القطاع الصحي السعودي مركزاً دولياً لاستقطاب الرساميل
إستثمارات عالية وإقبال متزايد
القطاع الصحي السعودي مركزاً دولياً لاستقطاب الرساميل
يزخر القطاع الصحي في السعودية بمشاريع وفرص استثمارية، بما يضعها في المرتبة السادسة عالمياً على هذا الصعيد. وتسعى المملكة إلى رفع نسبة مساهمة القطاع الخاص في الرعاية الصحية إلى 22%، الأمر الذي يعزز استفادة الشركات المتخصصة بالرعاية الصحية أو بالإنتاج الدوائي، على الإستثمار. وكان قسم الاستثمار في وزارة الصحة السعودية، أفاد بأن التوظيفات في القطاع الصحي الخاص في المملكة ارتفعت بنسبة 71% خلال العام 2024 مدعومةً بالتدفقات الأجنبية. وينتظر أن يواصل الإستثمار ارتفاعه سنويًّا وبوتيرة عالية أقله حتى العام 2035.
صحيح أن المملكة العربية السعودية ترفع استثماراتها في شكل عام، لكن التركيز على القطاع الصحي يرفع الإستثمار فيه بشكل لافت، فيما تُحوّل هذه الزيادة الكبيرة في الإستثمار وهذا التطور الضخم المسجَّل في القطاع الصحي في المملكة، الأنظار إليها كنقطة جذب وعامل استقطاب لمزيد من الرساميل المحلية والخارجية في مشاريع الإستشفاء والدواء وغيرها.
فالقطاع الصحي السعودي بات يزخر بمشاريع وفرص استثمارية تزيد قيمتها على 120 مليار ريال، بحسب وزير الاستثمار خالد الفالح. وقد شهد الملتقى الصحي العالمي في الرياض، الذي عقد قبل نهاية العام 2024، إطلاق استثمارات جديدة تناهز الـ 50 مليار ريال. وبالمناسبة أشار الفالح إلى تطور البنية التحتية الرقمية للقطاع الصحي، بما يضع السعودية في المرتبة السادسة عالمياً في هذا المجال، بالإضافة إلى تميّز برنامج التخصيص الذي يجذب استثمارات لمشاريع تتجاوز 120 مليار ريال. واعتبر الفالح أن المملكة تتمتع بميزة تنافسية مهمة، وهي أنها دولة عالية الموثوقية بالنسبة لملياري مسلم حول العالم. وبالتالي أي دواء أو غذاء حلال ينتج في المملكة سيكون واعداً وله سوق واسعة وجاذبية كبيرة.
ومثالاً على ذلك، هناك مستثمرون من باكستان يتطلعون للحصول على ترخيص في السعودية واعتماد من هيئة الغذاء والدواء لينقلوا صناعاتهم إلى المملكة بهدف التصدير إلى مختلف دول العالم. وتطلع المملكة إلى توفير تمويل لمشاريع القطاع الخاص في الرعاية الصحية، وتطوير المستشفيات من خلال صندوق متخصص بالبنية التحتية تابع لصندوق التنمية الوطني.
وتشكِّل النقلة النوعية المحقَّقة في القطاع الصحي والنتائج الصحية المميزة، سواء على صعيد النجاحات الصحية أو على صعيد التطورات التقنية والذكاء الإصطناعي، عاملَ جذبٍ مهم دخلت دائرتَه مراكزُ أبحاث عالمية ومستشفيات ومستثمرو قطاع خاص عديدون حول العالم. وهذا الأمر يبشِّر، بحسب الخبراء، باستجلاب المزيد من الإستثمارات وتحقيق المزيد من النتائج الصحية الواعدة.
فرص إستثمارية بـ330 مليار ريال
تسعى المملكة إلى زيادة مساهمة القطاع الصحي بالناتج المحلي من 199 مليار ريال حالياً إلى 318 مليار ريال في 2030. وستبلغ حصة القطاع الخاص منها حوالى 145 مليار ريال. وبحسب وزارة الصحة السعودية، يصل إجمالي فرص الاستثمار بقطاع الصحة السعودي إلى 330 مليار ريال. واستعرض مؤتمر “استثمر في الصحة”، في النسخة السابعة من ملتقى الصحة العالمي والذي عُقد في مركز الرياض للمعارض والمؤتمرات خلال الفترة من 21 إلى 23 أكتوبر الماضي، العديد من الفرص الاستثمارية، بمشاركة أكثر من 1000 مستثمر، وأكثر من 60 شركة ناشئة، ومجموعة كبيرة من رواد الأعمال، وتضمّن منتدى المستثمرين الذي سلط الضوء على الفرص الاستثمارية في القطاع الصحي. كما وفّر الحدث صالات خاصة للاجتماعات الثنائية بين المستثمرين والشركات.
وفي السياق وقّعت شركات وهيئات تعمل في المجال الصحي 138 اتفاقية ومذكرة تفاهم في السعودية خلال فترة وجيزة وعلى هامش “ملتقى الصحة العالمي”. وبلغت الاستثمارات في الاتفاقيات الموقعة 13.3 مليار ريال (نحو 4.03 مليار دولار). فالقطاع الصحي الخاص في السعودية يسجّل نموًّا كبيرًا من خلال الكثير من طلبات التراخيص الخاصه بالاستثمار، وذلك وفق الرؤية التي أحد مستهدفاتها تحوُّل القطاع الصحي تحوّلاً إيجابيًا في هذا المجال، وتمكين القطاع الخاص واعتباره شريكًا اساسيًا في رحلة التحوّل لخدمة صحية فاعلة وآمنة. وقد بلغ حجم الصفقات والاستثمارات التي شهدها ختام ملتقى الصحة العالمي في الرياض نحو 50 مليار ريال، وفقًا لنائب وزير الصحة للتخطيط والتطوير المهندس عبدالعزيز الرميح.
72 مليار ريال حتى 2030
تحتل المملكة السعودية مرتبة أعلى الدول إقليميًّا في الإنفاق على الرعاية الصحية، محقّقة المركز الأول في هذا المجال. فهناك نمو كبير جدا في تدفقات الاستثمار النقدية الأجنبية في القطاع الصحي. وهي ارتفعت في السنوات الأخيرة بوتيرة بلغ متوسطها حوالى 11 في المئة.
وتسعى المملكة إلى رفع نسبة مساهمة القطاع الخاص في الرعاية الصحية إلى 22%، الأمر الذي يعزز استفادة شركات الرعاية الصحية في القطاع.
هذه الاستثمارات لا تقتصر على مجال الرعاية الصحية فقط، بل تطال كافة جوانب النشاط الصحي وعناصره. ففي مجال الأدوية، تستهدف المملكة استثمارات تقارب الـ 72 مليار ريال حتى عام 2030.
تحظى صناعة الأدوية السعودية بموثوقية عالمية وثناء من جهات دولية، ما شجع شركات كبرى على افتتاح مصانع أو ضخ استثمارات في السوق المحلي. كما تشمل اتفاقيات الاستثمار مجالات الذكاء الاصطناعي والأدوية والأجهزة الطبية، إلى جانب فرص واعدة لتطوير أنماط الرعاية الاستشفائية.
وتبرز أربعة محفّزات رئيسية لنمو القطاع الصحي الخاص: نمو سكاني مزدوج للمواطنين والوافدين، مستهدفات برنامج التحول الوطني، انخفاض انتشار خدمات الاستشفاء، وتطور قطاع التأمين. ويؤكد ذلك الطروحات الكبرى في السوق المالية مثل مجموعة فقيه للرعاية الصحية (2.9 مليار ريال في 2024) ومجموعة الدكتور سليمان الحبيب.
هذه المؤشرات، مدعومة بمشاريع اتفاقات طويلة الأمد، تبشّر بنهضة غير مسبوقة في القطاع الصحي، مع توقعات بنمو أرباح يتراوح بين 12 و16% حتى منتصف 2026، مدفوعًا بمبادرات رؤية 2030، توسع المرافق الصحية، السياحة العلاجية، واعتماد تقنيات الصحة الرقمية.