سرطان الرئة
سرطان الرئة
كيف يسهم الذكاء الإصطناعي في الكشف عن المرض؟ وما هي أحدث العلاجات؟
يصادف الأول من شهر أغسطس/ آب اليوم العالمي لسرطان الرئة، حيث يهدف إلى زيادة الوعي بشأن أحد أكثر أنواع السرطان شيوعاً حول العالم. بحسب منظمة الصحة العالمية، فإن سرطان الرئة هو ثاني أكثر أنواع السرطانات انتشارًا في العالم، حيث بلغ عدد الإصابات الجديدة 2.21 مليون حالة في العام 2020، كما أنه السبب الرئيس للوفاة بالسرطان، إذ أدّى إلى 1.8 مليون حالة وفاة في العام نفسه.
اليوم، يتوافر الكثير من الاختبارات والتحاليل التي تكشف المرض في اولى مراحله، إضافة الى وجود مروحة واسعة من العلاجات المناعية والموجهة لعلاج سرطان الرئة. فقد تم التوصل الى علاجات قادرة على زيادة معدل البقاء على قيد الحياة وأصبح من الممكن شفاء المريض في المراحل الأولية من المرض.
الذكاء الاصطناعي والكشف عن سرطان الرئة
تم الكشف مؤخراً عن استخدام الذكاء الاصطناعي في تشخيص سرطان الرئة من خلال القدرة على تشخيص مرض سرطان الرئة في الأشعة المقطعية (CT) تماماً كما الأطباء عبر الإعتماد على استخدام الأنماط وتحليل الصور كما يفعل المختصون في تحليل نتائج الأشعة وشرائح المجهر، على ان يكون الذكاء الاصطناعي وسيلة مساعِدة لن تحل محل الطبيب. اعتمدت الدراسة على ما يعرف باسم “التعلم العميق” وهو ضخ كمية هائلة من البيانات الطبية، وبواسطة خوارزميات، يتم تدريب أجهزة الكمبيوتر على تحديد أنماط معينة تشير إلى حالات مرضية معينة مثل السرطان وغيره من الأمراض. وكلما تم ضخ كمية أكبر من المعلومات كلما زادت دقتها في التفسير.
هذه المنظومة الجديدة من استخدام الذكاء الإصطناعي تم تغذيتها بأكثر من الف صورة أشعة مقطعية، ما يزيد من إمكانية الكشف مبكراً عن أورام الرئة بنسبة تصل إلى 95 بالمائة.
استخدم الباحثون الذكاء الاصطناعي لفحص الأشعة المقطعية، المستخدمة لفحص سرطان الرئة والتي يمكنها اكتشاف سرطانات محددة، وكذلك الحالات الشاذة التي قد تتطور إلى سرطان. كما استخدم نظام الذكاء الاصطناعي خوارزميات حديثة لتحليل التشريح الكامل لفحص الصدر بالأشعة المقطعية، بالإضافة إلى البقع التي تستند إلى تقنيات الكشف عن الكائنات التي تحدد المناطق المصابة. فقد ساهمت خوارزميات التعلم الآلي في اكتشاف الأنماط التي قد تكون غير مرئية للبشر في صور الأشعة السينية، وهي قادرة على معالجة العديد من هذه الأنماط، والأهم من ذلك هي أنها قلّلت نسبة الخطأ الذي يمكن أن يحدث من قبل البشر.
تطور أجهزة التصوير الطبي
على صعيد متصل، فإن التطور الحاصل على مستوى أجهزة الأشعة بأنواعها كافة مثل التصوير بالأمواج فوق الصوتية والتصوير الطبقي المحوري، والتصوير بالرنين المغناطيسي والأشعة التداخلية، حققت اختراقات مهمة في التشخيص الدقيق فزادت فرص الشفاء. فبعد أن كانت الفحوصات التقليدية في السابق تتطلب وقتاً طويلاً لتحديد مدى ملائمة العلاج للمريض بالإضافة إلى محدودية خيارات العلاج المتاحة، فإن الفحوصات الجينية الحديثة مكّنت العلماء من تحديد نوعية العلاج المناسب لكل مريض على حدة. إن توافر أحدث التقنيات المتطورة والكفيلة بالتشخيص المبكر للمرض ومعالجته بفاعلية قصوى، تسهّل الأمور على الجرّاح وعلى المريض في الوقت نفسه. يبدأ تشخيص سرطان الرئة بالتصوير الطبقي المحوري إلى جانب بعض الإجراءات التداخلية بأقل قدر ممكن من التدخل الجراحي إذا ما كشفت النتائج احتمالًا للإصابة بالسرطان.
تتضمن الفحوصات التشخيصية لسرطان الرئة:
- الأشعة السينية للصدر التي تظهر أورامًا أكبر يزيد حجمها عن 1 سم.
- الاشعة المقطعية: يستخدم التصوير المقطعي المحوسب (CT) أشعة سينية لالتقاط صور داخل الجسم وإنشاء صورة مقطعية تكشف الأورام الصغيرة بالإضافة إلى توفير معلومات حول الورم والغدد الليمفاوية.
- التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (PET) لتحديد مرحلة سرطان الرئة بعد التشخيص.
- اختبار وظائف الرئة المعروف باسم قياس التنفس والذي يتحقق من مدى جودة عمل الرئتين.
- خزعة: سيتم أخذ عينة صغيرة من الأنسجة في حالة الاشتباه في وجود ورم بعد الفحص بالأشعة المقطعية أو الأشعة السينية. هناك أنواع مختلفة من الخزعة بما في ذلك تنظير القصبات والخزعة الأساسية الموجهة بالتصوير المقطعي المحوسب والموجات فوق الصوتية داخل القصبات.
- علم الخلايا البلغم: فحص البلغم من الرئتين تحت المجهر للتحقق من وجود خلايا غير طبيعية.
علاجات حديثة
يعتبر مرضى سرطان الرئة الأكثر استفادة من تطور جيل جديد من العلاجات؛ أحدث تلك العلاجات هي لسرطان الرئة غير صغير الخلايا، بحيث يتم استهداف الخلايا السرطانية من دون التسبب بأضرار كبيرة على الخلايا الطبيعية؛ وقد أثبتت الدراسات في هذا المجال أن العلاج يزيد إجمالي معدلات البقاء على قيد الحياة. ان ما شهده التطور الطبي على مستوى التشخيص انعكس إيجاباً على فهم آلية المرض، ما أسهم بالتالي في اكتشاف علاجات حديثة شكّلت ثورة علمية غير مسبوقة في علاج سرطان الرئة. فقد تم تطوير جيل جديد من العلاجات التي تصل مباشرة إلى مستقبلات محددة داخل الخلية وتحفزها لإعطاء إشارات لنواة الخلية لمقاومة نشاط الخلايا السرطانية وهو ما يعرف بمفهوم “الطب الشخصي الموجه”.
كما ظهر العلاج المناعي الذي ساهم في تعزيز فرص البقاء على قيد الحياة بدرجة كبيرة حتى في مراحل المرض المتقدمة وفق ما أفضت إليه الدراسات السريرية الحديثة. وبعكس العلاج الكيميائي، فإن للعلاج المناعي دوراً أساسيا في تحفيز الجهاز المناعي عند المريض للتصدي للمرض والقضاء عليه. بالنسبة لسرطان الرئة ذو الخلايا غير الصغيرة، يعتمد إختيار العلاج على مدى الإنتشار. في هذه المجموعة من سرطان الرئة، تعد الجراحة من أكثر طرق العلاج شيوعاً. يتم إستخدام العلاج الإشعاعي والعلاج الكيميائي لإبطاء التقدم وإدارة الأعراض.
أما سرطان الرئة ذو الخلايا الصغيرة، فهناك العديد من الحالات المصابة بالورم المنتشر في مناطق أخرى من الجسم عند تشخيص الحالة لأول مرة.
لذلك، يمكن إستخدام الجراحة في حالات نادرة جداً حيث يفضّل الأطباء عادة العلاج الكيميائي لتدمير الخلايا السرطانية التي إنتشرت بالفعل في الجسم. يمكن أن يستهدف العلاج، بما في ذلك العلاج الكيميائي، الورم الموجود في أورام الرئة أو النّقائل السرطانية الموجودة في مناطق الجسم الأخرى. هذا التوجه الحديث ساعد الى حد كبير في تحديد العلاج الملائم لكل حالة بدقة، فكان له الدور في الحد من العلاج الخاطئ وتفادي الكثير من الآثار الجانبية.