الدكتورة نيكول كرم
”عوامل الخطر لأمراض القلب لدى النساء: ما بين الهرمونات ونمط الحياة“
الدكتورة نيكول كرم، الأخصائية في طب القلب التداخلي في مركز كليمنصو الطبي في بيروت
تُظهر الدراسات العالمية أن النساء لا يحصلن على مستوى الرعاية ذاته في ما يخص أمراض القلب مقارنةً بالرجال، سواء من حيث التشخيص أو العلاج. غالبًا ما يكون هناك تأخير في اكتشاف المرض وتقديم العلاج المناسب لهن، ما يزيد من خطورة الحالة. في حوار خاص مع الدكتورة نيكول كرم، الأخصائية في طب القلب التداخلي في مركز كليمنصو الطبي في بيروت، أكّدت أنه من الضروري أن تُصبح فحوصات القلب جزءًا روتينيًا من الفحوصات السنوية التي تجريها المرأة، تمامًا مثل فحوصات سرطان الثدي أو عنق الرحم. لذلك، يجب التركيز على صحة القلب لدى النساء وزيادة الوعي بأهميته.
ما هي أبرز الأسباب او العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب لدى النساء؟
تتعدد العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب لدى النساء، وأهمّها التغيّرات الهرمونية. فبعد سن الخمسين ودخول مرحلة انقطاع الطمث، يقل إفراز هرمون الإستروجين، ما يزيد من احتمالية الإصابة. بالإضافة إلى ذلك، فإن العلاجات الهرمونية التي قد تخضع لها المرأة في مرحلة الخصوبة، سواء لمنع الحمل أو لعلاج العقم في سياق علاجات الخصوبة كالتلقيح الصناعي، تعرّضها لمستويات عالية من الهرمونات، ما يساهم في ارتفاع معدل الكوليسترول.
الأمر لا يقتصر على الهرمونات فقط، بل يتعدّاه إلى نمط الحياة بشكل عام، حيث تؤثر عوامل أخرى مثل التدخين، والتوتر المرتبط بضغوطات الحياة، وزيادة الوزن بشكل كبير على صحة القلب.
لذا، من الضروري أن يسأل الطبيب عن التاريخ المرضي للمرأة ويُجري فحصًا للكوليسترول، فما تفعله المرأة اليوم من حيث نمط حياتها سيؤثر على صحة قلبها بعد سن الخمسين.
أين تكمن أهمية الفحص المبكر لصحة قلب المرأة؟
من الضروري ألا تنتظر المرأة حتى سن الخمسين لتبدأ في الاهتمام بصحة قلبها. يجب البدء في الفحوصات الطبية بشكل مبكر، لأن معرفة الحالة الصحية في سن مبكر تمنحها الفرصة للوصول إلى مرحلة الخمسين بقلب سليم.
يمكن أن تبدأ هذه الفحوصات في مرحلة العشرينات من العمر، من خلال إجراء فحص دم بسيط يكشف عن احتمالية ارتفاع الكوليسترول أو السكري ؛ وفي حال وجود استعداد لذلك قد لا يكون العلاج الدوائي ضروريًا في هذه المرحلة، بل يكفي إدخال تعديلات على نمط الحياة، مثل تحسين النظام الغذائي وممارسة الرياضة، لحماية القلب على المدى الطويل. يعتبر فحص الدم كافياً لتحديد مستوى الكوليسترول والسكر في الجسم، أو حتى للكشف عن الاستعداد الوراثي لارتفاعه. هذا الأمر يكتسب أهمية خاصة للنساء اللواتي يخططن للخضوع لعلاجات الخصوبة كالتلقيح الصناعي، حيث يمكن أن تؤثر الهرمونات المستخدمة على مستويات الكوليسترول.
يجب على كل امرأة، مثلها مثل الرجل، أن تكون على دراية بـ”هويتها الصحية “ (Health ID)، والتي تتضمن معرفة تاريخها العائلي من حيث وجود أمراض وراثية مثل ارتفاع الكوليسترول أو السكري؛ حتى أن بعض الأدوية الشائعة لعلاج حبوب الوجه، قد تزيد من خطر ارتفاع الكوليسترول، ما يؤكد أهمية المتابعة الدورية.
يجب أن ننظر إلى صحة القلب من منظور شامل، فكل من الكوليسترول، ضغط الدم، السكري والوزن الزائد، هي عوامل مترابطة تؤثر على شرايين القلب.
الهدف اليوم هو الانتقال من مرحلة علاج المرض بعد ظهور الأعراض، إلى مرحلة الكشف عنه والوقاية منه قبل حدوثه، وذلك من خلال إجراء الفحوصات الطبية والتشخيصية بشكل دوري.
ماذا بعد فحص الدم؟ ما هي الخطوات التي يجب اتّباعها؟
بعد إجراء تحليل الدم الذي يظهر وجود عوامل خطر، ننتقل إلى سلسلة من الفحوصات الأكثر تفصيلاً لتقييم صحة القلب.
أحد هذه الفحوصات هو فحص الكالسيوم (Calcium Score Test) وهو آمن وذو إشعاع منخفض. هذا الفحص مهم جدًا لأنه يكشف عن احتمالية حدوث تضيّق في الشرايين قبل أن تتفاقم المشكلة. الهدف هو التدخل المبكر لمنع تطور المرض.
تتضمن خطوات تقييم صحة القلب ما يلي:
المقابلة الأولية: يتم الاستماع إلى التاريخ المرضي والعائلي للمرأة، مع التركيز على عوامل الخطر مثل التدخين، الرياضة، الوزن الزائد، ووجود أمراض وراثية.
الفحوصات الروتينية: قياس ضغط الدم، طلب تحليل دم للسكري والكوليسترول، والاستماع إلى دقات القلب باستخدام السماعة للبحث عن أي خلل.
صورة صوتية للقلب (Echocardiogram): وهو فحص بالموجات فوق الصوتية لتقييم بنية القلب ووظيفته.
بعد هذه الخطوات، يتم تحديد الفحص المناسب لكل حالة. إذا كانت المرأة تمارس الرياضة بانتظام، قد لا يكون فحص الجهد ضروريًا، وقد نكتفي بفحص الكالسيوم للكشف عن أية تضيّقات محتملة في الشرايين.
أما إذا كانت لا تمارس أي نشاط بدني وتشكو من آلام في الصدر، فإن فحص الجهد أو التصوير الطبقي (CT scan) يصبحان ضروريين.
يتم اتخاذ قرار الفحوصات الإضافية بناءً على نمط حياة المرأة، العوارض، وعوامل الخطر الموجودة لديها، مثل العلاج الهرموني أو وجود تاريخ طبي عائلي للجلطات المبكرة.
متى تبدأ المرأة بالفحوصات؟
يجب أن تبدأ المرأة بفحص دم بسيط في مرحلة العشرينات من العمر لتقييم حالتها الصحية العامة والكشف عن أي استعداد للإصابة بأمراض.
إذا كانت المرأة تخضع لعلاج هرموني، سواء كان لمنع الحمل أو لعلاج حبوب الوجه من الضروري أن تجري الفحص وتستمر في المتابعة طوال فترة العلاج. حتى في حال عدم الخضوع لأي علاجات هرمونية، يجب أن تجري المرأة الفحوصات لأن نمط الحياة تغيّر بشكل كبير، وأصبحت عوامل مثل التدخين والتعرض للقلق والتوتر تزيد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب. من الضروري البدء في فحوصات أكثر شمولية في مرحلة الأربعينيات، وخاصةً بعد سن الـ 45، للوقاية من أية مخاطر محتملة قبل الوصول إلى سن الخمسين.
ماذا عن الأعراض ومدى اختلافها عن تلك التي تصيب الرجل؟
تختلف أعراض أمراض القلب لدى النساء عن تلك التي تظهر لدى الرجال. فبينما يصف الرجل عادةً الألم بأنه “ثقل على الصدر” أو “خنقة”، قد تشعر المرأة بأعراض أقل وضوحًا وأكثر تنوعًا.
أبرز الأعراض التي يجب الانتباه إليها لدى المرأة:
أثناء القيام بالجهد: تحدث الأعراض عادةً عند القيام بجهد بدني، مثل الشعور بضيق في التنفس أو ثقل على الصدر.
أعراض غير تقليدية: قد تشعر المرأة بآلام في أماكن مختلفة مثل الفك، أو الكتف. هذه الأعراض، عندما تظهر مع الجهد، تستدعي زيارة الطبيب.
إذا شعرت بألم في الصدر يستمر لفترة، يجب التوجه فورًا إلى الطوارئ. أما إذا كانت الأعراض تظهر فقط عند القيام بمجهود، ينبغي فقط استشارة الطبيب لإجراء الفحوصات اللازمة.
ما هي سبل التشخيص المتقدم لأمراض القلب في مركز كليمنصو الطبي في بيروت؟
يعتبر مركز كليمنصو الطبي في بيروت رائداً في مجال تشخيص أمراض القلب، حيث يجمع بين الخبرة الطبية المتقدمة وأحدث التقنيات المتوفرة عالمياً. يلتزم المركز بتوفير رعاية صحية شاملة تبدأ من التشخيص الدقيق والسريع، ما يضمن للمريض الحصول على أفضل النتائج.
يتميز المركز بوجود مجموعة واسعة من وسائل التصوير الطبي والتشخيص التي تتيح للأطباء تقييم حالة القلب بشكل مفصّل. من خلال استخدام أجهزة متطورة، يمكن الكشف عن أدق التفاصيل المتعلقة بالشرايين والأنسجة القلبية، ما يساعد في تحديد المشكلة بدقة متناهية.
إن سرعة هذه الفحوصات ودقّتها تعني أن المريض لا يضطر للإنتظار طويلاً للحصول على النتائج، ما يسمح للأطباء بوضع خطة علاجية فردية وفعّالة في أقرب وقت ممكن.
هذه المنهجية الإستباقية في التشخيص والعلاج هي ما يجعل مركز كليمنصو الطبي وجهة موثوقة للباحثين عن أفضل رعاية للقلب.
ما هي آليات العلاج المتبعة؟
تتشابه غالبية علاجات أمراض القلب، سواء الدوائية أو التداخلية، بين الرجال والنساء، وقد أثبتت فعاليتها وسلامتها. ومع ذلك، هناك بعض الفروقات التي أظهرتها الممارسة الطبية، خاصة في ما يتعلق ببعض الإجراءات المتقدمة.
على سبيل المثال، عملية “تافي“ (TAVI)، التي يتم فيها استبدال الصمام الأورطي عبر القسطرة، تُجرى للنساء بنسبة عالية على الرغم من أن الدراسات السريرية الأولى التي أثبتت فعاليتها أُجريت بشكل أساسي على الرجال. هذا التفاوت يعود بشكل كبير إلى اختلاف الحجم الجسدي، حيث إن الأدوات المستخدمة قد تكون كبيرة وغير مناسبة للشرايين الصغيرة لدى بعض النساء؛ لذلك، من الضروري إجراء تصوير طبقي محوري (CT scan) للقلب قبل العملية، وذلك لتقييم شرايين المريضة وحجمها بدقة، واختيار الأدوات المناسبة لها. هذا النهج المخصص لكل حالة يضمن نتائج أفضل ويقلل من المخاطر.
بفضل التطور المستمر، أُجريت مؤخرًا دراسات متخصصة على النساء لتقييم فعالية وأمان هذه الإجراءات التداخلية بشكل دقيق، ما يساهم في تطوير علاجات أكثر ملاءمة وفعالية لصحة قلب المرأة.