ترميم الثدي بعد الإستئصال… سر استعادة الثقة ورمز الأنوثة الحيّ
ترميم الثدي بعد الإستئصال… سر استعادة الثقة ورمز الأنوثة الحيّ
ترميم الثدي هو عملية جراحية لإعادة بناء الثدي بعد استئصاله بشكل كامل او جزئي بسبب الإصابة بالسرطان فتستعيد المرأة أنوثتها وتستعيد معها ثقتها بنفسها. وبحسب الدراسات فإن جراحة إعادة بناء الثدي تسهم في تحسين مزاج النساء المصابات بالسرطان وإعادة ثقتهن بأنفسهن؛ فقد شهد طب وجراحة التجميل نقلة نوعية في السنوات الأخيرة وباتت هذه العمليات هي السبيل لاستعادة المرأة لمظهرها الطبيعي.
جرّاحو التجميل يقدمون اليوم مجموعةً كبيرة من الخيارات لترميم الثدي في مستشفيات عالمية ومراكز طبية متخصصة مزوّدة بالتقنيات الجراحية الأكثر تقدّمًا بشكل يظهر فيه الثدي بالشكل الطبيعي قدر الإمكان مع الحرص على مطابقة الثديين من حيث الحجم والشكل. إن التوجه العالمي حالياً هو نحو إجراء جراحات ترميم الثدي وقت عملية استئصال الثدي للحصول على نتائج جمالية أفضل، وتحسين الجانب النفسي للمريضة وتعزيز نسبة الرضا، والتخلص من الإحباط النفسي الذي يمكن أن تعاني منه بعد استئصال الثدي.
جلّ ما تحتاجه النساء هو إذكاء الوعي حول عمليات ترميم الثدي بعد استئصال السرطان لأن ما يمنع الإناث من الكشف المبكر هو خشيتهن من خسارة ثديهن الى جانب التشوهات بعد عمليات استئصال السرطان؛ سبب الخوف هو نقص الدعم النفسي والاجتماعي. لكن اكتشاف الورم في مراحله المبكرة يجعل الاستئصال مقتصراً على الورم فقط من دون الحاجة لاستئصال الثدي جزئياً أو كلياً. توصي الجمعية الأميركية لجراحة الثدي والكلية الأميركية للجراحين بضرورة استشارة جرّاح التجميل قبل جراحة الثدي انطلاقاً من مبدأ التفكير في النتيجة التجميلية قبل استئصال سرطان الثدي بإشراف فريق طبي متكامل، ما يمنع التشوهات الناتجة عن جراحات متقطعة، ولأن التجميل يدخل في علاج سرطان الثدي، وهو عامل مهم في الشفاء حيث ان وعي جراح الثدي بمتطلبات التركيب والترميم يحافظ على معالم الثدي الدقيقة، وبالتالي فإن المريضة تحصل على نتيجة أفضل.
متى تتم عملية ترميم الثدي؟
في حال قرّرت المريضة إجراء عملية الترميم، فإن توقيت العملية يعتمد على تقييم فريق الجراحة للوضع الصحّي الإجمالي للمريضة وسجلّها الطبّي؛ ورغم أن هذا النوع من العمليات هو قرار اختياري وليس جزءا من علاج السرطان، لكن الدراسات في هذا الشأن أظهرت أن النساء اللواتي اخترنَ الخضوع لعملية ترميم الثدي شعرنَ برضى أكبر بشكل ملحوظ إزاء نوعية حياتهنّ.
عمليات ترميم الثدي تتم إمّا خلال عملية استئصال الورم، حيث يتواجد جراح التجميل بجانب جراح الأورام لعمل الجراحة التجميلية لترميم الثدي مباشرة بعد استئصاله، وتُعرف باسم Immediate Reconstruction، أو تتم العملية بعد استئصال الورم بمدة زمنية Delayed Reconstruction، حيث تختار السيّدة بعد التعافي القيام بجراحة التجميل. وعليه، على المرأة التي تعاني سرطان الثدي أن تدرك أنّ الجراحة ليست نهاية العالم حيث تتوافر اليوم خيارات متعددة تتيح لها استعادة الشكل الطبيعي لصدرها. لكن تحديد وقت عملية ترميم الثدي، سواء أثناء استئصال الورم أو بعد ذلك، يعتمد على أمور عدة أهمها هو ما إذا كانت المريضة ستخضع للعلاج الإشعاعي أم لا لأنه يؤثر على عمليات ترميم الثدي لذا يفضل تأجيلها بعد إنهاء العلاج تماماً، بالإضافة إلى رغبة المريضة، فهناك الكثير من السيّدات اللاتي يرغبن بعمل الترميم بعد فترة من استئصال الورم أو العكس. يُجمع الأطباء أن أفضل حالة للترميم هي خلال عملية الاستئصال، حيث تستغرق العمليتان بضع ساعات، وسرعان ما تختفي الندوب والجروح، فضلا عن قصر فترة النقاهة والاكتفاء بعملية واحدة.
في المقابل، هناك بعض الحالات التي لا يمكن إجراء الترميم مباشرة بعد استئصال الورم مثل أورام الثدي الإلتهابية او ما يعرف بـ inflammatory breast cancer حيث يتم استئصال الثدي مع جزء كبير من الجلد بسبب الإلتهابات الناتجة عن الإصابة بهذا النوع من الورم، ما يجعل إمكانية عمل ترميم فوري للثدي Immediate Reconstruction بعد استئصال الورم مباشرةً أمراً صعباً، فيتم الإنتظار الى ان تتعافى المريضة وتلتئم الجروح بشكل كامل.
الترميم الفوري
هو الخيار المفضل لدى الكثير من المريضات حيث تتمّ في اليوم ذاته لعملية استئصال الثدي وإزالة الورم. في هذه الحالة، فإن فترة التعافي من العملية الجراحية الجامعة بين استئصال الثدي وترميمه تكون أقل. كذلك، يساعد الترميم الفوري في بعض الحالات على ضمان نتائج جمالية أفضل لا سيّما وأنّ الجلد لم يتسنَّ له الانكماش وفقدان شكله بعد عملية الاستئصال. إن أهم ما في الامر، وبما أنه لا يوجد تأخير بين علاج السرطان وإعادة بناء الثدي، فإن الحالة النفسية للمريضة لن تتأثر بشكل كبير ولن تشعر بفقدانها للثدي جراء الاستئصال. كما يمكن أن تؤدي إعادة البناء الفوري إلى نتيجة طبيعية أكثر بكثير للمريضة خاصة إذا تم إجراء استئصال الثدي من خلال الحلمة، وهذا يعني أنه يمكن الحفاظ على جلد الثدي بالكامل واستخدامه لإعادة البناء مما يعطي نتيجة تجميلية أفضل وأكثر طبيعية.
الترميم المتأخر
بعض النساء لا يجدن رغبة في الإجراء المباشر لعملية الترميم ويفضلن إجرائها بعد الإنتهاء من جلسات علاج السرطان، فيقررن بعد فترة إجراء عملية الترميم المتأخر للدث بعد أشهر أو ربما سنوات من عملية استئصال الثدي الكامل أو الجزئي. تستلزم هذه العملية جهدا أكبر بسبب الندبات القديمة وقلة مرونة الجلد والتليف الذي تعاني منه المريضات اللواتي خضعن لجلسات من العلاج الإشعاعي، ما يفرض على الجراح جهودًا ووقتًا أكبر من عمليات الترميم الفورية عن طريق غرس الحشوات. لكن بفضل ما يتوافر اليوم من تطورات جراحية مثل إمكانية زرع النسيج الدهني والترميم من أنسجة الجسم نفسه، فمن الممكن تحقيق نتائج تجميلية ممتازة.
الترميم عن طريق أنسجة الجسم نفسه
ترميم الثدي باستخدام أنسجة الجسم يعتبر من أفضل الخيارات حيث يتم نقل الأنسجة والأوعية الدموية من جسم المريضة من منطقة أسفل البطن أو أسفل الظهر أو الفخذين أو الردفين، أو الناحية الداخلية للفخذين من أجل نحت ثدي جديد وتشكيل الثدي وترميمه. أما النتيجة فتكون مظهر ثدي واقعي بشكل استثنائي. يبقى الثدي المرمّم على حاله مدى الحياة وقد لا يستلزم أي متابعة أو رعاية إضافية على عكس الحشوات الاصطناعية. تتطلب هذه العملية الجراحية مهارة عالية من قبل الجراح، بالإضافة الى تقنيات متطوّرة وتحتاج إلى ما لا يقلّ عن موقعين للجراحة، وتأخذ وقتًا أطول وتستلزم فترة أكبر للتعافي مقارنةً مع عملية غرس الحشوات.