البدانة والسكري
البدانة والسكري
خسارة 5% من الوزن الزائد كفيلة بتجنب الإصابة
العلاقة بين داء السكري والبدانة وثيقة جدا والأبحاث المشتركة التي تجري في هذا المجال أفضت الى نتيجة مفادها أن التخلص من الوزن الزائد يسهم في السيطرة على معدلات السكري وربما الشفاء منه في حال كان لا يزال في بدايته. فقد توصل الباحثون الى خلاصة مفادها أن خسارة الوزن هي بداية العلاج لمرضى السكري من النوع الثاني.
الدراسات في هذا الشأن تشير إلى أن الأشخاص الذين يعانون من الوزن الزائد سوف يتطور هذا المرض في حياتهم، كما أن غالبية الحالات التي تم تشخيصها بالداء السكري من النوع الثاني يتم تشخيصها عند المرضى الذين يعانون من السمنة المفرطة وزيادة الوزن. فالبدانة تقوي مقاومة الانسولين ما يؤثر على تنظيم السكر في الجسم. خسارة خمسة بالمائة من الوزن الزائد تعتبر كافية كمحاولة لمنع الإصابة بداء السكري من النوع الثاني، وفق ما توصلت اليه الدراسات العلمية والإحصاءات التي تؤكد ان تمركز البدانة في محيط الخصر وفي منطقة البطن يعرّض الشخص لخطر الإصابة بداء السكري.
ويكون سبب الإصابة بالسكري هو قلة إنتاج الإنسولين وعدم استجابة الجسم للكميات التي تفرزها غدة البنكرياس عند مرضى السمنة. كما أن تناول سعرات حرارية بشكل أكبر من حاجة الجسم يؤدي إلى تكوّن الأنسجة الدهنية البيضاء التي تقاوم نسبة الإنسولين بالجسم. في هذا النوع من السكري ينتج البنكرياس كمية طبيعية من الإنسولين وربما أيضا أكثر من المعتاد، ولكنها لا تكون كافية للجسم أو تكون هناك مقاومة من قبل الخلايا للإنسولين فلا يعود قادرا على التأثير فيها وبالتالي إدخال الغلوكوز من الدم لها ويؤدي هذا إلى تجمع الغلوكوز في الدم وارتفاع مستوياته.
مقاومة الانسولين وزيادة الوزن
يتم إفراز هرمون الانسولين في الدم بواسطة خلايا بيتا بالبنكرياس هرمون الانسولين ليقوم بتنظيم مستوى السكر في الدم عن طريق حث خلايا الجسم على استقبال الجلوكوز المرتفع بالدم بعد كل وجبة وتحويله الى طاقة تستهلكها الخلية في القيام بأعمالها الحيوية وبالتالي يقل مستوى السكر في الدم بعد ذلك.
لدى الانسولين دور مهم أيضا في عمليات الأيض التي لها علاقة بالبروتينات والدهون داخل الجسم. ولكن، تزداد مقاومة الجسم للأنسولين فيحتاج إلى كميات أكبر بكثير ليستطيع استخدام هذا الأنسولين، فنتيجةً لتعود الجسم على التعرض لكميات كبيرة جداً من الأنسولين يبدأ الجسم بمقاومة هذا الأنسولين وبالتالي يرتفع مستوى السكر في الجسم تدريجيا إلى أن يصاب بالنوع الثاني من السكري.
ولكن كيف يعمل الانسولين؟
إن خلايا الجسم بحاجة إلى السكر لكي تحصل على الطاقة اللازمة، في وقت لا يمكن أن يذهب السكر إلى معظم تلك الخلايا مباشرة بعد تناول الطعام وارتفاع مستوى السكر في الدم؛ لذلك يتم الإشارة إلى الخلايا الموجودة في البنكرياس والمعروفة باسم خلايا بيتا لإطلاق الانسولين في مجرى الدم ليعلق على الخلايا ويشير إليها لامتصاص السكر من مجرى الدم. عندما نستهلك الكربوهيدرات والدهون والبروتينات، فإن السكر الذي ينتج عنها يتم استقلابه باستخدام الإنسولين؛ بعد تناول وجبة، عندما يرتفع مستوى السكر في الدم، يتم الإشارة إلى خلايا بيتا في البنكرياس لإفراز الإنسولين فيقوم بالتالي بتحفيز الكبد والعضلات لامتصاص السكر. في حال وجود سكر في الجسم أكثر من حاجته، فإن الانسولين يساعد في تخزينه في الكبد ويطلقه عندما يكون مستوى السكر في الدم منخفضا أو إذا كان الجسم بحاجة إلى المزيد من السكر، كما هو الحال بين الوجبات أو أثناء النشاط البدني؛ وعليه، فإن الأنسولين يسهم في تحقيق التوازن في مستويات السكر في الدم ويبقيها في المعدل الطبيعي، ومع ارتفاع مستويات السكر في الدم يفرز البنكرياس المزيد من الأنسولين.
مقاومة الانسولين تحدث عندما تقل استجابة خلايا الجسم لهذا الهرمون، فترتفع معدلاته في الجسم ما يُترجم بزيادة مستوى السكر في الدم؛ مع مرور الوقت، يؤدي ذلك الى الضغط على البنكرياس عبر زيادة إنتاجه للانسولين ما قد يسبب في النهاية عدم قدرة البنكرياس على إنتاج الانسولين. العلاقة وثيقة بين مقاومة الانسولين وزيادة الوزن، فكلما زاد الوزن زادت احتمالية حدوث مقاومة الانسولين؛ تناول سعرات حرارية أكثر من المعدلات الطبيعية ينتج عنها اندفاع الدهون في الدم بكثرة ما يساعد ذلك على ظهور مقاومة الانسولين، كما ان الدهون الحشوية في منطقة البطن السفلية تعد من أهم الأسباب لمقاومة الانسولين وزيادة الوزن.
حقن التنحيف
يكفي التخلص ببضع كيلوغرامات من الوزن الزائد ليكون المريض في منأى من خطر تفاقم مرض السكري من النوع الثاني، ليكون بذلك بدأ السير بالتوجه الصحيح نحو العلاج. تثبت الدراسات ان التقليل من الوزن بنسة ما بين 5 الى 10 بالمائة يحمي المريض من السكري بحوالى النصف.
من هنا، فإن على كل شخص يعاني من البدانة ان يبدأ بخطوات العلاج بما يناسب حالته الصحية ووزنه. بعض الاشخاص يحتاجون الى نوع من الحقن التي تعمل على هرمون GLP1، الذي تفرزه الأمعاء بعد الأكل. تعمل هذه الحقن تماما مثل هرمون طبيعي يُفرز داخل الجسم المسؤول عن تنظيم الشهية من خلال تنشيط مناطق معينة في المخ مسؤولة عن الشعور بالشبع والجوع، فتجعل الشخص يشعر بالشبع والامتلاء بعد تناول كميات قليلة من الطعام. لقد حصلت هذه الحقن على موافقة من الـFDA لاستخدامها للتنحيف بعدما ثبت ان خسارة الوزن تحمي من الإصابة بالسكري في المستقبل، فضلا عن دورها في علاج من لديهم وزن زائد ومرض السكري في بدايته حيث ثبت نجاح فعاليتها في تجنب الإصابة. لكن لا بد من استشارة الطبيب قبل البدء بمثل هذه الحقن، واطلاعه على ما يمكن ان يحدث من مضاعفات مثل الغثيان. مع الإشارة الى ان هذه الحقن توصف في الغالب لمن عجزوا عن خسارة الوزن بواسطة الحمية الغذائية والرياضة. توصف هذه الحقن عادة لمن لديه مؤشر كتلة الجسم اكثر من 30، او في حال كان المؤشر 27 ولكنه يعاني من امراض مثل السكري وارتفاع ضغط الدم.
الرياضة والنظام الغذائي
اتباع نمط غذائي صحي مناسب مع ممارسة التمارين الرياضية هما الحل الامثل نحو التخلص من الوزن الزائد وهو الممر الإلزامي الذي يجب العبور به حتى لو استخدم المريض تلك الحقن او اي ادوية اخرى للتخلص من البدانة المرفقة بداء السكري من النوع الثاني. في ظل الأنظمة الغذائية الكثيرة التي نسمع عنها، على ما من يعاني من الوزن الزائد اتباع نظام غذائي خاص به عن طريق اخصائي التغذية والحرص على المتابعة الدورية معه لكي يحصل الجسم على حاجته من الأطعمة. هناك بعض النقاط العامة لإنقاص الوزن من أهمها الحد من تناول الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات والمشروبات المصنعة والغازية التي تحتوي على نسب عالية من السكريات.
يجب كذلك الإمتناع عن تناول الدهون المشبعة خصوصا في الفترة الاولى من الحمية واستبدالها بالأطعمة التي تحتوي على الدهون غير المشبعة، مع زيادة كمية الألياف لأنها تخفض نسبة السكر في الدم وتقلل من تركيز الدهون، فضلا عن أنها تمنح شعورا بالشبع لفترة أطول.
لا يمكن تجاهل دور الرياضة في القضاء على السمنة وتقليل فرص الاصابة بداء السكري من النوع الثاني، فيفضل ممارسة الرياضة لمدة نصف ساعة يوميا 3 مرات أسبوعيا على الأقل. فالرياضة اذا ما ترافقت مع النظام الغذائي الصحي والمناسب للحالة بالتأكيد النتائج ستكون مرضية.