زرع الأعضاء
زرع الأعضاء
طوق النجاة عندما يفشل العضو المصاب
تعكس عمليات زرع الأعضاء التطور الطبي المذهل والعلاجات الحديثة التي تهدف الى تبديل العضو التالف بآخر سليم، وهو إجراء طبي كفيل في إنقاذ المريض من الموت المحتوم. الطب الحديث اليوم سجل نجاحات عدة في مجال زرع الأعضاء وباتت هذه العمليات، الى حد ما، روتينية في بعض المراكز الطبية والمستشفيات المتطورة في الخليج ومنطقة الشرق الأوسط وبتنا نسمع عن الكثير من الانجازات في هذا الشأن.
هذا النوع من العمليات ليس بالأمر البسيط، بل ان العمل الجراحي هنا معقد ويحتاج الى خبرة ومهارة عالية حيث ان الجراح هنا يتعامل مع مريضين، المتلقي والمتبرع ما يحتم وجود فريق عمل طبي متكامل في غرفة العمليات. زراعة الأعضاء من متبرعين أحياء يتيح الفرصة لعدد أكبر من المرضى بتجنب مضاعفات مرضهم بدلا من الانتظار، كما يسمح وجود متبرع حي لمتلقيّ الأعضاء المزروعة تجنب المضاعفات الصحية المتعلقة بانتظار الزراعة.
زراعة الكلى
تعتبر عملية زراعة الكلى هي العلاج النهائي لمرض الفشل الكلوي الذين يعانون من عذاب الغسيل الكلوي وهي السبيل الوحيد لإنقاذ حياتهم؛ هذا النوع من العمليات شهد تطورا ملحوظا في السنوات الاخيرة الى أن بات أمرا روتينيا لدى الكثير من الجراحين في البلدان العربية، حيث يمكن الحصول على كلية من متبرع حي او متبرع متوفى.
نجاح العملية يتطلب خطوات عدة قبل العملية وخلالها وما بعدها والتحضير الجيد والدقيق للمريض والمتبرع كفيل في إنجاحها. فالمتبرع الحي يتم إخضاعه لفحوصات طبية شاملة لمعرفة مدى التطابق بينه وبين المريض، أما الحصول على كلية من متبرعٍ متوفى، فيتم الأمر بعد أخذ موافقة ذويه ثم يتم اختيار المريض المناسب من لائحة المرضى المسجلين على قائمة الانتظار اعتمادا على الأولوية وذلك بحسب الوضع الصحي.
يتم زرع الكلية في الجهة اليمنى من أسفل تجويف البطن حيث يتم توصيلها بشريان ووريد الحوض الأيمن كما يتم توصيل الحالب بالمثانة البولية في عملية تستغرق عادة حوالي ثلاث ساعات. ويكون من المتوقع ان يبدأ إدرار البول فور توصيل الكلية المأخوذة من متبرع حي بينما قد تحتاج الكلية المأخوذة من متوفى بعض الوقت لتبدأ العمل بكفاءة تامة. تستغرق هذه العملية الجراحية ما لا يقل عن خمس ساعات، يقوم خلالها الجراح بعمل شق جراحي في أحد جانبي البطن من الأسفل، أعلى مستوى عظمة الورك، ليتم بعد ذلك فصل العضلات الموجودة بدقة شديدة حتى الوصول إلى الكلية؛ ثم يقوم بفصل الأوردة والشرايين الكلوية المتصلة بالكلية المعطوبة وإعادة توصيل هذه الأوعية الدموية بالكلية الجديدة. هذا الجزء من العملية يعتبر الأكثر صعوبة وتعقيدا. إلا ان الأمر لا ينتهي عند هذا الحد، بل يتوجب على المريض البقاء تحت الإشراف الطبي المكثف في مرحلة ما بعد العملية في المستشفى حوالي أسبوعين يقوم الطبيب خلال هذه الفترة بضبط نسبة السوائل والأملاح، وأهم ما في الأمر هنا أدوية المناعة لكي يتقبل الجسم هذا العضو الجديد ولا يحاربه. بعد الخروج من المستشفى، يستمر المريض في تناول بعض الأدوية مع ضرورة التنبه جيدا لغذائه ونمط حياته فضلا عن الفحوصات الدورية التي ينبغي القيام بها كل فترة للتأكد من ان كل شيء على ما يرام.
ان من أكثر المشاكل التي يمكن ان يعاني منها المريض بعد ان يخضع لعملية زرع الكلى هي رفض الجهاز المناعي لهذا العضو الجديد ومحاربته على اعتبار ان جسم غريب دخل الى الجسم. وعليه، من الضروري أن يتناول المريض الأدوية المانعة لرفض الكلية والتي تعمل على تخفيض مناعة الجسم لمنع رفض الكلية، وفي الوقت نفسه يجب الإبقاء على قدر من هذه المناعة لمحاربة الميكروبات المختلفة. لهذا، فإن الطبيب المعالج يقوم بعمل الفحوصات الدورية للتأكد من نسبة هذه الأدوية في الدم ومدى فاعليتها وعليه يحاول وزن المعادلة الصعبة للمحافظة على الكلية ومنع حدوث العدوى. مناعة الجسم في الأشهر الستة الأولى بعد عملية الزرع يجب ان تكون اقل ما يمكن، على أن يتناول المريض خلال هذه الفترة أدوية مضادة للفيروسات والبكتيريا والفطريات للحد من إمكانية التقاط العدوى بما ان المناعة المنخفضة؛ وعلى المريض هنا تجنب الاختلاط والأماكن المزدحمة وتجنب التواجد من شخص مريض والحرص على تناول الطعام الصحي. يستمر المريض بتناول الأدوية المثبطة للمناعة مدى الحياة لأن مسألة رفض الجسم للكلية قد يحدث في أي وقت ومن دون سبب مفهوم؛ من هنا، فان من الضروري أن يبقى المريض مراقبا ويخضع لفحوصات دورية كل ثلاثة أشهر.
زراعة القلب
يلجأ الأطباء الى زراعة القلب في حالات قصور القلب الشديد وعندما تفشل جميع العلاجات الأخرى في القيام بالتحسينات المتوقعة. ولكن وعلى عكس الكبد والكلى والقرنية والرئة وغيرها، على المريض هنا أن ينتظر التبرع من متوفى لأنه يستحيل التبرع بقلب من متبرع حي. عملية زرع القلب تسهم في إطالة أمد الحياة وتحسين نوعيتها مقارنة بالعلاج التقليدي. كما يتم تقييم المرضى بعناية شديدة قبل الشروع في الزرع.
يمكن أن ينتج فشل القلب بسبب مرض الشريان التاجي.، ضعف عضلة القلب، مرض القلب الصمامي، أو بسبب وجود عيب خلقي بالقلب. أما في حالة الأطفال، ففي معظم الأحيان يحدث فشل القلب نتيجة عيب قلبي خَلقي أو اعتلال عضلة القلب، ورغم ذلك، لا تكون زراعة القلب العلاج الأمثل لجميع الأشخاص، فهناك عوامل معينة قد تعني أنك لست مرشحا جيدا لزراعة القلب. التحضير لما قبل العملية هو الخطوة الاولى ويكون ذلك أولا من خلال إيجاد المتبرع المناسب من حيث الحجم وفصيلة الدم، كما يتم أيضا إجراء الكثير من الفحوصات الدقيقة للتعرف على وظائف قلب المتبرع المتوفى؛ يُحقن القلب بكلوريد البوتاسيوم، وإن كان مناسباً يتم انتزاعه وتخزينه أو حفظه في الثلج لمدةٍ تصل إلى ست ساعاتٍ حتى عملية الزرع، وينقل سريعا إلى مركز زراعة القلب. خلال هذا الوقت، يتم تخدير المتلقي وفتح قلبه. وبمجرد أن يصل القلب الجديد، يتم نزع قلب المتلقي. وفي هذه الأثناء يجري الحفاظ على المريض على قيد الحياة عن طريق استخدام جهاز القلب والرئة. وتتم خياطة القلب الجديد في مكانه داخل الصدر في مدة لا تزيد على أربع ساعات من قضية بين الوقت الذي تم فيه انتزاع القلب من المتبرع، والوقت الذي استقبل فيه كمية الدم الجديد من المتلقي. عن طريق الدم الجديد يعود القلب مرة أخرى إلى العمل. وفي نهاية العملية يتم نقل المريض إلى وحدة العناية المركزة، ويظل هناك عدة أيام قبل نقله إلى الجناح الجراحي. ومعظم المرضى سوف يقضون 2 أو 3 أسابيع في المستشفى بعد خضوعهم لعملية الزراعة.
زراعة الشرايين
هي عبارة عن عملية جراحية في القلب يتم فيها تجاوز واحد أو أكثر من انسداد الشرايين التاجيّة عن طريق تحويل مسار الأوعية الدموية لأستعادة تدفق الدم الطبيعي للقلب. تُجرى عملية زراعة الشرايين لإصلاح انسداد جزئي أو كليّ في وعاءٍ واحد أو أكثر من الأوعية الدموية التي تنقل الدم إلى عضلات القلب. عملية زراعة الشرايين لاقت نجاحا لافتا وباتت العلاج النهائي لأمراض القلب بفضل التطور التكنولوجي الحاصل في مجال الطب والجراحة، وكذلك بفضل الأجهزة الحديثة والمتطورة. تتم زراعة الشرايين لإصابتها بعدم القدرة في تدفق الدم المغذي الى عضلة القلب، وذلك لإصابة الشرايين والأوردة بالضيق نتيجة ارتفاع نسبة الكوليسترول الذي يؤدي الى ترسّب الدهون على جدار أوعية الشرايين ما يزيد من عدد النوبات القلبية التي يمكن ان تؤدي إلى موت جزء من عضلة القلب. تحتاج جراحة تبديل شرايين القلب إلى قدر كبير من التحضير وإلى فترة طويلة للتعافي. صحيح أنه قد يتعيّن على البعض الخضوع لعملية جراحية طارئة لتبديل شرايين القلب، ولكن في معظم الأحيان يتم التخطيط لهذه العملية المعقّدة بشكل مسبق. وكما باقي عمليات زراعة الأعضاء، فإن عملية زراعة الشرايين تحتاج إلى تخدير كامل ليقوم الطبيب بإجراء فتح جزء علوي بالصدر لقرب شريان القفص الصدري بالقلب ويتم ربط شريان وأوردة الصدر بشريان وأوردة القلب عن طريق أنابيب تقوم بحمل الدم إلى جهاز القلب حتى يحافظ على سلامة القلب والقيام بوظائفه والمحافظة على وظائف الرئة أثناء مدة العملية، وذلك باستخدام آلة صناعية للقلب والرئة حتى تكون هي المسؤولة على وظيفة ضخ الدم بدلا من القلب، ومسؤولة على وظيفة الرئة، والأوعية الدموية.