاجات الفموية وحقن الأنسولين
تطول لائحة العلاجات الحديثة التي تسهم في السيطرة على معدل السكر في الدم وتحد من نسبة المضاعفات التي يسببها هذا المرض المزمن، والتطور هنا يطال السكري بنوعيه حيث يتوافر اليوم مجموعة كبيرة من أدوية الميتفورم التي شهدت تطورا ملحوظا في السنوات الماضية على مستوى العلاجات الفموية، وحقن الأنسولين والدور الرئيسي الذي تقوم به في السيطرة على معدل السكري إلى جانب دورها في الحد من الإرتفاع المفاجئ أو الإنخفاض المفاجئ للسكري وكذلك وجود الأنسولين سريع المفعول وآخر ذي المفعول الطويل. ولا نزال نشهد أجيال جديدة من أقلام الأنسولين التي تساعد في تحسين السيطرة على مستويات الجلوكوز عند مرضى السكر.
يثني الأطباء والباحثون في هذا المجال على تلك العلاجات الحديثة وما لها من دور فاعل في إنتظام معدل السكري واستقراره
وبالتالي الحفاظ على حياة هانئة لمرضى السكري والحد من المضاعفات والمخاطر التي يمكن أن تواجه المرضى، لكن مع التأكيد دوما على ضرورة إتباع نمط حياة صحي.
مريض السكري يمكنه القيام بالكثير من الخطوات مثل النظام الغذائي الصحي والتمارين الرياضية وهي خطوات اساسية للحفاظ على معدل السكري والتخلص من الوزن الزائد والتحكم بمعدل ضغط الدم والنتيجة هي الحفاظ على قلب سليم، لاسيما اذا ما ترافقت هذه الخطوات مع العلاج الدوائي المناسب.
مبادارات مجتمعية للتوعية
لقد أدركت المنظمات والمراكز الصحية والشركات الناشطة في مجال الأدوية أهمية توعية المجتمع إنطلاقا من المسؤولية المجتمعية التي تقع على عاتقها، فكانت السنوات الماضية حافلة بالفعاليات والمبادرات التوعوية في شتى أنحاء العالم والتي أثمرت الوعي الكافي لدى الكثير من الأفراد حول أهمية تعزيز اللياقة البدنية وتبني نمط غذائي صحي وترك العادات السيئة المضرة إلى جانب الكشف المبكر واجراء الفحوصات الروتينية بشكل دوري لاسيما في حال وجود تاريخ وراثي.
إن لرفع مستوى الوعي المجتمعي دورا أساسيا في نشر المعرفة حول مرض السكري سواء بين المرضى أو حتى عائلاتهم نظرا لدورهم المهم في دعم المريض وحثه على الإلتزام بالعلاج والحياة الصحية. بحسب مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها، فإن البرامج المتبعة لتغيير أسلوب الحياة تسهم في تقليل خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني بنسبة تصل الى 58 بالمئة11.
لكن الفوائد المرجوة من توعية المجتمع لا تتوقف عند هذا الحد، بل إنها تسهم في دعم الفئات المجتمعية كافة للكشف المبكر عبر القيام بالفحوصات الدورية كإجراء روتيني للإطمئنان على صحتهم كما يحثهم على اتباع نمط الحياة الصحي الذي يسهم إلى حد كبير في منع تطور المرض.
حملات التوعية المجتمعية حول العالم تركز على إقامة نشاطات متنوعة مثل المسابقات الرياضية وورش العمل وحلقات توعية والألعاب وغيرها من النشاطات الهادفة إلى رفع مستوى التوعية وتقديم النصائح حول أنماط الحياة الصحية، إضافة الى مساعدة المصابين والراغبين في تجنب الإصابة بالمرض، وتركز هذه الحملات كذلك على إعداد خطط لمساعدة الاشخاص المعرضين لخطر الإصابة على تجنبها، ومساعدة المصابين في عيش حياة أفضل.
REFERENCES
1. https://www.un.org/en/events/diabetesday/background.shtml
2. https://www.cdc.gov/diabetes/library/features/diabetes-and-heart.html
3. https://www.hopkinsmedicine.org/health/conditions-and-diseases/diabetes/diabetes-and-heart-disease
4. https://www.heart.org/en/health-topics/diabetes/why-diabetes-matters/cardiovascular-disease–diabetes
5. https://www.everydayhealth.com/hs/managing-diabetes-heart-health/ways-to-manage-both-diabetes-and-heart-health/
6. https://www.everydayhealth.com/hs/managing-diabetes-heart-health/ways-to-manage-both-diabetes-and-heart-health/
7. https://www.everydayhealth.com/hs/managing-diabetes-heart-health/ways-to-manage-both-diabetes-and-heart-health/
8. https://www.cdc.gov/diabetes/managing/healthy-weight.html
9. https://www.fda.gov/tobacco-products/health-information/cigarette-smoking-risk-factor-type-2-diabetes
10. https://www.news-medical.net/health/Obesity-and-Diabetes.aspx
11. https://www.cdc.gov/diabetes/prevention/program-providers.htm