أمراض وعلاجات

داء كرون… يختلف العلاج باختلاف الإصابة

داء كرون… يختلف العلاج باختلاف الإصابة

ينتمي داء كرون الى أمراض الأمعاء الإلتهابية يصيب أي جزء من أجزاء الجهاز الهضمي بشكل مزمن ويتفشى في جميع طبقات الجدار المعويّ؛ يتميّز بوجود مناطق غير مُصابة، سليمة وطبيعيّة، ولكن قد تتبدّل بأخرى مصابة. 

يصيب هذا المرض الذكور والإناث على حد سواء ولا يوجد سبب واضح للإصابة، ولكن هناك بعض العوامل التي تزيد من خطر الإصابة مثل الوراثة أو بسبب وجود مشكلة في الجهاز المناعي تؤدي الى مهاجمة البكتيريا النافعة الموجودة في الأمعاء، فتتراكم خلايا الدم البيضاء في بطانة الأمعاء، الأمر الذي يؤدي إلى الالتهاب وحدوث التقرحات. كما يعزو البعض سبب الإصابة الى النمط الغذائي والتدخين.

مشكلة هذا المرض أنه يعطّل الوظائف الطبيعية في الأمعاء، فيؤدي الى حدوث انتفاخ ويعمل بالتالي على انسداد ممر داخل الأمعاء إضافة الى تطور القرحة الذي يؤذي الطبقات من جدار الأمعاء، كما يسهم في فقدان القدرة على امتصاص العناصر الغذائية من الأطعمة ويؤدي الى حدوث تطور غير طبيعي يعرف باسم الناسور من جزء واحد إلى جزء آخر من الأمعاء، أو من الأمعاء إلى الأنسجة المجاورة مثل المثانة. من الصعب الشفاء التام من هذا المرض كونه من الأمراض المزمنة التي تأتي على شكل هجمات بين الحين والآخر وقد تطول فترة الهجمة او تقصر؛ خطورة المرض تكمن في حصول انسدادات او تقرحات او حدوث نزيف وتكوّن الناسور او شقوق شرجية وثقب الأمعاء؛ ومن المخاطر ايضا انه على المدى البعيد ترتفع نسبة الإصابة بالسرطان.

ويختلف شكل الإصابة بالمرض باختلاف الموضع الذي يصيب المريض، فقد يصيب القناة الهضمية أو المعدة أو الإثني عشر أو الأمعاء الدقيقة أو القولون، إضافة إلى فتحة الخروج؛ وعليه، فان طرق العلاج تختلف حسب موضع الإصابة.

الأعراض

الأعراض التي تصاحب داء كرون قد تتراوح ما بين المعتدلة والحادّة جدًا، ومن الممكن ان تظهر بشكل تدريجي او مفاجئ. ولكن اختلاف شكل الإصابة والجزء المصاب يجعل ايضا الأعراض مختلفة، منها عوارض هضمية ومنها غير هضمية.  أعراض داء كرون الهضمية تكمن في حدوث آلام شديد في البطن والإسهال الذي يكون مخاطياً ومترافقاً مع القيح أو الدم، انسداد الأمعاء، نقص الشهية، وجود نواسير شرجية، او نزف دموي في الخروج.

اما العوارض غير الهضمية، فقد تشمل:

  • التعب والانحطاط والحمى
  • نقص الوزن
  • القلاع في الفم أو الشرج أو في الأعضاء التناسلية
  • تأخر النمو عند الأطفال
  • الآلام المفصلية
  • التظاهرات الجلدية
  • حصوات في الكلية والمرارة
  • مشاكل في الكبد

مضاعفات المرض

اختلاف أشكال المرض يؤثر على العديد من وظائف الجهاز الهضمي وبالتالي يخلف وراءه الكثير من المضاعفات بحسب الجزء المصاب. ومن مضاعفات داء كرون:

  • انسداد الأمعاء: وغالباً ما تنسد الأمعاء الدقيقة، وهو من أخطر المضاعفات، ويؤدي لألم في البطن والقيء المستمر وعدم التبرز.
  • ثقبالأمعاء: ما يؤدي الى تسرب محتوى الأمعاء ويؤدي بالتالي الى التهاب وألم شديد في البطن. بعض الحالات تتطلب معالجة جراحية بشكل فوري.
  • تضيقالأمعاء: حيث يؤدي الالتهاب المزمن الى نشوء الندبات وتضيق الأمعاء وخاصةً الدقيقة. كما يؤدي تضيق الأمعاء الى انسداد الأمعاء وآلام في البطن.
  • الناسور: وهو فتحة أو مسلك يصل بين عضو وآخر. يحدث الناسور بسبب الالتهابات المستمرة والقروح التي تصيب الأمعاء. الكثير من مرضى داء كرون يُعانون من الناسور. 
  • الخراج: وهو تجمع للإفرازات الالتهابية في مكان ما. في حال داء كرون فإن الخراج قد يتجمع في جوف البطن أو الحوض، حيث يتسرب الالتهاب من الأمعاء الى جوف البطن أو الحوض ويتجمع الخراج. 
  • النزف: وقد يكون النزف شديداً لدى بعض المرضى فيؤدي الى فقدان الدم. 
  • سوء الامتصاص: بسبب الالتهاب المزمن والتقرحات التي قد توجد في الأمعاء، فان الأمعاء تفقد وظيفتها ليحدث سوء الامتصاص. قد ينقص الكالسيوم ويسبب هشاشة العظام، أو تنقص فيتامينات عديدة.
  • سرطان القولون والمستقيم: ولكن أقل من حالات التهاب القولون التقرحي.

التشخيص

تكون بداية التشخيص أولا بالفحص السّريري للمريض والاستماع الى شكواه مع معرفة تفاصيل عن طبيعة الألم ومدته وطبيعة البراز وما اذا كان يعاني من إسهال في مرحلة ما؛ ثم ينتقل الى فحصه بدقة باحثا عن علامات المرض كالحرارة ودقات القلب وضغط الدم، كما يفحص البطن والمستقيم وغيرها. ينتقل الطبيب بعد ذلك الى طلب إجراء بعض الفحوصات والأشعة الضرورية لتشخيص أدق للحالة.

  • فحص دم CBC ليحدد ما اذا كان هناك ارتفاع في كريات الدم البيضاء الذي يبرز عند وجود حالة التهاب في الجسم.
  • مؤشرات الالتهاب في الدم: (ESR- erythrocyte sedimentation rate)، والبروتين المتفاعل (CRP-C Reactive Protein)، واللذين غالباً ما يكونان مرتفعان في حالة الالتهاب.
  • فحص الألبومين في الدم الذي ينخفض تركيزه في حالة الالتهاب المزمن.
  • الأجسام المضادة في الدم: نظراً لأن داء الأمعاء الالتهابي هو داء مناعة ذاتي، ممكن أن تكون أجسام مضادة ذاتية في دم المريض. 
  • اختبار البراز للبحث عن وجود خلايا الالتهاب فيه.
  • تنظير القولون (Colonoscopy) يمكّن الطبيب من مشاهدة جوف القولون، لتشخيص داء كرون. وخلال التنظير يتم استخراج عيّنة لفحصها بالمجهر في المختبر. تنظير القولون يُساعد ايضا في وقف النزيف وتوسيع التضيق.
  • تنظير الجهاز الهضمي العلوي (Endoscopy) يُساعد في تشخيص داء كرون الذي يُصيب الجهاز الهضمي العلوي، أو علاج مضاعفاته.
  • الخزعة (Biopsy) لاستخراج عينة من العضو المصاب ومن ثم فحصها تحت المجهر في المختبر. يُعتبر الاختبار الأفضل والأكثر نوعية ودقة في تشخيص المرض. لا يمكن تشخيص داء كرون من دون عينة.
  • الاختبارات التصويرية واهمها التصوير الطبقي المحوسب (CT- Computerized Tomography) ويتم خلاله تصوير البطن. يمكن بلع أو حقن مواد خاصة لتعكس الأمعاء أو القولون. تُلاحظ تغييرات مميزة لداء الأمعاء الالتهابي، كالتهاب جدار الأمعاء، تضيق الأمعاء، أو الناسور.

سبل العلاج

لا يوجد علاج لداء كرون مناسب للجميع، لكن من الضروري تغيير نمط الحياة، ويستجيب المرضى للعلاج بشكل مختلف باستخدام مجموعة من الأدوية، والعلاج الغذائي، وفي الحالات الأكثر خطورة بإجراء الجراحة.لذلك، ليس هناك من طريقة واضحة أو نهائية لعلاج داء كرون، الا ان العلاجات المتوفرة اليوم تسمح بالسيطرة على نوبات المرض او منع حدوثها او حتى الحد من حدتها. العلاج في حالة داء كرون ينقسم الى ثلاثة اقسام هي العلاج الغذائي والعلاج الدوائي واخيرا العلاج الجراحي في بعض الحالات المتقدمة.

اما العلاج الدوائي، فيحتوي على عدد من الأدوية مثل مضاد للالتهاب، وآخر دواء يحتوي على كورتيزون، مثبط للجهاز المناعي، مضاد حيوي ومضاد للإسهال؛ ويحدد الطبيب المعالج الجرعات الواجب اعتمادها يوميا مع ضرورة المتابعة الدورية وعمل الفحوصات اللازمة لمعرفة مدى تجاوب الحالة مع العلاج.

بالنسبة للعلاج الغذائي، على المريض تناول غذاء غني بالسعرات الحرارية والمواد البروتينية، ويجب ان تكون الوجبات خفيفة ومتعددة على مدار اليوم مع ضرورة  الابتعاد عن الأطعمة الدسمة والدهنية نظرا لصعوبة هضمها، كما يجب تناول أطعمة قليلة الألياف الإكثار من تناول السوائل لتجنب الإصابة بالجفاف.من الاطعمة المسموح بها الجبن الأبيض، اللبن خالي الدسم، الأرز، الخبز الأبيض، البسكويت، البطاطس المسلوقة، المعكرونة بدون صلصة، لحوم الأسماك، الدجاج بدون جلد، أطباق الحساء بدون خضراوات.

ومن الاطعمة التي يجب ان يمتنعوا عنها التوابل الحارة لانها تزيد من حالة الالتهاب، اللوز النيء لان القشور القاسية تؤدي الى التهاب بطانة الامعاء والقولون، قشور الفواكه والخيار والبندورة تسهم في معاناة مرضى كرون، الذرة الصفراء وجميع الحبوب الكاملة حيث تؤدي الى نوبات من الالتهاب الشديد، الطعام المقلي بأنواعه كافة.

أثناء نوبة الالتهاب يجب الامتناع عن الأطعمة التي تحتوي على الكثير من البذور، مثل الفراولة، التوت والطماطم وبعض المخبوزات التي تعتبر قاسية وصعبة الهضم، والامتناع عن أي شيء يحتوي على الكافيين وكذلك الشوكولا.في الحالات المتقدمة التي لا تستجيب للعلاج الغذائي والدوائي، يلجأ الطبيب الى العلاج الجراحي لاستئصال الجزء التالف من الأمعاء وذلك عند تعرض الأمعاء للضيق والانسداد أو للالتهاب الشديد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى