سرطان الرئة ذو الخلايا غير الصغيرة
سرطان الرئة ذو الخلايا غير الصغيرة
علاجات متطورة تقضي على المرض وتطيل أمد الحياة
يشكل سرطان الرئة تهديدا حقيقيا للمرضى في شتى أنحاء العالم ما حث العلماء على إجراء المزيد من الأبحاث والتجارب السريرية للوصول الى علاجات متطورة تسهم في القضاء على المرض من جهة، وتعمل على إطالة أمد الحياة وتحسينها من جهة أخرى فكانت النتائج مذهلة لاسيما مع تطور العلاج المناعي.
مرضى سرطان الرئة هم أكثر المستفيدين من هذا التطور، حيث ساهم العلاج المناعي في تعزيز فرص البقاء على قيد الحياة بدرجة كبيرة حتى في مراحل المرض المتقدمة وفق ما أفضت إليه الدراسات السريرية الحديثة. وبعكس العلاج الكيميائي، فإن للعلاج المناعي دورا أساسيا في تحفيز الجهاز المناعي عند المريض للتصدي للمرض والقضاء عليه. هذا النوع من العلاج يعمل على كبح بروتين “P D 1” في الجهاز المناعي، ما يتيح للخلايا التائية التي تصدّ انتشار الورم مهاجمة الخلايا السرطانية بوتيرة أسرع وبفعالية أكبر. التجارب في هذا المجال أثبتت وجود فئة من المرضى باتت تحظى بفرص للبقاء على قيد الحياة لفترة طويلة. في الحديث عن سرطان الرئة، لابد من التأكيد على دور التدخين في رفع نسبة الإصابة حيث يعتبر المسبب الرئيسي والمسؤول عمّا يزيد عن ثلثي الوفيات الناجمة عن سرطان الرئة في العالم. في المقابل، فإن الإقلاع عن التدخين يمكن ان يحد من خطر الإصابة مع مرور الوقت حيث يمكن ان تقل خطورة الإصابة الى حوالى النصف بعد مرور عشرسنوات من الإصلاع عن التدخين.
العلاج المناعي
لقد جاء العلاج المناعي ليغير في مفهوم علاج سرطان الرئة ذو الخلايا غير الصغيرة، حيث أظهرت الأبحاث الحديثة ان اعتماد الادوية الجديدة من العلاج المناعي أسهم في ارتفاع نسب استجابة المرضى ما أدى إلى رفع متوسط معدلات البقاء على قيد الحياة والتي تجاوزت ثلاث سنوات. يعتبر هذا العلاج من الأساليب العلاجية التي تستخدم الجهاز المناعي للجسم للقضاء على السرطان، ويرتكز العلاج بالأساس على تحفيز جهاز المناعة ليتمكن من التعرف على الخلايا السرطانية والقضاء عليها. إنه نمط جديد من العلاجات لمكافحة سرطان الرئة الذي تم اكتشافه في مراحله المتقدمة، حيث يستهدف البروتينات الموجودة داخل الخلايا المناعية بالجسم والخلايا السرطانية؛ وعن طريق غلق تلك التفاعلات، يساعد العلاج الجهاز المناعي الجسم في محاربة الخلايا السرطانية. إدارة الغذاء والدواء الأميركية وافقت على الدواء الجديد لعلاج المرضى المصابين بسرطان الرئة ذو الخلايا غير الصغيرة في المرحلة الثالثة، الذين لديهم أورام لا يمكن إزالتها بعملية جراحية، والذين لم يتخلصوا من السرطان بعد تلقيهم للعلاج الكيمائي والعلاج بالإشعاع.
العلاج المناعي إذن هو أحد الأساليب العلاجية التي تستخدم الجهاز المناعي للجسم للقضاء على السرطان، ويرتكز على تحفيز جهاز المناعة وتمكينه من التعرف على الخلايا السرطانية والقضاء عليها. فالجهاز المناعي في جسم الإنسان يبحث دائما عن الكائنات الغريبة لمحاربتها؛ وتحمل الخلايا المناعية جزيئات معينة تمنع الجهاز المناعي من مهاجمة الخلايا والأنسجة الطبيعية. تستخدم الخلايا العادية هذه الجزيئات كنقطة للبحث؛ ومع ذلك، تستخدم الخلايا السرطانية نقاط البحث ذاتها لتجنب اكتشافها من جهاز المناعة. آلية عمل العلاج المناعي تكمن في منع مثبطات نقاط البحث المناعية الخلايا السرطانية من استخدامها ضد الجهاز المناعي. وعندما لا تستطيع الخلايا السرطانية استخدام نقاط البحث، فإن الجهاز المناعي سوف يستهدف الخلايا السرطانية ويهاجمها. من أهم العلاجات المناعية الحديثة هي مثبطات PD1 أو PD-L1 التي تمنع قدرة سرطان الرئة على استخدام نقاط التفتيش الموجودة في الخلايا التائية فتقوم بدوريات في الجسم بحثًا عن التهديدات. منع الخلايا السرطانية من استخدام نقاط التفتيش هذه يسمح للخلايا التائية باستهداف الخلايا السرطانية ومهاجمتها. يمكن استخدام العلاج المناعي مع العلاج الكيميائي، وفي كثير من الأحيان يتم إعطاء العلاج المناعي لمن عانوا من انتكاسة جديدة. عندما يعمل العلاج المناعي فمن الممكن القضاء بشكل فعال على السرطان وكذلك منع تكراره.
ما هو سرطان الرئة ذو الخلايا غير الصغيرة؟
يعتبر سرطان الرئة ذو الخلايا غير الصغيرة الأكثر انتشارا حيث تبلغ نسبة الإصابة حوالى 80 الى 85 بالمائة من حالات سرطان الرئة. إنه إسم عام وشامل لأنواع عديدة من سرطانات الرئة التي تتصرف بشكل متماثل، وينقسم الى ثلاثة أنواع فرعية هي:
- غدية: يصيب حوالي 40 بالمائة من مرضى سرطان الرئة، وعادة ما يتطور في الأجزاء الخارجية من الرئة ويميل إلى النمو ببطء.
- سرطان الخلايا الحرشفية: يصيب حوالي 25-30 بالمائة من سرطانات الرئة وينمو من الخلايا التي تبطن داخل الشعب الهوائية. يتطور هذا النوع في العادة في وسط الرئة.
- سرطان الخلايا الكبيرة: يشكل حوالي 10-15 بالمائة من سرطانات الرئة. يمكن أن تنمو في أي جزء من الرئة وتميل إلى النمو بشكل أسرع من الأنواع الفرعية الأخرى.
- يتم تصنيف سرطان الرئة ذو الخلايا غير الصغيرة وفقا لنوع الفئة وحجم الورم السرطاني ومدى انتشاره الى غدد ليمفاوية أو الى أعضاء أخرى. أهمية التصنيف تكمن في اختيار العلاج الملائم وتقدير إمكانيات الشفاء. تعد الجراحة من أكثر طرق العلاج شيوعا، كما يتم استخدام العلاج الإشعاعي والعلاج الكيميائي لإبطاء التقدم وإدارة الأعراض.
تشير مراحل سرطان الرئة الى مدى انتشاره في الجسم؛ ففي المرحلة الاولى يكون الورم لا يزال محصورا في الرئتين، اما المرحلة الثانية فيكون الورم لا يزال صغيرا ولكن انتشار الخلايا السرطانية يكون قد وصل إلى الغدد اللمفاوية بالقرب من الرئتين المصابتين. اما المرحلة الثالثة تنتشر فيها الخلايا السرطانية إلى الغدد اللمفاوية في الجانب الآخر. عند بلوغ المرحلة الرابعة والأخيرة يكون السرطان قد انتقل إلى جزء آخر من الجسم مثل الكبد أو العظام. تتمثل أعراض سرطان الرئة في الصدر في السعال المستمر أو الشديد، ألم في الصدر، والكتف، ليس له علاقة بالألم الناتج من السعال، تغير في لون أو حجم البلغم، ضيق في التنفس، تغير في الصوت فيصبح أجشاً، ظهور صوت قاس كالصرير مع كل نفس، ظهور مشاكل متكررة في الرئة مثل التهاب القصبات أو التهاب الرئة، سعال مصحوب ببلغم أو مخاط، وخاصة إذا كان مصحوباً مع الدم.
بعض الدراسات تشير الى أن سرطان الرئة يعتبر أشد فتكاً وخطراً على الحياة من سرطانات الثدي والبروستات والقولون مجتمعة؛ فهو ينشأ في خلايا الرئة، وهو أكثر أنواع السرطان فتكا بالنساء والرجال؛ تحدث الإصابة عندما تبدأ خلايا غير طبيعية في إحدى الرئتين أو كلتيهما بالتكاثر بصورة خارجة عن السيطرة، سواءً كان ذلك في القصبات والشّعب الهوائية أو الأنسجة الرئوية ويعتبر التدخين السبب الرئيسي للإصابة بسرطان الرئة.