السيد مجد أبو زنط
إنشاء أكبر شبكة لمراكز الإخصاب في الشرق الأوسط بمعدلات نجاح عالمية
السيد مجد أبو زنط، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب، Global Fertility
والمؤسس المشارك ورئيس مجلس الإدارة، Ovasave
شهد قطاع الرعاية الصحية تحولًا استراتيجياً نوعياً، تُوِّج بتسارع الاستثمارات في الإخصاب وعلم الوراثة الإنجابية بوصفهما من أسرع مسارات النمو عالمياً في القطاع الصحي، وهو ما يعكس الأهمية المتزايدة للعلاجات القائمة على الأدلة لتحسين نتائج الخصوبة وصحة المرأة. وفي هذا السياق، تبرز جلوبال فيرتيليتي (Global Fertility) ككيان ريادي يتبنّى هذا التوجّه، مرتكزاً على استراتيجية واضحة للتوسّع في سوق خدمات الإخصاب في الشرق الأوسط، وتطوير قدرات الفحوصات الجينية وتكاملها مع البروتوكولات السريرية لرفع معدلات النجاح وتعزيز سلامة المرضى وصحة الأسرة بشكل عام.
تُمثّل العلامة التجارية “بنون” الركيزة الأساسية في هذه الاستراتيجية الطموحة لـ”جلوبال فيرتيليتي” إذ تطمح لأن تكون ضمن أفضل عشر شبكات لمراكز الإخصاب عالمياً وأسرعها نمواً وتطوراً على مستوى الشرق الأوسط مؤكدة التزامها بتقديم أعلى مستويات الرعاية في الخصوبة وصحة المرأة والرجل بدءاً من المملكة العربية السعودية وذلك انسجامًا مع التوجهات الاستراتيجية لرؤية السعودية 2030، التي تركز على تعزيز الابتكار في الرعاية الصحية وتسخير الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة لتحسين فرص الإنجاب والارتقاء بجودة الخدمات المقدمة.
تلتزم “بنون” و”جلوبال فيرتيليتي” بمبدأ مشاركة الخبرات والبروتوكولات العلاجية الفريدة التي تحقق نسب نجاح عالية، لضمان رفع مستوى الخدمة في جميع فروع الشبكة المتنامية في المملكة العربية السعودية، ومن ثم التوسع إقليمياً عبر الاستحواذ الانتقائي وبناء مراكز جديدة.
وبدعم استثماري تجاوز 60 مليون دولار أميركي، تسعى “جلوبال فيرتيليتي” من خلال علامتها “بنون” إلى ترسيخ مكانتها لتكون الشبكة المتكاملة لخدمات الإخصاب في المملكة العربية السعودية والشرق الأوسط، مستخدمة التكنولوجيا ليس فقط للعلاج، بل لتعزيز القيمة الحقيقية للمريض: نسب نجاح أعلى بتكلفة أقل. في حوار خاص، التقت مجلة “المستشفى العربي” السيد مجد أبو زنط، بصفته الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لـ “جلوبال فيرتيليتي” والمؤسس المشارك ورئيس مجلس الإدارة لـ Ovasave للحديث عن أبرز الإنجازات التي حققتها “جلوبال فيرتيليتي” مؤخراً، وكيف ساهمت هذه الإنجازات في تعزيز مكانة الشركة في قطاع الخصوبة في المنطقة. في ما يلي نص الحوار.
ما هي أبرز الإنجازات التي حققتها جلوبال فيرتيليتي (Global Fertility) مؤخراً؟ وكيف ساهمت هذه الإنجازات في تعزيز مكانتكم في قطاع الخصوبة في المنطقة؟
تُمثّل “جلوبال فيرتيليتي” نموذجًا رائدًا لشركة استثمارية تتخصص بشكل حيوي في قطاع الرعاية الصحية، مع تركيز استراتيجي ومُعمّق على صحة المرأة وعلاجات الإخصاب والعقم وعلم الوراثة الإنجابية، مدعومة بالأبحاث المتقدمة والتكنولوجيا المبتكرة. وانطلاقًا من المملكة العربية السعودية، وانسجامًا مع التوجّهات الاستراتيجية لرؤية 2030، تهدف الشركة إلى تحقيق الريادة عبر بناء وتطوير أكبر وأهم شبكة متكاملة لمراكز الإخصاب على مستوى المملكة ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إقريقيا. يكمن الطموح الاستراتيجي لـ “جلوبال فيرتيليتي” في تبوّء الصدارة عالميًا، ليس فقط من حيث الانتشار الجغرافي الواسع وتطبيق أحدث التقنيات، بل والأهم من ذلك، في رفع نسب النجاح لتضاهي أعلى المعايير العالمية المسجلة في أميركا وأوروبا، بهدف وضع الشركة ضمن أهم عشرة مراكز إخصاب عالمياً.
وعلى الرغم من نشأتها الحديثة في 2023، حقّقت الشركة إنجازات مالية واستراتيجية فارقة، أبرزها تأمين استثمار ضخم يتجاوز 60 مليون دولار أميركي من مؤسسات مرموقة في السعودية والإمارات وعدد من المستثمرين الرائدين. كما استحوذت دبي للاستثمار، الشركة الاستثمارية الرائدة المدرجة في سوق دبي المالي بنسبة 34.3% من رأس مال الشركة عام 2024. ومن ضمن المستثمرين الرئيسين في السعودية أيضاً شركة الراجحي للاستثمار. وبين عامي 2024 و2025، تم الاستحواذ على الحصة الأكبر من مركز “بنون” في الرياض والذي تم افتتاحه عام 2013 ورسّخ مكانته كأحد الرواد في مجال الإخصاب وصحة المرأة في المملكة وكذلك مركز هيلث بلاس للإخصاب في جدة الذي تأسس عام 2019 وتميّز أيضاً كأحد أبرز المراكز المتخصصة في المنطقة وتم إدراج المركزين تحت شبكة “بنون” التابعة لجلوبال فيرتيليتي. كما يجري العمل حالياً على بناء مركز رئيسي جديد في شمال الرياض، تبلغ مساحته 3,800 متر مربع، ومن المتوقع افتتاحه مطلع العام المقبل وسيوفر خدمات متقدمة في مجال الإخصاب وعمليات أطفال الأنابيب والفحوصات الجينية وأمراض الذكورة وخدمات شاملة لصحة المرأة مدعومة بالذكاء الاصطناعي وأحدث التقنيات.
تعكس هذه المشاريع مسيرة النمو والتوسع لشبكة “بنون” ويجسد طموح “جلوبال فيرتيليتي” في ترسيخ دور “بنون” كشبكة رائدة في رعاية الخصوبة وطب الإنجاب وصحة المرأة، من خلال جمع الابتكار والبحث العلمي والتعليم مع الرعاية المتمحورة حول المريض، لوضع معايير جديدة للجيل القادم من خدمات الإخصاب وصحة المرأة. ونعمل حالياً على دراسة مجموعة من الفرص الواعدة في مختلف أنحاء المنطقة والتي نعتزم الاستحواذ عليها. كما نخطط لافتتاح مراكز جديدة في الخبر وأبها ومدن أخرى في المملكة. وسنواصل التوسع بخطى ثابتة، مع التركيز على توظيف أحدث التقنيات، وتحسين النتائج السريرية، وتوفير خدمات الخصوبة المتخصصة بشكل أوسع وأكثر شمولاً.
ما الذي يميزكم عن شركات أخرى تعمل في المجال ذاته؟ وما هي استراتيجيتكم للحفاظ على هذا المستوى من الريادة؟
في الواقع، لقد رسّخت التجربة العملية قناعتنا الراسخة بأن التخصص الدقيق يُشكّل حجر الزاوية لتحقيق التميز المستدام والنمو المتسارع. بناءً على هذه الرؤية، تم توظيف خبرتنا الممتدة لأكثر من 23 عامًا في القيادة الإدارية والتشغيلية ضمن قطاع صحة المرأة والإخصاب، لتكون المحرّك الأساسي في صياغة شراكات استراتيجية ذات ثقل على مستوى المنطقة. نسعى لاستقطاب شركاء استراتيجيين يضمّون نخبة من أعرق وأبرز الأطباء المتخصصين في هذا المجال الحيوي وقد أثبت الدعم المالي المؤسسي الهائل وحجم الاستثمار الكلي والخبرات التي يملكها فريقنا، من العوامل الأساسية لإبرام هذه التعاونات النوعية ونجاح ونمو أهدافنا الطموحة.
لقد أفضت هذه المنهجية المتكاملة إلى تحقيق نمو استراتيجي فائق السرعة؛ فخلال فترة وجيزة لم تتجاوز 12 شهرًا، نجحنا في بناء تحالفات استراتيجية مع أهم الكفاءات الطبية في مراكز الإخصاب الرئيسية في المملكة. ويُعَد هذا الإنجاز السريع، الذي يعكس قوة التخصص الدقيق وتكامل الأدوار الاستراتيجية، العامل الذي مكّن الشركة من الاستحواذ على ما يقارب 20% من حصة السوق السعودي في مجال الإخصاب.
إن تحقيق هذه الحصة السوقية الكبيرة في فترة زمنية قصيرة، وفي سوق بحجم وأهمية السوق السعودي، هو دليل قاطع على قوة الخبرة المتراكمة وفعالية الاستراتيجية المتبناة. كما يرتكز نهجُنا في “بنون” على جودة رعاية قابلة للقياس. وخلال الأشهر الماضية سرّعنا برامج الجودة وسلامة المرضى، فحصل مركز “بنون” في جدة على اعتماد المركز السعودي لاعتماد المنشآت الصحية – سباهي (CBAHI) خلال فترة وجيزة. يؤكّد هذا الاعتماد، إلى جانب الاعتمادات الوطنية والدولية الأخرى لمراكزنا، مطابقةَ معاييرنا للمتطلبات الوطنية، ويُرسّخ ثقة المرضى، ويدعم التطوير المستمر ورفع النتائج السريرية على المدى الطويل.
أطلقتم مؤخراً مبادرات جديدة أو خدمات مبتكرة في الشركة. هل يمكن أن تحدثنا عن هذه الخدمات بالتفصيل، وما هي الفئات التي تستهدفها؟
تستمد “جلوبال فيرتيليتي” قوتها التنافسية المحورية من شبكتها الاستراتيجية من المراكز المستحوذ عليها والشراكات النوعية، التي تحتضن نخبة من الأطباء القادة ذوي السجل الحافل بالتميز في تخصص الإخصاب وصحة المرأة. وتؤكد بيانات الأداء الحالية تحقيق هذه الكفاءات لنسب نجاح عالية تتراوح بين 60 و75%، ما يضع مراكزنا في مصاف المعايير العالمية المرموقة. وبعد إرساء هذه البنية التحتية الصلبة خلال الـ 12 شهرًا الماضية، تنتقل الشركة من مرحلة التأسيس والبناء إلى مرحلة التوسع النوعي والانطلاق المتسارع. لا يقتصر هدفنا على تثبيت نسب النجاح المتميزة الحالية، بل يمتد ليشمل تحسينها ورفعها بشكل مستمر بالتوازي مع مضاعفة حصتنا السوقية بشكل استراتيجي. إن حجم شبكتنا الحالي يُمثّل ميزة تنافسية ضخمة لا تُضاهى في استقطاب أهم الكفاءات والمواهب الطبية. فالأطباء المتميزون يتطلعون للانضمام إلى منظومة عمل متكاملة ومتطورة، توفر لهم آفاقاً واسعة للعمل، وفرصًا نوعية للتطوير المهني والبحثي.
هذا الحجم الاستراتيجي هو ما يُمكّننا من تخصيص استثمارات ضخمة ومستمرة في تبني أحدث التقنيات المبتكرة، والأبحاث المتطورة، وحلول الذكاء الاصطناعي الرائدة، ما يخلق بيئة عمل محفزة للابتكار ويضمن تدفقًا مستدامًا للحالات الطبية.
ولتحقيق هذا النمو الاستراتيجي، تم توجيه جزء كبير من استثماراتنا لضمان تقديم ابتكارات غير مسبوقة. وفي خطوة ريادية، ستشهد مراكزنا المتوسعة، تحت العلامة التجارية الجديدة “بنون” على مستوى المملكة، تطبيق تقنيات وبرامج تُقدّم لأول مرة في السوق الإقليمي، مؤكدين التزامنا بتعزيز معايير الرعاية الصحية في المنطقة.
يُعد التوسع الجغرافي مؤشراً للنجاح. أين وصلتم في خططكم للتوسع؟ وهل هناك أسواق جديدة تستهدفونها في المستقبل القريب؟
تُعزّز “جلوبال فيرتيليتي” من مكانتها كقوة مهيمنة في السوق عبر امتلاكها حاليًا مركزين في المملكة العربية السعودية، وتتجه بخطوات حاسمة نحو إطلاق مشروعها الأضخم وهو المركز الرئيسي الجديد “بنون” في شمال الرياض. هذا المركز لن يكون مجرّد منشأة طبية، بل سيُمثّل أكبر مركز إخصاب في الشرق الأوسط، مُصمَّمًا ليُضاهي المعايير العالمية المتقدمة. ومن المقرر تشغيل هذا الصرح الذي سيجمع أحدث الخبرات والتقنيات مطلع العام المقبل. وانطلاقًا من قواعدها الراسخة في الرياض وجدة، وضعت الشركة خطة توسعية محلية تشمل مناطق المملكة كافة (الشمال، الجنوب، والمنطقة الشرقية)، مؤكدةً موقعها كالشبكة الأسرع نموًا في القطاع. وسيتم الإعلان قريبًا عن إطلاق نحو أربعة مشاريع جديدة، ليصل إجمالي عدد المراكز القائمة أو قيد الإنشاء إلى ستة أو سبعة مراكز، كخطوة تمهيدية للانتقال إلى مرحلة التوسع الإقليمي.
كما تتبنى الشركة استراتيجية توسع إقليمي ودولي مُتسارعة تبدأ بالتركيز على أسواق الخليج العربي الرئيسية (الإمارات، الكويت، البحرين، وقطر). وتعتمد منهجيتنا للدخول إلى هذه الأسواق على الاستحواذ الانتقائي على المراكز القائمة والمتميزة، وهو ما يُعد المسار الأكثر سرعة وفعالية لتحقيق الانتشار. يتم اختيار هذه الأصول بناءً على معايير صارمة تضمن التفوق في جودة الخدمة وارتفاع نسب النجاح، ليتم بعد ذلك ضخ استثماراتنا وخبراتنا لتعزيز أدائها والارتقاء بها. وعقب ترسيخ وجودنا الخليجي، تتجه أنظارنا نحو التوسع في جمهورية مصر العربية وأسواق مختارة من شمال أفريقيا.
إن عملية التوسع جارية فعليًا؛ حيث تتركز المفاوضات مع أهم مراكز الإخصاب الناجحة في جميع المناطق المُستهدفة. ولدينا قائمة محتملة للاستحواذ، تتضمن شركاء معروفين وذوي سمعة طيبة أبدوا استعدادهم للانضمام إلى شبكتنا الرائدة. بالإضافة إلى ذلك، فإن مشاركة الخبرات والمعرفة بين مراكز الشبكة هي بمثابة ركيزة أساسية لنموذج نجاحنا. فبمجرد تحقيق أي من مراكزنا لتفوق نوعي في نسب النجاح – سواء كان ذلك بفضل كفاءة طبيب رائد أو نتيجة لتطبيق بروتوكول علاجي فريد (خصوصًا في معالجة الحالات الصعبة) – يتم على الفور نقل هذه الخبرات وتعميمها منهجيًا على جميع المراكز الأخرى ضمن الشبكة. هذا النظام الداخلي لا يضمن فقط الرفع الشامل والمستمر لمستوى الخدمة، بل يُعظّم الفائدة ويُحسّن النتائج العلاجية لجميع المرضى على نطاق واسع، مؤكدًا التزامنا بالابتكار المُعَمَّم.
هلا حدّثتنا إذاً عن استثماراتكم الضخمة في المنطقة وخاصةً في مراكز تكنولوجيا المساعدة على الإنجاب. ما هي العوامل التي دفعتكم للتركيز على هذه الأسواق؟
شهد قطاع الإخصاب تحوّلًا نوعيًا وغير مسبوق على مدى الخمسة عشر عامًا الماضية، حيث تضاعفت نسب النجاح بشكل مذهل من حوالى 25 الى 30% لتصل حاليًا إلى مستويات قياسية تتراوح بين 60 و75 % وما فوق. يعود هذا التطور الجذري والمُتسارع في المقام الأول إلى القفزات التكنولوجية في مختبرات مساعدة الإنجاب، وإلى البنية التحتية المتكاملة التي تتميز بها المراكز المتقدمة. لقد ساهمت هذه التحسينات، مدعومة بالخبرة المتراكمة لأطبائنا، في تطوير بروتوكولات التحفيز الهرموني وتقنيات التلقيح والتوسع في الدراسات والتشخيصات الوراثية (Genetic Testing) وعليه لم يعد التركيز مقتصرًا على استرجاع الأجنة فحسب، بل على ضمان استرجاع أجنة سليمة وراثيًا وخالية من الأمراض، ما أدى إلى رفع نوعية الأجنة، وهي العوامل التي ضاعفت معدلات النجاح الإجمالية. ثم أننا بدأنا فعليًا في دمج الذكاء الاصطناعي (AI) والتقنيات الروبوتية الحديثة ضمن عملياتنا، بهدف توسيع نطاق المعلومات المتاحة للأطباء وتعزيزها. يتم حاليًا اختبار هذه التقنيات المعتمدة على قواعد بيانات ضخمة لمساعدة المختبرات في اختيار الأجنة والبويضات والنطف السليمة بأعلى دقة ممكنة، وهو ما يرتقي بجودة الخدمة إلى مستويات استثنائية.
ومن أهم المزايا التنافسية لشبكتنا الجديدة أن المراكز التي يتم إنشاؤها حاليًا، لديها الفرصة الكاملة لدمج هذه التطورات التكنولوجية الحديثة بشكل مُدمَج وكامل في بنيتها التحتية التشغيلية، وهي ميزة هيكلية يصعب على المراكز القائمة بالفعل تحقيقها. لقد تحقق هذا التطور التكنولوجي بأفضل سيناريو ممكن وهو تضاعف معدل النجاح في الوقت الذي انخفضت فيه تكلفة العلاج بدلًا من زيادتها. وعلى سبيل المثال، كان فحص التشخيص الوراثي المتقدم (Genetic Testing) يُكلف سابقًا ما يقارب 25 ألف ريال، بينما اليوم أصبح الفحص الأكثر تطورًا وانخفضت تكلفته للنصف أو أكثر. هذا التباين يمثل قيمة حقيقية ومضافة للمريض (Creating Value for Patient)، حيث نضمن تحقيق نسب نجاح أعلى بكثير بتكلفة إجمالية أقل.
تواجهون منافسة كبيرة في هذا القطاع وتتطور التكنولوجيا الطبية بسرعة. كيف تدمجون أحدث التقنيات والابتكارات في خدماتكم لضمان أفضل النتائج للمرضى؟
تتمركز استراتيجية “جلوبال فيرتيليتي” التنافسية والنمو المُتسارع حول ثلاثة محاور أساسية: التقنيات الرائدة، استقطاب الكفاءات، والاستثمار الضخم والموجّه. وبفضل دعم مالي هائل يتجاوز 60 مليون دولار أميركي، لا نبدأ من نقطة الصفر، بل ننطلق من قاعدة صلبة تُمثّل بالفعل ما يقارب 20% من حجم سوق الإخصاب السعودي. هدفنا لا يقتصر على تثبيت هذه الحصة السوقية، بل يتّجه نحو توسيعها وتعزيزها بشكل مطّرد. يتمثل المحور الثاني في التوسع الجغرافي المُخطط عبر جميع أنحاء المملكة، سعيًا لترسيخ مكانتنا بصفتنا الشبكة المتكاملة لخدمات الإخصاب في السعودية. هذا الانتشار الاستراتيجي ضروري لضمان التطوير المستدام ولتوفير البيئة الجاذبة لأهم وأبرز الكفاءات الطبية، حيث يتطلع القادة في هذا المجال للانضمام إلى كيان بحجم وريادة “جلوبال فيرتيليتي”. في نهاية المطاف، يتمثل الطموح النهائي في نقل هذا النجاح المنهجي وهذه الصدارة المُحرزة من النطاق السعودي إلى مستوى الشرق الأوسط بأكمله.
ما هي رؤيتكم للمستقبل؟ وكيف ترون دور شركتكم في تغيير مسار علاج الخصوبة عالمياً؟
ترتكز نظرتنا المستقبلية على توسيع نطاق الخدمات النوعية بما يتجاوز العلاج التقليدي للعقم، لمعالجة التحديات المجتمعية والصحية الحديثة. لقد شهد الطلب في هذا القطاع تحولاً جذرياً على مدى العقد الماضي، منتقلًا من الحاجة إلى العلاج الأساسي إلى طلب خدمات متخصصة وذات قيمة مضافة. أما محاور النمو النوعي فتشمل:
- الحفاظ على الخصوبة وتجميد البويضات:
يشهد مجال الحفاظ على الخصوبة عبر تجميد البويضات والنطف نموًا هائلاً مع ازدياد الوعي العام عن أهمية تجميدهما لمرضى السرطان قبل خضوعهم للعلاج الكيميائي أو الإشعاعي. كما أنه يعتبر حل لمعالجة مشكلة التدهور المحتمل لفرص الإنجاب مع تقدم سن المرأة. وفي الأسواق التي تضع ضوابط لهذه الإجراءات، تسعى “جلوبال فيرتيليتي” للمساهمة بدور ريادي في صياغة ودعم التشريعات والقوانين التي تتيح تجميد البويضات لحفظ الخصوبة، بما يتوافق مع الضوابط الشرعية.
- الموازنة الأسرية (Family Balance):
نلاحظ حاليًا تزايدًا في الاهتمام بخدمة تحديد جنس الجنين، والتي تتصل بشكل مباشر بمسؤوليتنا الاجتماعية نحو مساعدة الأسر على تحقيق التوازن المنشود في الأنجاب (ذكورًا وإناثًا).
- القضاء على الأمراض الوراثية:
يتجاوز هدفنا في علاج العقم مجرد الإنجاب ليصبح الحد الفعلي من الأمراض الوراثية. بفضل التطورات البحثية في التشخيص الوراثي ما قبل الزرع (PGD/PGS)، أصبح هدفنا مساعدة الأزواج على إنجاب أطفال خالين من أمراض وراثية مستوطنة مثل الثلاسيميا وغيرها. تمنحنا هذه الإمكانيات الحديثة دورًا محوريًا ضمن المسؤولية الاجتماعية، للمساهمة في القضاء على الأمراض الوراثية المنتشرة في بعض المجتمعات.
والآن، بصفتكم المؤسس المشارك ورئيس مجلس الإدارة لشركة “Ovasave”، كيف ترون أهمية الشركات الناشئة في القطاع الصحي؟
بصفتي مؤسسًا مشاركًا، نُدرك الأهمية الاستراتيجية لشركة “Ovasave” في ظل التحول الجوهري في رؤية المستثمرين. أصبحنا نشهد خلال العامين الماضيين اهتمامًا متناميًا من قبل الشركات الناشئة ورؤوس الأموال بـ تكنولوجيا صحة المرأة (FemTech). يُعد هذا المجال حاليًا أحد أسرع قطاعات الاستثمار نموًا في الأسواق المتقدمة عالمياً على مدى السنوات الخمس الأخيرة.
إن منهجيتنا لا تقوم على انتظار وصول هذه الابتكارات إلينا؛ بل كنا حريصين منذ البداية على استقطاب أحدث التقنيات عالميًا في مجالات الإخصاب، والعلاج الهرموني للمرأة. هذا التميز هو ما وضعنا في صدارة الاهتمام، حيث لاحظنا أن العديد من المستثمرين كانوا يبحثون عن فرص استثمارية نوعية في هذا القطاع الحيوي لكنهم لم يجدوها. وكانت قد تأسست “أوفاسيف” عام 2023 بهدف إحداث تحول في سبل تقديم خدمات الخصوبة والصحة الهرمونية للمرأة، عبر منصة رقمية متكاملة تتيح نطاق واسع من الفحوصات المنزلية للهرمونات ومخزون المبيض والتي تعتبر الأولى من نوعها في المنطقة، بالإضافة إلى الاستشارات الطبية عن بُعد، ومجموعة متكاملة من المكملات الخاصة بالصحة الإنجابية، وتسهيل وصول المرضى إلى نخبة من مراكز الإخصاب المعتمدة في الإمارات والسعودية. كما أطلقت الشركة برنامج مزايا موجهاً للشركات، يهدف إلى تمكين الشركات من دعم الصحة الإنجابية لموظفاتها ضمن برامج التأمين الصحي للموظفين.
وبفضل خبرتنا العميقة والثقة الممنوحة من المستثمرين، نجحنا هذا العام في إغلاق جولة تمويلية بقيمة 1.2 مليون دولار أميركي لتسريع تطوير الشركة في الإمارات والتوسع في السوق السعودي. وقد تم توجيه جزء كبير من هذا التمويل إلى إطلاق النسخة الجديدة من تطبيق “أوفاسيف”، والذي يتضمن ميزات تتعلق بمراقبة وتتبع الدورة الشهرية، ومتابعة الأعراض المرضية، وتسهيل الوصول إلى الرعاية الطبية اللازمة، وتقديم بروتوكولات علاجية مدعومة بالذكاء الاصطناعي. كما تعتزم الشركة تقديم خدمات أوسع للنساء في مرحلة ما قبل انقطاع الطمث وما بعده، وهي مرحلة لطالما تم تجاهلها ضمن منظومة الرعاية الصحية التقليدية.
بالنظر إلى جهود “Ovasave” في تقليل العبء المالي والنفسي، كيف يمكن للمبادرات أن تُسرّع من إقناع الحكومات أو الشركات الخاصة بتغطية تكاليف تجميد البويضات كجزء من الرعاية الصحية للمرأة؟
ترتكز “Ovasave” على محورين استراتيجيين لتمكين المرأة. يرتكز المحور الأول على التوعية المجتمعية المكثفة، لمعالجة النقص الحاد في الوعي الثقافي لدى النساء حول المعلومات الحيوية التي تُشكل فارقاً في حياتهن. ويشمل ذلك تسليط الضوء على الحقائق العلمية الحاسمة مثل انخفاض جودة البويضات بعد سن الـ 35، والنقص الملحوظ في المخزون الاحتياطي مع التقدم في العمر، وضرورة التفكير الجدي في خيار تجميد البويضات لحفظ الخصوبة كأداة استراتيجية لإدارة الحياة الإنجابية وبالأخص مع سهولة فحص مخزون المبيض والهرمونات بتكلفة منخفضة جدًا ومن راحة المنزل، والذي يسهّل تشخيص أكثر من 15 حالة تؤثر في الصحة الهرمونية للمرأة.
يتمثل المحور الثاني في العمل على خفض حاجز التكلفة وضمان إمكانية الحصول على هذه الخدمة. فبالرغم من أن تكلفة علاجات الإخصاب أصبحت معقولة، إلا أنها لا تزال تشكل عائقاً أمام ما يقارب نصف السيدات أو الأزواج الذين هم بأمس الحاجة إليها والذين يحتاجون إلى دورات علاجية متكررة والتي تضاعف العبء المالي والنفسي.
لذلك، تتجه جهود “Ovasave” نحو إقامة شراكات مع كيانات عالمية بهدف دعم تكلفة العلاج. نحن لا نستهدف الدعم الحكومي فحسب، بل نطمح بشكل فعّال إلى تحفيز ومشاركة القطاع الخاص في تحمل جزء من هذه التكاليف. إن استراتيجيتنا الشاملة تتركزعلى تقليل التكلفة، ومضاعفة التوعية الصحية، وتفعيل مبادرات الشركات الخاصة لتوفير تغطية مالية أوسع، بما يضمن أن تكون خيارات الخصوبة المتقدمة متاحة للجميع.