مقابلات

البروفيسور عادل الطبشي

نظرة حول أحدث إنجازات علاج السرطان

البروفيسور عادل الطبشي، رئيس قسم أمراض الدم والأورام والمتخصص في علاج الأورام النسائية والثدي في مركز كليمنصو الطبي في بيروت

نلتقي اليوم بالبروفيسور عادل الطبشي، الأخصائي في أمراض الدم والأورام والمتخصص في علاج الأورام النسائية والثدي في مركز كليمنصو الطبي في بيروت، ليسلّط الضوء على أهم الإنجازات التي أحدثت فارقاً حقيقياً.

شهد مجال علاج السرطان تطورات هائلة مؤخراً، لا سيما في العلاجات الموجهة والعلاج المناعي. ما هي أهم هذه التطورات التي ترون أنها أحدثت فارقاً حقيقياً في نسب الشفاء ونوعية حياة المرضى؟

خلال السنوات الأخيرة، دخل علم الأورام مرحلة جديدة من الطب الدقيق. فقد غيّرت العلاجات الموجّهة مسار المرض بشكل كبير، خصوصاً لدى المريضات اللواتي يحملن طفرات جينية محددة مثل تضخيم HER2 أو طفرات BRCA أو مسارات مستقبلات الهرمونات. كما أحدث العلاج المناعي، ولا سيما مثبطات PD-1 و PD-L1، ثورة حقيقية في علاج سرطان الرئة والورم الميلانيني، ويأخذ اليوم دوراً متزايداً في سرطانات الثدي والأورام النسائية. هذه العلاجات لا تطيل العمر فحسب، بل غالباً ما تمنح نوعية حياة أفضل مقارنة بالعلاج الكيميائي التقليدي. من التطورات المهمة أيضاً الأجسام المضادة المقترنة بالأدوية، والتي توصل علاج مباشر موجه  إلى الخلايا السرطانية مع تقليل الضرر على الأنسجة السليمة. كما أن تقنيات الجيل الجديد من الفحوصات الجينية (NGS) أصبحت تمكّننا من تحديد الطفرات القابلة للعلاج بشكل فوري وتوجيه الخطة العلاجية بدقة أكبر. في مركز كليمنصو الطبي في بيروت، نقوم بدمج هذه الابتكارات ضمن الممارسة اليومية بفضل البنية التحتية المتقدمة. والأهم أن هذه الثورة في العلاج غيّرت نظرتنا من مجرّد إطالة أمد الحياة إلى الحفاظ على حياة ذات جودة عالية، حيث يمكن للمريضة متابعة نشاطاتها اليومية ودورها الأسري.

ما هي المعايير التي تحدد اختيار العلاج (جراحة، كيميائي، إشعاعي، هرموني، موجه) لكل مريضة؟

قرار اختيار العلاج يجب أن يكون شخصياً ومفصّلاً لكل حالة. يبقى نوع الورم وحجمه ومرحلته أساس التخطيط العلاجي، لكننا اليوم نضيف التحاليل الجزيئية والجينية لتحديد المريضات اللواتي قد يستفدن أكثر من العلاجات الموجهة أو المناعية.

كما نأخذ بعين الاعتبار الحالة العامة للمريضة ووظائف الأعضاء والأمراض المزمنة التي قد تحد من الخيارات المكثفة. العمر، الرغبة في الحفاظ على الخصوبة، والعوامل الحياتية أيضاً تلعب دوراً في القرار. على سبيل المثال، قد نقدّم لمريضة شابة بسرطان ثدي مبكر جراحة محافظة مع علاج موجه، بينما قد نتجه لخيارات أقل عدوانية مع مريضة مسنّة لديها أمراض قلبية. نحن نقوم بتطبيق نهجاً متعدّد التخصصات، حيث يجتمع جرّاحون وأطباء أورام وأطباء أشعة وأطباء علاج إشعاعي وأخصائيي الباثولوجيا في اجتماعات مشتركة (Tumor Boards) لتصميم خطة علاج موحّدة. هذا يضمن أن تكون خطة العلاج مبنية على الأدلة العلمية ومتوافقة مع المعايير العالمية، وفي الوقت نفسه تراعي قيم وتفضيلات المريضة.

كيف يتم تطبيق مفهومالرعاية الشاملة” (Holistic Care) في مركز كليمنصو الطبي، وهل هناك تركيز على الدعم النفسي والتغذوي للمريضة بالإضافة إلى العلاج الطبي؟

الرعاية الشاملة هي جوهر عملنا. علاج السرطان لا يقتصر على محاربة المرض فحسب، بل يشمل دعم المريضة في جميع جوانب رحلتها العلاجية. في مركزنا تحصل المريضة على دعم نفسي متخصص لمساعدتها وأسرتها على مواجهة الضغوط والقلق والتأثيرات العاطفية للمرض. كما تلعب التغذية دوراً أساسياً، إذ يعمل أخصائيو التغذية مع المريضات على تعديل النظام الغذائي لتعزيز المناعة، تقليل الأعراض الجانبية، والمحافظة على الطاقة وجودة الحياة. نوفر أيضاً برامج إعادة التأهيل والعلاج الفيزيائي وتسكين الألم، لضمان راحة المريضة وقدرتها على الحركة. نحن نؤمن بأهمية تثقيف المريضات ومنحهن المعرفة لاتخاذ قرارات واثقة بشأن العلاج. كذلك ندمج العائلة ضمن خطة العلاج لأن دعمها أساسي في رحلة التعافي. التكنولوجيا المتقدمة لدينا، مع لمسة إنسانية عميقة، تضمن أن تكون الرعاية في مركز كليمنصو الطبي عالمية المستوى وشاملة بكل معنى الكلمة.

في ضوء خبرتك، ما هي الرسالة الأكثر أهمية التي يجب توجيهها للسيدات حول الكشف المبكر عن سرطان الثدي؟ وهل تلاحظون اختلافاً في المراحل التي يتم فيها تشخيص المرض حالياً؟

الرسالة الأهم بسيطة: الكشف المبكر ينقذ الحياة. عندما يُكتشف سرطان الثدي في مراحله الأولى، تصل نسبة الشفاء إلى أكثر من 90%، وتكون العلاجات أقل عدوانية، ما يحافظ على الصحة الجسدية والنفسية للمريضة. أنصح النساء بالإلتزام بالفحوصات الدورية، مثل تصوير الماموغرام وفق التوصيات، إضافة إلى الفحص الذاتي الشهري، ومراجعة الطبيب فور ملاحظة أي تغيّر. هذه الخطوات البسيطة قد تكون فارقة. لحسن الحظ، نلاحظ اليوم ارتفاعاً في نسبة الحالات التي تُشخّص بمراحل مبكرة، بفضل حملات التوعية وتحسين إمكانية الوصول إلى الفحوصات. لكن لا تزال هناك حالات تصل في مراحل متقدمة بسبب الخوف أو الوصمة الاجتماعية أو نقص المعرفة.

لهذا نولي أهمية كبيرة للتثقيف والتوعية المجتمعية. رسالتي الأهم: لا تؤجلي الفحص الدوري، الخطوة المبكرة قد تُحدث الفرق بين الشفاء الكامل والمرض المتقدم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى