مقابلات

الدكتور عبدالله التركي

مدير المعلوماتية الطبية في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث

الدكتور عبدالله التركي

”نظام تنبيه إلكتروني لتشخيص حالات انتان الدم لتوفير الوقت وإنقاذ الأرواح“

يضع مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث جلّ اهتمامه بتقديم أرقى سبل الرعاية الصحية للمرضى وأكثرها جودة؛ فإلى جانب الكادر البشري ذو الكفاءة العالية حرص المستشفى على إدخال أنظمة التنبيه على السجلات الصحية الإلكترونية بالشراكة والتعاون مع شركة “أوراكل – سيرنر”. هذه الأنظمة تنذر الطاقم التمريضي في حال وجود أي أعراض او تغير بالمؤشرات الحيوية. يوفر المستشفى نظام تنبيه إلكتروني لتشخيص حالات انتان الدم الذي ساهم في تقليص عدد الوفيات الناتجة عن هذه الحالة المرضية بنسبة تصل الى 40 بالمئة، بحسب مدير المعلوماتية الطبية في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث الدكتور عبدالله التركي في حوار خاص لمجلة “المستشفى العربي”. وفي ما يلي نص الحوار.

ما هو هذا النظام؟ وما هي أبرز مواصفاته؟

هو نظام تنبيه إلكتروني يسمح للطاقم التمريضي أو مقدم الرعاية الصحية المتابع لحالة المريض بالتعرف على الأعراض أو التغيرات التي تُنذر ببدء إصابته بالإنتان الدموي (التسمم الجرثومي الدموي) فيتم اتخاذ الإجراءات الطبية اللازمة من فحوصات مخبرية أكثر دقة أو التدخل الطبي الضروري وإعطاء العلاجات اللازمة للمريض  قبل وصوله الى مرحلة متقدمة يصعب علاجها. 

في الواقع، لقد كانت بداية إنشاء هذا النظام من شركة “سيرنر” ولكن للبالغين فقط بحيث ان المؤشرات الحيوية كانت تطال جميع الفئات في المستشفى من دون تحديد فئة معينة؛ لكن ما تم العمل عليه من قبل جمعيات العناية المركّزة في العالم هو وضع معايير وخصائص محددة بحسب المرحلة العمرية نظراً لاختلاف المؤشرات الحيوية بين البالغين والأطفال.

هذه الخصائص تشمل الكثير من المؤشرات التي يبحث عنها النظام مثل نسبة حموضة الدم ودرجة حرارة الجسم وضغط الدم والصفائح الدموية  وارتفاع كريات الدم البيضاء و غازات الدم للبحث عن حمض اللاكتيك. كل هذه المؤشرات يبحث عنها النظام بصورة مستمرة.

ما إن تتغير هذه المؤشرات، يقوم النظام بتنبيه الممرض فتتم متابعة الحالة لمعرفة ما إن كان التهاب او انتان او انتان شديد؛ على الممرض في حينها إعلام الطبيب المعالج الذي بدوره يوجّه الممرض حول طبيعة الفحوصات التي يجب ان تتم او البدء فورا بالمضاد الحيوي او اعطاء  السوائل. كل هذه الخطوات يتم تسجيلها في السجل الصحي الإلكتروني للمريض. 

ما هو تأثير هذا النظام على مرضى إنتان الدم؟

لقد قمنا بدراسة شاملة لمعرفة مدى تأثير هذا النظام وفي الحقيقة لم نتوقع النتيجة؛ فقد بدأنا بتشغيل النظام أواخر العام 2016، ولكن الدراسة بدأت منذ سنتين من خلال جمع المعلومات المتعلقة بالمرضى الذين تم إدخالهم الى العناية المركزة قبل الدراسة، وتم تقسيمهم الى مجموعات كل مجموعة تشمل ما يزيد عن 200 مريض. قمنا بمقارنة نسبة الوفيات والبحث عن سبب التغيرات والمضاعفات التي حدثت وما إذا كانت هذه المجموعة متساوية مع المجموعة الأخرى من ناحية العمر او التشخيص او الجنس (ذكر او أنثى).

في خلاصة الدراسة، تبيّن أن النظام ساهم في حصول المريض على التدخل الطبي السريع وإسعافه وإنقاذ حياته وبالتالي تخفيف الوفيات الناتجة عن انتان الدم بنسبة تصل الى 40 بالمئة، فقد كانت نسبة الوفيات 30% قبل بدء النظام وانخفضت الى 17% بعد ادخال النظام على سير العمل. واكتشفنا كذلك من خلال الدراسة ان إعطاء المريض السوائل والمضادات الحيوية في وقت مبكر بعد إدخال النظام رفع نسبة الشفاء بشكل كبير.

باختصار، إن نظام التنبيه الإلكتروني الخاص بمرضى انتان الدم ساهم في توفير الوقت وإنقاذ الأرواح.

ما هو دور الشراكة مع شركة “أوراكل – سيرنر” في تفعيل مثل هذا النظام في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث؟

النظام كان موجوداً في السابق من قبل شركة “أوراكل – سيرنر” من خلال السجلات الصحية الإلكترونية التي تتيح جمع المعلومات المتعلقة بكل مريض وتوثيقها بشكل يسمح للطبيب او مقدم الرعاية الصحية معرفة التاريخ المرضي للمريض ومقارنة المؤشرات الحيوية وغيرها من التفاصيل. فتم تطوير هذا النظام من خلال إدخال المزيد من المؤشرات المخصصة لمرضى انتان الدم.

هذه الأنظمة ممكن ان يعمل بها ويتم تطويرها من قبل معظم انظمة السجلات الطبية الإلكتزونية.

ما هي التحديات التي واجهها فريق

العمل لديكم خلال تطبيق هذا النظام؟ وكيف تعاملتم معها؟ 

لم يكن هناك من صعوبات او عقبات كبيرة واجهتنا فالتعامل مع النظام سهل، لكن المشكلة الوحيدة التي لاحظناها كانت في إغفال بعض الممرضين او الممرضات عن إشارات التنبيه وعدم التصرف حيالها او اهمالها. لكن مع الوقت ومع قيامنا بالتدريب اللازم وإخبار الطاقم التمريض أهمية التفاعل مع التنبيهات وما لهذه الخطوة من دور في انقاذ حياة المريض تغيّرت الأمور وتخطينا هذه المشكلة. فمن الضروري الاخذ بعين الاعتبار التنبيه وعدم الاغفال عنه من قبل التمريض. لذلك، قمنا بمشاركة نتائج الدراسة التي قمنا بها مع الطاقم التمريضي لتحفيزهم لان ما يقومون به أساسي في انقاذ الأرواح.

من هي الفئات الأكثر عرضة؟

يمكن ان تحدث حالات انتان الدم لدى من هم في أطراف العمر أي الصغار او الكبار في السن، او من يتناول ادوية مثبطة للمناعة مثل المرضى الذين قاموا بعملية زرع أعضاء؛ مرضى السرطان وكل من يخضع لجلسات من العلاج الكيميائي هم أيضا معرضون لخطر الإصابة.

هل من استخدامات أخرى لهذا النظام الى جانب حالات إنتان الدم؟

نعمل على تطوير نظام مشابه ولكن مخصص لمرضى الكلى، ففي كثير من الحالات يتم اكتشاف حالات القصور الكلوي بشكل مفاجئ من دون سابق انذار لاسيما لدى المرضى الذين يكثرون من تناول مسكنات الآلام والمضادات الحيوية؛ مع وجود مثل هذا النظام يتم تنبيه الطاقم التمريضي او الطبيب المعالج حول تأثر الكلى او حدوث تغير في وظيفتها خلال الأيام السابقة. نبحث عن معدل الكرياتينين فإذا ارتفع بمعدل خمسين بالمئة عن معدله الطبيعي يتم تنبيه الممرض، بالإضافة الى مؤشرات أخرى متعلقة بوظيفة الكلى. سرعان ما يتم إعلام الطبيب من اجل التدخل المبكر والحد من تدهور وظيفة الكلى.  الى جانب هذا النظام فإننا نسعى الى تطوير الكثير من الأنظمة المشابهة التي تفيد مقدمي الرعاية الصحية في الأماكن المشغولة حيث يكون الطاقم التمريضي منهك وعددهم أقل مقابل كل مريض فيساعدهم في ترقب الحالات وتنبيههم في حال تدهورها او في حال وجود أي مؤشر حيوي خارج عن المألوف.

هل من كلمة أخيرة؟

انا كاستشاري عناية مركزة للأطفال، أود التأكيد على أنه لا يوجد في العالم ما يُغني عن الرعاية الإنسانية والملاحظة الدقيقة للمريض بشكل مباشر. جميع هذه الأنظمة هي أنظمة مساعِدة للطبيب ولا تحل محل تواجده مباشرة ولمسته الإنسانية؛ إنها أنظمة للتنبيه ولفت نظر الممرض فقط ولا تغني عن (Clinical Sense Watching).

لمن يهمه الأمر، يمكنه زيارة الموقع التالي: https://rdcu.be/cR4lA

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى