أمراض وعلاجات

سرطان الرئة الأكثر انتشارا بين أنواع السرطانات

سرطان الرئة

الأكثر انتشارا بين أنواع السرطانات

يتصدر سرطان الرئة قائمة السرطانات الأكثر انتشارا في العالم وهو السبب الرئيسي للوفيات، وفق ما جاء في تقرير نشر مؤخرا عن الوكالة الدولية لأبحاث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية. والأمر هنا لم يعد مقتصرا على إصابة الرجال، بل ان للنساء نصيب وافر في عدد الإصابات بسرطان الرئة في ظل انتشار التدخين وتدخين النرجيلة بشكل كبير في السنوات الأخيرة إذ لا يخفى على احد ان التدخين هو المسبب الرئيسي وراء الإصابة بسرطان الرئة.

التوقعات في هذا المجال تشير الى ازدياد معدل الوفيات بسرطان الرئة، في جميع أنحاء العالم، بين النساء بنسبة 43 % بحلول عام 2030، وفق ما صدر عن دراسة دولية حديثة قادها باحثون بالجامعة الدولية في كتالونيا الإسبانية، ونُشِرت نتائجها في دورية Cancer Research العلمية. ففي الوقت الذي قطعنا فيه خطوات كبيرة في الحد من وفيات سرطان الثدي على مستوى العالم، فإن معدلات وفيات سرطان الرئة بين النساء آخذة في الارتفاع بسبب ارتفاع معدلات التدخين.

يعتبر سرطان الرئة الأكثر شيوعا في الدول النامية وأكثر السرطانات التي تسبب الوفاة في الرجال والسيدات معا، وكما باقي الأمراض فإن الوقاية والكشف المبكر يأتيان بنتائج كبيرة في خفض معدلات الإصابة بسرطان الرئة.

التدخين إذن هو أول وأكبر عامل خطر يسهم في الإصابة بسرطان الرئة، حيث تحتوي السيجارة الواحدة على ما لا يقل عن خمسين مادة كيميائية مسرطنة مسؤولة عن إتلاف سريع للخلايا الرئوية؛ تشير بعض الأرقام في هذا المجال الى أن التدخين مسؤول عن حوالى 90 بالمائة من الوفيات الناجمة عن سرطان الرئة عند الرجال و70 بالمائة عند النساء، على ان يزداد احتمال الإصابة بحسب فترة التدخين والكمية التي يستهلكها الشخص.

الإصابة بسرطان الرئة لا تقتصر فقط على المدخنين، بل ان هناك فئة كبيرة من غير المدخنين يصابون بهذا المرض ايضا لأسباب عدة.

أبرز تلك الأسباب هي التعرض المستمر للبيئة الملوثة، حيث يحمل الهواء الكثير من الملوثات والعوامل المضرة والكيميائية التي تسبب الكثير من الضرر للرئتين. تلوّث الهواء يعتبر من أهمّ المخاطر البيئية المحدقة بالصحة؛ وفي هذا الإطار، تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن 9 من بين كل 10 أشخاص يتنفسون هواءً يحتوي على مستويات عالية من الملوثات. كما أن تعرض غير المدخنين للتدخين السلبي باستمرار هو احد عوامل الإصابة ايضا، إذ ان بعض الدراسات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية أوضحت أن الأشخاص الذين يتعرضون لدخان السجائر سواء في المطاعم او المقاهي او المنزل، هم أيضا يمكن أن يعانوا من مشاكل المدخنين ومنها سرطان الرئة.

ليس التدخين فقط، بل يمكن لسرطان الرئة أن ينتج عن التهابات تصيب الرئتين أو الجهاز التنفسي نتيجة التقاط عدوى معينة تؤثر سلباً على هذا الجهاز في الجسم، وبالتالي يمكن أن تتفاقم وأن تؤدي الى الإصابة بسرطان الرئة التي يعتبر خطراً جداً على الصحة، ولا يمكن الشفاء منه بسهولة.

كما أن استنشاق بعض المواد السامة والخطرة يمكن أن يؤدي للإصابة بسرطان الرئة، خصوصاً إن كان هذا التعرض يومياً أو بطريقة مستمرة ومتواصلة، وبالتالي يجب التنبه الى هذه الأمور والابتعاد عن كل ما يمكن أن يكون مضراً بالرئتين.

عوامل الخطورة

تتضمن العوامل الخطيرة التدخين والتدخين السلبي أو التعرض لجو مليء بالدخان، أو التعرض لغاز الرادون الذي يتم إنتاجه عن طريق التحطم الطبيعي لمادة اليورانيوم في التربة والصخور والماء، والذي بدوره يصبح جزء من الهواء الذي نتنفس، والتعرض للمواد الضارة المسببة للسرطان، حيث ان بعض بيئات العمل تتعرض للمواد الضارة المسببة للسرطان، مثل مادة الكروم والنيكل والزرنيخ ما يؤدي لزيادة خطورة تطور سرطان الرئة، خاصةً إذا رافق ذلك التدخين. وفي بعض الأحيان العامل الوراثي والتاريخ العائلي للمريض. في بعض الحالات المرضية، فان العوارض التي تظهر على المريض تشبه الى حد ما اعراض لأمراض رئوية أخرى أقل في خطورتها من سرطان الرئة مثل التهاب الرئة، ما يجعل من الصعب على الطبيب تشخيص الحالة. وغالبا ما تكون علامات سرطان الرئة مزمنة ولكنها تظهر بشكل مفاجئ.

السعال المزمن الذي لا يستجيب للعلاج والمصحوب عادة بإفرازات مخاطية (البلغم) وقد يكون اصفر اللون أو بنيا مع خروج دم أثناء السعال؛ وكذلك قد يشعر المصاب بسرطان الرئة بضيق النفس والألم الحاد او المزمن في الصدر والذي يسوء عند الشهيق والحركة. يعتبر نفث الدم الناتج لنزيف الرئة ايضا من علامات سرطان الرئة، وكذلك التهاب الرئة وصوت الصفير خاصة عند زفير المريض هي من أبرز الأعراض. كما يوجد علامات أخرى تدل على سرطان الرئة وهي فقدان الوزن والشهية، التعب والإرهاق المستمر والحرارة المرتفعة.

مع انتشار سرطان الرئة للأعضاء المجاورة، تظهر علامات أخرى على المريض وتشمل صعوبة في البلع نتيجة انتشار سرطان الرئة الى المريء او ضغطه عليه، بحة الصوت نتيجة انتشار الورم السرطاني لأعصاب الحنجرة او الضغط عليها، ضيق النفس والحازوقة والألم في الصدر. يعاني المريض كذلك من ضمور في عضلات اليد نتيجة لضغط الورم السرطاني على أعصاب اليد، متلازمة الوريد الأجوف التي تؤدي لانتفاخ الوجه واليدين، بروز الأوردة في الصدر والانتفاخ في الرقبة.

مراحل المرض

كلما تقدمت مرحلة الإصابة ازدادت الصعوبة في العلاج، ويتم تصنيف مرحلة المرض وفقا لحجم الورم السرطاني وموقعه، وكذلك مدى انتشار الورم الى العقد الليمفاوية او أنسجة في الصدر، ووجود نقائل وانتشار الورم الى أعضاء أخرى. تجدر الإشارة في هذا الإطار الى ان طبيعة سرطان الرئة تنقسم الى نوعين؛ الأول هو سرطان الرئة ذو الخلايا الغير صغيرة  (None Small Cell Lung Cancer – NSCLC) والثاني هو سرطان الرئة ذو الخلايا الصغيرة (Small Cell Lung Cancer).

الورم السرطاني ذو الخلايا الغير صغيرة ينقسم الى أربع مراحل هي:

  1. المرحلة الأولى: يكون الورم السرطاني محدودا فقط داخل الرئة او الرئتين وغير منتشر الى الغدد الليمفاوية او الى أعضاء أخرى، وتعتبر هذه المرحلة ذات أفضل نسبة شفاء من بين المراحل.
  2. المرحلة الثانية: ينتشر الورم عبر النقائل (metastasis) الى غدد ليمفاوية مجاورة.
  3. المرحلة الثالثة: يكون الورم منتشرا الى غدد ليمفاوية بعيدة.
  4. المرحلة الرابعة والأخيرة: تعتبر اخطر مرحلة وهي عند انتشار الورم الى أعضاء أخرى مثل الدماغ، العظام، والكبد.

أما سرطان الرئة ذو الخلايا الصغيرة فينقسم الى مرحلتين:

  • سرطان الرئة ذو الخلايا الصغيرة المحدود (Limited): المحدود في جانب واحد من الصدر.
  • سرطان الرئة ذو الخلايا الصغيرة الواسع  (Extensive): حيث ينتشر سرطان الرئة الى جانبي الصدر أو الى أعضاء بعيدة بالنقائل.

يوجد مجموعة من التقنيات التشخيصية للحصول على تشخيص دقيق لسرطان الرئة ومرحلته، وهي:

  • التصوير المقطعي/التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني للتعرف على أي خلل في وظائف الأعضاء أو الأنسجة.
  • التنظير الشعبي بالأمواج فوق الصوتية Endobronchial ultrasound -EBUS للحصول على صور للرئتين والمناطق المحيطة للكشف عن وجود أي أورام، كما يمكن استخدام هذه التقنية للحصول على خزعة من نسيج الرئة.
  • صور رنين مغناطيسي للدماغ والعظام عند الحاجة.
  • اختبارات وظائف الرئة (PFT) لمراقبة التنفس وتقييم عمل الرئتين.
  • فحص خلوي للبلغم، وهو فحص مجهري لخلايا عينة من المادة المخاطية للرئة.
  • تنظير القصبة الهوائية لفحص المجاري الهوائية للرئتين.
  • الشفط بالإبرة عبر الصدر للحصول على عينة من نسيج الرئة لفحصه تحت المجهر.

العلاج

يعتمد العلاج على مرحلة السرطان من خلال التحليل الجيني والذي يبيّن مستقبلات الخلايا للعلاج، ويتم علاجه بأساليب مختلفة، وأحيانا باستخدام علاجات مشتركة من العلاجات الكيميائية والإشعاعية والجراحية. نوع سرطان الرئة، ومدى انتشاره وحجم الورم السرطاني، والصحة العامة للمريض، كلها عوامل على أساسها يتم تحديد نوع العلاج المناسب. وفي هذا الإطار، لابد من الإشارة الى ان رعاية مريض السرطان تتطلب العمل من قبل فريق طبي متكامل ومتعدد التخصصات لعمل خطة علاج شاملة للمريض تجمع بين أنواع مختلفة من العلاجات، وتشمل فرق رعاية مرضى السرطان مجموعة متنوعة من المتخصصين في الرعاية الصحية مثل مساعدي الأطباء، وممرضات الأورام، والأخصائيين الاجتماعيين، والصيادلة، والمستشارين، وأخصائيي التغذية، وغيرهم. العلاجات الموجهة الحديثة لمرض السرطان كان لها الدور الفاعل في انقاذ حياة مرضى سرطان الرئة، حيث بات من الممكن إعطاء المريض العلاج الامثل لحالته والوصول مباشرة الى الورم فيتجنب الآثار السلبية لعلاجات الأورام، فبات امام المريض فرصة لإطالة أمد الحياة. كما يمكن اللجوء الى المعالجة المناعية وتسمى أيضاً المعالجة الحيوية التي تهدف إلى تحفيز الجهاز المناعي للمريض كي يتعرّف على السرطان ويحاربه بصورة أكثر فعالية. في حال انتشر السرطان على نطاق واسع بشكل لا يسمح للجراحة أو العلاج الإشعاعي أن يكون فعالاً، فعادةً يلجأ الطبيب المعالج الى العلاج الكيميائي الذي يُعطى بطرق بعدة طرق حسب نوع الورم والمرحلة ونوع الخطة العلاجية وحسب ما يجده الطبيب مناسباً بناءً على بروتوكولات وأنظمة موضوعة عالمياً.

فقد يعطى عن طريق محاليل وريدية أو على شكل حبوب أو حقن تُعطى مباشرة في العضل أو الظهر لعدد معين من الدورات العلاجية. وتعتمد الآثار الجانبية للعلاج الكيميائي على الشخص والجرعة المستخدمة، وقد تشمل التعب العام والتعرض للالتهابات، والغثيان والتقيؤ، وسقوط الشعر، وفقدان الشهية، والإسهال. وغالباً ما تختفي هذه الآثار الجانبية عند انتهاء فترة العلاج.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى