مقالات طبية

الأدوية الخضراء

الأدوية‭ ‬الخضراء

علاج‭ ‬المرضى‭… ‬والكوكب

  

معروف‭ ‬أن‭ ‬لمعظم‭ ‬الأدوية‭ ‬تأثيراً‭ ‬سلبيّاً‭ ‬على‭ ‬البيئة‭ ‬المائية‭ ‬والبرية‭ ‬بعد‭ ‬استخدامها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المرضى‭ ‬ورميها‭ ‬عبر‭ ‬الفضلات‭ ‬في‭ ‬مياه‭ ‬الصرف‭ ‬الصحي‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬النفايات‭ ‬الطبية‭ ‬والمنزلية‭. ‬لذلك‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬اتِّباع‭ ‬نهج‭ ‬أكثر‭ ‬أماناً‭ ‬لتحديد‭ ‬المعايير‭ ‬البيئية‭ ‬الهامة‭ ‬وتلبيتها،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬سيساعد‭ ‬على‭ ‬تقليل‭ ‬تأثير‭ ‬المخلّفات‭ ‬الطبية‭ ‬على‭ ‬البيئة‭. ‬وقد‭ ‬معظم‭ ‬المختبرات‭ ‬والمنظمات‭ ‬المعنية‭ ‬بالتأكيد‭ ‬على‭ ‬جدوى‭ ‬تضمين‭ ‬المعايير‭ ‬الخضراء‭ ‬الخاصّة‭ ‬بالمكوِّنات‭ ‬الصيدلانية،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تصميم‭ ‬العناصر‭ ‬الدوائية‭ ‬الفعالة‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬اكتشاف‭ ‬الأدوية‭ ‬وتطويرها‭ ‬إلتزاماً‭ ‬بالمقاييس‭ ‬والأدوات‭ ‬اللازمة‭ ‬لإنجاز‭ ‬ذلك‭. ‬ودعت‭ ‬إلى‭ ‬استخدام‭ ‬نهج‭ ‬المنتجات‭ ‬الدوائية‭ ‬الخضراء‭ ‬المتكامل‭ ‬لتسريع‭ ‬المناقشات‭ ‬حول‭ ‬الابتكارات‭ ‬المستقبلية‭ ‬في‭ ‬اكتشاف‭ ‬الأدوية‭ ‬وتطويرها‭. ‬فهناك‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬4000‭ ‬مكون‭ ‬نشط‭ ‬يتم‭ ‬توزيعها‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬وينتهي‭ ‬بها‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬ترك‭ ‬بصماتها‭ ‬على‭ ‬التربة‭ ‬والمياه‭ ‬والهواء‭.. ‬وصحة‭ ‬الكوكب‭!‬

تُشكِّل‭ ‬التأثيرات‭ ‬الدوائية‭ ‬المضرّة‭ ‬بالبيئة‭ ‬مصدر‭ ‬قلق‭ ‬متزايداً‭ ‬لكلٍّ‭ ‬من‭ ‬عامة‭ ‬الناس‭ ‬والمشرِّعين‭ ‬والمهتمين‭ ‬بتوفير‭ ‬حياة‭ ‬أكثر‭ ‬أماناً،‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭. ‬وينبع‭ ‬هذا‭ ‬القلق‭ ‬من‭ ‬الاستخدام‭ ‬الواسع‭ ‬النطاق‭ ‬لأدوية‭ ‬ذات‭ ‬التأثيرات‭ ‬المضرّة،‭ ‬ولو‭ ‬غير‭ ‬المقصودة،‭ ‬على‭ ‬الحياة‭ ‬البرية‭ ‬المكشوفة‭ ‬وتلويث‭ ‬مصادر‭ ‬مياه‭ ‬الشرب،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الآثار‭ ‬البيئية‭.‬

الدواء‭ ‬والبيئة‭ ‬والمستقبل

للتقليل‭ ‬من‭ ‬الآثار‭ ‬الضارّة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬المساس‭ ‬بجودة‭ ‬الدواء‭ ‬وفعاليته‭ ‬على‭ ‬المرضى،‭ ‬تم‭ ‬تصميم‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬البرامج‭ ‬واعتماد‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الخطط‭ ‬حفاظاً‭ ‬على‭ ‬البيئة‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يُعرَف‭ ‬بالأدوية‭ ‬الخضراء‭. ‬وبرز‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬استخدام‭ ‬مفهوم‭ ‬“GREENER”‭ ‬في‭ ‬اكتشاف‭ ‬الأدوية‭ ‬وتطويرها‭ ‬لتقليل‭ ‬التأثيرات‭ ‬البيئية‭ ‬لمركّبات‭ ‬API‭ ‬ومكونات‭ ‬الأدوية‭ ‬الأخرى‭ ‬بعد‭ ‬استخدامها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المرضى‭. ‬ويُقترَح‭ ‬تطبيق‭ ‬هذا‭ ‬المفهوم‭ ‬مع‭ ‬الإقرار‭ ‬بأن‭ ‬صحة‭ ‬المريض‭ ‬لها‭ ‬أهمية‭ ‬قصوى‭. ‬وهو‭ ‬يتضمن‭ ‬معايير‭ ‬مثل‭ ‬تقليل‭ ‬الضرر‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬تجنُّب‭ ‬التأثيرات‭ ‬غير‭ ‬المستهدفة‭ ‬أو‭ ‬الأجزاء‭ ‬غير‭ ‬المرغوب‭ ‬بها،‭ ‬وخفض‭ ‬الإنبعاثات‭ ‬وتحسين‭ ‬قابلية‭ ‬التحلّل‭ ‬البيئي،‭ ‬وعدم‭ ‬وجود‭ ‬مواد‭ ‬سامّة‭ ‬ثابتة‭ ‬أو‭ ‬متراكمة‭ ‬بيولوجيًا‭. ‬ويُعتبَر‭ ‬مفهوم‭ ‬“جرينر”‭ ‬أداة‭ ‬لتعزيز‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬خصائص‭ ‬الدواء‭ ‬المتعلّقة‭ ‬بالمخاطر‭ ‬البيئية‭ ‬في‭ ‬الاكتشاف‭ ‬المبكر‭ ‬للأدوية،‭ ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬فحص‭ ‬أعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الجزيئات‭. ‬

ويرى‭ ‬الخبراء‭ ‬أنه‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬المراحل‭ ‬المُبكرة‭ ‬لاكتشاف‭ ‬الأدوية‭ ‬وتطويرها،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬المراحل‭ ‬اللاحقة،‭ ‬هناك‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬طرق‭ ‬أكثر‭ ‬واقعية‭ ‬لتقييم‭ ‬المصير‭ ‬البيئي‭ ‬وعلم‭ ‬السموم‭. ‬ويجدر‭ ‬بعلماء‭ ‬البيئة‭ ‬وخبراء‭ ‬اكتشاف‭ ‬الأدوية‭ ‬وتطويرها‭ ‬العمل‭ ‬معًا‭ ‬لمناقشة‭ ‬جدوى‭ ‬تطوير‭ ‬المكونات‭ ‬الصيدلانية‭ ‬الفعّالة‭ ‬ذات‭ ‬التأثير‭ ‬المنخفض‭ ‬على‭ ‬البيئة‭ ‬والتعاون‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬أدوات‭ ‬تصميم‭ ‬الأدوية‭ ‬وتقييمها،‭ ‬اللازمة‭ ‬للقيام‭ ‬بذلك‭.‬

فمنذ‭ ‬سبعينات‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬اكتشف‭ ‬العلماء‭ ‬وجود‭ ‬أدوية‭ ‬في‭ ‬النظم‭ ‬البيئية‭ ‬المائية‭: ‬مثل‭ ‬المضادات‭ ‬الحيوية،‭ ‬والمسكنات،‭ ‬والأدوية‭ ‬المضادة‭ ‬للالتهابات،‭ ‬ومضادات‭ ‬الهيستامين،‭ ‬وهرمون‭ ‬الاستروجين‭ ‬المانع‭ ‬للحمل،‭ ‬والكلوفيبرات‭ ‬لعلاج‭ ‬الكولسترول،‭ ‬وأدوية‭ ‬ارتفاع‭ ‬ضغط‭ ‬الدم،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬لا‭ ‬الحصر‭. ‬وهي‭ ‬بعض‭ ‬الأدوية‭ ‬الموصوفة‭ ‬في‭ ‬المراكز‭ ‬الصحية‭ ‬والمستشفيات‭ ‬لعلاج‭ ‬المشاكل‭ ‬الصحية‭ ‬للمرضى،‭ ‬وفي‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الحالات‭ ‬ينتهي‭ ‬بها‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬الإضرار‭ ‬بصحة‭ ‬الكوكب‭.‬

فقد‭ ‬أصبح‭ ‬التلوث‭ ‬الدوائي‭ ‬منتشرًا‭ ‬للغاية‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬اكتشاف‭ ‬ما‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬631‭ ‬مكونًا‭ ‬نشطًا‭ ‬في‭ ‬71‭ ‬دولة‭. ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬إذا‭ ‬تم‭ ‬حساب‭ ‬انبعاثات‭ ‬غازات‭ ‬الدفيئة‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬صناعة‭ ‬الأدوية،‭ ‬فسيتبيّن‭ ‬أنها‭ ‬خامس‭ ‬أكثر‭ ‬الصناعات‭ ‬تلويثًا‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

وبات‭ ‬ثابتاً‭ ‬لدى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الإخصائيين‭ ‬أن‭ ‬الملوثات‭ ‬الناشئة‭ ‬عن‭ ‬صناعة‭ ‬الأدوية‭ ‬تمثل‭ ‬25‭% ‬من‭ ‬البصمة‭ ‬الكربونية‭ ‬المتولّدة‭ ‬من‭ ‬قطاع‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭. ‬ووفقًا‭ ‬لدراسة‭ ‬أجراها‭ ‬الباحث‭ ‬الإسباني‭ ‬جوركا‭ ‬أوريف‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬إقليم‭ ‬الباسك‭ ‬ويوناكس‭ ‬ليرتكسوندي‭ ‬من‭ ‬الخدمة‭ ‬الصحية‭ ‬في‭ ‬أوساكيديتزا‭-‬باسك‭ ‬ونُشرت‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬Science of The Total Environment،‭ ‬تم‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2020‭ ‬وحده،‭ ‬توزيع‭ ‬4‭.‬5‭ ‬تريليونات‭ ‬جرعة‭ ‬من‭ ‬الأدوية،‭ ‬باستثناء‭ ‬تلك‭ ‬المستخدمة‭ ‬في‭ ‬الممارسة‭ ‬البيطرية‭.‬

أما‭ ‬الباحثان‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬ماكماستر‭ ‬في‭ ‬كندا‭ ‬لطفي‭ ‬بلخير‭ ‬وأحمد‭ ‬المليجي‭ ‬فاتفقا‭ ‬على‭ ‬القول‭ ‬“إن‭ ‬ندرة‭ ‬الأدبيات‭ ‬التي‭ ‬راجعها‭ ‬النظراء‭ ‬حول‭ ‬انبعاثات‭ ‬الأدوية‭ ‬قد‭ ‬تقودك‭ ‬إلى‭ ‬الإعتقاد‭ ‬بأنها‭ ‬صناعة‭ ‬خضراء‭ ‬نسبيًا‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الأبحاث‭ ‬التي‭ ‬أجرتها‭ ‬جامعة‭ ‬ماكماستر‭ ‬كشفت‭ ‬أن‭ ‬شركات‭ ‬الأدوية‭ ‬الرائدة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬التلوّث‭ ‬البيئي‭ ‬ذي‭ ‬الآثار‭ ‬المضرّة‭ ‬بالكوكب،‭ ‬وهي‭ ‬بدأت‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬العمل‭ ‬الجدي‭ ‬على‭ ‬تحسين‭ ‬أدائها‭ ‬وخفض‭ ‬نسبة‭ ‬الملوثات‭ ‬التي‭ ‬تتضمّنها‭ ‬منتجاتها،‭ ‬أو‭ ‬تلك‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬عملية‭ ‬التصنيع‭ ‬بذاتها”‭. ‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬“استدامة‭ ‬مصانع‭ ‬الإنتاج‭ ‬هي‭ ‬قضية‭ ‬ذات‭ ‬أولوية‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمجتمع‭ ‬ولمديري‭ ‬القطاع”،‭ ‬كما‭ ‬أوضحت‭ ‬شركة‭ ‬Farmaindustria‭ ‬في‭ ‬تقريرها‭ ‬عن‭ ‬التنفيذ‭ ‬الصناعي‭ ‬لقطاع‭ ‬الأدوية‭ ‬في‭ ‬إسبانيا‭. ‬ويقول‭ ‬أنجيل‭ ‬لويس‭ ‬رودريغيز‭ ‬دي‭ ‬لا‭ ‬كويردا،‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للجمعية‭ ‬الإسبانية‭ ‬للأدوية‭ ‬الجنيسية‭ (‬AESEG‭): ‬“لدينا‭ ‬مرافق‭ ‬تستخدم‭ ‬تقنيات‭ ‬متقدمة‭ ‬للغاية‭ ‬ومتخصّصة‭ ‬للغاية،‭ ‬والتي‭ ‬تتضمن‭ ‬أيضًا‭ ‬استراتيجيات‭ ‬الاستدامة‭ ‬والمسؤولية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬للشركات‭ ‬لتحقيق‭ ‬تأثير‭ ‬إيجابي‭ ‬للغاية”‭. ‬

خطوات‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬الإستدامة

لكن‭ ‬كيف‭ ‬يحصل‭ ‬هذا‭ ‬التأثير‭ ‬وماذا‭ ‬يفعل‭ ‬العالم‭ ‬لتحقيق‭ ‬التحوّل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الإستدامة؟

تشمل‭ ‬الممارسات‭ ‬الحديث‭ ‬تقليل‭ ‬تأثير‭ ‬مخلفات‭ ‬الأدوية‭ ‬والمؤثرات‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬صناعتها‭ ‬على‭ ‬البيئة،‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬تجنُّب‭ ‬التأثيرات‭ ‬غير‭ ‬المستهدفة‭ ‬أو‭ ‬الأجزاء‭ ‬غير‭ ‬المرغوب‭ ‬فيها،‭ ‬وتقليل‭ ‬التعرّض‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬تقليل‭ ‬الإنبعاثات‭ ‬أو‭ ‬التحلّل‭ ‬البيئي‭ (‬الحيوي‭)‬،‭ ‬وعدم‭ ‬وجود‭ ‬مواد‭ ‬PBT‭ (‬الثابتة‭ ‬والمتراكمة‭ ‬بيولوجيًا‭ ‬والسامة‭)‬،‭ ‬وتخفيف‭ ‬المخاطر‭. ‬ومع‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المعايير،‭ ‬فإن‭ ‬صحة‭ ‬المريض‭ ‬لها‭ ‬أهمية‭ ‬قصوى‭ ‬حيث‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تبقى‭ ‬الأدوية‭ ‬آمنة‭ ‬وفعالة‭ ‬لعلاج‭ ‬الأمراض‭.‬

فصناعة‭ ‬الأدوية‭ ‬تعمل‭ ‬عموماً‭ ‬على‭ ‬تحسين‭ ‬استخدامها‭ ‬للطاقة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬زيادة‭ ‬كفاءة‭ ‬الطاقة‭ ‬واستخدام‭ ‬الطاقات‭ ‬المتجددة‭ ‬وتوليد‭ ‬الطاقة‭ ‬الخاصة‭ ‬بها‭. ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحاضر،‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬70‭% ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬الطاقة‭ ‬المستخدمة‭ ‬في‭ ‬مصانع‭ ‬الأدوية‭ ‬تأتي‭ ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬متجددة‭. ‬كما‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬تقليل‭ ‬توليد‭ ‬النفايات‭ ‬قدر‭ ‬الإمكان،‭ ‬إنطلاقاً‭ ‬من‭ ‬مبدأ‭ ‬“أن‭ ‬أفضل‭ ‬أنواع‭ ‬النفايات‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬وجود‭ ‬له”‭. ‬

وبحسب‭ ‬الدراسات‭ ‬هناك‭ ‬7‭ ‬طرق‭ ‬بارزة‭ ‬مستدامة‭ ‬للتخفيف‭ ‬من‭ ‬البصمة‭ ‬البيئية‭ ‬لصناعة‭ ‬الأدوية‭ ‬وضمان‭ ‬حيويتها‭ ‬الدائمة،‭ ‬وهي‭:‬

1‭)‬‭ ‬السعي‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬أكثر‭ ‬صحة‭ ‬واستدامة،‭ ‬حيث‭ ‬تتجه‭ ‬الصناعات‭ ‬الدوائية‭ ‬وتطوير‭ ‬الأدوية‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد‭ ‬إلى‭ ‬الكيمياء‭ ‬الخضراء‭. ‬يعمل‭ ‬هذا‭ ‬النهج‭ ‬المبتكر‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬تشكيل‭ ‬كيفية‭ ‬إنشاء‭ ‬الأدوية‭ ‬الأساسية،‭ ‬مما‭ ‬يوفر‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الفوائد‭ ‬التي‭ ‬تتماشى‭ ‬مع‭ ‬مبادرات‭ ‬الاستدامة‭. ‬والكيمياء‭ ‬الخضراء،‭ ‬في‭ ‬جوهرها،‭ ‬هي‭ ‬فلسفة‭ ‬تحويلية‭ ‬تدعم‭ ‬الكفاءة‭ ‬والسلامة‭ ‬والوعي‭ ‬البيئي‭ ‬لتقليل‭ ‬النفايات‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬استهلاك‭ ‬الطاقة،‭ ‬وتقليل‭ ‬استخدام‭ ‬المواد‭ ‬الكيميائية‭ ‬الخطرة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تسخير‭ ‬إمكانات‭ ‬التفاعلات‭ ‬والعمليات‭ ‬الكيميائية‭ ‬الأكثر‭ ‬أمانًا‭ ‬واستدامة‭. ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬الكيمياء‭ ‬الخضراء،‭ ‬تستطيع‭ ‬شركات‭ ‬الأدوية‭ ‬إعطاء‭ ‬الأولوية‭ ‬لطرق‭ ‬التصنيع‭ ‬الصديقة‭ ‬للبيئة،‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬الموارد‭ ‬المتجددة،‭ ‬والحد‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬إنتاج‭ ‬المخلّفات‭ ‬الثانوية‭ ‬الضارة‭. ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬دمج‭ ‬هذه‭ ‬المبادئ،‭ ‬تعمل‭ ‬شركات‭ ‬الأدوية‭ ‬العملاقة‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬كتابة‭ ‬قواعد‭ ‬تصنيع‭ ‬الأدوية،‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬آثار‭ ‬الكربون،‭ ‬وإحداث‭ ‬تأثير‭ ‬واضح‭ ‬على‭ ‬البيئة‭.‬

2‭) ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬المركزية‭ ‬في‭ ‬مفهوم‭ ‬تقليل‭ ‬النفايات،‭ ‬هو‭ ‬تحسين‭ ‬عمليات‭ ‬الإنتاج‭. ‬ويستلزم‭ ‬ذلك‭ ‬تقليل‭ ‬توليد‭ ‬المنتجات‭ ‬الثانوية‭ ‬الخطرة‭ ‬وتقليل‭ ‬المواد‭ ‬الرديفة‭ ‬غير‭ ‬المستخدمة،‭ ‬مما‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬أنظف‭ ‬وأكثر‭ ‬أمانًا‭. ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬تؤدي‭ ‬هذه‭ ‬المنتجات‭ ‬الثانوية‭ ‬والمواد‭ ‬المتبقية‭ ‬إلى‭ ‬إحداث‭ ‬دمار‭ ‬في‭ ‬النظم‭ ‬البيئية‭ ‬وتساهم‭ ‬في‭ ‬التلوث‭. ‬وتقدِّر‭ ‬الأبحاث‭ ‬أنه‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬5‭.‬5‭ ‬كلغ‭ ‬من‭ ‬الأدوية‭ ‬المصنّعة،‭ ‬يتم‭ ‬إنتاج‭ ‬حوالى‭ ‬550‭ ‬كلغ‭ ‬من‭ ‬النفايات‭. ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬تبنّي‭ ‬استراتيجيات‭ ‬تقليل‭ ‬النفايات‭ ‬وإعادة‭ ‬تقييم‭ ‬كيفية‭ ‬إدارة‭ ‬الأدوية‭ ‬غير‭ ‬المستخدمة،‭ ‬يمكن‭ ‬للمؤسسات‭ ‬أن‭ ‬تلعب‭ ‬دورًا‭ ‬مهمًا‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬مستقبل‭ ‬أكثر‭ ‬صحّةً‭ ‬للإنسانية‭ ‬والكوكب‭.‬

3‭) ‬برامج‭ ‬التبرّع‭ ‬بالأدوية‭ ‬وإعادة‭ ‬استخدامها،‭ ‬والتي‭ ‬يشار‭ ‬إليها‭ ‬باسم‭ ‬مستودعات‭ ‬الأدوية،‭ ‬بدأت‭ ‬تظهر‭ ‬كحلول‭ ‬قابلة‭ ‬للتطبيق‭. ‬ولا‭ ‬تقتصر‭ ‬هذه‭ ‬المبادرات‭ ‬على‭ ‬تخفيف‭ ‬الهدر‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬تمد‭ ‬يد‭ ‬العون‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬المحتاجين،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬جمع‭ ‬الأدوية‭ ‬الموصوفة‭ ‬طبيّاً‭ ‬وغير‭ ‬المستخدمة،‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬المستخدمة‭ ‬كلّياً،‭ ‬وإعادة‭ ‬توزيعها‭. ‬وتضمن‭ ‬هذه‭ ‬البرامج‭ ‬عدم‭ ‬إهدار‭ ‬الأدوية‭ ‬النادرة‭ ‬أو‭ ‬الثمينة‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يتاح‭ ‬للسكان‭ ‬المحرومين‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬العلاجات‭ ‬الحيوية‭. ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬تبني‭ ‬استراتيجيات‭ ‬تقليل‭ ‬النفايات‭ ‬وإعادة‭ ‬تقييم‭ ‬كيفية‭ ‬إدارة‭ ‬الأدوية‭ ‬غير‭ ‬المستخدمة،‭ ‬يمكن‭ ‬للمؤسسات‭ ‬أن‭ ‬تلعب‭ ‬دورًا‭ ‬مهمًا‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬مستقبل‭ ‬أكثر‭ ‬صحّة‭ ‬للإنسانية‭ ‬والكوكب‭. ‬ففي‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬مثلاً،‭ ‬تمّت‭ ‬إعادة‭ ‬تدوير‭ ‬67‭.‬8‭% ‬من‭ ‬مواد‭ ‬التعبئة‭ ‬والتغليف‭ ‬الدوائية‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬جمعها‭. ‬

4‭) ‬يعد‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬التقنيات‭ ‬والممارسات‭ ‬الموفِّرة‭ ‬للطاقة‭ ‬أمرًا‭ ‬ضروريًا‭ ‬لتقليل‭ ‬البصمة‭ ‬الكربونية‭ ‬لصناعة‭ ‬الأدوية‭. ‬ففي‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وحدها‭ ‬يستهلك‭ ‬قطاع‭ ‬الأدوية‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭ ‬سنويًا،‭ ‬مما‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬جودة‭ ‬المنتج‭ ‬وربحيته‭. ‬وعليه،‭ ‬تقوم‭ ‬شركات‭ ‬الأدوية‭ ‬الكبرى‭ ‬بخفض‭ ‬تكاليف‭ ‬الإنتاج‭ ‬مع‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬معايير‭ ‬الجودة‭ ‬لمعالجة‭ ‬استهلاك‭ ‬الطاقة‭. ‬فكفاءة‭ ‬الطاقة‭ ‬تعد‭ ‬أمرًا‭ ‬محوريًا‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬الإستدامة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تطوير‭ ‬الأدوية‭. ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬عمليات‭ ‬البحث‭ ‬والتصنيع‭ ‬والتوزيع‭ ‬المعقّدة،‭ ‬تستطيع‭ ‬هذه‭ ‬الصناعات‭ ‬أن‭ ‬تقلِّل‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬تأثيرها‭ ‬البيئي‭ ‬عبر‭ ‬تبنّي‭ ‬ممارسات‭ ‬كفاءة‭ ‬استخدام‭ ‬الطاقة‭. ‬ويشمل‭ ‬ذلك‭ ‬تحسين‭ ‬عمليات‭ ‬التصنيع،‭ ‬ودمج‭ ‬التقنيات‭ ‬الخضراء،‭ ‬واعتماد‭ ‬مصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭. ‬ويظهر‭ ‬تحسين‭ ‬كفاءة‭ ‬استخدام‭ ‬الطاقة‭ ‬كاستراتيجية‭ ‬عليا،‭ ‬مما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬كفاءة‭ ‬العمليات،‭ ‬وزيادة‭ ‬جودة‭ ‬المنتج،‭ ‬وزيادة‭ ‬الإنتاجية‭ ‬والربحية‭. ‬

ولتحقيق‭ ‬الاستدامة‭ ‬البيئية‭ ‬والجدوى‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬يقوم‭ ‬مديرو‭ ‬مصانع‭ ‬الأدوية‭ ‬باستكشاف‭ ‬حلول‭ ‬متقدمة‭ ‬لإدارة‭ ‬الطاقة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬أنواع‭ ‬الوقود‭ ‬البديلة،‭ ‬وتدابير‭ ‬الاستجابة‭ ‬للطلب،‭ ‬وتحسينات‭ ‬الموثوقية،‭ ‬وطرق‭ ‬التوليد‭ ‬في‭ ‬الموقع‭. ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬جسدت‭ ‬شركة‭ ‬فايزر‭ ‬التزامها‭ ‬بالاستدامة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬بناء‭ ‬منشأة‭ ‬بحث‭ ‬وتطوير‭ ‬ذات‭ ‬كفاءة‭ ‬عالية‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬الطاقة‭ ‬في‭ ‬تشيسترفيلد‭ ‬بولاية‭ ‬ميسوري،‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2019‭.‬

‭ ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2021،‭ ‬أعلنت‭ ‬شركة‭ ‬Vesper Energy‭ ‬أن‭ ‬شركة‭ ‬Pfizer‭ ‬دخلت‭ ‬في‭ ‬اتفاقية‭ ‬شراء‭ ‬طاقة‭ ‬افتراضية‭ ‬مدتها‭ ‬15‭ ‬عامًا‭ ‬مقابل‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬310‭ ‬ميجاوات‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭ ‬الشمسية‭. ‬وستفي‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقية‭ ‬بكفاءة‭ ‬بجميع‭ ‬متطلبات‭ ‬الطاقة‭ ‬المتوقعة‭ ‬لعمليات‭ ‬شركة‭ ‬Pfizer‭ ‬في‭ ‬أميركا‭ ‬الشمالية‭. ‬وتضع‭ ‬شركة‭ ‬نوفارتيس‭ ‬معايير‭ ‬محددة‭ ‬للاستدامة‭ ‬البيئية‭ ‬لمورديها،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الشراكة‭ ‬مع‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يظهرون‭ ‬ممارسات‭ ‬مسؤولة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التوريد‭ ‬للتخفيف‭ ‬من‭ ‬آثارهم‭ ‬البيئية‭. ‬

5‭) ‬الترويج‭ ‬للمواد‭ ‬الخام‭ ‬والمكونات‭ ‬المستدامة‭ ‬في‭ ‬تصنيع‭ ‬الأدوية،‭ ‬يُعَد‭ ‬خطوة‭ ‬حاسمة‭ ‬نحو‭ ‬مسؤولية‭ ‬بيئية‭ ‬أكبر‭. ‬وهذا‭ ‬ينطوي‭ ‬على‭ ‬الحصول‭ ‬بشكل‭ ‬مسؤول‭ ‬على‭ ‬المركّبات‭ ‬الطبيعية‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬بدائل‭ ‬للموارد‭ ‬غير‭ ‬المتجددة‭. ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬تبني‭ ‬هذه‭ ‬الممارسات،‭ ‬يمكن‭ ‬للشركات‭ ‬أن‭ ‬تقلل‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬تأثيرها‭ ‬البيئي‭ ‬مع‭ ‬المساهمة‭ ‬في‭ ‬التوازن‭ ‬البيئي‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭.‬

6‭) ‬عملية‭ ‬التعبئة‭ ‬والتغليف‭ ‬الخضراء،‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تحسِّن‭ ‬الإستدامة‭ ‬في‭ ‬الصناعات‭ ‬الدوائية‭ ‬وتطوير‭ ‬الأدوية،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اعتماد‭ ‬حلول‭ ‬التعبئة‭ ‬والتغليف‭ ‬المستدامة‭. ‬فاستخدام‭ ‬المواد‭ ‬القابلة‭ ‬لإعادة‭ ‬التدوير،‭ ‬أو‭ ‬للتحلّل،‭ ‬أو‭ ‬لإعادة‭ ‬الإستخدام،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقلل‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬التأثير‭ ‬البيئي‭ ‬لتغليف‭ ‬الأدوية‭. ‬يضمن‭ ‬التغليف‭ ‬المستدام‭ ‬أيضًا‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬سلامة‭ ‬المنتجات‭ ‬الصيدلانية،‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬فعاليتها‭ ‬وسلامتها‭ ‬مع‭ ‬تقليل‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬التغليف‭ ‬المفرط‭. ‬كما‭ ‬يمكن‭ ‬للمواد‭ ‬الحيوية‭ ‬والقابلة‭ ‬للتحلل‭ ‬أن‭ ‬تحل‭ ‬محل‭ ‬العبوات‭ ‬البلاستيكية‭ ‬التقليدية‭ ‬ذات‭ ‬الاستخدام‭ ‬الواحد،‭ ‬مما‭ ‬يقلل‭ ‬من‭ ‬كمية‭ ‬النفايات‭ ‬المتولّدة‭ ‬وآثارها‭ ‬الضارّة‭ ‬على‭ ‬النظم‭ ‬البيئية‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬يمكن‭ ‬للمواد‭ ‬خفيفة‭ ‬الوزن‭ ‬والقابلة‭ ‬لإعادة‭ ‬التدوير‭ ‬أن‭ ‬تقلّل‭ ‬من‭ ‬انبعاثات‭ ‬النقل‭ ‬واستهلاك‭ ‬الطاقة‭ ‬أثناء‭ ‬التوزيع‭. ‬فصناعة‭ ‬الأدوية‭ ‬وحدها‭ ‬مسؤولة‭ ‬عن‭ ‬300‭ ‬مليون‭ ‬طن‭ ‬من‭ ‬النفايات‭ ‬البلاستيكية‭ ‬سنوياً،‭ ‬50‭% ‬منها‭ ‬مخصّصة‭ ‬لأغراض‭ ‬الاستخدام‭ ‬الفردي‭.‬

7‭) ‬التعاون‭ ‬وتبادل‭ ‬المعلومات‭ ‬بين‭ ‬شركات‭ ‬الأدوية‭ ‬والباحثين‭ ‬والهيئات‭ ‬التنظيمية،‭ ‬والذي‭ ‬يعد‭ ‬أمرًا‭ ‬أساسيًا‭ ‬لتحقيق‭ ‬الإستدامة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الصنّاعة‭. ‬ويخلق‭ ‬هذا‭ ‬النهج‭ ‬التعاوني‭ ‬ثقافة‭ ‬التحسين‭ ‬المستمر،‭ ‬مما‭ ‬يسرِّع‭ ‬من‭ ‬اعتماد‭ ‬الممارسات‭ ‬الصديقة‭ ‬للبيئة‭. ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬يساعد‭ ‬هذا‭ ‬الجهد‭ ‬الجماعي‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬المخاطر‭ ‬البيئية‭ ‬المحتملة‭ ‬وتعزيز‭ ‬أفضل‭ ‬الممارسات‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬التأثير‭ ‬البيئي‭ ‬المرتبط‭ ‬بتطوير‭ ‬الأدوية‭ ‬وتصنيعها‭. ‬

صحّة‭ ‬الإنسان‭… ‬والكوكب

رسمَ‭ ‬تقرير‭ ‬لانسيت‭ ‬لعام‭ ‬2019‭ ‬صورة‭ ‬قاتمة‭ ‬لمستقبل‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭. ‬وقد‭ ‬توقّع‭ ‬زيادة‭ ‬صافية‭ ‬محتملة‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬وفيات‭ ‬البالغين‭ ‬بسبب‭ ‬تغيّر‭ ‬المناخ‭ ‬قدرها‭ ‬529‭ ‬ألف‭ ‬حالة‭ ‬وفاة‭ ‬سنويًا‭ ‬بحلول‭ ‬العام‭ ‬2050‭. ‬من‭ ‬هنا‭ ‬جاء‭ ‬الإدراك‭ ‬لأهمية‭ ‬المبادرة‭ ‬والإسراع‭ ‬في‭ ‬التحوّل‭ ‬إلى‭ ‬المنتجات‭ ‬الدوائية‭ ‬الصديقة‭ ‬للبيئة‭. ‬فصناعة‭ ‬الأدوية‭ ‬وحدها‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مسؤولة‭ ‬عمّا‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬52‭ ‬ميجا‭ ‬طن‭ ‬من‭ ‬انبعاثات‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬المكافئة‭ ‬سنويًا،‭ ‬والتي‭ ‬تصدر‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬عملياتها‭ ‬المباشرة‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬الحساب‭ ‬لا‭ ‬يلحظ‭ ‬تغطية‭ ‬الإنبعاثات‭ ‬الإضافية‭ ‬غير‭ ‬المباشرة‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالطاقة‭ ‬الناشئة‭ ‬عن‭ ‬تعقيدات‭ ‬سلسلة‭ ‬التوريد‭ ‬الخاصة‭ ‬بها،‭ ‬من‭ ‬نقل‭ ‬الأدوية‭ ‬الحيوية‭ ‬إلى‭ ‬متطلبات‭ ‬الطاقة‭ ‬لمرافق‭ ‬التوزيع‭ ‬للإضاءة‭ ‬والتبريد‭ ‬وغيرها‭. ‬من‭ ‬هنا‭ ‬بدأ‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬خفض‭ ‬هذه‭ ‬المؤثرات‭ ‬لأن‭ ‬الهدف،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬صحة‭ ‬المريض،‭ ‬هو‭ ‬أيضاً‭ ‬صحة‭ ‬الكوكب،‭ ‬التي‭ ‬تنعكس‭ ‬بدورها‭ ‬سلباً‭ ‬على‭ ‬صحة‭ ‬الإنسان‭. ‬وتبشِّر‭ ‬الكيمياء‭ ‬الخضراء‭ ‬أيضًا‭ ‬بعصر‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬المنتجات‭ ‬الصيدلانية‭ ‬الأكثر‭ ‬أمانًا‭ ‬لصحة‭ ‬الإنسان‭ ‬والقابلة‭ ‬للتحلّل‭ ‬الحيوي،‭ ‬مما‭ ‬يخفف‭ ‬من‭ ‬المخاوف‭ ‬بشأن‭ ‬التلوث‭ ‬البيئي‭ ‬المستمر‭. ‬فتبنِّي‭ ‬مبادئ‭ ‬الكيمياء‭ ‬الخضراء‭ ‬يتماشى‭ ‬بسلاسة‭ ‬مع‭ ‬المسؤولية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬للشركات،‭ ‬ويمهِّد‭ ‬الطريق‭ ‬لأهداف‭ ‬الإستدامة‭ ‬طويلة‭ ‬المدى،‭ ‬ويرفع‭ ‬المكانة‭ ‬الأخلاقية‭ ‬والبيئية‭ ‬لصناعة‭ ‬الأدوية‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬يكشف‭ ‬تقرير‭ ‬صدر‭ ‬عام‭ ‬2022‭ ‬أن‭ ‬حلول‭ ‬التغليف‭ ‬المستدامة‭ ‬تشكّل‭ ‬الآن‭ ‬25‭% ‬من‭ ‬سوق‭ ‬تغليف‭ ‬الأدوية‭ ‬الأساسي،‭ ‬مما‭ ‬يعكس‭ ‬اتجاهًا‭ ‬متزايدًا‭ ‬بين‭ ‬شركات‭ ‬الأدوية‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬السعي‭ ‬بنشاط‭ ‬لابتكارات‭ ‬التعبئة‭ ‬والتغليف‭ ‬المستدامة‭ ‬لتقليل‭ ‬تأثيرها‭ ‬البيئي‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭.‬

يُضاف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬أن‭ ‬تنفيذ‭ ‬برامج‭ ‬مسؤولية‭ ‬المنتج‭ ‬الموسعة‭ (‬EPR‭) ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يُحدِث‭ ‬ثورة‭ ‬في‭ ‬الإستدامة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬المستحضرات‭ ‬الصيدلانية‭. ‬فبرامج‭ ‬مسؤولية‭ ‬المنتج‭ ‬الموسعة‭ ‬EPR‭ ‬تشجع‭ ‬الشركات‭ ‬على‭ ‬تحمُّل‭ ‬المسؤولية‭ ‬الكاملة‭ ‬عن‭ ‬دورة‭ ‬حياة‭ ‬منتجاتها،‭ ‬بدءًا‭ ‬من‭ ‬الإنتاج‭ ‬وحتى‭ ‬إدارة‭ ‬النفايات‭ ‬بعد‭ ‬الاستهلاك‭. ‬ويمكن‭ ‬رؤية‭ ‬التطبيق‭ ‬الواقعي‭ ‬لـ‭ ‬EPR‭ ‬في‭ ‬مبادرات‭ ‬البرامج‭ ‬الصيدلانية‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭. ‬وتدفع‭ ‬هذه‭ ‬البرامج‭ ‬الشركات‭ ‬إلى‭ ‬تصميم‭ ‬أدوية‭ ‬وتعبئة‭ ‬صديقة‭ ‬للبيئة،‭ ‬والاستثمار‭ ‬في‭ ‬التصنيع‭ ‬المستدام،‭ ‬وتطوير‭ ‬أنظمة‭ ‬إعادة‭ ‬التدوير‭ ‬والتخلّص‭ ‬الفعالة،‭ ‬كما‭ ‬تحفيز‭ ‬الابتكار‭ ‬والممارسات‭ ‬الواعية‭ ‬بيئيًا،‭ ‬وتعزيز‭ ‬ثقافة‭ ‬أكثر‭ ‬خضرة‭ ‬داخل‭ ‬الصناعة‭.‬

هذه‭ ‬المفاهيم‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬الدواء‭ ‬واستخداماته‭ ‬السليمة،‭ ‬وهذه‭ ‬النقلة‭ ‬النوعية‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬الإستدامة،‭ ‬بدأت‭ ‬تصنع‭ ‬بدايات‭ ‬الفرق‭ ‬المطلوب‭. ‬وأهميتها‭ ‬في‭ ‬أنها‭ ‬تحمي‭ ‬الإنسان‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الكوكب،‭ ‬وهو‭ ‬الهدف‭ ‬الأساسي‭ ‬لهذه‭ ‬الصناعة‭. ‬وبحسب‭ ‬الخبير‭ ‬الدوائي‭ ‬والناشط‭ ‬البيئي‭ ‬هامبرتو‭ ‬أرنيس‭: ‬“لقد‭ ‬جعلت‭ ‬حالة‭ ‬الطوارئ‭ ‬الكوكبية‭ ‬السكان‭ ‬يُدركون‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد‭ ‬أن‭ ‬البشر‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتمتعوا‭ ‬بصحة‭ ‬جيدة‭ ‬على‭ ‬كوكب‭ ‬مريض”‭.‬

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى