أمراض وعلاجات

الرحم بيت الدّاء أيضًا

الرحم بيت الدّاء أيضًا

شدّة الأعراض تحدد العلاج

أمراض الرحم ومشاكله عديدة والسبب في ذلك ما تعيشه المرأة من إختلافات فيزيولوجيّة في مراحل حياتها، بدءًا من العادة الشهرية وما تشهده هذه المرحلة من تغيرات هرمونية كل شهر مروراً بالحمل والولادة ووصولاً إلى مرحلة سن اليأس وما يمكن أن يرافقها من إضطرابات.

أمراض الرحم يمكن أن تكون بسيطة كالألياف الحميدة ويمكن أن تتطور لتصبح خطيرة، فهناك أمراض قد تكون سبباً للعقم مثل بطانة الرحم المهاجرة أو النزيف الرحمي غير العادي وأمراض أكثر خطورة كالسرطان.

أورام الرحم الليفية

أكثر من 99٪ من حالات الأورام الليفية ليست سرطانية وليست مرتبطة بالسرطان ولا تزيد من خطر إصابة المرأة بسرطان الرحم

تشكل أورام الرحم الليفية أحد أكثر الأمراض التي تصيب الجهاز التناسلي لدى المرأة، تصيب الفتيات والنساء المتزوجات حيث تشير الإحصاءات إلى أن ما بين 20 إلى 50 بالمائة من النساء يعانين من الأورام الليفية الحميدة في سن الإنجاب وهي كذلك الأكثر شيوعًا عند النساء في سن الأربعينات وأوائل الخمسينيات من العمر أي عند بداية دخولهن مرحلة إنقطاع الدورة الشهرية.  يصنّف الأطباء ألياف الرحم بحسب موقعها، فهناك ألياف في تجويف الرحم تنشأ تحت البطانة، وأورام في جدار الرحم تتكوّن ضمن الطبقة العضلية فيه، وأورام خارج الرحم تنشأ تحت الطبقة الخارجية الرقيقة المغلّفة للرحم، بالإضافة إلى الأورام الليفية الموجودة داخل تجويف الرحم أو خارجه وتتصل به من خلال عنق صغير. 

يجمع الأطباء أن أكثر من 99٪ من حالات الأورام الليفية ليست سرطانية وليست مرتبطة بالسرطان ولا تزيد من خطر إصابة المرأة بسرطان الرحم.

معظم حالات أورام الرحم الليفية لا تسبب أي أعراض وقد لا تؤثر على حياة المرأة الإنجابية، لكن في المقابل هناك بعض الحالات من الألياف سريعة النمو بشكل يتعارض مع الإنجاب ويعيق عمل الأعضاء المجاورة كالمثانة البولية مما يؤدي إلى الرغبة في كثرة التبول وقد تضغط كذلك على المستقيم. في حال كانت الأورام الليفية كبيرة جدًا، قد تسبب تضخماً في منطقة البطن ما يجعل المرأة تبدو وكأنها حامل. تعاني المرأة في مثل هذه الحالات من أعراض شديدة كالنزيف الرحمي غير الطبيعي خارج أوقات الدورة الشهرية، فتحتاج المرأة في هذه الحالة إلى التدخل الطبي واتخاذ قرار بالعلاج وفق ما يراه الطبيب مناسباً للحالة.

من أعراض أورام الرحم الليفية التي يمكن أن تعاني منها المرأة طول فترة الدورة الشهرية وغزارتها، مع آلام شديدة في الحوض بسبب ضغط الورم الليفي وآلام في البطن وأسفل الظهر. كما تعاني المرأة من الحاجة المتكررة للتبول والمغص والإمساك في الحالات المتقدمة وتضخم الرحم.

بالنسبة للعلاج، يجب الإشارة في بداية الأمر إلى أن عملية إستئصال الرحم بسبب الأورام الليفية باتت نادرة ولا تُجرى الا في حالات نادرة حيث يكون الورم متقدّم، أما إذا كانت الأورام الليفية ذات أعراض معتدلة أو حادة، فيكون  العلاج عبر التدخل الجراحي البسيط. يمكن علاج أورام الرحم الليفية بالأدوية عند وجود أعراض خفيفة حيث تُعطى المريضة أدوية تسكين للآلام المرافقة للحالة، وفي حال وجود نزيف حاد خلال الدورة الشهرية، يصف الطبيب  مكملات الحديد لتجنب الإصابة بفقر الدم. 

في بعض الحالات، يصف الطبيب الأدوية الهرمونية مثل حبوب منع الحمل أو حقن البروجسترون التي تسهم في وقف نمو الأورام الليفية وتسيطر على النزيف الشديد؛ أحياناً يلجأ الطبيب إلى هذا النوع من العلاجات قبل العملية لتقليص حجم الورم ما يسهّل إجراء الجراحة ولكن لوقت محدد فقط نظراً لما تحمله من مضاعفات كالإكتئاب والأرق وآلام المفاصل وهشاشة العظام. في حال لم ترغب السيدة بالحمل أو وصلت إلى عمر متقدّم، فإن عملية إستئصال الرحم هي العلاج النهائي. حجم الورم وعدد مواضع التليّفات وغيرها من التفاصيل يناقشها الطبيب مع المريضة لتحديد خيار التدخل الجراحي بدقة.

إلتهابات الرحم

التأخر في علاج الإلتهابات قد يتسبّب بالكثير من المضاعفات تصل إلى حد العقم

الإلتهابات النسائية وإلتهابات الرحم من الأمراض الشائعة بين النساء وقد تتسبب بمشاكل كثيرة تصل إلى حد عدم إمكانية الإنجاب ما لم يتم علاجها في وقت مبكر. يوجد الكثير من الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى الإلتهابات سواء إلتهاب عنق الرحم أو بطانة الرحم. من أبرز الأسباب وجود إلتهابات مهبلية لا يتم علاجها فسرعان ما تتطور لتصل إلى عنق الرحم ومن ثم إلى الرحم. العدوى المنقولة جنسياً تؤدي كذلك إلى إلتهابات في الرحم، بالاضافة إلى الداء المهبلي الجرثومي حيث يزداد نمو البكتيريا الموجودة بشكل طبيعي في المهبل فتسبب بذلك الإلتهاب.

كما أن هناك بعض الأسباب غير الشائعة قد تتسبب في حدوث الإلتهاب بعنق الرحم منها الحساسية ضد بعض أنواع الواقي الذكري أو الحساسية ضد الفوط الصحية التي تسبب إلتهابات مهبلية قد تنتقل إلى جدار الرحم، كذلك عدم الإهتمام بالنظافة الشخصية والإفراط في إستخدام الغسول المهبلي. تعاني المرأة من بعض الأعراض التي تنذر بوجود مشكلة ما وتستدعي التدخل الطبي الفوري مثل كثرة الإفرازات المهبلية وإفرازات كثيرة بعد إنتهاء فترة الدورة الشهرية والتي غالباً تكون غير منتظمة، كما يمكن أن تعاني المرأة من تكرار في التبول يرافقه الشعور بالألم وكذلك آلام أثناء الجماع ونزيف بعد ذلك أو تشنجات مهبلية.

التأخر في علاج الإلتهابات قد يتسبّب بالكثير من المضاعفات تصل إلى حد العقم أو الإجهاض المتكرر وقد تتطور الحالة إلى إلتهابات في الدم. تكون المضادات الحيوية أولى خطوات العلاج ومنع المضاعفات على أن يتم تناولها بدقة تحت الإشراف الطبي، كما يقوم الطبيب النسائي  بالتخلص من أي  صديد أو بقايا مشيمة أو أداة كانت قد سببت هذه الإلتهابات في الرحم من الأصل مثل اللولب الذي تعتمده النساء كوسيلة لمنع الحمل.

بعض أنواع الإلتهابات يكون الشريك مسؤول عنها وبالتالي يجب أن يُعالج لتجنب تكرار العدوى المنقولة جنسياً. في حال كانت المرأة حاملاً قد يقوم الطبيب بإجراء عمليات كحت للسيطرة على الإلتهابات وضمان إستمرار الحمل. في الحالات المتقدمة التي لا تستجيب مع أي من العلاجات المذكورة، يلجأ الطبيب إلى تنظير الرحم أو الجراحة.

سرطان الرحم

سرطان الرحم يحتل المرتبة الرابعة على مستوى السرطانات الأكثر شيوعاً بين النساء على مستوى العالم

ذكرت منظمة الصحة العالمية مؤخراً أن سرطان الرحم يحتل المرتبة الرابعة على مستوى السرطانات الأكثر شيوعاً بين النساء على مستوى العالم، وقد جاء هذا التقرير بمناسبة اليوم العالمي للسرطان حيث ناشدت وكالة الصحة التابعة للأمم المتحدة توفير لقاح فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) بشكل أفضل، حيث يجب تحقيق ثلاثة أهداف بحلول عام 2030 أولها تلقي 90 في المائة من الفتيات تطعيماً كاملاً بلقاح فيروس الورم الحليمي البشري بحلول سن 15 عاما وخضوع 70 في المائة من النساء للفحص عبر إختبار عالي الجودة لدى بلوغهن 35 عاما من العمر، وخضوعهن لإختبار آخر لدى بلوغهن سن 45 ومعالجة 90 في المائة من النساء المصابات بسرطان عنق الرحم. 

وأوضحت منظمة الصحة أن تحقيق هذه الأهداف سيؤدي إلى إنخفاض الحالات بنسبة تزيد عن 70 في المائة بحلول عام 2050 ويساعد في تجنب 4.5 مليون حالة وفاة بسرطان عنق الرحم. حالات سرطان عنق الرحم في غالبيتها تحدث بسبب إستمرار الإصابة بفيروس الورم الحليمي البشري الذي يعد واحداً من أكثر الأمراض المنقولة جنسياً ويصيب الرجال والنساء. ثمة أكثر من 100 سلالة من الفيروس، لكن السلالتين 16 و18 الخبيثتين بصورة خاصة مسؤولتان عن حوالى 70 بالمئة من إجمالي حالات سرطان عنق الرحم.

التطور الطبي كان كفيلاً بالتوصل إلى لقاح يقي من الإصابة بأكثر أنواع هذا الفيروس التي تسبب 70% من حالات سرطان عنق الرحم. فاللقاح لديه القدرة على الوقاية من معظم حالات سرطان المهبل والفرج لدى النساء، ومنع الثآليل التناسلية.

يُنصح بإعطائه للبنات والأولاد من سن 11 إلى 12 سنة، ومن المهم إعطاء اللقاح للأولاد والبنات قبل حدوث اتصال جنسي وقبل التعرض للإصابة بفيروس الورم الحليمي البشري. بمجرد حدوث العدوى، قد يفقد اللقاح فاعليته؛ وإذا لم يتم تطعيمهم كلياً في سن 11 إلى 12 سنة، تنصح مراكز مكافحة الأمراض والوقاية (CDC) بإعطائه للبنات والنساء في سن 26 سنة وللأولاد والرجال في سن 21. 

في كثير من الحالات، يمكن للمرأة أن تُشفى تلقائياً لكن في المقابل هناك بعض الحالات المزمنة التي تؤدي إلى تغيرات شاذة في خلايا عنق الرحم مع مرور الوقت وتكون هذه المرحلة هي مرحلة ما قبل السرطان حيث تتطور بصمت ولا تظهر إلا بعد مرور سنوات.

أما العلامات التي تشير إلى المراحل المتقدمة من سرطان عنق الرحم، فهي:

  • نزيف مهبلي غير معتاد يعتبر من أكثر الأعراض ارتباطاً بسرطان عنق الرحم، يحدث عادة بين دورتين أو بعد الإتصال الجنسي، او غزارة الدم أثناء الدورة الشهرية، او حدوث نزيف بعد سن اليأس.
  • ألم الحوض ويتراوح من ألم حاد إلى متوسط، وإذا كان هذا العارض جديدا وغير مرتبط بأعراض الطمث ينبغي إذن استشارة الطبيب، أيضا الألم أثناء الجماع أو أثناء التبول كلها علامات تحذيرية.
  • إفرازات داكنة اللون وكريهة الرائحة وأحيانا يكون إفراز مائي.
  • الرغبة في التبول بشكل دائم من الأعراض المرتبطة بسرطان عنق الرحم بسبب التغيرات التي تصيب مجرى البول.
  • مسحة عنق الرحم ودورها في التشخيص المبكر

تسهم مسحة عنق الرحم أو كما تعرف بـ”PAP Smears” في الكشف عن التغيرات غير الطبيعية في خلايا عنق الرحم، والتي قد تشير إلى احتمال تطورها إلى أورام خبيثة في المستقبل، ما يسهم في إيقاف التطور المحتمل للإصابة بالسرطان، وسرعة علاجها في حالة الإصابة.

أما طريقة الفحص، يقوم الطبيب ببطء بإدخال المنظار في المهبل، ثم يقوم بكشط عينة صغيرة من الخلايا من عنق الرحم، ومعظم النساء يشعرن بدفعة بسيطة أثناء الكشط. سيتم الحفاظ على عينة من الخلايا من عنق الرحم وإرسالها إلى مختبر لاختبار وجود خلايا غير طبيعية، وبعد الإختبار قد تشعر السيدة بألم بسيط أو القليل من التشنج، كما يمكن أيضا حدوث نزيف مهبلي خفيف جدا بعد الاختبار مباشرة. إذا كانت نتائج الإختبار غير طبيعية، فهذا لا يعني الإصابة بالسرطان، ولكن يعني ببساطة أن هناك خلايا غير طبيعية في عنق الرحم، وبعضها قد يكون خلايا قبل سرطانية، وتحتاج للمزيد من الفحوصات لتحديد طبيعتها. إعتماداً على ما تظهره نتائج الاختبار، يوصي الطبيب بزيادة وتيرة مسحة عنق الرحم، أو الحصول على نظرة فاحصة على نسيج عنق الرحم مع إجراء يسمى التنظير المهبلي، وفي بعض الحالات قد يأخذ الطبيب أيضا عيّنة من أنسجة عنق الرحم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى