أمراض وعلاجات

مرض الكلى والسكري… يتّحدان معاً 

مرض الكلى والسكري… يتّحدان معاً 

داء السكري… السبب الأكثر شيوعاً للإصابة بمرض الكلى المزمن

نسبة كبيرة من مرضى السكري يعانون من اعتلال الكلى السكري وهو من المضاعفات التي يُتوقّع حدوثها مع مرور السنوات لاسيما في حال عدم ضبط مستوى السكري لوقت طويل ما يؤدي الى انخفاض قدرة الكلى على تصريف السموم وترشيحها من الجسم؛ مع الوقت يتّحد المرضان ليشكّلان معاً مجموعة من المضاعفات التي تطال أعضاء الجسم كافة.

الارتفاع المستمر لسكر الدم يؤدي الى إتلاف الأوعية الدموية في الكلى مع مرور الوقت، ويتمثل هذا التلف في البداية بفقدان البروتين في البول وبعد ذلك، يتسبب في ارتفاع ضغط الدم والتورم الى ان تظهر أعراض التدهور التدريجي فيصل المريض إلى مرحلة الفشل الكلوي الحاد.

يستغرق مرض اعتلال الكلى السكري سنوات عديدة قبل ان يتطور وتظهر اعراضه، ونادراً ما يحدث في السنوات العشر الأولى من الإصابة بداء السكري؛ فتبدأ الأعراض بعد حوالى 15 الى 20 عاما من الإصابة بالنوع الأول من داء السكري. 

لكن، لماذا يؤثر السكر على الكلى؟

تعمل الكلى كمصفاة تضم مجموعة من وحدات التصفية التي تصفي الدم من السموم والفضلات، فيدخل الدم إلى الكليتين عبر أوعية دموية صغيرة تسمى بالأنابيب الشعرية. في حال وجود اعتلال الكلى السكري، تصاب هذه الأنابيب بالإنسداد فلا يتم تصفية الدم بشكل صحيح وتصبح راشحة فتنفذ منها البروتينات والمواد الغذائية التي يجب أن تبقى بالدم، لكنها تذهب إلى البول مما ينتج عنه الزلال البولي المجهري الذي قد يتدرج إلى مرحلة الفشل الكلوي النهائي.

لكن يصعب تحديد مريض السكري الذي سيظهر لديه مرض اعتلال الكلى السكري لكن هناك بعض عوامل الخطورة التي تزيد من خطورة حدوثه وهي:

  • النوع الأول من داء السكري مع بداية المرض قبل بلوغ 20 عام.
  • داء السكري غير المنضبط أي ان المريض يعاني من ارتفاع او انخفاض بمستوياته.
  • ارتفاع ضغط الدم غير المسيطر عليه.
  • وجود تاريخ عائلي في الإصابة بداء السكري ومرض الكلى المزمن.

يضر مرض السكري الكلى بطرق عدة، تتمثل بالتالي:

ـ تضرر الأوعية الدموية داخل الكليتين، فمع مرور الوقت يمكن أن يؤدي ارتفاع مستويات السكر في الدم إلى تضييق هذه الأوعية وانسدادها بدون كمية كافية من الدم، ما يؤدي لتلف الكليتان ويزول الألبومين (البروتين) من خلال هذه المرشحات وينتهي في البول حيث لا ينبغي أن يكون.

ـ يؤدي مرض السكري الى تلف الأعصاب في الجسم، حيث تحمل الأعصاب رسائل بين الدماغ وجميع أجزاء الجسم الأخرى بما في ذلك المثانة؛ لكن في حالة تلف أعصاب المثانة لا يشعر المريض بامتلائها. هذا الضغط على المثانة يتسبب في تلف الكليتين.

ـ إذا بقي البول في المثانة لفترة طويلة، يمكن ان يصاب المريض بعدوى في المسالك البولية بسبب البكتيريا، خاصة أنها تنمو بسرعة في البول مع ارتفاع مستوى السكر، غالبًا ما تؤثر هذه الالتهابات على المثانة، لكنها قد تنتشر في بعض الأحيان إلى الكليتين.

متى يجب إجراء فحص زلال البول؟

بالنسبة لمرضى السكري من النوع الأول الذي يظهر بين الأطفال ينبغي فحص زلال البول بعد تشخيص السكري بخمس سنوات؛ أما مرضى النوع الثاني فينبغي البدء بهذا الفحص بمجرد اكتشاف مرض السكري على ان يتم تكرار الفحص سنويا.

الطريقة الصحيحة لتجميع البول لفحصه من أجل الزلال يفضل أن تكون عند أول بول في الصباح نتيجة لاختلاف كمية الزلال في البول على مدار اليوم، وإذا تم اكتشاف زلال البول لأول مرة يفضل على الأقل تجميع البول وفحصه على فترتين خلال 3 – 6 أشهر للتشخيص النهائي للمريض على أنه يعاني من الزلال البولي المجهري كمرحلة أولى لإصابة الكلى بالضرر من السكر، ويجب أيضا عند اكتشافه القيام بعمل فحص مخبري لوظائف الكلى وقياس مستوى الكولستيرول بالدم.

يمكن إجراء تحليل الزلال في البول من خلال جمع عينة خلال أربع وعشرين ساعة، وينصح البدء بجمع البول في الصباح الباكر. يقوم المريض بتفريغ المثانة من البول، ويستخدم الفرد وعاء حجمه كبير يتسع إلى ستة ليتر ويحتوي على مادة حافظة، وأوعية صغيرة الحجم ونظيفة يتم جمع عينات البول فيها، ويجدر التنبيه إلى ضرورة تسجيل وقت جمع العينة في كل مرة.

في مثل هذه الحالة، على مرضى السكري إدارة مرضهم بشكل جيد عبر مزيج من العلاج الطبي من قبل الطبيب المختص والإلتزام بنظام غذائي مناسب، الى جانب ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، وتناول الأدوية للمساعدة في التحكم في نسبة السكر في الدم، والاختبار الذاتي لمستويات الجلوكوز بانتظام.

على المرضى كذلك التحكم في مستويات الجلوكوز واتخاذ تدابير لخفض ضغط الدم مثل فقدان الوزن وتناول كميات أقل من الملح، والإقلاع عن التدخين، وزيادة مستويات النشاط.

العلاج

أهم خطوات العلاج والوقاية من المضاعفات تكمن في التحكم الجيد بمستوى السكر في الدم، مع ضرورة إجراء الفحوصات الدورية خصوصاً فحص الزلال البولي لأنه دلالة على وجود تغييرات في الأوعية الدموية التي تقوم بتصفية الدم والتخلص من الفضلات ومنها ارتفاع ضغط الدم في هذه الأوعية.

من الخطوات المتبعة في العلاج التحكم الجيد بضغط الدم عن طريق العلاج الفعال وهو مثبط إنزيم أنجيوتنسين كونفيرتينج  (ACE Inhibitor) الذي يُستخدم عادة في علاج ضغط الدم المرتفع ويقوم بتخفيض ضغط الدم من خلال إيقاف الإنزيمات التي تضيق الأوعية الدموية. فعندما يخفض ضغط الدم في هذه الأوعية يقل تضرر الكلى وتقل كذلك كمية البروتينات التي تترشح من الدم إلى البول إلى حد كبير.

تقليل ملح الطعام خطوة مهمة ضمن برنامج غذائي يعتمده المريض نظراً لما يسببه من ضرر على الكلى، بالإضافة الى الحد من تناول البروتينات الحيوانية مثل اللحوم وغيرها على أن يكون ذلك وفق نظام غذائي صحي بإشراف أخصائي تغذية.

ماذا يأكل مريض اعتلال الكلى السكري؟

للغذاء دور فعال في الحفاظ على صحة الكلى ومعدل السكري الى جانب العلاج الدوائي، وما بين الدواء والغذاء يكتمل علاج مرضى اعتلال الكلى السكري. فالتغذية العلاجية لهذه الفئة من المرضى هدفها الحفاظ على معدلات الجلوكوز وتحسين معدلات الدهون في الدم، الى جانب خفض ضغط الدم والحد من مضاعفات مرض السكر ومنها أمراض القلب، والعين، والأعصاب، والكلى.

ينبغي اتباع نظام غذائي منخفض البروتين لأنه يزيد من صعوبة عمل الكلى. يمكن لنظام غذائي منخفض البروتين أن يقلل من فقد البروتين في البول ويزيد مستويات البروتين في الدم. كما يجب تقليل تناول ملح الطعام او الإمتناع عنه. ومن الممكن أن يطلب الطبيب الابتعاد عن تناول الموالح والحلويات الزيادة والمخبوزات المختلفة التي تزيد من نسبة النشويات في الجسم الامر الذي يلحق الضرر بالكلى ويزيد مستوى السكر في الدم.

الخطوة المهمة في الغذاء هي التقليل من تناول الملح والبروتينات الحيوانية مثل اللحوم وغيرها بنسبة 0.6 جم/كجم/ في اليوم، ما يحتم على المريض اتباع نظام غذائي صحي خاص بحالته المرضية والمتابعة مع أخصائي في التغذية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى