أمراض وعلاجات

سرطان الأطفال

سرطان الأطفال

كيف نتعامل مع الطفل نفسيا وعلاجيا؟ وما هي قابلية الشفاء؟

ارتفعت قابلية الشفاء من مرض السرطان لا سيما لدى فئة الأطفال والمراهقين بفضل التطورات الطبية المذهلة التي شهدها الطب على مستوى التشخيص والعلاج، والمستقبل يعد بالمزيد حيث أن الأبحاث العلمية مستمرة على قدم وساق.

في المقابل، لا يوجد إجابة علمية واضحة تبرّر إصابة طفل ما بمرض السرطان؛ فالأطفال كما الكبار يصابون بهذا المرض الخبيث حيث يجد الأهل وكذلك الطبيب وفريق العمل صعوبة في التعامل مع هذه الفئة العمرية وكيفية إخباره بحقيقة مرضه وما سوف يخضع له من علاجات ومضاعفات خلال رحلته مع المرض. من هنا، نشأت مستشفيات خاصة أو أقسام ضمن المستشفيات مخصصة فقط لمرضى السرطان الذي يصيب الأطفال دون سواهم، حيث تم تجهيزها بشكل يتلاءم مع متطلبات هذه الفئة العمرية إلى جانب وجود فريق من مقدمي الرعاية الطبية يجيد التعامل مع الأطفال من مرضى السرطان.

ورغم أن السرطان يصيب البالغين والأطفال على حد سواء، إلا أنه يختلف بعض الشيء في مرحلة الطفولة حيث ترتفع نسب الشفاء في حال حصول الطفل على الرعاية الطبية اللازمة لحالته. لا توجد علاقة قوية بين العوامل البيئية والتدخين والتلوث وبين إصابة الطفل بالسرطان على عكس البالغين، بل يحدث نتيجة تغيرات في الحمض النووي في الخلية خلال المراحل الجنينية. ومن أسباب الإصابة وجود اضطرابات جينية نادرة او تعرض الطفل أو الأم خلال فترة الحمل للإشعاعات الأيونية. 

كيف تنشأ؟

أمراض السرطان عند الأطفال تنشأ من خلايا لها طابع جنيني جزئيا وبالتالي فهي أكثر عرضة للخطر، أما أنواع السرطان عند الكبار فهي تنشأ من أنسجة مختلفة وناضجة جدا وبالتالي يكون لها آليات أكثر لمقاومة العقاقير والأدوية. السرطان عند الأطفال والمراهقين له علاقة بالنمو والتطور أي المزيد من الانقسام الخلوي. وعند انقسام الخلايا يمكن أن تحدث بعض الأخطاء المسببة لأمراض السرطان وخاصة داخل الخلايا التي تتطور فيها الأنسجة بشكل سريع. 

والجدير بالذكر أن النظام سريع التطور داخل الجسم هو الجهاز المناعي، والذي ينشط بشكل كبير عند مرحلة الطفولة والمراهقة. ومن جهة أخرى فإن جهاز المناعة يتكون في معظمه من الغدد الليمفاوية، وحوالي نصف حالات السرطان عند الأطفال تتمثل في سرطان الغدد الليمفاوية أو سرطان الدم، بالإضافة إلى سرطان العظام لدى المراهقين لأنها تنمو بشكل سريع جدا خلال فترة البلوغ. قد يصعب في سرطانات الأطفال التعرف عليها او اكتشافها مبكرا نظرا لتشابه الأعراض المبكرة للمرض مع أمراض أخرى تصيب الأطفال كالحمى او الإصاب بكدمات. وهنا يأتي دور الأهل بضرورة التنبه لأي عارض خارج عن المألوف يصيب الطفل والتوجه الفوري الى الطبيب المختص لإجراء الفحوصات ولا يجب إهمال المتابعة الدورية مع طبيب الأطفال الخاص.

من أبرز الأعراض التي تستدعي القلق لا سيما اذا استمرت لوقت طويل هي:

  • تضخم أو تورم في مناطق معينة في الجسم.
  • حمى غير مبررة ومستمرة.
  • مرض الطفل بشكل مستمر وبدون مبرر واضح.
  • شحوب غير مبرر مع فقدان الطاقة.
  • ألم مستمر في مكان معين.
  • التعرض للكدمات بسهولة.
  • فقدان الوزن من دون وجود مبرر.
  • تغير مفاجئ في البصر.
  • صداع مستمر يترافق مع التقيؤ.

أما أبرز أنواع السرطان التي يمكن ان تصيب الأطفال من عمر يوم الى عمر 19 عاما هي أنواع سرطان الدم (اللوكيميا) وسرطان الدماغ وأورام الغدد الليمفاوية والأورام الصلبة، مثل ورم الأرومة العصبية وورم ويلمز. التشخيص المبكر والدقيق للحالة والحصول على العلاج اللازم أسهما في نجاة الكثير من الأطفال من براثن المرض وعاشوا حياتهم الطبيعية.

التعامل مع الطفل

المشكلة التي يواجهها الأهل هي كيفية التعامل مع الطفل والتخفيف من آلامه ومعاناته، وهو ما يتطلب التدخل من قبل الفريق الطبي بالتعاون مع ذوي المريض لأن المرض لا يؤثر فقط على جسم الطفل بل على نفسيته أيضا. أولى النصائح التي ينبغي على الأهل تطبيقها هي عدم إظهار حزنهم أمام الطفل بل يجب إظهار الفرح وعدم القلق على الإطلاق مع تحفيز الطفل على القيام بنشاطات يحبها وعدم عزله عن محيطه قدر الإمكان، خصوصا ان المستشفيات المخصصة للأطفال تقوم بنشاطات ترفيهية عدة وتُشرك فيها جميع الأطفال المرضى لما لذلك من أثر إيجابي على نفسية الطفل وبالتالي على نجاح العلاج الطبي. وفي تلك المستشفيات أيضا، هناك فرق دعم ومساندة تقدم الدعم النفسي للمرضى وتعطي نصائح للأهل حول كيفية التعاطي مع الطفل المريض وكيفية الإجابة على أسئلته. كما أن وجود أشخاص حول المريض له أهمية كبيرة في رحلة العلاج لكي لا يشعر بالوحدة وما يمكن أن ينتج عنها من أفكار سوداوية، ومن المفيد التواصل مع مجموعات الدعم المعنوي في هذا الوقت الحرج. على أفراد الأسرة جميعا ان يتكاتفوا فيما بينهم، وليس فقط الأم والأب، من أجل تقديم الدعم النفسي والمساندة للطفل لكي لا يشعر أن مرضه يؤثر على نمط حياته او حياتهم. أسرة الطفل المصاب بالسرطان ينبغي عليها التحلي بالقوة والإيمان والصبر من أجل الاستمرار في رحلة المقاومة ضد المرض.

المعاناة الحقيقية تكمن عند تساقط شعر الطفل إثر خضوعه للعلاج الكيميائي، وهنا على الفريق الطبي وكذلك الأهل إخبار الطفل قبل الوصول الى هذه المرحلة لكي لا ينصدم ويجب أيضا إقناعه بأنها مرحلة مؤقتة وهي إحدى مضاعفات العلاج التي سرعان ما ستزول مع زوال المرض أي أنها فترة مؤقتة. فمن الأسباب الرئيسية التي تجعل السرطان مرعبا هو ما يحدث من تغير جسدي أثناء تلقي العلاج مثل تساقط الشعر وفقدان الوزن والندوب المحتملة والتغير الذي قد يصيب جزءا من الجسم بعد الجراحة، فالاحتمالات كثيرة حسب نوع السرطان ومراحله.

على أفراد الأسرة التقليل من مخاوف الطفل والحرص على إحاطته بجو عائلي خلال تواجده في المستشفى وابتعاده عن البيت. فالدعم النفسي والمعنوي للمريض ومساعدته لتخطي محنته وتقبّل الوضع الجديد هو جزء أساسي في نجاح العلاج، مع ضرورة أن يعلم الطفل ما يتوافر اليوم من علاجات متطورة تجعل إمكانية الشفاء والعودة الى الحياة الطبية أمرا ممكنا وما عليه سوى تحمل فترة العلاج. أهم ما في الأمر عدم التعامل مع الطفل بالشفقة او إظهار الحزن والقلق أمام الطفل، فالتفاؤل واللعب والضحك مع الطفل يسهم بشكل كبير في تحسين نفسيته وتقبّله لحالته الجديدة بحيث ينبغي اغتنام أي فرصة لإدخال البهجة والسرور على حياة الطفل.

لوكيميا…

أكثر أنواع السرطانات انتشارا بين الأطفال

لوكيميا او ابيضاض الدم هو أكثر السرطانات انتشارا بين الأطفال دون الخمسة عشر عاما؛ إنه مرض خبيث يصيب نخاع العظم وينتشر عن طريق الدم ليصيب الأعضاء الأخرى من الجسم. الكشف المبكر يسهم إلى حد كبير برفع معدلات الشفاء، وبعض أنواع اللوكيميا تظهر بعض العلامات والأعراض التي يمكن ملاحظتها على الطفل لكن ليس في جميع الحالات. 

يبدأ سرطان الدم في نقيّ العظم من خلال تشكّل خلايا دم بيضاء سرطانيّة، وعلى الرغم أنّ معظم حالات اللوكيميا تصيب خلايا الدم البيضاء إلّا أنّه يوجد بعض الأنواع الأخرى من اللوكيميا التي تحدث نتيجة تحول أنواع أخرى من خلايا الدم إلى خلايا سرطانيّة، ويؤدي نمو خلايا اللوكيميا بشكل عشوائيّ وعدم موتها بشكلٍ طبيعيّ مثل باقي الخلايا الطبيعيّة إلى تجمّعها في نقيّ العظام، ومزاحمتها لخلايا الدم الطبيعيّة.

تبدو عوارض مرض اللوكيميا على الأطفال بسبب المشاكل التي يتسبب بها نخاع العظم حيث يبدأ المرض ويتسبب باختلال بتكون كريات الدم البيضاء وقلة عدد صفائح الدم المتكونة، مسببا بذلك الكثير من الأعراض والعلامات التي تبدو على الطفل وربما لا يكترث لها الاهل إلا انها تنذر ببداية نشوء السرطان، وهي:

الكدمات وهي ما لا يتنبّه له الاهل لأن الأطفال يمضون الكثير من الوقت باللعب ويتعرضون للوقوع والإصابة بالكدمات، لكن أن يصاب الطفل بكدمات من أبسط الإصابات وربما من دون الوقوع فهي علامة تستدعي القلق لأنها من علامات الإصابة بسرطان الدم.

الأنيميا أو  فقر الدم الذي يحدث نتيجة انخفاض كريات الدم الحمراء بالجسم، ما يسبب الوهن والتعب والدوخة وفقدان الشهية، وتعد الأنيميا أحد المؤشرات الخطيرة على الإصابة بسرطان الدم.

نزيف الأنف بشكل مستمر ومن دون وجود سبب واضح كالتعرض لضربة شمس او إصابة الأنف هو عارض يستدعي القلق لأنه مؤشر على الإصابة بسرطان الدم حيث تكون الشعيرات الدموية في الأنف أضعف وتميل إلى الانفجار بسهولة عندما يتعرض الأطفال لهذا المرض.

فقدان الشهية لفترات طويلة هو دليل على أن الخلايا المدمرة نتيجة المرض تراكمت في المعدة والطحال، الأمر الذي يحد من إفراز الأمعاء للعصائر الهضمية، ما يترتب عليه عدم شعور الطفل بالجوع.

الإصابة بالعدوى والأمراض بشكل متكرر لأن السرطان يضعف المناعة ويؤثر على خلايا الدم البيضاء فيبدأ بتدميرها ببطء، وخلايا الدم البيضاء مهمة جدا في اكتشاف الأمراض والعوامل المسببة للعدوى.

التورم في أجزاء من جسم الطفل مثل الإبطين والمفاصل والعنق، والترقوة، ما يعتبر مؤشرا على الإصابة بسرطان الدم لأن الخلايا السرطانية تؤثر على الغدد الليمفاوية الموجودة في هذه المناطق من الجسم مسببة تورمها.

آلام المعدة الحادة من دون وجود عسر هضم او مشاكل في الجهاز الهضمي، فذلك دليل على الإصابة بسرطان الدم الذي يؤثر على أنسجة المعدة.

مشاكل في التنفس لأن الخلايا السرطانية تؤثر على خلايا الرئة وتعمل على تدميرها، ما يسبب مشاكل في الجهاز التنفسي مثل صعوبة التنفس والصفير عند الأطفال.

آلام المفاصل نتيجة تراكم الخلايا السرطانية في الدم حول المفاصل ما يسبب في حدوث التهاب وألم في الركبتين والمرفقين والظهر وغيرها بشكل مستمر.

أورام الدماغ عند الأطفال

تعد أورام الدماغ لدى الأطفال في غالبيتها من الأورام الأولية  أي أنها تنشأ في الدماغ عندما تحتوي الخلايا العادية على أخطاء أو طفرات في حمضها النووي، تسمح للخلايا بالنمو والانقسام بمعدلات مرتفعة والاستمرار في العيش في حين تموت الخلايا السليمة. ينتج عن ذلك كتلة من الخلايا غير الطبيعية التي تشكل ورما.

هناك أنواع معينة من أورام الدماغ، مثل الورم الأرومي النخاعي أو الورم البطاني العصبي، أكثر شيوعًا في الأطفال. سبب الإصابة غير معروف ولكن قد يزيد التاريخ العائلي من الإصابة بأورام الدماغ أو التاريخ العائلي من الإصابة بالمتلازمات الوراثية من خطر الإصابة بأورام الدماغ في بعض الأطفال، على الرغم من عدم شيوع ذلك.

من أبرز أنواع اورام الدماغ عند الأطفال:

  • الأورام المضغية.
  • الورم الأرومي النخاعي.
  • الورم البطاني العصبي.
  • الورم الدبقي.
  • الورم الصنوبري الأرومي.
  • الورم القحفي البلعومي.
  • سرطان الضفيرة المشيمية.

هذا التعدد في أنواع سرطان الدماغ يجعل الأعراض مختلفة من طفل لآخر بحسب الحالة الصحية والمرحلة العمرية، رغم أنها قد تتشابه فيما بينها مع أعراض الأمراض الأخرى، لذا ينبغي عمل الفحوصات اللازمة واستخدام الأساليب الحديثة للكشف عن سرطان الدماغ ونوعه ونسبة مخاطره.

بشكل عام، تتمثل أعراض سرطان الدماغ لدى الأطفال على النحو التالي:

  • ألم شديد في الرأس.
  • ازدواجية في الرؤية.
  • إحساس بزيادة الضغط في الرأس.
  • انتفاخ الغدة اللمفاوية.
  • تورم أي جزء في الجسم بدون سبب.
  • صعوبة في التركيز.
  • ضعف في المشي.
  • عدم القدرة على الكتابة.
  • التقيؤ باستمرار وارتفاع درجة الحرارة بدون سبب.

سرطان الغدد الليمفاوية عند الأطفال

هو نموّ غير طبيعي للخلايا يبدأ في الأنسجة الليمفاوية، حيث أن الجهاز الليمفاوي هو جزء من جهاز المناعة في الجسم لدى الأطفال والبالغين، وهناك نوعان من سرطان الغدد الليمفاوية أورام هودجكين، وأورام غير هودجكين. قد تنشأ الخلايا السرطانية في النخاع العظمي أو في العقد الليمفاوية أو الطحال أو اللوزتين أو الغدة الزعترية أو أية أنسجة ليمفاوية أخرى، إضافة إلى الأوعية الليمفاوية التي تصل بينها، على أن يتم تحديد نوع السرطان من خلال الفحص المخبري للخلايا غير الطبيعية بعد أخذ خزعة مستخلصة من أنسجة المريض. سرطان الغدد الليمفاوية هودجكين هو الأكثر شيوعاً في مرحلة البلوغ المبكر والمتأخر، وأكثر  الأعراض شيوعاً تضخم غير مؤلم في الغدد الليمفاوية (وهي حالة تُعرف باسم الغدد المتورمة) في الرقبة، أعلى الترقوة، في منطقة الإبط، أو في الفخذ. إذا كانت ليمفوما هودجكين تنطوي على الغدد الليمفاوية في وسط الصدر، فقد يتسبب الضغط الناتج عن هذا التورم في حدوث سعال غير معروف أو ضيق في التنفس أو مشاكل في تدفق الدم من وإلى القلب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى