جراحات السمنة… فوائد أبعد من إنقاص الوزن
جراحات السمنة… فوائد أبعد من إنقاص الوزن
تساعد جراحات السمنة على التخلص من الوزن الزائد بعد فشل الحميات الغذائية والرياضة في تحقيق ذلك؛ إلا أن فوائد هذا النوع من العمليات يتخطى خسارة الوزن ليحظى بأهمية بالغة لجهة التخلص من بعض الامراض المزمنة والوقاية من مضاعفاتها، على ان يتم تحديد نوع العملية بحسب الحالة لكن من المؤكد أنها ضرورية لكل من يزيد لديه مؤشر كتلة الجسم عن الـ40 أو 35 مع وجود مشاكل صحية مرتبطة بالسمنة.
تعتبر جراحات السمنة الحل المثالي للتخلص من الوزن الزائد حيث باتت تُجرى بأمان بفضل تطور العلم والطب. فتعددت أشكالها وأنواعها لتتناسب مع حالات الأفراد، فليس الجميع بحاجة الى عملية شفط الدهون او التكبيس او قص المعدة.
على المريض ان يدرك ان لكل حالة نوع من العمليات يناسبه أكثر من عمليات أخرى والطبيب هو من يحدد النوع الأكثر ملاءمة له.
فوائد جراحات السمنة
التدخل الجراحي لعلاج السمنة والتخلص من الكيلوغرامات الزائدة يحمل في طياته فوائد عديدة سواء على الشكل او على الصحة بشكل عام، حيث أثبتت الدراسات في هذا الشأن إمكانية التخلص من السكري من النوع الثاني بنسبة كبيرة او ضغط الدم المرتفع، وكذلك الحد من خطر أمراض القلب وارتفاع الكوليسترول والدهون الثلاثية التي تؤدي الى تضيق الشرايين، وغيرها الكثير من الامراض والمشاكل الصحية.
تتمثل أبرز فوائد جراحات السمنة بالآتي:
خسارة الوزن بشكل كبير
وهو الهدف الأول والأساسي لعمليات السمنة حيث تساعد المريض على خسارة الكثير من الكيلوغرامات الزائدة خلال فترة تتراوح بين 12 و18 شهرا. على المريض الإلتزام بالنظام الغذائي الخاص به بعد العملية والقيام بالتمارين الرياضية بشكل يومي.
التخلص من الأمراض المرتبطة بالسمنة
من أهم أسباب اللجوء الى جراحات السمنة هو وجود أمراض مزمنة مصاحبة للسمنة ترفع مستوى الخطر وتزيد من المشاكل الصحية بشكل يهدد حياة المريض؛ وفي هذا الإطار، أشارت دراسة حديثة نشرتها مجلة كليفلاند كلينك للطب أن إجراء جراحة تحويل مسار المعدة بالمنظار يسمح بالتخلص من مرض السكري من النوع الثاني بنسبة 83٪، وارتفاع ضغط الدم بنسبة 52٪ إلى 92٪، وأيضا انقطاع النفس الانسدادي من 74٪ إلى ٪98، كما تقلل من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 82٪.
تحسين النشاط البدني
مع فقدان الوزن الزائد تصبح حركة الشخص أخف فتتحسن حالته البدنية ويصبح قادرا على ممارسة النشاط البدني.
الحد من الحاجة للأدوية
غالبا ما تترافق السمنة مع مشاكل صحية خطيرة تستدعي تناول ادوية عدة لاسيما في حال وجود امراض مزمنة مرتبطة بالسمنة كالسكري وارتفاع ضغط الدم وامراض القلب وغيرها؛ بعد العملية ينخفض خطر هذه الأمراض وربما يزول تماما ولا حاجة لتناول المزيد من الادوية.
زيادة متوسط العمر المتوقع
إن علاج السمنة والتخلص من الكيلوغرامات الزائدة يحسن نوعية حياة المريض بشكل كبير ويزيد من متوسط العمر المتوقع، ذلك لأن الامراض المرتبطة بالسمنة تعتبر من بين الأسباب الرئيسية للوفاة والتي يمكن الوقاية منها.
أنواع جراحات السمنة
عملية قص المعدة أو تكميم المعدة
من العمليات الجراحية لعلاج السمنة المرضية، حيث يتم استئصال حوالى 80% بالمئة من حجم المعدة عبر المنظار أو الليزر ليتم بذلك تقليص حجم المعدة بشكل دائم، عن طريق إزالة الجزء الخارجي من المعدة بحيث يتحول شكل المعدة من كيس كبير إلى أنبوب رفيع وطويل وتسمى عملية قص المعدة بعملية تكميم المعدة sleeve.
خلال العملية، يقوم الطبيب المتخصص بإزالة غدة الشراهة التي تفرز الهرمون الذي يتحكم بالشهية أو هرمون الجوع والتي تسمى “الغريلين” ولا يمكن أن تحتفظ هذه المعدة ذات الحجم الأصغر بالكثير من الطعام. تتميز هذه العملية بخسارة كبيرة في الوزن وعدم تغيير مسار الأمعاء. تناسب هذه العملية الأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة بعد فشل خسارة الوزن عبر الحمية الغذائية والرياضة، وخاصةً من يعاني من السمنة الوراثية التي يصعب علاجها طبياً، لكن الخضوع لعملية قص المعدة يستدعي بأن يكون الشخص البدين لا يعاني من أمراض الكبد أو السكر وأمراض الدم كالسيولة وغيرها أو على الأقل أن تكون هذه الأمراض تحت سيطرة العلاج ولا توجد لها أعراض ظاهرة.
تحويل مسار المعدة
تسمى أيضًا تغيير مجرى المعدة كإجراء جراحي عبر المنظار لإنقاص الوزن عبر إنشاء جيب صغير من المعدة وربطه مباشرة بالأمعاء الدقيقة. يبلغ حجم هذا الجيب عادةً بين 20 و30 مللتر، ويحوّل مسار نحو 90 الى 95 بالمئة من المعدة وكذلك الخمسين سنتيمتراً الأولى من الأمعاء، الأمر الذي يؤدي إلى منافع كبيرة على صعيد عملية الأيض وخسارة الوزن. يحبّذ هذا النوع من العمليات لدى المرضى البدينين الذين يعانون من داء السكّري من النوع الثاني. من مميزات هذه العملية بأنّ الوزن المفقود يبقى ثابتاً على المدى الطويل. يتمّ اللجوء لعمليّة تحويل مسار المعدة بعد تقييم شامل للحالة يجريه الطبيب المتخصص آخذا بعين الاعتبار المعايير التالية:
- ارتفاع مؤشر كتلة الجسم إلى أكثر من 40 سواء بوجود مضاعفات للسُّمنة أو عدمها.
- ارتفاع مؤشر كتلة الجسم ما بين 35-40 ووجود إحدى مضاعفات السُّمنة الخطيرة، مثل السكري، واضطرابات النوم، والشخير، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض الشرايين التاجية وغيرها.
- ارتفاع مؤشر كتلة الجسم بين 30-35 ووجود صعوبة في السيطرة على مستويات السكر أو وجود المتلازمة الاستقلابيّة.
عملية طي المعدة
تقلص هذه العملية من حجم المعدة وتحدّ من كمية الطعام التي يمكن أن تؤكل دفعةً واحدة. لا تؤدي بالتالي إلى عدم امتصاص المواد الغذائية أو إلى تحويل مجرى الأمعاء. لا يتم قص المعدة ولا التدبيس بحيث يمكن إرجاع المعدة الى ما كانت عليه. لكن تقل المساحة المتاحة لتناول الطعام فيشعر المريض بالشبع بمجرد تناول كميات بسيطة. تعد هذه العملية إذن من العمليات التي تقلل المساحة المتاحة لتناول الطعام، وليست من العمليات التي تقلل الامتصاص.
إن تناول كمية ضئيلة من الطعام يكفي وسرعان ما يشعر المرء بالشبع لأن حجم المعدة يتقلّص بنسبة تصل الى 70 بالمئة. تستدعي هذه العملية تدخّل جراحي أقل من بقية الجراحات إذ يلازم معظم المرضى المستشفى لمدة يوم أو يومين بعد العملية. تُجرى هذه العملية لمن يعاني من السمنة المفرطة ولديه مؤشر كتلة الجسم ما بين 30 و45 كجم/م2.
وينبغي ألا يعاني هذا الشخص من ارتجاع المريء لأن هذا النوع من العمليات التقييدية لحجم المعدة قد يساهم في إصابة الشخص بعدها بارتجاع المريء، أو في سوء حالة هذا الارتجاع وتفاقمه إذا كان يعاني منه أصلاً. لا تُجرى هذه العملية لمحبي الحلويات والسكريات لأنها تؤدي الى استعادة الوزن حتى مع تناول كميات قليلة منها.
عملية ربط المعدة، أو عملية حزام المعدة
يتم اجراء هذه العملية باستخدام المنظار وعمل فتحات صغيرة على جلد البطن، يتم في هذه العملية وضع حزام أو حلقة حول الجزء الأعلى من المعدة، وتكون متواصلة مع أنبوب يصلها الى جيب صغير على شكل قرص يوضع تحت الجلد على الجزء العلوي من البطن. هذا الحزام مصنوع من مادة السيليكون وهي مادة خاملة وقد تبقى مدى الحياة. يمكن تضييق الحلقة أو شد الحزام بإدخال سائل في القرص باستخدام إبرة خاصة لهذا الغرض. من فوائد هذه العملية العودة إلى العمل خلال أسبوع وهي عملية قابلة للتعديل عبر ملء الجيب، لتقليص حجم مخرج المعدة، كما يمكن إزالة الحزام وإعادة المعدة الى ما كانت عليه، ولا تسبب سوء في امتصاص المواد الغذائية.
ما بعد جراحات السمنة
على المريض أن يدرك ان حياته بعد جراحة السمنة لن تكون كما كانت عليه من قبل؛ صحيح ان الجراحة تساعد بقوة في التخلص من الوزن الزائد لكن المحافظة على هذا الإنجاز يتطلب متابعة دائمة في مرحلة ما بعد العملية.
وفي هذا الإطار، تتحدث بعض الإحصاءات الطبية عن أن حوالى 22% من المرضى قد يستعيدون بعض الوزن الذي فقدوه بعد الجراحة، كما أن حوالى 25% قد يعانون من أعراض نقص الفيتامينات والأملاح خلال 5 سنوات من إجراء العملية، ومن هنا جاءت أهمية الإشراف الطبي والمتابعة الدورية للمريض مع فريق خاص سواء الطبيب الذي أجرى العملية أو أخصائي التغذية لإعطائه نوعية الطعام والكميات المسموح بها، إضافة الى نوعية التمارين الرياضية الموصى بها.
في مرحلة ما بعد العملية، على المريض أن يسعى جاهدا للمحافظة على الوزن الصحي من خلال اتباع عادات صحية جديدة تتمثل في طريقة الأكل والشرب وممارسة الرياضة بشكل دائم. المتابعة مع الطبيب ضرورية جدا بعد العملية على الأقل مرتين في الشهر لمدة ثلاثة أشهر، ثم مرة شهريا في السنة الأولى، ثم مرة سنويا مدى الحياة. على المريض إجراء فحوصات وتحاليل دورية لمتابعة نقص الفيتامينات والأملاح بعد الجراحات، وتكون كل ثلاثة أشهر في السنة الأولى، ثم مرتين في السنة الثانية، ثم مرة سنويا مدى الحياة.