مقابلات

د. انطوني سعاده

مشاكل النظر لدى الأطفال: التشخيص المبكر هو السبيل نحو الحل

د. انطوني سعاده، الأخصائي في طب عيون الأطفال في مركز كليمنصو الطبي في بيروت

تزايدت في الآونة الأخيرة حالات قصر النظر بين الأطفال، ما يجعل العناية بصحة عيونهم أولوية قصوى. للحديث عن أحدث التقنيات المتاحة والعلاجات المتقدمة، وأهمية الفحص الدوري، التقت مجلةالمستشفى العربيالدكتور أنطوني سعاده، الأخصائي في طب عيون الأطفال في مركز كليمنصو الطبي في بيروت.

ما هي أحدث التقنيات أو العلاجات المتقدمة لأمراض عيون الأطفال المتوفرة لديكم  في المركز؟

نوفر في مركز كليمنصو الطبي في بيروت علاجات متقدمة جداً للحد من تفاقم قصر النظر، وهي حالات نشهد تزايداً ملحوظاً فيها. من بين هذه العلاجات، نقدم نظارات خاصة ذات عدسات متطورة، مصممة خصيصاً لوقف زيادة درجات قصر النظر. كما أن المركز يوفر قطرة للعين خاصة خضعت لدراسات عالمية وأثبتت فعاليتها في منع تقدم قصر النظر.

يتزايد عدد الأطفال الذين يعانون من قصر النظر، ومن المتوقع أن تتجاوز نسبة المصابين به 50% من سكان العالم بحلول عام 2025. لا يقتصر تأثير قصر النظر على ضعف الرؤية عن بعد فحسب، بل يمكن أن يؤدي إلى ترقق في شبكية العين، ما قد يسبب انفصالها وفي بعض الحالات النادرة قد يصل إلى العمى.

كيف يجعل فريقكم في مركز كليمنصو فحص العين تجربة مريحة وإيجابية للأطفال؟

نحرص في مركز كليمنصو على أن يكون فحص العين تجربة إيجابية ومريحة للأطفال. يبدأ ذلك من خلال فريقنا المتخصص من مساعدي أخصائيي البصريات (optometrists) الذين يتمتعون بخبرة واسعة في التعامل مع الأطفال. هم من يستقبلون الطفل ويقومون بوضع القطرات اللازمة للفحص. كما أننا نخصص وقتاً كافياً بين المواعيد لمنع الطفل من الشعور بالملل أو الضجر من الانتظار. بالإضافة إلى ذلك، نوفر مجموعة من وسائل الترفيه والألعاب لإشغال الطفل أثناء انتظار مفعول القطرات، مما يجعل التجربة أقل توتراً وأكثر متعة.

ما هي أكثر مشاكل النظر شيوعاً لدى الأطفال، مثل الحول وكسل العين وقصر او طول النظر وغيرها؟ ما مدى أهمية التشخيص المبكر والعلاج؟

تُعد مشاكل النظر لدى الأطفال شائعة وتتنوع بين حالات تستدعي انتباهًا فوريًا وأخرى يمكن اكتشافها فقط من خلال الفحص الدوري.

  • كسل العين (Amblyopia)

تُعتبر هذه الحالة من أكثر المشاكل انتشاراً، حيث تصيب حوالى 8% من الأطفال. الخطورة هنا تكمن في أنها قد لا تُظهر أي أعراض واضحة، ما يجعل من الصعب على الأهل ملاحظتها. غالباً ما يتم الكشف عنها لأول مرة خلال فحص النظر الذي يجرى عند دخول الطفل المدرسة، وهو ما يؤكد أهمية الفحوصات الدورية حتى لو لم تكن هناك شكوى.

يجب أن يتم علاج كسل العين قبل عمر السابعة، لأن الدماغ في هذه المرحلة العمرية يكون لا يزال في طور النمو وقادراً على التكيف. بعد هذا العمر، يصبح العلاج صعباً أو مستحيلاً، وقد يؤدي ذلك إلى ضعف دائم في العين المصابة.

  • الحَوَل (Strabismus)

يصيب الحول ما بين 4 إلى 5% من الأطفال. عند ملاحظة الأهل أي انحراف في عين الطفل، يجب التوجه فوراً إلى الطبيب. لا يتعلق الأمر بالجانب الجمالي فقط، بل لأن الحول قد يكون علامة تحذيرية لمشاكل صحية خطيرة، قد تصل إلى أورام في الدماغ. من الضروري علاج الحول قبل عمر السنة والنصف، وذلك لضمان تطور الرؤية ثلاثية الأبعاد (3D) لدى الطفل. إذا تأخر العلاج، قد يفقد الطفل هذه القدرة، مما يؤثر على إدراكه للعمق والمسافات.

  • قصر النظر (Myopia)

نشهد اليوم تزايداً ملحوظاً في حالات قصر النظر بين الأطفال، وهو ما يشكل تحدياً جديداً.

لم يعد الأمر يقتصر على مجرد صعوبة في الرؤية عن بعد، بل إن الدرجات العالية من قصر النظر قد تؤدي إلى مشاكل أخرى في العين، مثل ترقق شبكية العين، وهو ما قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة في المستقبل.

التشخيص والعلاج المبكر لقصر النظر يتيح لنا استخدام علاجات تساهم في إبطاء تقدم الحالة. كلما تم الحفاظ على درجات منخفضة من قصر النظر، زادت فرصة حماية شبكية العين من المشاكل المحتملة، مما يضمن سلامة العين على المدى الطويل.

يُعتبر الوقت عنصراً حاسماً في علاج مشاكل النظر لدى الأطفال. كلما كان التشخيص مبكراً، كانت النتائج أفضل بكثير.

ما هي العلامات الأساسية التي يجب على الآباء الانتباه إليها والتي قد تشير إلى وجود مشكلة بصرية لدى طفلهم؟ وكيف يمكن للآباء حماية عيون أطفالهم من المخاطر الشائعة؟

يجب على الآباء مراقبة سلوك أطفالهم، حيث تُعد بعض العلامات مؤشراً على وجود مشكلة في البصر. أبرز هذه العلامات هي تقريب الطفل للكتب أو الشاشات بشكل مبالغ فيه، وتفضيله استخدام الأجهزة اللوحية ( I-PAD) أو الهواتف على مشاهدة التلفزيون، وذلك لقدرته على التحكم في مسافة الشاشة. قد تظهر أيضاً علامات أخرى مثل حركة العين السريعة أو الحَوَل.

ومع ذلك، لا يجب انتظار ظهور هذه العلامات، بل يُنصح بفحص نظر جميع الأطفال في سن الثالثة، بالتزامن مع دخولهم المدرسة. فكثيراً ما تتأثر إحدى العينين من دون أن يلاحظ الأهل أي أعراض، لأن الطفل يعتمد على العين الأخرى، ما قد يؤدي إلى ضعف في العين المصابة إذا لم يتم اكتشافه وعلاجه مبكراً.

بشكل عام، لا يعتبر الضوء الأزرق المنبعث من الشاشات السبب المباشر لضعف النظر، لكن قضاء وقت طويل أمامها هو ما يزيد من خطر الإصابة بقصر النظر. لذلك، يُنصح بتحديد وقت استخدام الشاشات لأقل من ساعة يومياً، تفضيل مشاهدة التلفزيون على الأجهزة المحمولة (I-PAD والهواتف)، لأن التلفزيون يُشاهد من مسافة أبعد، وتشجيع الأطفال على قضاء وقت أطول في الهواء الطلق، ما يساعد على حماية عيونهم.

متى يجب أن يخضع الطفل لأول فحص شامل للعين؟

يجب أن تكون الزيارة الأولى لفحص نظر الطفل في عمر ثلاث سنوات، بالتزامن مع دخوله إلى المدرسة، حيث يتم الفحص مبدئيًا من قِبل طبيب عيون الأطفال. إذا لم يكن لديه أي مشاكل، فسيتم تحويله إلى طبيب عيون متخصص. ويكون هذا الفحص هو الأساس (base line) لتحديد حالة عين الطفل وقدرته على الرؤية. في حالة عدم وجود مشاكل يُنصح بفحص دوري كل سنتين أو ثلاث سنوات؛ أما في حالة وجود مشاكل يتم تحديد مواعيد مكثفة للمتابعة، ربما كل ستة أشهر، أو كل أربعة أشهر في حالات كسل العين، لضمان عدم تدهور الحالة. وفي حالة قصر النظر يجب المتابعة الدورية للتأكد من عدم زيادة الدرجات بشكل كبير، وتحديد الحاجة إلى علاج إضافي للحد من تقدم الحالة.

يتطلب الفحص استخدام قطرات خاصة لمعاينة شبكية العين وتحديد درجة النظر بدقة. من المهم جدًا فحص الطفل بانتظام، لأن تدهور النظر قد يؤثر على سلوكه وتحصيله الدراسي دون أن يدرك الأهل السبب. ففي بعض الأحيان، لا تظهر المشكلة إلا من خلال الفحص الطبي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى