الربو والحساسية
الربو والحساسية
مرض العصر والسبب تلوث البيئة وتغير المناخ
ازدادت أهمية العلاج الطبيعي والطب الفيزيائي في السنوات الأخيرة بعد ان برزت أهميته في سائر المجالات الطبية ودوره في إعادة نشاط المريض وخروجه من أزمته الصحية، والأمر لا يتعلق فقط بالإصابات الجسدية المباشرة بل دخل ايضا في مجال أمراض الرئة والدماغ والسكتة الدماغية وعلاج السلس البولي وأمراض الجهاز التنفسي وأمراض القلب بعد العمليات الجراحية؛ ومع تطور الطب الحديث، تبيّن انه في بعض الحالات لا يكفي الدواء وحده في القضاء على المرض بل هو بحاجة الى إعادة تأهيل لاستعادة كامل عافيته سواء على الصعيد الجسدي او حتى النفسي. قد يظن البعض ان إعادة التأهيل هي عبارة فقط عن تمارين وتدليك للجزء المصاب، الا ان مفهوم طب إعادة التأهيل تخطى ذلك بكثير فدخل في العديد من المجالات والمشاكل الصحية الى ان أصبح جزءً أساسيا منها.
يشهد المناخ العالمي تقلبات وتغيرات في درجات الحرارة سواء في فصل الشتاء او الصيف، فبتنا نشهد صيفا حارا جدا لم يسبق له مثيل وشتاء بارد وقاس جدا ايضا؛ الى جانب التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة الذي بلغ ذروته في شهري تموز\ يوليو وآب \ أغسطس، يتأثر مرضى الربو بالتلوث البيئي والروائح الكريهة وحرق النفايات وغيرها من الأمور الملوثة للجو حيث يستنشق مريض الربو تلك الحبيبات الملوثة المنتشرة في الهواء.
تلوث البيئة
الى جانب تغير المناخ، فان العوامل البيئية المحيطة تحمل في طياتها الكثير من المشاكل الصحية لهذه الفئة من المرضى، حيث يؤدي تلوث الهواء إلى زيادة شكوى أعداد كبيرة من مرضى الربو والحساسية نتيجة دخول بعض ملوثات الهواء الجوي كالدخان والغبار وذرات بعض المركبات الكيماوية، إلى الجهاز التنفسي عبر الأنف إلى الرئتين، أو عند ملامسة ذات النشاط الكيماوي منها لجلودهم كالدخان وأبخرة بعض المواد الكيماوية الضارة بالصحة. ان البيئة المحيطة مليئة بالعديد من المؤثرات التي تؤذي
الرئتين فتُؤدي بالتالي إلى الإصابة بالربو او الحساسية لأنها بمثابة مهيجات لمرض الربو وتَزيد من حدّته مثل الغبار الكثيف وروائح النفايات وإحراق الإطارات وما ينتج عنها من دخان ملوث؛ ومن مهيجات مرض الربو الموجودة ايضا التدخين، اذ ان وجود شخص مدخن في المنزل تزيد من احتمالية وجود شخص مصاب بالربو في المنزل.
الهواء الملوث اذن هو سبب للعديد من الأمراض للرئة الى جانب مرض الربو، فالهواء الملوث يَعمل على زيادة نسبة حساسية الشخص لظهور أعراض الربو والهواء الملوث يَعمل على مضاعفة وزيادة خطر الإصابة بأعراض الربو التي قد تتسبب في التشنج والاختناق، وعدم القدرة على الحركة، وتُصبح أطراف الشخص زرقاء في هذه الحالة يجب نقل المصاب إلى المستشفى في أسرع وقت.
وقد يتكرر حدوث نوبات الربو من ملوثات الهواء وتشتد حدتها بين حين وآخر نتيجة تعرض الأشخاص الحساسين للعوامل المسببة لها، وقد تكون أعراضها المرضية خفيفة الشدة في شخص ما وحادة في آخر، ويكون الأطفال أكثر عرضة للإصابة بأمراض الحساسية من الآخرين لصغر أجسامهم وضعف مقاومتها نسبياً للأمراض، وترتبط في أحوال كثيرة التغيرات.
الرطوبة
من العوامل المناخية التي تؤثر في مرضى الربو هي الرطوبة، اذ ان زيادة نسبة الرطوبة اذا ترافقت مع ارتفاع درجة الحرارة فانها تخلّف آثارا سلبية لى الجهاز التنفسي وتؤدي الى حدوث نوبة ربو شديدة الى حالته الطبيعية كما يؤثر ارتفاع نسبة الرطوبة في الأنف وقد يؤدي إلى التهاب الأنف الوعائي الحركي وهو احتقان الأنف وزيادة مفرزاته نتيجة اضطراب الجهاز العصبي ما يؤدي الى انسداد الأنف، والشخير والتهاب الجيوب الأنفية؛ وهذا يحدث نتيجة تغير درجة الحرارة والرطوبة وليس نتيجة الحساسية الأنفية كما يحدث نتيجة دخان السجائر والروائح العطرية في حين تتمثل الاعراض في احتقان الأنف وعطاس وسيلان مائي.
من ناحية اخرى، فان انخفاض نسبة الرطوبة يؤدي الى جفاف مخاطية الأنف وبالتالي الى الرعاف والتهاب الأنف حيث يحدث الرعاف نتيجة جفاف مخاطية الأنف والرض البسيط فيحدث نزف أنفي غزير خاصة اذا كان لدى المريض ارتفاع بالضغط الدموي فيما يكون العلاج بالضغط الخارجي على الأنف وترطيبه بالمراهم وقد تحتاج الحالة الى الدك الأنفي والمضادات الحيوية.
كما تجدر الاشارة الى أن زيادة الرطوبة تسهل الظروف للعث المنزلي وهي حشرة منزلية المسؤولة عن نسبة عالية من الحساسية والربو والتهاب الأنف التحسسي لدى الصغار والكبار، لذا تزداد الاصابة بها بازدياد الرطوبة ولا يمكن إزالتها من المنزل بل يمكن انقاص عددها بانقاص الرطوبة والتهوية الجيدة وتنظيف السجاد والفرش المنزلي.
البخاخات
تدخل البخاخات في صلب علاج مرضى الربو كونها تسهم في تثبيط فرط الاستجابة لدى مريض الربو وفي إزالة الأعراض الحادة التي يصاب بها؛ لذلك، ما ان يشعر مريض الربو بحدوث النوبة يسارع الى استخدام البخاخ للحد منها ما يحتّم ضرورة وجود البخاخ مرافقا له أينما كان مهما كانت الظروف.هناك نوعين من الادوية المستخدمة، الاولى هي ادوية ضابطة تساعد على السيطرة على المرض (Controller) وأدوية إسعافية سريعة المفعول تساعد على إزالة الأعراض الحادة له (Reliever)، وعلى الطبيب ان يميّز حالة مريضه لإعطائه البخاخ المناسب.
وغالبا ما نسمع عن بخاخات الكورتيزون وسرعة تأثيرها في الحد من الحالة وهي تعتبر الافضل لتثبيط فرط الاستجابة ومنع إفراز المواد الكيميائية التي تتسبب في الالتهاب التحسسي. ومن ثم فهذه الأدوية تساهم في منع التغيرات طويلة الأمد في جدار القصبة، وبالتالي تساهم في الحفاظ على وظيفة الرئة من دون تدهور. لا بد من التأكيد في هذا المجال على ان بخاخات الكورتيزون آمنة، اذ ان جرعة قليلة منها كافية للسيطرة على الحالة واعراضها السلبية اقل بكثير من الأعراض السلبية لمرض الربو على المدى القريب والبعيد. ومن أبرز الأعراض الجانبية احتمالية تكون فطريات في الفم، لذا ينصح المريض بالمضمضة بعد استخدامها. من جانب آخر، فان ليس بالضرورة ان يعالج جميع مرضى الربو عن طريق البخاخ، فهناك حالات خفيفة يكفي ان تبقى بعيدة ان المهيجات فقط؛ وهناك حالات اخرى يحتاج المريض الى الادوية الضابطة بانتظام ولفترة متواصلة حتى لو اختفت اعراض الربو لان ذلك من شأنه يسهم في الحد من المواد الكيميائية المشاركة في الالتهاب التحسسي بشكل يمنع التغيرات المزمنة في جدار القصبة ويحفظ وظيفة الرئة.
في حال لم يواظب مريض الربو على الادوية او البخاخات اللازمة والضرورية لحالته، فانه معرض للاصابة بنوبة الربو بين الحين والآخر على ان تتكرر الحالة وتقل الفترة الزمنية بين النوبة والاخرى؛ والاخطر من ذلك هو ان النوبة قد تكون حادة الى حد يستدعي نقله الى المستشفى حيث يلجأ الاطباء الى حقنة وريدية أو جرعة فموية قصيرة الأمد من الكورتيزون، وهذه الجرعة هي أكبر من مجموع جرعة بخاخ الكورتيزون على مدى ثلاثة شهور، فضلا عن أن وصولها إلى الدم أكبر وبالتالي أعراضها الجانبية أكبر، فضلا عن أنها لا تمنع التغيرات طويلة الأمد في جدار القصبة. ان الهدف المرجو من علاج مرض الربو هو بالدرجة الاولى الحد من خطورة الحالة والسيطرة على المرض لكي لا تزيد مضاعفاته سوءً، والحفاظ على وظائف الرئتين قريبة من الطبيعي قدر الامكان وتجنب الآثار الجانبية للادوية المستخدمة.
الوقاية
تبقى الوقاية هي السبيل الوحيد لتجنب ازمة الربو الحادة وتكون من خلال الابتعاد عن المهيجات والمسببات التي ينتج عنها نوبة ربو؛ ويمكن لمريض الربو اتباع النصائح التالية التي من شأنها ان تقيه من حدوث النوبة:
- تنظيف المنزل بشكل مستمر لعدم تراكم الغبار واستخدم المكنسة الكهربائية المزودة بمصفاة صغيرة المسام.
- عدم التدخين بسائر انواعه نهائيا وتجنب التدخين غير المباشر.
- تجنب المواد المسببة للحساسية التي قد تسبب تعرضك للربو. إذا كانت لديك حساسية تجاه القطط أو الكلاب، فقم بإخراجها من منزلك.
- تجنب شراء الملابس أو المفروشات أو السجادات المصنوعة من وبر الحيوان.
- استخدم مكيف الهواء، فمكيف الهواء يساعد على تخفيف مقدار غبار الطلع المنقول في الهواء من الأشجار، والأعشاب، والأعشاب الضارة الذي يجد طريقة نوعا ما للدخول إلى المنزل. كما أن مكيف الهواء يخفف من الرطوبة الداخلية وقد يساعد على تخفيف تعرضك لعث الغيار. إذا كنت لا تملك مكيف هواء في منزلك، أبق نوافذك مغلقة في أثناء موسم غبار الطلع واستخدم مروحة.
- التحقق من نظام التدفئة، إذا كنت تملك نظام تدفئة عاملا بالهواء ولديك حساسية تجاه الغبار، استخدم مصفاة للسيطرة على الغبار. بدّل المصافي في وحدات التسخين والتبريد، أو نظفها مرة كل شهر. ضع قناعا عند تبديل المصافي المتسخة.