السكتة الدماغية
السكتة الدماغية
فرصة ذهبية للشفاء
يزداد خطر الإصابة بالسكتة الدماغية لدى كبار السن إلا أن ما نشهده اليوم هو وجود عدد من الشباب في منتصف العمر تصيبهم السكتة الدماغية، ويعزو الأطباء ذلك الى نمط الحياة غير الصحي او لوجود مرض مزمن مثل السكري او ضغط الدم فضلا عن السمنة الزائدة وما تحمله من مخاطر صحية .على صعيد متصل، فإن الدراسات الحديثة تشير الى أن المرأة هي عرضة أيضا للإصابة بالسكتة الدماغية والسبب في ذلك هو وسائل منع الحمل الهرمونية مثل حبوب منع الحمل وارتفاع ضغط الدم المرتبط بالحمل.
الإصابة بالسكتة الدماغية هي ثاني أهم مسببات الوفاة على مستوى العالم بعد أمراض القلب، أضف الى ذلك فهي من أكثر العوامل التي تسهم في حدوث إعاقة. لذلك، يوصي الأطباء الى سرعة التعامل مع أعراض السكتة الدماغية لأنه كلما تأخر فتح هذه الأوعية كلما مات عدد أكبر من الخلايا، إذ ان كل ثانية لها أهميتها، لابد من بدء العلاج الطبي خلال الساعات الأولى من الإصابة وهي الفترة التي تبدأ بظهور الأعراض.
تتمثل عوامل الخطورة الشائعة في السكري وزيادة الوزن والتدخين، وقلة الحركة والصداع النصفي الذي يسبب اضطراب الحواس الإدراكي .أما أعراض السكتة الدماغية، فهي الدوار الشديد وآلام الصدر واضطرابات الرؤية المفاجئة واضطرابات الكلام المفاجئة والشلل المفاجئ على جانب واحد واضطرابات الإحساس وصعوبات البلع.
مجسات لاصقة
التطورات في هذا المجال أفضت الى التوصل الى مجسّات لاصقة توضع على الجسم وتساعد في تسريع شفاء مرضى السكتة الدماغية بحيث انها تقوم بإرسال معلومات بشكل مستمر للأطباء، ما يتيح الفرصة للأطباء بمتابعة حالة مرضاهم عن كثب تعمل هذه اللاصقات على إرسال جميع المعلومات للفريق الطبي بطريقة لاسلكية. ان هذه التقنية التي تتمثل بوضع مجسات على شكل لاصقات على الجسم لتقييم أي مجموعة من العضلات تعمل على المناطق المتضررة من السكتة الدماغية، حيث أنها كفيلة بإتاحة الفرصة للأطباء بمعالجة المشكلة الطارئة بشكل مباشر.
وتواصل هذه المجسات بإرسال المعلومات للأطباء حتى بعد انتهائها من إجراء التمارين، وهذا يعني أن الطبيب يمكنه متابعة حالتها من منزله.
ما هي السكتة الدماغية وكيف تحدث؟
السكتة الدماغية تحدث نتيجة نقص التروية وانسداد تدفق الدم الى جزء معين من الدماغ أو ما يعرف بالجلطة الدماغية الناتجة عن النزيف الداخلي في الدماغ أو ما حوله؛ وبالرغم من صعوبة تحديد العامل المسبب للسكتة الدماغية لدى نحو 30 بالمائة من الحالات، إلا أن وجود بعض عوامل الخطورة قد تزيد من نسبة إصابة صغار السن بالسكتة الدماغية.
إن نقص تدفق الدم بسبب حدوث خثرات دموية أو نزيف في الدماغ يؤثر في وظيفة العضو على حسب الجزء المتأثر من الدماغ، حيث إن لكل جزء من المخ وظيفة محددة لجزء ما من أعضاء الجسم ما يؤدي إلى عدم القدرة على الإحساس بهذا العضو أو عدم القدرة على رؤية جانب واحد من المجال البصري في حال تأثر المستقبلات البصرية.
فالدماغ يحتاج إلى الدم بشكل متواصل لكي يستمر في أداء وظيفته بشكل سليم. ولكن، مع حدوث توقف مفاجئ لتدفق الدم والأوكسجين لجزء من أنسجة الدماغ وخلاياه العصبية فإنه تعرض للتلف. ومن اللحظة التي تتعرض فيها الخلايا العصبية لهذا الضرر، تبدأ الخلايا بالموت، ما يؤدي الى خلل في الأداء الوظيفي لعضو الجسم الذي تتحكم فيه هذه الخلايا، وقد يؤدي هذا الضرر إلى إختلالات تتمثل في الصعوبة في النطق، واضطرابات في المشي، وضعف في أطراف الجسم، تشوش الرؤية او لفقدان الذاكرة، ويشار هنا الى أن الضرر الناتج عن السكتة الدماغية قد يكون دائم وغير قابل للتغيير الى درجة تصل حتى موت المصاب، وذلك في غياب التدخل والعلاج السريع الذي هو في بالغ الأهمية والحيوية.
أبرز المسببات
الإصابة بالسكتة الدماغية تحدث نتيجة انسداد مفاجئ في الأوعية الدموية الى جزء معين بالمخ، ما يحد من تدفق الأوكسجين إليه ويؤدي لموت الخلايا. ومن بين الدلائل على الإصابة بإحدى حالات السكتة الدماغية التي غالبا ما تكون أكثر خطورة هي حدوث اضطرابات في الرؤية وإصابات شلل واضطرابات في الوجه والذراعين والساقين. ولا يزال الكثير من الناس لا يأخذون هذه الأعراض على محمل الجد.
يعزو الأطباء أسباب الإصابة الى وجود بعض العوامل التي تزيد من خطر التعرض للسكتة الدماغية، ويمكن تصنيفها على النحو التالي:
ارتفاع ضغط الدم: هو من أكثر الأسباب التي تؤدي الى حدوث سكتة دماغية، حيث ان نحو 70 بالمائة من المرضى يكون ضغط الدم لديهم مرتفعا، وكلما ارتفع الضغط كلما زاد خطر احتمال الإصابة في السكتة الدماغية، وعلى العكس فان انخفاض ما نسبته 6 مم /الزئبق في قيم الضغط الانبساطي يؤدي إلى انخفاض ما نسبته %40 من خطر احتمال الإصابة بالسكتة الدماغية. إن مراقبة ضغط الدم وإبقائه ضمن المعدلات الطبيعية خصوصا لمن لديهم تاريخ عائلي بارتفاع ضغط الدم هو من العوامل الاحترازية للحؤول دون الإصابة بالسكتة الدماغية. المعدل الطبيعي لضغط الدم الموصى به من قبل الأطباء هو 70-80 / 120-130.
مرض السكري: يزيد خطر الإصابة بالسكتة الدماغية بمعدل أربعة أضعاف لدى مرضى السكري بنوعيه الأول والثاني، والخطر هنا يكمن في عدم ظهور أي أعراض تنذر بقرب حدوث السكتة الدماغية ويزداد أكثر فأكثر في حالات السكري غير المعتدل لفترات طويلة حيث يسهم في حدوث انسداد في الأوعية الدموية الصغيرة في أعضاء الجسم مثل الأمعاء والكلى، وكذلك لانسداد أوعية الدم في الدماغ وبالتالي يؤدي الى سكتة دماغية.
الرجفان الأذيني: وهو المرض الذي ينتج عنه عدم انتظام ضربات القلب، حيث يؤدي إلى البطء في تزويد الدم بين الاذين والبطين، وبالتالي عندما لا يجري الدم بصورة سليمة فانه يميل إلى التجلط ليصبح خثرة التي قد تنجرف مع تدفق تيار الدم لتصل الى الدماغ، وبالتالي يؤدي الى سكتة دماغية إنسدادية. تزداد نسبة الإصابة بهذا الاضطراب مع التقدم في السن، ويتطور هذا المرض عادة لدى من يعانون من الأمراض القلبية الأخرى مثل قصور القلب، ومرض الصمامات أو تصلب الشرايين التاجية. مرضى الرجفان الأذيني هم في خطر مضاعف 5-6 مرات للإصابة بالسكتة الدماغية وعلاج هذه الحالة بمضادات التجلط يخفض خطر الإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة تصل الى حوالى 70 بالمائة.
ارتفاع نسبة الدهون الضارة: والمقصود هنا الكوليسترول الضار (LDL) حيث ان ارتفاعه يزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية. من المهم الحفاظ على معدلات الكوليسترول الجيد (HDL) والضار (LDL) ضمن المعدلات الطبيعية الموصى بها وهي 100 ملغ/دل لدى من يتمتعون بصحة جيدة، وأقل من 100 ملغ/دل لمن لديهم عامل من عوامل خطر الإصابة بالسكتة الدماغية، وأقل من 70 ملغ/دل لمن خضع للقسطرة العلاجية، أو أصيب بالنوبة القلبية أو السكتة الدماغية.
وسائل منع الحمل: وتحديدا حبوب منع الحمل المركبة من هرموني الاستروجين والبروجيستيرون واستخدامها لفترات طويلة من دون توقف، لأن ذلك يزيد من فرص تكوّن الخثرات الدموية؛ كما يزيد من فرص ارتفاع ضغط الدم.
التدخين: وهو العامل الأكثر خطورة على أعضاء الجسم كافة؛ وهو عامل محفز لتطور تصلب الشرايين وزيادة مستويات عوامل التخثر في الدم، وأيضا يزيد من الضرر الذي ينشأ في بطانة الأوعية الدموية في الدماغ.
السمنة الزائدة: لاسيما لدى الفئات الذين لديهم سمنة في الأرداف او البطن. سبب الخطر لدى هذه الفئة بحسب الدراسات الطبية مرتبط في خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم والدهون ومقاومة الجسم للانسولين وصولا الى الإصابة بمرض السكري. فقدان الوزن بنسبة تتراوح ما بين %5 إلى %10 فقط يمكنه ان يؤدي إلى انخفاض الدهون في منطقة البطن %30، وبالتالي تحسين بشكل كبير من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
الأوعية الدموية: وتنتج أمراض الأوعية الدموية عن ضعف في جزء من نظام الأوعية الدموية، ما يتسبب في انتفاخ جزء ضعيف في جدار الشريان لتمدد الأوعية الدموية ويزيد بالتالي من خطورة انفجار الشريان وتسرب الدم داخل الدماغ وهو ما يعرف بالنزيف الدماغي.
الصداع النصفي المصاحب للهالة البصرية: أي اضطراب الرؤية قبل بدء الصداع النصفي. تشير الدراسات الطبية أن هذا النوع من الصداع النصفي هو من عوامل الخطورة للإصابة بالسكتة الدماغية وبشكل خاص في السيدات في سن 51-49 عام بالإضافة للمدخنات ومستخدمي أقراص منع الحمل.
السكتة الدماغية نتيجة التخثر
وتسمى أيضا السكتة الدماغية الإقفارية وهي سبب معظم حالات السكتة الدماغية حيث تصيب حوالى 85 بالمائة من المرضى. تحدث بسبب انسداد الأوعية الدموية في الدماغ، وتصلب الشرايين هو العامل الأكثر انتشارا، وهناك سبب آخر هو الإحتشاء الدماغي الذي يحدث عندما تكون خثرة أو جسيم آخر تنفصل عن موقعها في جدران الشريان، من خارج الدماغ او من منطقة القلب، ثم يحملها تيار الدم الى الدماغ ويؤدي بالتالي الى انسداد أحد الأوعية الدموية الحيوية.
سكتة دماغية عابرة
قد يصاب البعض بما يُعرف بـ “سكتة دماغية عابرة” او تسمى النوبة الإقفارية العابرة، تستغرق دقائق عدة فقط، وان كانت كل أعراضها مشابهة لأعراض السكتة الدماغية، ولكنها على العكس منها فإنها قابلة للإصلاح، وان الأعراض العصبية تزول خلال فترة قصيرة. لابد من تحذير المرضى لأن ما بين 10 الى 15 بالمائة ممن تعرضوا للسكتة الدماغية البسيطة هم عرضة للإصابة بالسكتة الدماغية الواسعة خلال 90 يوما التي تلي حدوثها، وتعتبر الأيام الأولى من وقوع السكتة الدماغية العابرة هي الأكثر خطورة.
علامات تحذيرية
رغم وجود بعض العلامات التحذيرية التي تشير الى حدوث السكتة الدماغية، إلا انها في كثير من الأحيان يصعب تشخيصها؛ وفي هذا الإطار يشدد الأطباء على ضرورة سرعة التوجه الى المستشفى في الساعات الثلاث او الأربع الأولى من حدوث السكتة الدماغية لأن ذلك يسهم في تقليص الضرر في خلايا الدماغ وبالتالي الحد من خطورة المضاعفات التي تنتج عن السكتة الدماغية.
وتكون العلامات التحذيرية على النحو التالي:
- الضعف أو الشلل المفاجئ باليد أو بالقدم أو بالوجه في جانب واحد من الجسم.
- التنميل أو الاضطراب الحسي المفاجئ في الأطراف.
- اضطراب وارتباك مفاجئ في النطق أو الفهم.
- تشوه عضلات الوجه.
- اضطراب مفاجئ في فقدان التوازن أو اضطراب في تناسق الحركات.
- اضطراب مفاجئ في الرؤية، ازدواجية الرؤية، تشوش الرؤية.
- صداع حاد مفاجئ من دون سبب.
خطوات تقي من خطر الإصابة
- يعتقد البعض أن الوقاية من الإصابة بالسكتة الدماغية قد يكون شبه مستحيل وأنها ستحصل لا محالة. ولكن، وكما سائر الأمراض، فان اتّباع بعض النصائح والإرشادات خلال الحياة اليوميج تسهم الى حد كبير في الحد من خطر الإصابة وإبعاد شبح السكتة الدماغية.
- التحكم بارتفاع ضغط الدم.
- الإقلاع عن التدخين:فهو السبب الرئيسي للإصابة بتصلب الشرايين الذي يؤدي بدوره للإصابة بالسكتة الدماغية. كما أن المدخن هو أكثر عرضة للجلطات القلبية التي تسبب السكتة الدماغية في بعض الحالات.
- الغذاء الصحي: لأن الغذاء غير الصحي مسؤول عن حوالى 40 بالمائة من حالات السكتة الدماغية، وهو أولى الخطوات الواجب اتباعها لتجنب خطر الإصابة. ينصح الأطباء الإكثار من الخضراوات والفواكه الطازجة الغنية بالفيتامينات مع الحد من تناول الملح والدهون المشبعة والسكريات.
- ممارسة الرياضة: وهي من أهم الممارسات التي تحمي ليس فقط من السكتة الدماغية بل من الكثير من الأمراض.