نيوز

الملتقى الثالت والعشرون لاتحاد المستشفيات العربية

بتوحيد جهودنا نصنع دواؤنا ونعالج أمراضنا ونعيش اصحاء

الملتقى الثالت والعشرون لاتحاد المستشفيات العربية

د.علي المبروك أبوقرين
عضو المجلس التنفيذي لاتحاد المستشفيات العربية
عضو اللجنة الفنية الاستشارية لمجلس وزراء الصحة العرب

بعد عامان مضنيان عانى العالم اجمع من تبعات جائحة كورونا المستجدة وتحوّراتها وآثارها الصحية والاقتصادية والاجتماعية، يلتئم إتحاد المستشفيات العربية في الملتقى الثالث والعشرون على أرض الكنانة وعاصمة العرب القاهرة العزيزة المتوهجة حضارة وكرم وعروبة وأملاً.

وكعادته دائمًا، يعتبر الاتحاد جامع للنخب والقامات والقيادات الصحية والطبية في الوطن العربي حاملًا في أجندته لهذا العام تحديات جمّة ورؤى تزرع الآمال وتنير الدروب .

إن عالمنا العربي، الذي يمتد من المحيط الى المحيط ومن القارة الأفريقية الى الآسيوية، يجمع الحضارات والثقافات الإنسانية والديانات السماوية ويتمتع بمناخ معتدل وطبيعة متنوعة وخيرات لا تُعد ولا تحصى وتنتقل عبر مطاراته وحدوده ملايين من البشر قاصدين الحج والسياحة والتجارة والأنشطة الاقتصادية والعلمية وغيرها لتنتقل كذلك وبكل أسف الأمراض والأوبئة .

رغم التفاوت الاقتصادي والصراعات التي تفتك به لعقد كامل، الا أن التعاون العربي والإمكانات المتاحة اقتصاديا وبشريا ساهمت في التخفيف من آثار الجائحة الأمر الذي جعل إقليم شرق المتوسط أفضل حالاً من كثير من أقاليم العالم التي شهدت أزمات صحية واقتصادية أكثر حدة. 

لقد جاء هذا الملتقى جامعٌ للقيادات الصحية في العالم العربي، بداية بالاحتفاء بتكريم القيادات الصحية المصرية الذين كان لهم الدور العظيم من بدايةً الجائحة حيث استطاع النظام الصحي المصري بفضل قياداته الصحية وكل العاملين به وحكمة القيادة السياسية ومتابعتها أن يكون النظام الصحي النموذجي عالميًا. 

هذا النظام الذي كانت له قدرة الاستعداد والاستجابة والمرونة من بداية الإعلان عن الوباء، ولما تملكه مصر من قدرات بشرية هائلة استطاعت توفير الخدمات لأكثر من مئة مليون نسمة في الداخل وقدمت المساعدات الطبية العاجلة لكثير من دول العالم. ونظرا لما تملكه من قلعة صناعية للأدوية والمستلزمات الطبية استطاعت أن توفر كل الاحتياجات اللازمة للتعامل مع الجائحة وآثارها المرضية، وكانت من أول الدول العربية التي بدأت في الدراسات السريرية على بعض الأدوية واللقاحات وأول من بدأ في الإقليم في تصنيع اللقاحات والحمدلله الآن لدينا دول عربية عديدة تقوم بتصنيع اللقاحات المضادة لكوفيد-19 وبعض الدول العربية كان لها الدور المهم والعظيم في دعم التحالف الدولي لتوفير اللقاحات ونقلها لكل دول العالم، ومنها دولة الإمارات العربية المتحدة التي ساهمت بالدور العظيم في إيصال اللقاحات لمعظم دول العالم بأسطول طياراتها المتميز وقدرة قيادتها السياسة وحكمتها؛ وكذلك المملكة العربية السعودية التي ساهمت في دعم التحالف الدولي لتوفير اللقاحات لمعظم دول العالم. كل الدول العربية ساهمت بإمكانياتها في مكافحة الجائحة، وها هو اتحاد المستشفيات العربية يجمع تحت مظلته القيادات الصحية العربية والتجارب العربية الناجحة وهي عديدة.

تتويجا لعامين متتاليين من الجهود والاجتماعات الافتراضية المتعددة لمجلس ادارة الاتحاد والمجلس التنفيذي والمشاركة الفاعلة بالتعاون مع الخبرات العربية داخل الوطن العربي وخارجه، يساهم الاتحاد اليوم باستراتيجيات سوف تنقل القطاع الصحي العربي الى صدارة النظم الصحية المتطورة على أمل أن توفر خدمات صحية متميزة للشعوب العربية. 

وللحضور المتميز لشركاء الاتحاد ومنهم المكتب الإقليمي لشرق المتوسط لمنظمة الصحة العالمية وعلى رأسها الاستاذ الدكتور احمد المنظري المدير العام الذي تحدث باستفاضة عن دور المنظمة والتحديات التي تواجه الإقليم والقطاع الصحي العربي في مجابهة الأوبئة؛ وكذلك حضور الجامعة العربية والتي نرجو منها أن تتبنى توصيات ملتقى ومؤتمر اتحاد المستشفيات العربية بقرارات تنفيذية لما للتوصيات من أهمية للقطاع الصحي العربي الذي يزخر بقوى عاملة صحية ممتازة والأطباء والتمريض والباحثين والفنيين العرب يملؤون العالم أجمع ولهم إسهامات عظيمة في القطاعات الصحية والدوائية والبحثية اينما كانوا، فعالمنا العربي يتمتع بثروات هائلة اذا أُحسن توظيف الإمكانيات المتاحة.

 بتوحيد الجهود سوف يصنعوا الفارق في حياة البشرية ويؤمنوا الاكتفاء الذاتي من ما تحتاجه بلداننا من كوادر وأدوية ومستلزمات طبية ولقاحات وتحقيق الأمن الصحي للأمة العربية والإنسانية أجمع، فتقوى وتتماسك بعض الأنظمة الصحية العربية الهشة لتقوم بواجبها تجاه شعوبها. 

وبزيادة في الاستثمار البشري بالتعليم والتدريب المستمر والاهتمام بالبحوث والدراسات الطبية وتوحيد التشريعات الصحية العربية، ودمج السياسات الصحية في القطاعات الحكومية المختلفة وتوطين الصناعات الدوائية وتوحيد إجراءات التسجيل للدواء العربي، وتوحيد معايير جودة الخدمات الصحية وإعتماد المؤسسات الصحية العربية. 

إضافة الى توحيد الجهود في مكافحة الاوبئة وعلاج الأمراض وتطوير الطب الوقائي وطب المجتمع والإصحاح البيئي وتنفيذ برامج التمنيع المجتمعي بالتلقيح والتغذية الصحية والكشف المبكر عن الأمراض وتبني المفاهيم الصحيحة للقطاع الصحي بالتركيز على تعزيز الصحة والوقاية من الأمراض والرعاية الصحية الاولية والعمل على التوعية والتثقيف الصحي ودعم الإعلام الصحي والطبي الصحيح.

  إن شعوبنا العربية شابة وسريعة التطور وبالإمكان توجيهها الى التعلم واكتساب المعرفة والقدرات فيما يعزز الصحة ويساهم في الوعي والتثقيف الصحي وتغطية الاحتياجات في الاختصاصات الطبية والتمريضيةً والفنية والنفسية والاجتماعية والبحثية وكل ما يحقق الصحة والرفاه للمجتمعات العربية؛ وحيث أن القوى البشرية والعقول النيّرة متوفرة وتزخر بها الجامعات العربية والدولية، وللتجربة القاسية التي يمر بها العالم، استوجب ذلك التركيز على مضاعفة أعداد العاملين في القطاع الصحي والاستثمار في التدريب ورفع الكفاءات وكذلك زيادة توجيه الاستثمارات العربية في توطين صناعة الأدوية والمستلزمات واللقاحات وتوحيد الجهود في البحوث الطبية وتبادل المعلومات ووضع الآليات التي تعزز من قدرات مكافحة الاوبئة والترصد والإنذار المبكر الذي يحمي بلداننا وشعوبنا، وزيادة قدرة القطاعات الصحية على سرعة الاستجابة في التعامل مع الأزمات الصحية تحت أي ظروف؛ العرب قادرون على تطوير النظم الصحية بما يجعلها النموذج المنشود الذي يحقق الاستجابة والمرونة والقدرة والفاعلية والكفاءة والمساواة والأمان والحماية، وقادرون على توطين صناعة الأدوية واللقاحات إذ لا ينقص مال ولا بشر .

 إن توفرت الإرادة وتوحدت الجهود المشتتة واستقطبت الطيور العلمية العربية المهاجرة، سوف تنعم الشعوب العربية بالصحة والعافية والرفاه الحقيقي ولن تهددها وتخيفها أوبئة او ينهش أجسادها الأمراض، ولن يتوسلوا علاجهم او يتسولوا دواءهم.

هذا الملتقى اثبت للمهتمين بالصحة ان اتحاد المستشفيات العربية أحد أهم بيوت الخبرة العربية في مجال العلم، فالمعرفة والتعاون تتحقق الآمال.

على الجامعة العربية ووزراء الصحة العرب في الاجتماع القريب القادم أن يتخذوا القرارات الحاسمة التي تحقق آمال الأمة بتوحيد التشريعات الصحية ومعايير الخدمات الطبية والبروتوكولات الوقائية والتشخيصية والعلاجية والتأهيلية، وتوجيه الاستثمارات في توطين الدواء واللقاحات، ودعم البحوث والدراسات وتوجيه الطاقات البشرية للعلوم الطبية والتقنية وغيرها التي يحتاجها النظام الصحي العربي ليقوى ويتماسك.

 ونتطلع أن يصدر عنهم جملة من القرارات التنفيذية بإنشاء صندوق الطوارئ لدعم القطاع الصحي العربي وتأسيس هيئة عربية لمكافحة الاوبئة وهيئة عربية لاعتماد المؤسسات الصحية وهيئة عربية للغذاء والدواء.

تحية صادقة لكل العاملين الابطال بالقطاع الصحي العربي ولكل ابناء الامة العلماء والخبراء والأساتذة والفنيين في العلوم الطبية والصحية أينما وجدوا في بقاع العالم، ولاتحاد المستشفيات العربية الذي يساهم في تطوير النظم الصحية العربية. 

*قادرون*

علينا ان نثق بأنفسنا كما نثق في الغير

*الصحة الأساس التنموي للشعوب*

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى