سرطانات الثدي والجهاز التناسلي
سرطانات الثدي والجهاز التناسلي
45 ٪ من مجمل السرطانات التي تصيب النساء
هو خطر يتربّص بكل امرأة لمجرد كونها أنثى؛ سرطانات الجهاز التناسلي وسرطان الثدي هي أكثر أنواع السرطانات انتشارا بين النساء بنسبة تقدر نحو 45 بالمائة من مجمل الأورام الخبيثة التي تصيب النساء عموما. في المقابل، لم يعد خافيا حجم التطور الذي شهده الطب على مستوى وسائل التشخيص وسبل العلاج؛ إلا أن الوقاية دائما هي الأفضل نظرا لوجود بعض الأنواع من السرطانات التي تتطور ببطء من دون ملاحظة أي عوارض تذكر إلا بعد انتشار المرض. سرطان الثدي، سرطان عنق الرحم، وسرطان بطانة الرحم، وسرطان المبيض هي أكثر السرطانات النسائية انتشارا.
هناك بعض الأعراض التي قد تشعر بها المرأة والتي تكون بمثابة إنذار يدل على وجود مشكلة صحية او مرض ما، وفي هذه الحالة يتوجب على المرأة التوجه فورا لدى الطبيب النسائي من اجل القيام بالإجراءات الطبية اللازمة والكشف المبكر، ما من شأنه أن يحد من تفاقمها. إن تجاهل أي عارض غير مألوف يسهم في تغلغل المرض أكثر وبالتالي فشل العلاج الطبي. لعل ابرز الأعراض التي تدل على وجود مشكلة صحية ما او ربما سرطان في الجهاز التناسلي وجود نزيف بين الدورتين أي خارج أوقات الدورة الشهرية المعتادة؛ ربما يكون السبب حالة مرضية عابرة وربما أكثر، ولكن وحده الطبيب هو من يحدد ذلك. إضافة الى هذا العارض، فقد تلاحظ المرأة وجود انتفاخ في البطن او منطقة الحوض يرافقه آلام شديدة، او قد تعاني بعض النساء من فقدان غير مبرر للوزن مع فقدان للشهية.
صحة الثدي هي اليوم مسألة غاية في الأهمية لان الحل الوحيد لتجنب تطور المرض والشفاء التام هو الكشف المبكر. وفور ملاحظة أي تغير في الثدي سواء ظهور أي نتوء او كتلة تغير في لون الجلد ونزول إفرازات من الحلمة، على المرأة التوجه فورا الى الطبيب المختص لإجراء اللازم؛ وذلك فضلا عن ضرورة إجراء صورة الماموغرافي سنويا على صحة السلامة والفحص الذاتي شهريا. ورغم أن وجود واحدة من هذه الأعراض قد تدل على وجود سرطان في الجهاز التناسلي إلا انه ليس بالضرورة، فالمرأة عرضة للالتهابات والفطريات والكثير من المشاكل الصحية في هذه المنطقة. ولكن الأمر يتطلب التدخل الطبي لمعرفة المشكلة وعلاجها على وجه السرعة لان أي إهمال ستكون عواقبه وخيمة والمشكلة سوف تزيد تعقيدا ويصعب علاجها.
سرطان الثدي
عند وجود نمو خارج عن المألوف للخلايا المبطنة لقنوات الحليب او في فصوص الثدي، في الأغلب يكون التشخيص هو وجود ورم خبيث في الثدي. الورم السرطاني قد ينشأ في قنوات نقل الحليب، وأحياناً في الفصوص وبجزء بسيط في بقية الأنسجة. كما يمكن للخلايا السرطانية أن تدخل إلى القنوات الليمفاوية لتنتشر من خلالها إلى أعضاء الجسم الأخرى عن طريق الأوعية الليمفاوية أو الأوردة الدموية. على المرأة أن تعي في هذا الإطار العلاقة الكامنة ما بين وسائل منع الحمل والإنجاب المتأخر وبين الإصابة بسرطان الثدي، حيث أن الحقائق الطبية تشير الى أن تناول حبوب منع الحمل لفترات طويلة او الإنجاب بعد سن الـ35 او البلوغ المبكر كلها عوامل تزيد من احتمالية الإصابة بسرطان الثدي. الكشف المبكر عن الإصابة بسرطان الثدي بات اليوم متوفرا من خلال وسائل التشخيص المتطورة التي تحث عليها حملات التوعية في كل عام، ومن أهمها صورة الماموغرافي المتطورة لاسيما رباعية الأبعاد التي تصور الثدي وتظهره للطبيب وكأنه كتاب بصفحات متعددة تمكنه من الكشف عن المرض مهما كان صغر حجمه. إضافة الى ذلك، فان الفحص الذاتي للثدي الذي تقوم به المرأة كل شهر بعد انتهاء الدورة الشهرية كفيل ايضا في الكشف عن ملاحظة أي تغير في للثديين سواء اللون او دس كتلة ما أو تغيرات في الحلمة وغيرها من الأمور التي تعتبر دلالة تحث المرأة على التوجه فورا للطبيب المختص وإجراء اللازم. على صعيد العلاج، فإن سرطان الثدي كان المرض الأكثر استفادة من التطورات الطبية والتي أسهمت في تسجيل الكثير من حالات الشفاء التام منه وأتاحت الفرصة للسيدات بالعيش لسنوات أطول بعد العلاج.
من أهم التطورات في هذا المجال التوصل الى تقنية تتيح الفرصة للأطباء بتجنب الاستئصال الكامل للثدي والاكتفاء بإزالة الورم فقط، بالإضافة الى إمكانية إخضاع المريض الى عملية ترميم للثدي مباشرة بعد الانتهاء من الجراحة فتخرج المريضة من غرفة العمليات من دون ان تتأذى نفسيا جراء استئصال الثدي وهو ما يسهم الى حد كبير في تجاوبها مع العلاجات التي ستخضع لها وفق ما أثبتته الكثير من الدراسات التي ربطت بين الجانب النفسي للمريضة وتجاوبها مع العلاج. إن ما نود التركيز عليه في شهر المرأة هو انه لا داعي للخوف لان سرطان الثدي لم يعد مميتا لاسيما مع اكتشافه في المراحل الأولى حيث تشير الأرقام الى أن 95 بالمائة من الإصابات يمكن الشفاء منها لمجرد اكتشافها مبكرا.
سرطان عنق الرحم
يصيب هذا النوع من السرطانات عنق الرحم ويصنف بالمرتبة الثانية بعد سرطان الثدي لدى النساء. تكمن المشكلة هنا في عدم ظهور أعراض المرض إلا بعد انتشاره ولا يمكن اكتشافه من قبل المرأة بل هي بحاجة الى المساعدة الطبية بحيث يقوم الطبيب النسائي بعمل مسحة لعنق الرحم وتحليلها للاستدلال على وجود سرطان أو عدمه، ويعد انتشار فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) مسبباً لسرطان عنق الرحم. هذا المرض استفاد أيضا من التطور الطبي، حيث أن إجراء فحص مسحة عنق الرحم سنويا هو إجراء وقائي يكشف عن أي ثآليل قبل تحولها الى سرطانية؛ وأهم انجاز كان اللقاح ضد فيروس الورم الحليمي البشري في مرحلة معينة من العمر كفيل بدوره في توفير الوقاية اللازمة للمرأة. واكتشاف المرض قبل ظهور عوارضه السريرية أي قبل أن تتحول الخلايا الى سرطانية كفيل بالوصول الى الشفاء التام بنسبة 100 %.
أما أبرز الأعراض التي تدل على وجود سرطان بعنق الرحم:
- آلام بالحوض تختلف عن الآلام التي تشعر بها المرأة خلال العادة الشهرية.
- إفرازات مهبلية ذات لون رمادي أو دموي مع رائحة كريهة.
- آلام بأسفل البطن.
- آلام غير طبيعية أثناء عملية الجماع، أو نزيف.
لابد في هذا المجال الحديث عن الالتهابات. النسائية، حيث تعتقد غالبية النساء انها سببا للإصابة بسرطان عنق الرحم؛ وهنا، يوضح الأطباء المتخصصين أن الالتهابات ليست سببا أساسيا في الإصابة بسرطان عنق الرحم إلا أنها تعد مسبباً للإصابة اعتماداً على سبب الالتهاب ذاته، فإذا كان سبب الالتهاب فيروسياً، قد يؤدي إلى الإصابة بسرطان في عنق الرحم. أما علاج سرطان عنق الرحم، فالأمر يعتمد على مرحلة المرض؛ علاج المرحلة الاولى يعتبر الأكثر نجاحا حيث يلجأ الأطباء الى الجراحة لاستئصال الرحم او بعض الحالات قد يكون علاجها عبر استخدام الليزر او آلية التبريد للقضاء على السرطان وذلك يعتمد على مدى انتشار المرض داخل الرحم. في مراحل المرض المتقدمة، فالمريضة هنا بحاجة الى علاج كيميائي الذي يتم من خلال استخدام عقاقير مضادة للسرطان تنتقل في كل مواضع الجسم للقضاء على الخلايا السرطانية بما فيها تلك التي انتشرت وبلغت الأعضاء البعيدة عن عنق الرحم. بعض الحالات المتقدمة ايضا قد يتم اللجوء للعلاج الإشعاعي الذي يستخدم أشعة ذات طاقة عالية لتقليص حجم الأورام بتدمير قدرة الخلايا السرطانية على التكاثر.
سرطان بطانة الرحم
بداية الحديث عن سرطان بطانة الرحم تستدعي التمييز بينه وبين سرطان عنق الرحم؛ الفرق هو في سبب الإصابة، حيث أن سبب الإصابة بسرطان عنق الرحم هو فيروسي، أما سبب سرطان بطانة الرحم فلا علاقة له بالفيروسات؛ السبب الأكثر شيوعا لسرطان بطانة الرحم هو وجود الكثير من هرمون الاستروجين مقارنة بهرمون البروجسترون في الجسم، هذا الخلل الهرموني يجعل من بطانة الرحم أكثر سمكا ما يتيح الفرصة لنمو الخلايا السرطانية في النمو. يبدأ سرطان بطانة الرحم في طبقة الخلايا التي تُشكل بطانة الرحم، وفي بعض الأحيان يُطلق عليه اسم سرطان الرحم. من أكثر أنواع سرطانات بطانة الرحم شيوعاً هو السرطان الشبيه ببطانة الرحم الذي يصيب النساء بعد انقطاع الطمث أو ما يعرف بـ (سن اليأس)، وينتج عن فرط إفراز الاستروجين في الجسم، ما يؤدي إلى حدوث فرط تنسج في بطانة الرحم، عادة ما يظهر بصورة نزف مهبلي، وتحصل أغلب حالات سرطان الرحم في الجيل ما بين 50 و65 عاماً، وفقط 5% من الحالات، تحدث لدى النساء اللواتي أعمارهن أقل من 40 عاماً.
وتماما كما سرطان عنق الرحم، فإن الفحص الدوري كفيل في الوقاية من أي سرطان يمكن أن يصيب الرحم، وكذلك تجنب السمنة وزيادة الوزن لدى المرأة من أهم العوامل التي تحول دون الإصابة على أن يترافق ذلك مع ممارسة الرياضة والحفاظ على الوزن المثالي. من علامات الإصابة بسرطان بطانة الرحم النزيف المهبلي في وقات غير موعد نزول الدورة الشهرية. التوجه الفوري لدى الطبيب للقيام بالفحوصات اللازمة والتشخيص السريري كفيل في الكشف عن المرض وعلاجه سريعا، وتشير الأرقام في هذا المجال الى أن حوالى 70 بالمائة من الحالات يتم كشفها مبكرا إلا الحالات التي تهملها المرأة فبالتأكيد سوف يستفحل المرض وينتقل من الجهاز التناسلي الى أعضاء الجسم الأخرى. هناك بعض العوامل التي يمكن أن تزيد من خطر الإصابة، منها حدوث تغيرات في توازن الهرمونات الأنثوية أي الإستروجين والبروجستيرون ما يسبب في تغيرات في سماكة بطانة الرحم، ومن العوامل ايضا بدء الدورة الشهرية في سن مبكر وتأخر انقطاع الطمث لأن زيادة عدد الدورات الشهرية.
وتزداد احتمالات الإصابة بسرطان بطانة الرحم لدى النساء اللاتي لم يسبق لهن الحمل. مع التقدم في السن، تزداد خطورة الإصابة بسرطان بطانة الرحم؛ وتحدث أغلب الإصابات بسرطان بطانة الرحم لدى النساء الأكبر سنًا اللاتي مررن بمرحلة انقطاع الطمث. كما تزيد السمنة من مخاطر الإصابة بسرطان بطانة الرحم، حيث أن دهون الجسم الزائدة تعمل على إحداث تغيرات في هرمونات الجسم. كما يزداد خطر الإصابة بسرطان بطانة الرحم لدى النساء المصابات بسرطان الثدي اللاتي يتناولن عقار العلاج الهرموني تاموكسيفين. مع الإشارة هنا الى أن فوائد تاموكسيفين تفوق الخطورة الضئيلة للإصابة بسرطان بطانة الرحم.
سرطان المبيض
سبب الإصابة بسرطان المبيض غير معروف حتى الآن، ولكن هناك عوامل خطر تزيد من فرص الإصابة مثل العمر وتاريخ الحمل، والعوامل الهرمونية. لكن مشكلة هذا المرض تكمن في انه يصيب عضواً داخلياً وبالتالي لا تنتج عنه أعراض واضحة تلفت نظر المرأة في أولى مراحل المرض؛ وبالتالي قد لا تظهر أي أعراض حتى مراحل متأخرة. ومن علاماته الانتفاخ في البطن أو التورم، الرغبة المتكررة في تناول الطعام، خسارة الوزن، عدم الراحة في منطقة الحوض، تغيرات في وظيفة الأمعاء مثل الإمساك، والحاجة المتكررة للتبول.
هناك بعض الأعراض التي قد تكون مؤشر لسرطان المبيض مثل:
- آلام في الحوض.
- الإحساس بالضغط في منطقة البطن.
- آلام أسفل الظهر.
- عسر هضم دائم، غازات وغثيان.
- تغير في أداء الأمعاء مثل الإمساك.
- تغير في عمل المثانة.
- فقدان الشهية.
علاج سرطان المبيض في العادة يعتمد على الجمع بين الجراحة والعلاج الكيميائي. ولكن اختيار العلاج المُناسب يعتمد على حالة المريضة وأمراضها السابقة وكذلك مرحلة سرطان المبيض وغيرها من العوامل. ولا يتم استخدام العلاج بالأشعة لعلاج سرطان المبيض وذلك بسبب عدم نجاعته، ولكن هناك إمكانيات علاج أخرى لعلاج سرطان المبيض كالمُعالجة المناعية والأدوية المضادة لنمو الأوعية الدموية، لكنها لا تزال قيد البحث. وتكون الجراحة عادة لإزالة المنطقة المصابة بالسرطان؛ وفي حال كان المرض في مراحله المتقدمة، يستأصل الطبيب عندها كلا المبيضين وقناتي فالوب، والرحم وكذلك الغدد الليمفاوية القريبة والأنسجة الدهنية من البطن حيث غالبا ما ينتشر سرطان المبيض الى هذه الأماكن.