أمراض وعلاجات

السكتة الدماغية… كيف تحدث؟ وهل يمكن النجاة منها؟

علامات تحذيرية التي تنذر بقرب حدوثها

السكتة الدماغيةكيف تحدث؟ وهل يمكن النجاة منها؟

تشكل السكتة الدماغية مصدر قلق للكثير من الأشخاص كونها تحتل مرتبة متقدمة في العالم من حيث عدد الوفيات، فضلا عن العجز الذي تسببه في حال النجاة منها؛ انطلاقا من خطورة الحالة، انصب تركيز الأطباء والعلماء حول العالم في نشر التوعية بين الناس وتحديد بعض المؤشرات والعلامات التحذيرية التي تنذر بقرب وقوع السكتة الدماغية، وحثهم على سرعة التوجه الى اقرب مستشفى في الثلاث او الأربع ساعات الأولى لما لذلك من دور بالغ الأهمية في إنقاذ حياة المريض.

ولكن، كيف تحدث السكتة الدماغية؟

عندما ينقطع تدفق الدم إلى جزء من الدماغ أو يقل بشدة تحدث الإصابة بالسكتة الدماغية؛ انقطاع الدم هذا يمنع أنسجة الدماغ من الحصول على الأوكسجين والمواد الغذائية. وفي غضون دقائق، تموت خلايا الدماغ.  السبب الأكثر انتشارا لحالات الانسداد هذه هو تصلب الشرايين، أما السبب الآخر يحدث عندما تنفصل خثرة عن موقعها في جدران الشريان من خارج الدماغ او من منطقة القلب، ثم يحملها تيار الدم الى الدماغ فيؤدي الى انسداد أحد الأوعية الدموية الحيوية.  عندما تستقر تلك الخثرة في الوعاء الدموي وتحجب وصول الأوكسيجن الى الدماغ يتسبب ذلك الى ضرر في أنسجة الدماغ وخلاياه العصبية بما يعرف بالإحتشاء الدماغي. لذلك، تعتبر السكتة الدماغية حالة طارئة ويجب علاجها بشكل فوري قبل حدوث ضرر أكبر في الدماغ نتيجة موت الخلايا.

قد يسأل البعضكيف يمكن أن نعرف بحدوثها او قرب حدوثها طالما أن الحالة تحدث من دون أعراض واضحة؟

يأتي الجواب على لسان الخبراء والأطباء المتخصصين الذين عكفوا طوال السنوات الماضية على نشر التوعية حول هذا المرض، ما أسهم الى حد كبير في الحد من عدد الوفيات الناتجة عن السكتة الدماغية؛ فتوصلوا الى وضع بعض المؤشرات والعلامات التحذيرية وتم العمل على نشرها من خلال حملات التوعية التي تحرص على تثقيف المجتمع.

ابرز تلك الأعراض التي تستدعي القلق هي:

  • مشاكل في الكلام والفهم والتحدث بشكل غير واضح أو صعوبة في فهم الكلام.
  • شلل أو خدر في الوجه أو الذراع أو الساق، خاصةً في جانب واحد من الجسم.
  • فقدان التوازن مع وجود مشكلة بالمشي تؤدي الى التعثر والسقوط على الأرض أو الشعور بالدوار المفاجئ.
  • تشوش الرؤية بشكل مفاجئ، ورؤية ضبابية أو مزدوجة بإحدى العينين أو كلتيهما.
  • صداع مفاجئ وشديد، قد يكون مصاحبا بالقيء أو الدوار أو تغير في الوعي.

تلك العلامات التحذيرية تستدعي ضرورة التوجه الفوري الى المستشفى لأنها تدل على بداية حدوث السكتة الدماغية، وكلما وصل المريض في وقت مبكر كلما تمكن الأطباء من إنقاذ المريض والحد من الضرر الذي سيحدث في الدماغ.

كما أن ارتفاع ضغط الدم يشكل احد أهم الأسباب الكامنة وراء حدوث السكتة الدماغية، وهو يشكل ما نسبته 50% من إصابات السّكتات الدماغية الإقفارية ما يحتّم على مرضى الضغط المتابعة الدورية والحرص على مراقبة ضغط الدم لكي لا يتخطى المعدل الطبيعي.

تحديد عوامل الخطر

إنقاذ المرضى من خطر وقوع السكتة الدماغية يحتم بالتالي تجنب عوامل الخطر التي تسهم في حدوثها؛ فمرضى ضغط الدم والسكري والمرضى الذين يعانون من الوزن الزائد او لديهم مشاكل في القلب والشرايين هم أكثر عرضة من غيرهم، ما يحتم عليهم المتابعة الدورية لدى الطبيب المختص والحرص على السيطرة على السكري او الضغط تحسبا لأي طارئ قد يحدث . هذه الأمراض تزيد من المضاعفات التي تسهم بشكل مباشر للإصابة بالسكتة الدماغية، وهو ما يستدعي توفير علاجات فاعلة تهدف الى الحد من فرص حدوث السكتة الدماغية.

المسببات التي قد تزيد من خطورة حدوث السكتة الدماغية هي:

عدم انتظام ضربات القلب (الرجفان الأذيني)

وهو الأكثر شيوعا بحيث يزداد الخطر بمعدل 5 الى 6 مرات للإصابة بالسكتة الدماغية؛ السكتة الدماغية تعتبر من المضاعفات الشائعة التي تحدث بسبب الرجفان الأذيني، وهي مرتبطة بارتفاع معدل الوفيات والأمراض. عدم انتظام ضربات القلب يؤدي إلى البطء في تزويد الدم بين الأذين والبطين، وبالتالي عندما لا يجري الدم بصورة سليمة فانه يميل إلى التجلط ليصبح خثرة التي قد تنجرف مع تدفق تيار الدم لتصل الى الدماغ، وبالتالي يؤدي الى سكتة دماغية انسدادية.

ارتفاع ضغط الدم

أكثر من 50 بالمائة ممن يصابون بالسكتة الدماغية يعانون من ارتفاع في ضغط الدم؛ فكلما ارتفع الضغط كلما ارتفع احتمال الإصابة في السكتة الدماغية. ضغط الدم الموصى به هو: 70-80 / 120-130.

ارتفاع نسبة الدهون في الدم

من المهم جدا الحفاظ على مستويات منخفضة من الكوليسترول الضار (LDL) وعلى المستويات الأعلى الممكنة للكوليسترول المفيد (HDL) من المهم التأكد أن مستوى الكوليسترول الإجمالي في الدم لا يفوق ال 190 ملغ/دل.

المستوى الأعلى (LDL) الموصى به هو 100 ملغ/دل لدى المعالجين ممن يتمتعون بصحة جيدة، وأقل من 100 ملغ/دل لدى ذوي المخاطر وأقل من 70 ملغ/دل لمن خضع للقسطرة العلاجية، أو أصيب بالنوبة القلبية أو السكتة الدماغية.

مرض السكري

هذه الفئة من المرضى هي أكثر عرضة بمعدل أربعة أضعاف لحدوث سكتة دماغية؛ السكري غير المتوازن يؤدي مع الوقت إلى انسداد الأوعية الدموية الصغيرة في أعضاء الجسم مثل الأمعاء والكلى، وكذلك لانسداد أوعية الدم في الدماغ وبالتالي يؤدي الى سكتة دماغية.

السمنة المفرطة

يزداد خطر الإصابة بالسكتة الدماغية لدى الأشخاص الذين يعانون من السمنة الزائدة، ومن لديهم الميول الى السمنة في منطقة الأرداف هم في خطر اكبر. الخطر هنا يزداد لأن البدانة تؤدي الى ارتفاع مستويات الدهون في الدم، وارتفاع ضغط الدم، ومقاومة الجسم للأنسولين وصولا الى تطوير مرض سكري للكبار (داء السكري من النوع 2).

التدخين

هو عامل محفز لتطور تصلب الشرايين وزيادة مستويات عوامل التخثر في الدم، وأيضا يزيد من الضرر الذي ينشأ في بطانة الأوعية الدموية في الدماغ.

ما هي مضاعفات السكتة الدماغية؟

مشكلة السكتة الدماغية هي في ما تسببه من مضاعفات، تصل في بعض الحالات الى إعاقات دائمة او مؤقتة وذلك بحسب المدة التي يفتقر فيها الدماغ تدفق الدم وحسب الجزء المُصاب.

المضاعفات قد تشمل:

  • الشلل أو فقدان حركة العضلات من جانب واحد؛ مثل هذه الحالات بحاجة الى العلاج الطبيعي وجلسات لإعادة التأهيل تسهم في استعادة الأنشطة التي تعيقها إصابة الشلل، مثل المشي وتناول الطعام وارتداء الملابس.
  • صعوبة التحدث أو البلع وفقدان القدرة على الكلام، بما في ذلك التحدث أو فهم الكلام أو القراءة أو الكتابة. وقد يساعد العلاج مع أخصائي علم أمراض التخاطب واللغة.
  • فقدان الذاكرة وصعوبات التفكير؛ وقد يعاني آخرون صعوبة في التفكير وإصدار الأحكام والتعقل وفهم المصطلحات.
  • الألم أو تخدُّر أو أحاسيس غريبة في بعض الأجزاء المتضررة من السكتة الدماغية.
  • تغيرات في السلوك والقدرة على رعاية الذات. قد يصبح الأشخاص الذين أصيبوا بالسكتة الدماغية أكثر انطوائية وأقل اجتماعية أو أكثر اندفاعية. وقد يحتاجون إلى مساعدة في الاعتناء بأنفسهم وأداء مهامهم اليومية.

العلاج الطبيعي

كخطوة أولى بعد إنقاذ حياة المريض، يخضع المريض الى جلسات من العلاج الطبيعي وإعادة التأهيل لكي يتمكن المريض من مزاولة نشاطاته اليومية كالمعتاد؛ ومثل أي إصابة في الدماغ، سيختلف نجاح علاج هذه المضاعفات من شخص لآخر. هذه الطريقة هي السبيل الأول لعلاج آثار الجلطة عبر تنمية قدرات الجسم ووظائفه بالعديد من البرامج، فهو يبدأ منذ يوم الإصابة الأول عن طريق مجموعة من التمارين العلاجية بمثل النوم في أوضاع معينة وممارسة تمارين التنفس وزيادة الدورة الدموية واستعادة الاتزان.

يتم الاعتماد على العلاج الطبيعي بشكل أساسي لإعادة تأهيل أعضاء الجسم المختلفة بعد توقفها، فيختلف أسلوب العلاج من مريض لآخر بحسب مكان الإصابة ووضع المريض الصحي بشكل عام. ولابد من الإشارة في هذا المجال الى التطور الذي شهده طب إعادة التأهيل ما أسهم بالتالي الى سرعة استجابة المرضى وتحقيق أعلى مستويات الاستفادة في السنوات الأخيرة.  حالات السكتة الدماغية يعتمد علاجها بشكل أساسي على العلاج الطبيعي، حيث أنه عند حدوث الجلطة عادة ما يتم الضغط على الأعصاب المسؤولة عن حركة الأطراف ولكن بنسب مختلفة فيمكن أن يحدث  شلل نصفي أو كلي أو رباعي؛ وفي أغلب الحالات يصحب هذه الجلطة فقدان في الإحساس أو النطق. يتمثل دور العلاج الطبيعي في علاج حالات الإصابة بالسّكتات الدماغية ممن قدّر لهم النجاة في السعي لاسترجاع التحكم في العضلات، وذلك من خلال إعادة التأهيل باستخدام أجهزة تعويضية لمدة تبلغ من شهر لعدة أشهر.

إن العلاج الطبيعي لمثل هذه الحالات يساعد على الشفاء بنسبة تصل إلى 100% على حسب خطورة الحالة، ففي حالة وقوع الضغط على الخلايا الحركية بالدماغ يمكن أن يحدث تكسير جزئي لهذه الخلايا يتم الشفاء منه بالعلاج الطبيعي بشكل جزئي وإذا كان التكسير كاملاً فلا يمكن الشفاء منه. يوصي الأطباء بتناول بعض الأدوية المضادة للصفائح الدموية، وهي خلايا في الدم تكوِّن الجلطات؛ تؤدي هذه الأدوية إلى جعل هذه الخلايا أقل لزوجة وأقل عرضة للتجلط. ويعد الأسبرين هو الدواء الأكثر شيوعا المضاد للصفائح الدموية. يلجأ الأطباء أيضا الى وصف أدوية مضادة التخثر تعمل على الحد من تخثر الدم.

اختبار FAST

هي اختصار للوجه (Face)، الذراع (Arm)، النطق (Speech)، والوقت (Time). وعلى الأشخاص المحيطين بالمريض التحقق من تلك العلامات لتحديد مدى خطورة إصابته بسكتة دماغية.

  • الحرف (F) أي الوجه: يجب مراقبة حركة عضلات الوجه فيما اذا كان المريض يستطيع تحريك نصف عضلات وجهه فقط، فيشير ذلك إلى إصابته بالشلل في النصف الآخر نتيجة السكتة.
  • حرف (A) يشير الى كلمة (Arm) أي (ذراع): ينبغي الطلب من الشخص ان يمد ذراعيه إلى الأمام مع لف راحتي يده إلى أعلى. إذا لم يستطع القيام بذلك، فيُشير ذلك حينئذٍ إلى إصابته بالشلل نتيجة السكتة.
  • حرف (S) والمقصود (Speech) او التحدث: فإذا لم يستطع المريض تكرار جملة قيلت له أو كان صوته غير واضح عند قولها، فيدل ذلك على إصابته باضطراب لغوي يندرج أيضاً ضمن مؤشرات الإصابة بالسكتة الدماغية.
  • حرف (T) (Time) أي الوقت: ويُقصد بها أن الاشتباه في الإصابة بالسكتة الدماغية من خلال ظهور أحد الأعراض السابقة على المريض، يستلزم استدعاء الإسعاف
  • على الفور.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى