الإمساك: الأسباب الشائعة والحلول العملية
الإمساك: الأسباب الشائعة والحلول العملية
د. أحمد العجاج، اختصاصي أمراض باطنية في المستشفى الأهلي / قطر

يُعد الإمساك من أكثر اضطرابات الجهاز الهضمي شيوعًا، وقد يبدو للبعض “مشكلة بسيطة”، لكنه في الواقع يمكن أن يؤثر بشكل واضح على جودة الحياة اليومية مسبباً انزعاجًا وحرجًا شديدًا. يحدث الإمساك عندما يصبح التبرز أقل من المعتاد أو أكثر صعوبة، مع شعور بالانزعاج أو الانتفاخ أو الحاجة للشدّ أثناء الإخراج.
ورغم أن الإمساك العارض أمر طبيعي وقد يمر سريعًا، فإن فهم الأسباب الأكثر شيوعًا يساعد على الوقاية منه والتعامل معه بطريقة صحيحة خصوصًا أن الإمساك غالبًا لا ينتج عن سبب واحد فقط، بل عن مجموعة عوامل مجتمعة. في ما يلي أبرز الأسباب، مع حلول عملية لكل منها:
نقص الألياف في الطعام
إن قلة تناول الألياف من أكثر الأسباب شيوعًا للإمساك، لأنها تساعد على زيادة حجم البراز وتحسين حركة الأمعاء، ما يسهل خروجه بصورة منتظمة.
الحل: زيادة كمية الألياف تدريجيًا عبر نظام غذائي متوازن يشمل:
- الفواكه والخضراوات.
- البقوليات (مثل العدس والحمص).
- الحبوب الكاملة (مثل الشوفان والخبز الأسمر).
نصيحة مهمة: ينبغي إدخال الألياف الى النظام الغذائي اليومي بشكل تدريجي لأن تناول كميات كبيرة منه وبسرعة قد يؤدي إلى الإصابة بالغازات أو بالإنتفاخ.
الجفاف وقلة شرب الماء
عندما لا يحصل الجسم على كمية كافية من السوائل، يصبح البراز جافًا وقاسيًا، ما يجعل مروره أصعب فيزداد الشعور بعدم الراحة.
الحل:
- شرب ما لا يقل عن 8 أكواب من الماء والسوائل يوميًا.
- الإكثار من شرب الماء في الأجواء الحارة أو عند ممارسة النشاط البدني.
- عدم الإفراط في المشروبات التي تحتوي على الكافيين (مثل القهوة والشاي والمشروبات الغازية) لأنها قد تزيد من إدرار البول وتفاقم الجفاف لدى البعض.
قلة النشاط البدني
نمط الحياة الخامل يبطئ حركة الأمعاء. في المقابل، تساعد الحركة والرياضة على تحفيز عضلات الجهاز الهضمي وتحسين انتظام التبرز.
الحل: يجب أن يكون النشاط البدني جزءًا ثابتًا يومياً من خلال اتباع بعض الخطوات مثل:
- المشي اليومي حتى لو كان لمدة قصيرة.
- تمارين خفيفة منتظمة.
- تجنب الجلوس لساعات طويلة من دون حركة.
تجاهل الرغبة في التبرز
تأجيل دخول الحمام بشكل متكرر قد يؤدي مع الوقت إلى تقليل استجابة الجسم الطبيعية، فيصبح التبرز أصعب وأكثر بطئًا.
الحل: يجب عدم تأجيل الذهاب إلى الحمام عند الشعور بالحاجة للتبرز، مع الالتزام بوقت ثابت يوميًا إن أمكن، خصوصًا بعد الوجبات.
بعض الأدوية
قد تسبب بعض الأدوية الإمساك كأثر جانبي، مثل مضادات الحموضة التي تحتوي على الكالسيوم أو الألمنيوم، وبعض مكملات الحديد.
الحل:
- استشارة الطبيب وعدم التوقف عن تناول هذا الدواء من تلقاء نفسك.
- قد يتم تعديل النوع أو الجرعة، أو اقتراح علاج مساعد مثل مُليّن مناسب عند الحاجة.
الحمل
الإمساك شائع أثناء الحمل، ويحدث بسبب:
- تغيرات هرمونية تؤثر على حركة الأمعاء.
- ضغط الرحم المتزايد على الأمعاء.
- تغيّرات غذائية وقلة الحركة لدى بعض السيدات.
الحل:
على الحامل استشارة الطبيب للحصول على إرشادات آمنة. إدخال بعض التعديلات في الروتين اليومي قد يساعد الحامل على تجنب الإمساك مثل:
- تعديلات غذائية تدريجية.
- شرب السوائل.
- نشاط خفيف مناسب للحمل بحسب توجيه الطبيب.
الإفراط في استخدام المُليّنات
قد تعطي المُليّنات راحة سريعة، لكن استخدامها بشكل مفرط قد يجعل الأمعاء تعتمد عليها، ما يقلّل قدرتها على التبرز طبيعيًا من دونها.
الحل:
- استخدام المُليّنات فقط عند الحاجة وبإرشاد طبي.
- التركيز أولًا على الحلول الأساسية: الألياف، الماء، الحركة، وتنظيم العادات اليومية.
التوتر والقلق
للجهاز الهضمي علاقة مباشرة بالحالة النفسية. قد يؤدي التوتر والقلق إلى إبطاء حركة الأمعاء، أو تغيير نمط التبرز المعتاد.
الحل:
تخفيف التوتر عبر:
- التنفس العميق وممارسة تمارين الاسترخاء.
- التأمل أو اليوغا.
- تحسين النوم وتنظيم الوقت وتجنب المحفزات قدر الإمكان.
التقدم في العمر
يزداد الإمساك شيوعًا لدى كبار السن لأسباب متعددة، منها:
- تباطؤ طبيعي في حركة الجهاز الهضمي.
- أمراض مزمنة تؤثر على الأعصاب أو الحركة مثل السكري.
- أدوية متعددة قد تسبب إمساكًا كأثر جانبي.
الحل:
اتباع نمط حياة داعم لصحة الأمعاء:
- غذاء متوازن غني بالألياف.
- ترطيب جيد.
- نشاط بدني مناسب للعمر والحالة الصحية.
- مراجعة الطبيب دوريًا خصوصًا عند تكرر الإمساك أو تغير نمط التبرز.
تغيّر الروتين اليومي والسفر
قد تتأثر “الساعة البيولوجية” للجسم بتغير الروتين. السفر أو تغيير جدول النوم والطعام قد يؤدي إلى اضطراب عادات التبرز وتطور الإمساك.
الحل:
المحافظة قدر الإمكان على نمط منتظم حتى أثناء السفر:
- شرب السوائل بكمية كافية.
- تناول وجبات متوازنة.
- تخصيص وقتًا لدخول الحمام من
دون استعجال. - زيادة الحركة خلال اليوم وتجنّب
لجلوس الطويل.
حالات طبية معينة
قد يكون الإمساك المزمن علامة على مشكلة طبية مثل:
- القولون العصبي.
- قصور الغدة الدرقية.
- السكري.
- بعض الأمراض العصبية مثل التصلب المتعدد أو باركنسون التي تؤثر على الأعصاب المسؤولة عن حركة الأمعاء.
الحل:
إذا كان الإمساك مستمرًا أو متكررًا بشكل واضح، ينبغي استشارة الطبيب لتحديد السبب ووضع خطة علاج مناسبة بدلًا من الاكتفاء بالحلول المؤقتة.
انسداد الأمعاء (حالة طارئة)
في حالات نادرة، قد يكون الإمساك ناتجًا عن انسداد في الأمعاء يمنع مرور البراز والغازات وهو حالة طبية طارئة تستدعي التدخل الفوري.
الحل:
طلب المساعدة الطبية فورًا إذا صاحَب الإمساك:
- ألم شديد في البطن.
- انتفاخ واضح.
- قيء.
- توقف خروج الغازات.
- استمرار الإمساك بشكل شديد ومقلق.
الخلاصة
الإمساك لا يحدث لسبب واحد ولا يوجد حل واحد له، بل غالبًا ما يتداخل فيه نمط الغذاء، السوائل، الحركة، التوتر، الأدوية، والظروف الصحية.
الخطوة الأهم هي البدء بتغييرات واقعية ومستدامة في أسلوب الحياة، ومراجعة الطبيب عند استمرار الأعراض أو ظهور علامات إنذار.



