سرطان عنق الرحم
سرطان عنق الرحم
الفحص الدوري واللقاح يسهمان في الحد من الإصابة
أفضت الدراسات الطبية والأبحاث العلمية إلى فهم أكثر عمقا لسرطان عنق الرحم فتطورت العلاجات الطبية التي تنقذ المرأة، وتطورت معها سبل الوقاية عبر الحصول على اللقاح للفيروس المسبب لهذا النوع من السرطان وهو فيروس الورم الحليمي البشري (HPV)؛ كما أن الفحص المبكر يسهم في اكتشاف الحالة المرضية مبكرا وبالتالي ارتفاع فرص النجاة.
سرطان عنق الرحم يشكل المرتبة الرابعة بين الأورام عند النساء بشكل عام، بما يعادل 6.6% بحسب منظمة الصحة العالمية، وهو يصنف ضمن الأورام التي يمكن الوقاية منها والقابلة للعلاج؛ حيث ان الكشف المبكر وزيادة الوعي الصحي يلعبان دوراً أساسياً في تحقيق معدلات شفاء عالية، وإنقاص المضاعفات، وتحسين نوعية الحياة للمريضات. من هنا، جاءت الدراسات الحديثة لتؤكد ان الكشف المبكر والحصول على اللقاح يسهمان في الحد من الوفيات الناجمة عن الاصابة بسرطان عنق الرحم. وفي إطار الجهود المبذولة من منظمة الصحة العالمية للقضاء على فيروس الورم الحليمي البشري سرطان عنق الرحم، تم إدخال التطعيم ضد فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) في الجداول الوطنية لـ100 دولة حول العالم في أكتوبر\ تشرين الأول من العام 2019.
يحدث سرطان عنق الرحم بسبب فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) والذي يعد أحد أكثر الأمراض شيوعاً، حيث أن معظم الإصابات الناجمة عن فيروس الورم الحليمي البشري لا تظهر أية أعراض وعادة ما تختفي من تلقاء نفسها، ولكن يظل الفيروس السبب الرئيسي لوفيات السرطان بين النساء في جميع أنحاء العالم.
يسهم لقاح فيروس الورم الحليمي البشري في إنقاذ المرأة من براثن المرض لأنه يمكن أن يمنع معظم حالات سرطان عنق الرحم. ولعل اكثر التدابير الصحية العامة الكفيلة في الوقاية من سرطان عنق الرحم هو تطعيم الفتيات المراهقات كونه أحد الركائز الأساسية لاستراتيجية شاملة للقضاء على سرطان عنق الرحم كقضية صحية عامة. الخطة الاستراتيجيّة لـ”منظمة الصحة العالميّة” الرامية إلى القضاء على سرطان عنق الرحم، تنص على وجوب تلقيح 90% من الفتيات ضد فيروس الورم الحليميّ البشريّ بحلول عام 2030. وهي تدعو أيضاً إلى إخضاع 70% من النساء لتحاليل الكشف عن سرطان عنق الرحم مرة واحدة أو مرتين خلال حياتهن، وأن تتلقى 90% من المصابات بآفات سابقة للتسرطن أو بسرطان عنق الرحم العلاج اللازم. تعتبر منظمة الصحة العالمية أن ثمة الكثير من أنواع فيروس الورم الحُليمي البشري، والعديد منها لا يسبِّب مشكلات، غالبا ما تتلاشى حالات العدوى من دون أي تدخّل في غضون بضعة أشهر بعد اكتسابها، ويزول نحو 90% منها خلال سنتين.
لكن بعض حالات العدوى بأنواع معينة من الفيروس تستمر وتتطور إلى سرطان عنق الرحم؛ فيروس الورم الحُليمي البشري يعتبر العدوى الفيروسية الأكثر شيوعا في المسالك التناسلية، يصيب معظم النساء الناشطين جنسيا في مرحلة ما من حياتهم، وبعضهم قد تعاوده الإصابة. سرطان عنق الرحم هو نتيجة تكاثر خلايا عنق الرحم بدون توقف، ثم تنتشر في الأنسجة والأعضاء المجاورة والقريبة من المنطقة المصابة. وفي المراحل المتقدمة، يمتد لأجهزة في الجسم بعيدة عن عنق الرحم، كالغدد اللمفاوية والمثانة والشرج، ما يؤثر بطريقة سلبية في وظيفتها.
علامات الإصابة بسرطان عنق الرحم الأكثر تقدّمًا، والتي تستدعي إجراء اختبار لاكتشاف المرض، هي حدوث نزيف مهبلي بعد الجماع، أو خلال فترات الحيض أو بعد انقطاع الطمث، بالإضافة إلى إفرازات مهبلية مائية ودموية، يمكن أن تكون ثقيلة ولها رائحة كريهة، والاحساس بألم في الحوض أو في أثناء الجماع.
إجراءات وقائية
الوقاية من الاصابة بسرطان عنق الرحم هي احدى طرق الحد من انتشاره نظرا لامكانية علاجه والقضاء عليه؛ فاكتشاف الورم مبكرا يسهم في تحسين فرص العلاج والحد من الوفاة، ويجنب المريضات الوصول إلى مرحلة حرجة تتطلب جراحة لاستئصال جزء من الرحم أو الرحم بالكامل، والخضوع للعلاج الكيميائي أو العلاج الإشعاعي للسيطرة على الورم السرطاني، وهو ما قد يحرمها من الإنجاب.
ينصح الخبراء في هذا المجال السيدات الأكثر عرضةً للمرض كالحالات اللواتي لديهن تاريخ عائلي للإصابة بالمرض، أو مَن تعرضن لممارسات جنسية متعددة، بإجراء الفحوصات الدورية لمحاولة الكشف المبكر عن المرض، والحصول على التطعيم ضد الفيروس، وهو متاح للفتيات والسيدات بعمر 9 إلى 26 عامًا، ويكون التطعيم أكثر فاعليةً في حالة حصول الفتيات عليه قبل النشاط الجنسي.
السيدات ما بين عمر الـ21 و29 عاما إجراء فحص مجهري لخلايا عنق الرحم، يُعرف بـ”Cytology test”. أما النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 30 و65 عاما فمن الممكن إجراء فحص مجهري لخلايا الدم، وفحص اختبار فيروس الورم الحليمي البشري، وهو نهج معروف باسم “cotesting” كل 5 سنوات، أو فحص مجهري لخلايا الدم كل 3 سنوات.
مسحة عنق الرحم أو كما تعرف بـ”PAP Smears” تسهم في الكشف عن التغيرات غير الطبيعية في خلايا عنق الرحم، والتي قد تشير إلى احتمال تطورها إلى أورام خبيثة في المستقبل، ما يسهم في إيقاف التطور المحتمل للإصابة بالسرطان، وسرعة علاجها في حالة الإصابة.
أما طريقة الفحص، يقوم الطبيب ببطء بإدخال المنظار في المهبل، ثم يقوم بكشط عينة صغيرة من الخلايا من عنق الرحم، ومعظم النساء يشعرن بدفعة بسيطة أثناء الكشط. سيتم الحفاظ على عينة من الخلايا من عنق الرحم وإرسالها إلى مختبر لاختبار وجود خلايا غير طبيعية، وبعد الإختبار قد تشعر السيدة بألم بسيط أو القليل من التشنج، كما يمكن أيضا حدوث نزيف مهبلي خفيف جدا بعد الاختبار مباشرة. إذا كانت نتائج الإختبار غير طبيعية، فهذا لا يعني الإصابة بالسرطان، ولكن يعني ببساطة أن هناك خلايا غير طبيعية في عنق الرحم، وبعضها قد يكون خلايا قبل سرطانية، وتحتاج للمزيد من الفحوصات لتحديد طبيعتها.
التطور الطبي كان كفيلا بالتوصل إلى لقاح يقي من الإصابة بأكثر أنواع هذا الفيروس التي تسبب 70% من حالات سرطان عنق الرحم. فاللقاح لديه القدرة على الوقاية من معظم حالات سرطان المهبل والفرج لدى النساء، ومنع الثآليل التناسلية.
يُنصح بإعطائه للبنات والأولاد من سن 11 إلى 12 سنة، ومن المهم إعطاء اللقاح للأولاد والبنات قبل حدوث اتصال جنسي وقبل التعرض للإصابة بفيروس الورم الحليمي البشري. بمجرد حدوث العدوى، قد يفقد اللقاح فاعليته؛ وإذا لم يتم تطعيمهم كليا في سن 11 إلى 12 سنة، تنصح مراكز مكافحة الأمراض والوقاية (CDC) بإعطائه للبنات والنساء في سن 26 سنة وللأولاد والرجال في سن 21.
يتم حقن أيًا من اللقاحين في صورة ثلاث جرعات على مدار ستة شهور. يتم إعطاء الجرعة الثانية بعد شهر أو اثنين من حقن الجرعة الأولى، ويتم إعطاء الجرعة الثالثة بعد ستة شهور من الجرعة الأولى.
يمكن لاختبارات عنق الرحم الكشف عن حالات محتملة التسرطن، لذا يمكن مراقبتها أو علاجها للوقاية من الإصابة بسرطان عنق الرحم، وتقترح أغلب المنظمات الطبية بدء النساء إجراء تلك الاختبارات على أساس روتيني من سن 21 عاما، وتكرارها كل بضع سنوات.