أمراض وعلاجات

التعايش مع فشل القلب… ليس مستحيل

التعايش مع فشل القلب… ليس مستحيل

نهج متكامل يجمع بين الرعاية الأولية والتوعية والعلاج الدوائي 

يعتبر مرض فشل القلب من الأمراض الشائعة عالمياً حيث يواجه المرضى تحديات وأعباء كثيرة، لكن التوعية والعلاجات المتطورة ساعدت في خفض نسبة الوفيات ودخول المستشفى. مرضى فشل القلب يحظون اليوم بحياة أفضل من خلال توافر علاجات شاملة تقدم لهم سنوات مديدة خالية من الإنتكاسات مع التزامهم بنمط حياة صحي ما أدى الى إحداث نقلة نوعية في مجال رعاية المصابين بحالات فشل القلب.

إن مراكز وأقسام القلب المتخصصة الآخذة في الإنتشار في السنوات الأخيرة تعمل وفق مبدأ متعدد التخصصات للمساعدة في تحسين رعاية مرضى القلب والتركيز ليس فقط على العلاج بل على التوعية والتثقيف والرعاية الأولية والوقاية.

تضم هذه الأقسام نخبة ‬من ‬الاستشاريين المتخصصين ‬وطاقم ‬تمريض ‬مدرّب ‬على ‬التعامل ‬مع ‬هذا ‬النوع ‬من ‬الحالات.‬ كما يتم التركيز على تثقيف الكادر الطبي حول أفضل الأساليب في علاج أمراض القلب ومتابعة التطورات الحاصلة في هذا المجال لتوفير البروتوكولات الصحيحة في العلاج ونقل أحدث تقنيات المعالجة المستخدمة عالمياً.

تقدم عيادات وأقسام القلب المتخصصة ‬برامج ‬خاصة ‬لتشخيص ‬فشل ‬القلب ‬بشكل ‬متطور ‬بما ‬يتوافق ‬مع التوصيات ‬العالمية لوضع المريض على السكة الصحيحة للعلاج عبر نهج متكامل متعدد التخصصات يجمع بين الرعاية الأولية والعلاج الدوائي لمنع تدهور الحالة بالإضافة الى التوعية والتثقيف ليصل المريض الى بر الأمان ويتعايش مع مرضه بشكل سليم.

يحدث مرض فشل القلب عندما يعجز القلب عن ضخ الدمَ بصورة فعّالة، ما يؤدي إلى انخفاض تدفق الدم وتباطؤ جريانه في الأوردة والرئتين، بالإضافة إلى تغيرات مرضية أخرى يمكن تُضعف بدورها القلب أكثر وأكثر. كما يمكن للعديد من الاضطرابات التي تؤثر في القلب أن تُسبب الفشل القلبي.

فالقلب يضخ الدم لحمل الأوكسجين والمغذِّيات إلى الجسم، لكن في مثل هذه الحالة يعجز القلب عن القيام بذلك ما يؤدي الى تراكم السوائل في الرئتين وأجزاء الجسم الأخرى وهو ما يجعل التنفس صعباً ومع زيادة السوائل يعاني المريض من تورم في الساقين، ويُطلق على هذه السوائل الزائدة في الجسم الإحتقان لذلك تسمى هذه الحالة أحياناً فشل القلب الإحتقاني. 

إذا لم تحصل الكليتان على ما يكفي من الدم، فإنَّهما تكوِّنان كمِّية أقلّ من البول، بحيث تتراكم السوائل في الجسم؛ هذه السَّوائل الزائدة تجعل قلبك يعمل بشكلٍ أكثر صعوبة فيزداد فشل القلب لدى المريض وتزداد حدة الأعراض والمضاعفات.

في بداية الحالة لا تظهر أية أعراض ولكن في غضون أيام أو أشهر يبدأ المريض بالشعور بإرهاق وضيق في التنفس. ما إن يشتبه الطبيب بإصابة المريض بالفشل القلبي بناءً على الأعراض التي يعاني منها، ومن ثم تُجرى اختبارات طبية مثل تخطيط صدى القلب لتقييم وظيفة القلب.

من أعراض فشل القلب التعب الشديد والإرهاق، بحيث يعجز المريض عن مزاولة الأنشطة اليومية العادية، بالإضافة الى ضيق التنفس وزيادة ضربات القلب وعدم إنتظامها.

التعايش مع فشل القلب

لكن ذلك لا يعني أن القلب قد توقف عن العمل وإنما لا يستطيع أن يلبي حاجة جميع أجزاء الجسم من الدَّم.  لذلك، يؤكد أطباء القلب لمرضاهم ان التعايش مع مرض فشل القلب ليس بالأمر المستحيل، بل يمكن تحقيق ذلك إذا ما اتبع المريض بعض الخطوات؛ إن تغيير العادات الصحية والغذائية السيئة يزيد من قدرة المريض على التعايش مع فشل القلب بشكل كبير.

 أولى الخطوات وأهمها الإلتزام بالعلاجات والجرعات وفق ما يحدده الطبيب مع المراجعة الدورية بين الحين والآخر على أن يحدد الطبيب الفترة بين الزيارات بحسب حالة المريض.

ثم يجب أن يتجنب المريض الصدمات النفسية والإنفعالات العصبية قدر المستطاع لأن تأثيرها السلبي ينعكس مباشرة على صحة القلب بحيث يزيد من حاجة الجسم للدم والأوكسجين ما يشكل ضغطاً أكبر على عضلة القلب وبالتالي تزداد حدة الأعراض، فالضغوط الكثيرة تزيد من إحتمالات تدهور حالة القلب. من المهم لمريض فشل القلب أن ينأى بنفسه عن الضغوط النفسية والعصبية، فالضغوط الكثيرة تزيد من إحتمالات تدهور حالة القلب.

النظام الغذائي الصحي ضروري جداً وهو يزيد من فعالية العلاجات المتبعة ومن الضروري التخلص من الوزن الزائد والسمنة؛ يجب على مريض فشل القلب أن يمتنع عن تناول بعض الأطعمة والمشروبات، خاصة الغنية بالصوديوم كالملح والمشروبات الغازية، لأنها تزيد من السوائل المختزنة بالجسم. 

التعايش مع فشل القلب يلزمه إجراء بعض التغييرات الصحية، فتغيير العادات الصحية والغذائية السيئة يزيد بشكل كبير من قدرة المريض على التعايش مع مرضه؛ تنظيم الغذاء أحد أهم عوامل التعايش مع فشل القلب، حيث ان تجنب الأطعمة المشبعة بالدهون والسكريات والأملاح يحمي القلب من أمراض كالسكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب الأخرى. 

الإمتناع عن التدخين وتجنب التدخين السلبي من أهم الخطوات للحفاظ على استقرار الحالة، فالأشخاص المدخنون عليهم التوقف عن التدخين بشكل فوري لأن أضرار التدخين لا تتوقف على ما يسببه من ضرر على القلب فقط بل يمكن ان يتسبب في وفاة القلب المفاجئة. الى جانب ضبط معدلات ضغط الدم والسكري.

كما أن ممارسة التمارين الرياضية تنظم عمل القلب وتمنع إضطراب النبض وتحمي من موت القلب؛ على مريض الفشل القلبي البدء بممارسة التمارين الرياضية لأنها تنظم عمل القلب وتمنع إضطراب النبض وتحمي من موت القلب.

على مريض فشل القلب متابعة قياس ضغط الدم بشكل منتظم لمراقبة تطورات ضغط الدم ومنعه من الإرتفاع، بالإضافة إلى المتابعة الطبية المستمرة مع الطبيب المتخصص لأنها تجعل الطبيب على دراية تامة ومستمرة بالحالة المرضية فيتمكن من السيطرة على المرض ومنع تطوره بشكل سلبي.

علاجات حديثة

يمكن القول إن مرضى القلب هم الأكثر حظاً اليوم بسبب التطور الحاصل على مستوى العلاجات، حيث يتوافر أدوية متقدمة وفعّالة تساعد على الحد من تطور المرض وتدهور الحالة وتضبط الأعراض بشكل كبير لاسيما إذا ما ترافقت مع تغييرات جذرية في نمط الحياة.

العلاجات المتطورة اليوم هي ثمرة تعاون الشركات المتخصصة مع أطباء القلب المعنيون بالدرجة الأولى بالتعامل مع المرضى في العيادات نظراً لدورهم في نقل الصورة الصحيحة إكلينيكياً حول كيفية التصدي لأعباء المرض؛ هذه المقاربة المرتكزة على المريض ساعدت في الوصول الى خيارات علاجية جديدة مبنية على نهج علمي لإدارة المرض وعلاجه.

أول ما يبدأ به الطبيب هو السيطرة على الحالة وعدم تطورها وذلك من خلال بعض العلاجات الطبية التي لا يمكن لمريض فشل القلب أن يعيش من دونها؛ قد يصف الطبيب بعض المكملات الغذائية التي تسهم بنسبة كبيرة في تحسن حالة القلب الصحية.

ان تحديد العلاج المناسب للحالة المرضية والمواظبة عليه يساعد في تحسن أعراض ومؤشرات فشل القلب فيصبح القلب في بعض الأحيان أشد قوة. من جهة أخرى، يستطيع الطبيب معالجة السبب الكامن وراء الإصابة بفشل القلب مثل ترميم أحد صمامات القلب أو ضبط نظم القلب السريع، وهي خطوات تؤدي الى علاج فشل القلب. 

ومن العلاجات التي يعتمدها الأطباء مدرات البول التي تعمل على التقليل من الاحتقان والأعراض ولا تؤثر على القلب، بل إنها تعمل على الكلى وتجعلها تفرز الصوديوم والماء من الدم الى البول، ما يؤدي الى إفراز الملح والسوائل المُتراكمة في الجسم، وبالتالي التقليل من الاحتقان والأعراض. 

من الأدوية المستخدمة أيضا لتخفيف الأعراض ومنع تقدم فشل القلب الإحتقانيACE inhibitors تعمل على منع إنتاج مركب كيماوي في الجسم المسمى ANGIOTENSIN II. هذا المركب يسبب تضييق الشرايين المحيطة أي أن منع إنتاجه يؤدي الى توسع الشرايين المحيطة ما يؤدي بالتالي الى خفض ضغط الدم، وبذلك فإن انقباض القلب وضخ الدم أسهل على القلب. كما يستعين الأطباء بأدوية هي مُحصرات البيتا ( Beta blocker ) التي تبطئ من سرعة نبض القلب وتُقلل ضغط الدم وتحد من تضرر عضلة القلب.

في بعض الحالات المرضية، قد يلجأ الطبيب الى إجراء تدخل جراحي لاستبدال صمامات القلب المُتسببة في فشل القلب، كما قد يلجأ الى زرع مضخة للقلب في حال تقدم المرض وفشل العلاجات الدوائية وأجهزة تنظم ضربات القلب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى