السمنة والقلب
السمنة والقلب
هذا ما يزيد النوبات والسكتات الدماغية؟
السمنة تعد من أهم عوامل الخطر الكبرى التي ترفع بشكل كبير خطر الإصابة بالسكتات الدماغية والنوبات القلبية. أظهرت الدراسات التحليلية الكبرى التي جمعت بيانات من ملايين المشاركين أن زيادة مؤشر كتلة الجسم بمقدار 5 كغ/م² ترتبط بارتفاع مخاطر أمراض القلب التاجية بما يقارب 27% وبمخاطر السكتات الدماغية بحوالى 18%. الأثر الكبير للسمنة في رفع ضغط الدم، وارتفاع الكوليسترول في الدم، وزيادة مستويات السكر هي الوسائل التي تؤدي إلى هذه المخاطر المرتفعة، حيث تساهم هذه العوامل الثلاثة مجتمعة في تفسير نحو 46% من خطر الإصابة بمرض القلب التاجي و76% من خطر السكتة الدماغية لدى الأفراد ذوي الوزن الزائد أو السمنة. ضغط الدم هو الوسيط الأكثر تأثيراً، إذ يقلل ضبط ضغط الدم من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات بشكل كبير.
كما أن الدراسات أظهرت أن الأشخاص الذين يعانون من السمنة لفترات طويلة، خاصة في سن مبكرة (تحت 50 للسيدات وتحت 65 للرجال)، يزداد لديهم خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات بنسبة تتراوح بين 25% و60% مقارنة بالأشخاص ذوي الوزن الطبيعي، مما يؤكد أهمية البدء المبكر بالعلاج لمنع المضاعفات القلبية الوعائية.
السمنة إذن ترفع بشكل كبير خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية عبر العديد من المسارات المرضية، لذلك يعتبر التحكم في الوزن وضبط عوامل الخطر المرتبطة به من أهم استراتيجيات الوقاية والعلاج للحد من حدوث هذه الأمراض الخطيرة التي تهدد الحياة.
على صعيدٍ متصل، تلعب مدة الإصابة بالسمنة دورًا محوريًا في التأثير على صحة القلب والأوعية الدموية، إذ تزداد المخاطر الصحية كلما طالت فترة المعاناة من السمنة. فقد أظهرت دراسات حديثة أن الأشخاص الذين يعانون من السمنة لفترات طويلة، تمتد إلى 10 سنوات أو أكثر، يكونون أكثر عرضة بشكل واضح للإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية مقارنة بغيرهم.
وتشير البيانات بشكل أكثر تحديدًا إلى أن الرجال دون سن 65 عامًا والنساء دون سن 50 عامًا الذين يعانون من سمنة مستمرة لمدة عقد أو أكثر، يواجهون زيادة ملحوظة في خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، حيث تتراوح نسبة الارتفاع في المخاطر بين 25% و60% مقارنة بالأشخاص ذوي الوزن الطبيعي أو أولئك الذين كانت فترة السمنة لديهم أقصر. ويُعزى ذلك إلى التأثير التراكمي للسمنة على عوامل الخطر مثل ارتفاع ضغط الدم، واضطرابات الدهون، ومقاومة الإنسولين، والالتهابات المزمنة.
في المقابل، تُظهر النتائج أن النساء فوق سن 50 عامًا والرجال فوق سن 65 عامًا لا يعانون من الزيادة نفسها في المخاطر المرتبطة بالسمنة، وهو ما يُعرف بـ “المفارقة السمنية”. وتشير هذه الظاهرة إلى احتمال وجود تأثير وقائي نسبي للوزن الزائد لدى كبار السن، قد يكون مرتبطًا باحتياطي الطاقة، أو الكتلة العضلية، أو اختلافات في الاستجابة الفسيولوجية مع التقدم في العمر، رغم أن هذه الفرضية لا تزال قيد البحث والدراسة العلمية المستمرة. يرجع ارتفاع الخطر المرتبط بمدة السمنة إلى تأثير السمنة المستمر على عوامل الخطر القلبية مثل ارتفاع ضغط الدم، داء السكري من النوع الثاني، وارتفاع الكوليسترول، حيث إن التعرض الطويل لهذه العوامل يزيد من الضرر المتراكم على الأوعية الدموية والقلب. كما أن التأثيرات المرضية للسمنة على القلب تشمل زيادة العبء على عضلة القلب وتغيرات التهابية مزمنة تؤدي إلى تفاقم الأمراض القلبية الوعائية.
باختصار، فإن مدة السمنة تمثل عامل خطر مهم مستقل، حيث أن السمنة الطويلة الأمد لدى الشباب تؤدي إلى زيادة حادة في مخاطر أمراض القلب والسكتات، بينما يقل هذا الأثر مع التقدم في العمر، ما يؤكد ضرورة التدخل المبكر للحد من مضاعفات السمنة القلبية الوعائية.
العلاجات المتبعة
تعتمد الخطوات العلاجية المتبعة لعلاج السمنة على معدل كتلة الجسم (BMI) وتكون كالتالي:
لمن لديهم زيادة في الوزن أي أن الـ BMI بين 25 و29.9 يبدأ العلاج بتعديلات على نمط الحياة يشمل نظام غذائي صحي ومتوازن، وزيادة النشاط البدني بمعدل 30 دقيقة على الأقل يوميًا، بالإضافة إلى تعديل السلوك والعادات اليومية للسيطرة على الوزن والوقاية من السمنة.
لمن يعانون من السمنة من الدرجة الأولى والثانية أي أن الـ BMI بين 30 و39.9 تُضاف للعلاجات السابقة أدوية إنقاص الوزن تحت إشراف طبي بهدف تقليل الشهية وزيادة حرق الدهون، مع الاستمرار في الدعم السلوكي والتمارين المنتظمة. يهدف العلاج إلى تحقيق خسارة وزن مستدامة بنسبة 5-10% لتحسين الحالة الصحية والوقاية من المضاعفات.
في حالات السمنة المفرطة (BMI ≥ 40) أو عند وجود أمراض مصاحبة خطيرة مرتبطة بالسمنة مثل السكري أو ارتفاع ضغط الدم، يُنظر في التدخل الجراحي مثل جراحة تكميم المعدة أو تحويل مسار الجهاز الهضمي. هذه العمليات تحسن فقدان الوزن بشكل كبير وتساعد في تحسن الأمراض المصاحبة؛ لكنها تكون خيارًا بعد فشل الطرق الطبية وغير مناسبة للجميع.
بعض العلاجات الإضافية
تشمل تقنيات مثل بوتكس المعدة لتقليل الشعور بالجوع، والتدخلات غير الجراحية مثل بالون المعدة أو إجراءات تنظير المعدة لتقليل حجم المعدة مؤقتًا.
في كل مراحل العلاج، هناك أهمية كبيرة للدعم النفسي والسلوكي والمتابعة الصحية المستمرة لضمان ثبات فقدان الوزن وتحسين نوعية الحياة.
باختصار، العلاج يبدأ بتغيير نمط الحياة عند زيادة الوزن ثم يتصاعد بإضافة الأدوية وفي الحالات الشديدة بالجراحة، ويتم تحديد الخطة بناء على مؤشر كتلة الجسم والحالة الصحية العامة للمريض.



