أمراض وعلاجات

سرطان الرئة… ما المبتكر الجديد بأدوات التشخيص؟

سرطان الرئة… ما المبتكر الجديد بأدوات التشخيص؟

سرطان الرئة يعتبر المسبب الأكبر للوفيات لكن اكتشاف المرض قبل تقدّمه يرفع من نسبة البقاء على قيد الحياة ويزيد من متوسط عمر المريض، حيث تتوافر اليوم أدوات مبتكرة تتيح للطبيب إمكانية التشخيص المبكر وبالتالي اتباع الإجراءات العلاجية الحديثة في ظل زيادة المعلومات حول ماهية المرض وطريقة انتشاره.

السنوات الأخيرة كانت كفيلة بتطوير علاجات موجّهة لأنواع محددة من الخلايا السرطانية، فظهرت علاجات تعتمد على الجهاز المناعي بحيث تعمل على تهيأته على مهاجمة الورم.

على صعيد آخر، فإن تطور تقنيات التصوير خصوصا التصوير المقطعي المحوسب ساهمت بدورها بتحديد الإصابة في مرحلة مبكرة فقلّلت بالتالي من الوفيات الناجمة عن سرطان الرئة او على الأقل ساهمت في إطالة أمد حياة المرضى.

مما لا شك فيه أن المدخنين هم الأكثر عرضة للإصابة بسرطان الرئة، لكن الأبحاث المستمرة أظهرت أن الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي للإصابة بهذا المرض، أو يتجاوز عمرهم 50 عاماً، أو يتعرضون للتدخين السلبي، يواجهون أيضاً خطر الإصابة.وتعتبر خيارات نمط الحياة الصحي مثل النظام الغذائي الصحي، والنشاط البدني، وعدم التدخين والحفاظ على وزن صحي وسائل مهمة في التقليل من مخاطر الإصابة بالسرطان.

أعراض وعلامات تحذيرية

يمكن تمييز أعراض سرطان الرئة بشكل أساسي من خلال السعال والبلغم المصحوب بالدم، وفقدان الوزن.  وعندما تظهر أعراضه، فإنه في اغلب الاحيان يكون المرض قد استفحل ووصل الى مرحلة متقدمة.  في المراحل الأولية، يمكن للتدخل الجراحي أن يرفع من متوسط أمد الحياة بنسبة 60 – 70% ، ولكن هذه النسبة تنخفض الى 5% في المراحل المتقدمة من المرض.

وعليه، إذا تم اكتشاف المرض مبكرا يمكن علاجه بشكل أكثر سهولة. في المقابل، بعض المرضى لا تظهر عليهم الأعراض الا بعد انتشار المرض وهو ما يؤكد أهمية الفحوصات الدورية للإطمئنان على الصحة حتى لو كان المرء لا يعاني من أي أعراض.

وهناك علامات تحذيرية وأعراض تستدعي التنبه لها والتوجه إلى الطبيب فور ظهورها.

ضيق مستمر في التنفس

السعال المستمر أو ضيق في التنفس من أبرز العلامات التي تستدعي القلق وتتطلب اتخاذ إجراءات فورية كزيارة طبيب عام إذ ينبغي دائما التحقق من الاعراض في وقت مبكر لان ذلك من شأنه أن يحدث فرقا كبيرا في العلاج. 

يمكن أن يحدث ضيق التنفس أثناء ممارسة النشاط البدني ولكنه قد يحدث أيضًا حتى أثناء الراحة، يصيب هذا العارض حوالى 60 إلى 70٪ من المرضى الذين يعانون من سرطان الرئة.

التهابات متكررة في الصدر

التهابات الصدر المتكررة قد تكون من العلامات الأخرى التي تؤشر إلى إصابة بسرطان الرئة. في حال وجود التهابات متكررة بالصدر لا تزول بعد تناول المضادات الحيوية فينبغي التوجه إلى الطبيب على الفور لأن هذه علامة من علامات الإصابة بالمرض الخبيث.

سعال مصحوب بالدم

خروج دم عند السعال هو مصدر قلق، ويفترض لمن يواجه هذه العلامة أن يتوجه إلى الطبيب على الفور. للأسف، فإن السعال المصحوب بالدم والذي يرافقه ألماً في الصدر يزداد سوءًا مع التنفس العميق أو السعال أو الضحك.

فقدان الشهية

قد يكون الفقدان المفاجئ للشهية أو فقدان الوزن غير المبرر مؤشرين تحذيريين من احتمال وجود سرطان الرئة. وقد يعاني المرضى أيضاً من صعوبة في البلع، أو من ألم عند البلع، أو من صفير.

الصوت الأجش

تشير بعض المراكز المخصصة لرعاية مرضى سرطان الرئة وجود تغيرات في الصوت بحيث يصبح أجش أكثر من المعتاد.

تعب غير مبرر

يشعر المريض بأنه متعب من دون ان يقوم بأي جهد أو ربما بمجرد القيام بمجهود بسيط وذلك بسبب إفراز السرطان لبعض البروتينات مثل السيتوكينات إلى زيادة شعور الشخص بالإرهاق والتعب الشديد.

ألم في الصدر

من علامات سرطان الرئة وجود ألم في الصدر عند السعال أو الشهيق، ويعتبر هذا العارض من أكثر العلامات ارتباطا بسرطان الرئة ويستدعي التوجه الفوري الى الطبيب لإجراء الفحوصات اللازمة.

التصوير الطبي المتطور 

السنوات الأخيرة أثمرت الكثير من التطورات على مستوى التشخيص الدقيق، فظهرت تقنيات تشخيص جديدة، مثل اختبارات الدم التي تستقصي الواسمات الورمية وتُعرف باسم الخزعة السائلة التي من شأنها أن تغير المنظور السائد لمرض السرطان خلال السنوات الخمس أو العشر المقبلة.اليوم، تتيح أجهزة التصوير الطبي عالية الدقة إنشاء صور دقيقة ومفصلة قدر الإمكان خصوصا في ظل استخدام التصوير الشعاعي الرقمي. يمكن لأجهزة الأشعة السينية الحديثة أن تكشف حتى عن التشكلات الصغيرة. التصوير الشعاعي للصدر هو الطريقة الرئيسية للتشخيص. يتم الكشف عن سرطان الرئة على الأشعة السينية في 80٪ من الحالات. تضمن جودة المعدات ومهارات اختصاصي الأشعة صحة الإجراء. يقوم جهاز التصوير المتطور بإظهار صورة عالية الجودة، على أن يقوم الطبيب بتفسير البيانات بشكل صحيح. 

لا شك ان أجهزة الأشعة السينية تتيح للطبيب إمكانية التعرف على وجود المرض ولكن ليس بالدقة المطلوبة خصوصا اذا كان لا يزال في مراحله الأولى؛ لذلك يلجأ الأطباء الى التصوير المقطعي المحوسب الذي يمكن أن يكشف عن وجود آفات صغيرة في الرئتين ربما لم تتمكن الأشعة السينية من اكتشافها. إنها تكنولوجيا متقدمة تنتج صورا ثلاثية الأبعاد بدقة عالية لكشف المزيد من التفاصيل؛ وبالتالي، يمكنها التحري عن الأشياء غير الطبيعية في الرئة باستخدام جرعة إشعاع أقل ما يجعلها آمنة. 

تجمع أشعة الفحص بالتصوير المقطعي المحوسب CT سلسلة من صور الأشعة السينية من زوايا مختلفة حول الجسم، ثم يتم نقلها الى الكمبيوتر لإنشاء صور مقطعية (شرائح) للرئة لتوفير معلومات أكثر تفصيلًا ودقة.

يتميز التصوير المقطعي المحوسب بالعديد من المزايا التي تفوق أي مَخاطر صغيرة محتملة خصوصا مع استخدام أقل جرعة ممكنة من الإشعاع للحصول على المعلومات الطبية المطلوبة. فالأجهزة والتقنيات الأحدث المتوافرة في المستشفيات والمراكز العالمية المعتمدة لعلاج سرطان الرئة هي كلها من الجيل الحديث الذي يتطلب فقط كمية أقل من الإشعاع مقارَنةً بالكمية التي كانت تُستخدَم سابقًا.

لكن رحلة المريض نحو التشخيص لا تتوقف هنا؛ لابد في البداية من الإشارة الى ان الأطباء يبحثون عن السرطان في العقدة الرئوية وهي عبارة عن منطقة صغيرة غير طبيعية تظهر أحيانا أثناء التصوير المقطعي المحسوب للصدر، وفي حال ظهور نمط غير طبيعي لنمو الخلايا في العقدة ينتقل الأطباء عندها الى وسيلة تشخيص أكثر دقة وهي أخذ خزعة لفحصها بحثا عن الخلايا السرطانية. يمكن أن توجد العقد الرئوية في أي مكان في الممرات الرئوية، إما بجوار مجرى الهواء، أو أعمق في أنسجة الرئة بعيدا عن أي ممر هوائي.  وعليه، الفحص التصويري هو بمثابة أداة توجيهية بالنسبة للطبيب لا يمكن الإستغناء عنها مطلقا، لأن أخذ الخزعة يتم تحت توجيه الأشعة المقطعية للحصول على عينة تساعد في دقة التشخيص ولحسن الحظ، تتوفر الآن تقنية تنظير القصبات الهوائية الجديدة طفيفة التوغل والتي تتيح الوصول الآمن للعقد الرئوية حتى عندما تتواجد هذه العقد خارج حدود الشعب الهوائية من خلال تقنية متقدمة تدمج التصوير المقطعي المحوسب مع برنامج التعرف على الأنماط والتنظير المدمج لتزويد الطبيب بصور ثلاثية الأبعاد لمجرى الهواء وبالتالي تحدد هذه الطريقة أفضل مسار للوصول الى العقد الرئوية وأخذ خزعة منها، مهما كان حجمها أو موقعها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى