كليات الطب

العلاج الجيني يعيد وظيفة المناعة ويطيل حياة الأطفال المصابين باضطراب مناعي نادر

العلاج الجيني يعيد وظيفة المناعة ويطيل حياة الأطفال المصابين باضطراب مناعي نادر

9 أطفال وُلدوا مصابين باضطراب LAD-I الحاد يعيشون الآن بدون أعراض بعد عامين من العلاج

حقق علاج جيني تجريبي نجاحًا في استعادة وظيفة المناعة لدى تسعة أطفال مصابين باضطراب نادر وخطير يهدد الحياة يُعرف بنقص التصاق الكريات البيضاء من النوع الأول (LAD-I)، وذلك من خلال تجربة سريرية دولية قادتها مستشفى جامعة كاليفورنيا لوس أنجلوس (UCLA Health).

يُعد مرض LAD-I اضطرابًا وراثيًا نادرًا يصيب شخص واحد تقريبًأ من كل مليون شخص، وينتج عن طفرات في الجين المسؤول عن إنتاج بروتين CD18، وهو بروتين يساعد خلايا الدم البيضاء على الوصول إلى مواقع العدوى. وبدون CD18، يواجه المرضىالذين يتم تشخيصهم عادة في مرحلة الطفولةالتهابات متكررة مهدِّدة للحياة، ونادرًا ما ينجون بعد الطفولة من دون علاج. في دراسة نُشرت في مجلة “New England Journal of Medicine”، أفاد الباحث الرئيسي الدكتور دونالد كون بالنتائج المحقَّقة بعد عامين من العلاج لتسعة مرضى تتراوح أعمارهم بين 5 أشهر و9 سنوات تلقوا العلاج في ثلاثة مواقع: مستشفى UCLA Mattel للأطفال، مستشفى Great Ormond Street) GOSH) في لندن، ومستشفى Niño Jesús للأطفال في مدريد. وقاد كل من الدكتورة كلير بوث والدكتور جوليان سيفيليا المواقع التجريبية في لندن ومدريد، وشاركا في قيادة الدراسة. استجاب جميع المرضى للعلاج بشكل جيد وهم الآن خالون من الأعراض. التقرحات الجلدية والتهاب اللثة اختفيا، وأصبحت أجهزة المناعة لديهم تعمل بشكل طبيعي.

قال الدكتور كون، أستاذ علم الأحياء الدقيقة والمناعة والوراثة الجزيئية وعضو مركز إيلا وإديث برود للطب التجديدي وأبحاث الخلايا الجذعية في جامعة كاليفورنيا لوس أنجلوس: “لم يعد يُعرّف هؤلاء الأطفال بتشخيصهم. رؤيتهم بصحة جيدة دليل على الفعالية المستمرة لهذا العلاج.”

كيف يُعيد العلاج الجيني لـ LAD-I وظيفة المناعة

حاليًا، العلاج الوحيد المتاح لاضطراب LAD-I هو زراعة نخاع العظم من متبرع مطابق بالخلايا الجذعية. ولكن حتى مع وجود تطابق، تنطوي الزراعة على مخاطر، منها أعراضرفض الطُعم للمُضيف، حيث تهاجم خلايا المتبرع جسم المتلقي.

تم تطوير هذا العلاج من قبل شركة Rocket Pharmaceuticals، وهو يُصحِّح وراثيًا خلايا الدم الجذعية الخاصّة بالمرضى، مما يتجنب العديد من مخاطر الزرع. تُجمع الخلايا الجذعية وتُعدّل باستخدام ناقل فيروسي يحمل نسخة فعّالة من جين CD18، ثم تُعاد زراعتها في المريض، مما يمكّن الجسم من إنتاج خلايا مناعية سليمة قادرة على محاربة العدوى.

أفاد الدكتور كون وزملاؤه بأن جميع المرضى وصلوا إلى مستويات كافية من بروتين CD18، وكان لديهم عدد طبيعي من خلايا الدم البيضاء، وانخفض عدد الإصابات الشديدة التي تطلبت دخول المستشفى. ولم تُسجّل أي آثار جانبية شديدة متعلقة بالعلاج أو حالات فشل في الزرع أو مضاعفات مناعية.

دور UCLA Health في الخطوات التالية من التجربة السريرية

ستة من بين المرضى التسعة مسجلون حاليًا في دراسة متابعة طويلة الأمد في مستشفى جامعة كاليفورنيا لوس أنجلوس، حيث ستتم مراقبتهم لمدة 15 عامًا لتقييم مدى استدامة العلاج وسلامته.

قال الدكتور كون، الذي يشغل أيضًا منصب أستاذ في طب الأطفال والعلوم الصيدلانية الجزيئية والطبية في كلية ديفيد جيفن للطب في جامعة كاليفورنيا لوس أنجلوس: “تُبرز هذه النتائج قدرة العلاج الجيني على تقديم فوائد دائمة، وتُغيّر حياة المرضى المصابين باضطرابات وراثية نادرة.”

العلاج الجيني هو قيد المراجعة حاليًا من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA). وإذا تمت الموافقة عليه، فقد يصبح متاحًا لعدد أكبر من الأطفال الذين يحتاجون إليه.

وقالت الدكتورة بوث، أخصائية المناعة والعلاج الجيني للأطفال في مستشفى جريت أورموند ستريت (GOSH) في لندن، وهو مركز دولي متميّز في مجال الرعاية الصحية للأطفال: “يمثل هذا العلاج مسارًا جديدًا لعلاج هذه الحالات النادرة من الاضطرابات المناعية وتقليل المخاطر لدى المرضى. إنها طفرة مهمة للعائلات التي تواجه هذا المرض المدمر.

رحلة إحدى العائلات مع  LAD-I

ثلاثة من المرضى الذين تلقوا العلاج في مستشفى جامعة كاليفورنيا لوس أنجلوسآفا (9 سنوات)، أوليفيا (7 سنوات)، ولاندون (5 سنوات) – هم أشقاء. وُلد الثلاثة وهم مصابون باضطرابLAD-I  الحاد. في سنواتهم الأولى، عانت العائلة من التهابات متكررة، وزيارات طارئة للمستشفيات، وقلق طبي مستمر.

قالت والدتهم، أليشيا: “كنا نشعر وكأننا نخوض معركة يومية صعبة. كل حمّى أو طفح جلدي كان أمرًا مخيفًا.”

في عام 2020، انضمت العائلة إلى التجربة السريرية في مستشفى جامعة كاليفورنيا لوس أنجلوس ،وانتقلوا من أوهايو إلى لوس أنجلوس.

قال والدهم، جون: “كانت المخاطر قليلة مقارنةً بما يمكن أن نكسبه. كنا نعلم أنه علينا خوض هذه الفرصة.”

اليوم، يعيش الأطفال حياة نشطة. يذهبون إلى المدرسة، ويلعبون في الخارج، ويتعافون من الجروح اليومية من دون مشاكل. وأجهزتهم المناعية قوية. أيام الزيارات المستمرة للأطباء والإقامات الطويلة في المستشفى أصبحت من الماضي. يتشاركون الذكريات حول رحلتهم العلاجية، وقصتهم تمثل اليوم رمزًا للصمود والأمل.

قالت أليشيا: “لقد مرّوا بالكثير معًا، وهذا ما جعلهم أقوى”.

الترخيص لاستخدام هذا العلاج الجيني التجريبي عبر ناقل فيروسي تملكه شركة Rocket Pharmaceuticals، بدعم بحثي من معهد كاليفورنيا للطب التجديدي. لكن لم تتم الموافقة على هذا العلاج بعد للاستخدام السريري من قبل أي هيئة تنظيمية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى