كليات الطب

سلسلة القانون والطب في وايل كورنيل للطب – قطر تسلط الضوء  على الجوانب القانونية والأخلاقية للرعاية الصحية

سلسلة القانون والطب في وايل كورنيل للطبقطر تسلط الضوء 

على الجوانب القانونية والأخلاقية للرعاية الصحية

خبراء محليون ودوليون في الطب والقانون وأكاديميون مختصون يلتئمون لردم الفجوة بين القانون والطب في ما يتعلق بتقديم الرعاية الصحية

أكّد خبراء أن التآزر بين الممارسة القانونية والطبية مسألة ضرورية إذا ما أُريد لأنظمة الرعاية الصحية أن تعمل بسلاسة. وحتى مع التغيّرات والإصلاحات التي يشهدها قطاع الرعاية الصحية، يجب عدم المساس بالجوانب القانونية والأخلاقية للرعاية بما يكفل الاعتناء بصحة الإنسان كما يجب. ولردم هذه الفجوة، أطلقت وايل كورنيل للطبقطر في عام 2015 سلسلة القانون والطب، وفي عام 2019 استمرت في تنظيم السلسلة بالتعاون مع كلية القانون والسياسات العامة بجامعة حمد بن خليفة بهدف إثراء فهم الممارسين الصحيين في قطر بشأن الجوانب القانونية لنظام الرعاية الصحية، محلياً وعالمياً على حد سواء، ولتعزيز أدوراهم كأطباء ومناصرين لمرضاهم.

تجمع سلسلة القانون والطب الأطباء وسائر المهنيين الصحيين، والمحامين، والأكاديميين، وخبراء علم الأخلاق، في منبر واحد لمناقشة القضايا القانونية والأخلاقية التي تؤثر في عمل الممارسين الصحيين في قطر، وتعزيز التوعية بتلك القضايا. وتنعقد اجتماعات السلسلة ثلاث مرات سنوياً بمشاركة ممارسين صحيين من مؤسسات طبية حكومية وخاصة، بالإضافة إلى مشاركة ممارسي للطب التكميلي والطب البديل.

ينسّق لسلسلة القانون والطب ويعقدها قسم التعليم الطبي المستمر في وايل كورنيل للطبقطر، وشملت الموضوعات المطروحة حتى الآن رعاية المسنين، الصحة العقلية، التطبيب عن بُعد، التحديات الأخلاقية والقانونية في توفير الرعاية الصحية، الإسلام والأخلاقيات البيولوجية، ورعاية المحتضرين. وإلى جانب متحدثين معروفين محلياً وإقليمياً، استضافت السلسلة متحدثين معروفين دولياً أطلعوا المشاركين على أحدث التطورات في مجال الممارسة القانونية والطبية.

في هذا الصدد، قالت الدكتورة ثريا عريسي، أستاذ الطب الإكلينيكي ونائب العميد للشؤون الأكاديمية وشؤون المناهج في وايل كورنيل للطبقطر: “أدركنا كممارسين طبيين أن علاقتنا بمرضانا تتجاوز حدود علاجهم من أمراضهم. يجب علينا أن نفهم الخلفية التي جاؤوا منها ونظام الرعاية الصحية والجوانب القانونية والأخلاقية التي من شأنها أن تحسّن الرعاية المقدّمة لمرضانا. وعلينا أن نُلمّ ونفهم القوانين وكيفية تأثيرها في ممارستنا للرعاية الصحية. ففهم المنظورين الأخلاقي والقانوني سيعزّز الرعاية المقدّمة لمرضانا، مثلما سيعزز أدورانا كممارسين صحيين ومناصرين لمرضانا”.

يتمثل دور سلسلة القانون والطب في ضمان إلمام الأطباء والمهنيين الصحيين بالقوانين التي تحكم وتنظم ممارسة الطب في قطر، وهي توفر فرصة للمتحاورين المشاركين لدراسة القانون في ما يتعلق بمجموعة متنوعة من القضايا مثل الحماية القانونية للمريض، والأخطاء الطبية، وتحديات التوصل إلى توفير فهم عام في أوساط المهنيين الصحيين من خلفيات مختلفة وبين المرضى على اختلاف فئاتهم. وتتيح التطورات السريعة والمتلاحقة في الطب في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي وبحوث الخلايا الجذعية للمهنيين الصحيين فرصاً جديدة لعلاج مرضاهم، إلا أنها في الوقت نفسه تفرض معضلات أخلاقية غير مسبوقة تتطلب أُطراً قانونية وأخلاقية متينة لحماية المرضى والممارسين الصحيين والمجتمعات في آنٍ معاً. 

ونظراً لأن قطاع الرعاية الصحية في قطر متنوع مع وجود مهنيين صحيين ومرضى من جميع أنحاء العالم، تم إجراء تقييم احتياجات للاسترشاد به في عملية تصميم وإعداد سلسلة القانون والطب. وأُجريت دراسة مسحية للممارسين الصحيين في قطر والمنطقة لمعرفة احتياجاتهم بدقة، ثم انطلقت عملية تصميم السلسلة التعليمية بناء على احتياجات محدّدة أشار إليها المشاركون في تلك الدراسة المسحية. ويظهر ذلك جلياً أيضاً في تنوّع المتحدثين المشاركين الذين يأتون من أنحاء العالم، ما يعكس مجدداً تنوع مجتمع قطر. 

وإلى جانب ذلك، لا يتناول المتحدثون قضايا تؤثر في قطر فحسب، بل يناقشون القضايا القانونية والأخلاقية التي تؤثر في قطاع الرعاية الصحية في عموم بلدان المنطقة والعالم.

يصبّ تنوّع مجتمع قطر أيضاً في مصلحة المهنيين الصحيين عندما يتعلق الأمر بالقانون والأخلاق، لأن من شأن ذلك أن يعمّق فهم الممارسين الصحيين لاحتياجات المجتمع بمختلف شرائحه في شتى أنحاء العالم، ويوفر لهم فرصة للتعلّم من بعضهم البعض وعن بعضهم البعض. ويتيح ذلك فرصة لإثراء مهارات المهنيين الصحيين وفهمهم لمرضاهم على اختلاف فئاتهم. فرضت جائحة كوفيد– 19 تحديات عدة على قطاع الرعاية الصحية، إلا أن تطورات مهمة في مجال الرعاية الصحية حدثت خلال الجائحة.

فقد زاد الاعتماد طوال الجائحة على التطبيب عن بُعد، ما وفر خدمات رعاية صحية افتراضية للمرضى الذين تعذَّر عليهم الالتقاء بأطبائهم وجهاً لوجه لأسباب مختلفة، منها قيود التنقل المفروضة بسبب جائحة كوفيد– 19، أو العيش في مناطق ريفية أو نائية، أو عدم وجود آخرين يساعدونهم في التنقل والوصول إلى أطبائهم. 

وبالنسبة لسلسلة القانون والطب، أسهم التحول نحو منصة افتراضية في تعزيز انتشار السلسلة وتحقيق أهدافها بفضل مشاركة عدد أكبر من المختصين والمهتمين عن بُعد. وشملت النقاشات أحدث الموضوعات المتعلقة بتأثير جائحة كوفيد– 19 في الرعاية الصحية، مثل أهمية التطبيب عن بُعد ومختلف التحديات المنطوية، خصوصاً مع الانتشار الكبير للتطبيب عن بُعد طوال الجائحة.

ويشهد مجالا الطب والبحوث العلمية تطورات متلاحقة، وثمة تحديات مصاحبة بفعل انتشار التقنية. ومن أمثلة ذلك، مجالات الذكاء الاصطناعي، تعديل الجينوم والعلاج بالخلايا الجذعية. وعلى الأرجح سيكون للذكاء الاصطناعي أو البحوث الوراثية تأثير كبير على معايير الرعاية التي يوفرها الأطباء لمرضاهم. واليوم، يتعيّن أن يتوافق ما يقوم به الأطباء مع معايير رعاية معيّنة متّبعة في مجالات تخصصهم، سواء في ما يتعلق بعلاج مرضاهم، أو وصف العقاقير الدوائية لمرضاهم، أو إجراء العمليات الجراحية. وفي هذا المجال، من المحتمل أن يُحدث الذكاء الاصطناعي تحولاً فارقاً وأن يسهم في نهاية المطاف في قرارات وإجراءات الأطباء أو ربما توجيهها، وأن يقدّم توصية على سبيل المثال للطبيب بشأن كيفية علاج مريضه أو الأدوية التي يتعيّن وصفها له. 

وهذا الأمر يفرض تحدّياً يتعلق بالمعايير القانونية والأخلاقية لأنه، على سبيل المثال، في حال الاستعانة بالذكاء الاصطناعي في الجراحة الروبوتية وحدوث خطأ ما، يمكن أن يكون من الصعب تحديد المسؤول في نهاية المطاف عن الأضرار الحاصلة أو المحصلة العلاجية غير المثالية بالنسبة للمريض.

وفي هذا السياق، شهدت البيئة التنظيمية والرقابية في قطر تطورات هائلة في الأعوام القليلة الماضية، وبدأ تطبيق العديد من المبادئ التوجيهية الجديدة ذات الصلة. ووضعت وزارة الصحة العامة في قطر بالتشاور مع الخبراء مبادئ توجيهية، ما أثّر في الممارسة أو البحوث الطبية. وعلاوة على ذلك، عندما يتعلق الأمر بالممارسة، طُبّقت قوانين جديدة لتنظيم مجالات مثل الصحة النفسية وزرع الأعضاء على سبيل المثال لا الحصر. 

ويتناول قانون الصحة النفسية متطلبات الإدخال إلى مصحة عقلية، فيما يتناول قانون زرع الأعضاء من يمكنه أن يتبرع بأعضائه أو أنسجته. ومن منظور القانون، أُنشئت القوانين لكن ثمة تطورات يتعيّن إدراجها تحت الأطر القانونية مثل قانون البحوث الطبية وقانون المسؤولية القانونية وغيرهما.

ومجتمع دولة قطر عند مفترق طرق، إلا أن الشريعة الإسلامية والأخلاق يتفاعلان بانسجام مع المفاهيم القانونية الغربية. ومردّ ذلك، إلى حد بعيد، إلى أن وزارة الصحة العامة في قطر في تشاور مستمر مع شريحة عريضة من الجهات والأطراف المعنية، محلياً وإقليمياً ودولياً، وتتحقّق من القوانين في مجموعة واسعة من الولايات القضائية عند صوغ سياسات وتشريعات جديدة. وتُدرس القوانين الدولية مثل تلك المعمول بها في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا وأيضاً منطقة الخليج، وقد يكون بعض تلك القوانين متأثر بوجهات نظر إسلامية.

وتعليقاً على التعاون بين وايل كورنيل للطبقطر وجامعة حمد بن خليفة، قال الدكتور باري سليمان، الأستاذ المساعد للقانون في كلية القانون بجامعة حمد بن خليفة: “بالنسبة لسلسلة القانون والطب، ارتأينا حاجة حقيقية في المنطقة بشكل عام لخبرات قانونية في مجال قانون الرعاية الصحية. ويتعيّن علينا سدّ الفجوة بين ممارسة القانون والطب، مثلما يتعيّن على الأطباء المؤهلين التعامل مع كل تلك القضايا، وربما أنهم لا يخوضون بعمق في تلك القضايا في أثناء دراستهم للطب. وهنا تكمن أهمية هذا التعاون، فهو يؤثر تأثيراً مباشراً في ممارسة المهنيين الصحيين في قطر، ونحن قادرون على تقييم مجالات الخبرة في هذا المضمار وتوفير رعاية متميزة لمجتمع دولة قطر”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى