أمراض وعلاجات

التصلب اللويحي المتعدد

التصلب اللويحي المتعدد

علاجات متطورة غيّرت مسار المرض 

يحتاج مرض التصلب اللويحي المتعدد إلى تشخيص دقيق من أجل العثور على وجود تلف في منطقتين منفصلتين في الجهاز العصبي المركزي، وأدلة أخرى تدل على أنه قد حدث التلف في المنطقتين في فترة شهر واحد أو أقل، مع ضرورة إجراء الكثير من الفحوصات التشخيصية لاستبعاد كل الأمراض الأخرى لاسيما أن أعراض هذا المرض لا يمكن التنبؤ بها وتختلف من مريض لآخر فضلاً عن أن الأعراض نفسها قد تتغير لدى المريض. 

ورغم عدم وجود علاج شاف، إلا أن العلاجات الجديدة والمتطورة المتوفرة في الوقت الراهن، إضافة إلى الإختبارات التي يجري العمل عليها، تخفف بشكل أفضل من الأعراض أو حتى تقضي على المرض في المستقبل؛ فهو مرض مناعي مزمن يؤثر بشكل رئيسي على الجهاز العصبي المركزي. يسعى الأطباء دوما الى البدء بالعلاج بهدف السيطرة على الأعراض وتحسين حياة المريض في ظل عدم التوصل إلى علاج شاف تماما من مرض التصلب اللويحي؛ فقد ظهر عدد من الأدوية تسهم في إبطاء تطور المرض وتقلل من وتيرة الإنتكاسات وشدتها.

وفي الإطار ذاته، ينصح الأطباء مرضى التصلب اللويحي المتعدد بتجنب كل ما من شأنه أن يثير المرض ويؤدي إلى ظهور انتكاسة ما مثل التعب الشديد والضغط النفسي والتدخين والحمى والحمامات الساخنة والتعرض لأشعة الشمس.

أسباب المرض لا زالت غير واضحة حتى الآن، إلا أن الأطباء يعزون سبب الإصابة إلى وجود بعض العوامل الوراثية والبيئية والنفسية؛ فهناك عوامل وراثية تتفاعل مع البيئة، قد يكون فيروس تعرض له الشخص في عمر صغير أدى إلى حدوث تغيرات في الجهاز المناعي ما يجعل الخلايا ترى مادة الميالين في الدماغ على أنها ميكروب أو جسم غريب فتحاربه وعندها يبدأ المرض. 30% من الخطورة هي وراثية حيث أن العوامل الوراثيّة تساهم في التعرّض لهذا المرض، من دون أن يعني ذلك أن الفرد سيورّث المرض حتماً إلى أبنائه، فاحتمال توريث المرض من الأهل إلى الأبناء لا يتعدّى نسبة الخمسة في المائة.  المرض يتسبب في اضطراب الجهاز العصبي، ويصيب مختلف الفئات العمرية وغالبا في العقد الثاني من العمر وهو مرض يصيب النساء أكثر من الرجال في الغالب. التصلب اللويحي المتعدد بقي لسنوات طيلة يُصنف ضمن الأمراض التّنكسية، إلا أن التطور العلمي والتقدم الذي شهده الطب، لاسيما في ظل تطور تقنيات التصوير الطبي وسبل التشخيص، حثّ الأطباء على وضع هذا المرض ضمن الإلتهابات التي تصيب الجهاز العصبي المركزي.  يصيب التصلب اللويحي المتعدد الجهاز العصبي المركزي والأعصاب البصرية والنخاع الشوكي، كما يتسبب بتشنجات كهربائية على مستوى الأطراف والظهر واضطرابات في الحركة؛ حيث يقوم جهاز المناعة بإتلاف الغشاء المحيط بالأعصاب والذي يسمى غلاف الميالين، ووظيفة غشاء الميالين حماية الأعصاب، وهذا التلف والتآكل يؤثر سلبا على عملية الاتصال بين الدماغ وبقية أعضاء الجسم، وفي نهاية المطاف تصاب الأعصاب نفسها بالضرر. في المراحل الأولى من المرض، قد يكون من الصعب على الطبيب تشخيص المرض لأن الأعراض غالبا ما تظهر وتختفي؛ عادة %33 من الحالات المرضية تبدأ بالإصابة بالخدر في أحد الأطراف أو في جزء منها، وعادة ما يظهر على شكل ضعف أو شلل في جهة واحدة من الجسم، و%25 من الحالات قد يكون فقدان جزئي أو كلي للنظر، في واحدة من العينين وعادة ما يكون ذلك مصحوبا مع أوجاع في العين ونسميه إلتهاب العصب البصري. كما تحدث أيضا إزدواجية في الرؤية او ضبابية في الرؤية، كذلك قلة تنسيق بين عضلات الجسم وفقدان التوازن والدوخة. ويمكن أن تشمل خدر في الأطراف وعدم وضوح الرؤية وفقدان التوازن وضعف التنسيق وثقل اللسان والرجفة والتعب الشديد ومشاكل الذاكرة وضعف المثانة والشلل والعمى، فضلاً عن أعراض أخرى. ولكن هذه الأعراض لا يمكن التنبؤ بها.

ويعتمد تشخيص المرض على أمور عدة؛ أولها الإستماع الى الأعراض التي يشتكي منها المريض والتي تعتمد في تقديرها على مهارة الطبيب وخبرته، ومن ثم ينتقل الى إجراء بعض الفحوصات المخبرية التي تتمثل أساسا في تحليل سائل النخاع، وكذلك فحص الموجات الكهربائية في الأعصاب السمعية والبصرية 

المرحلة الأخيرة من التشخيص تعتمد على التصوير الطبي للدماغ بالرنين المغناطيسي، والذي يعتبر الأكثر أهمية ودقة من جميع ما سبق في تشخيص المرض، حيث أنه يظهر وبدقة متناهية التغيرات التي تصيب الجهاز العصبي، والتي عادة ما تأخذ أشكالا وتوزيعا محددا وتصيب أماكن معينة من المخيخ والنخاع المستطيل والمادة البيضاء من المخ والحبل الشوكي. كذلك فإن إضافة فحص الصبغة إلى فحص الرنين المغناطيسي يساعد على تقييم مدى نشاط المرض. يحتاج المرضى المصابون بهذا المرض إلى المتابعة المتكررة بفحص الرنين المغناطيسي لمساعدة الطبيب المعالج لتحديد سرعة وطريقة تطور المرض.

أحدث العلاجات

رغم أنه لا يوجد علاج للتصلب اللويحي، إلا أن هناك الكثير من الخطوات المهمة التي إذا ما اتّبعها المريض فبالتأكيد سوف تسهم في مساعدة المصاب على مواصلة حياته بنشاط وباستقلالية، كما يمكن لهذه الخطوات أن تخفف حدة الهجمة ومدتها باستعمال الستيرويدات القشرية و أدوية للتخفيف من حده الأعراض مثل التقلص والرجفان والمشاكل البولية. كما يساعد العلاج الفيزيائي على تقوية العضلات ومساعدة المصابين لاستعادة نشاطهم بعد هجمة قوية.

ينقسم العلاج إلى ثلاثة أنواع:

علاج الهجمة

إذا كانت الهجمة خفيفة الوطأة وأعراضها محتملة، فقد تستجيب للراحة لمدة يوم أو يومين، مع شرب السوائل الكافية الباردة وتبريد جو الغرفة، وكثير من المرضى إذا اتبعوا ذلك في بداية الهجمة تتحسن أعراضهم. أما إذا لم تنفع هذه الأمور فيتم إعطاء الكورتيزون بالوريد لمدة ثلاثة إلى خمسة  أيام ليسرع من شفاء الهجمة ويخفف من حدتها من دون ان يسبب ذلك أي مضاعفات.

علاج المرض

على المريض أن يتناول أدوية تدعىمعدلات المناعة، وهي تعمل على تغيير في طبيعة التركيب المناعي، وبذلك تخفف من عدد الهجمات، وتخفف من حدتها، وقد تخفف من سوء الآفات في صور الدماغ المغناطيسية، ومن حدة الإعاقة التي قد تحدث من المرض في مراحله المتقدمة.

يتم تناول نوع واحد من هذه الأدوية على الدوام وهي كلها متقاربة في التأثير، ولكن بعضها يؤخذ في العضل مرة واحدة اسبوعيا، وبعضها تحت الجلد مرات عدة في الأسبوع حسب نوع الدواء.

عموما ليس لهذه الأدوية من مشكلات، ولكن قد يشعر المريض بعد الحقن بأعراض مشابهة لأعراض الزكام من حرارة وتعب ، ويعالج ذلك عادة بإعطاء دواء مثل البندول قبل الحقن.

علاج المضاعفات

قد يحدث عند المرضى مضاعفات عدة، ولكل منها علاج؛ فتشنج العضلات قد يسبب مشكلة كبيرة بسبب اليبوسة والألم، ويعالج عادة بالمرخيات العضلية؛ الرجفان يعالج بدواء إندرال  أو البيريميدون، وغيرهما. من الممكن أن يصاب بعض المرضى بألم العصب المثلث التوائم، ويدعى كذلك العصب الخامس، وهو عصب الإحساس في الوجه، والألم شديد وخاطف مثل تيار الكهرباء، ولكن يستجيب لدواء (كاربامازيبين) وغيره.

توصل الجسم الطبي اليوم إلى علاجات عديدة ومتطورة أسهمت في تعديل مسار المرض وعلاج الإنتكاسات، فيتمكن المريض من مزاولة حياته اليومية. العلاج قد يختلف من شخص إلى آخر مع اختلاف تجاوب المرض معه.

واليوم، تحقق إنجاز كبير لجهة العلاجات، يتمثّل بمجموعة أدوية معدّلة للمرض ويجب أن تكون متوفرة ومتاحة لكل مرضى التصلّب اللويحي المتعدد. وتلقّي العلاج منذ المراحل المبكرة يعتبر من العوامل الأساسية لتعزيز الأثر الإيجابي المتوخّى منه على تداعيات المرض.  

كل مجموعة من الأدوية المعدّلة للمرض تتميّز بملفّ من المخاطر والمزايا، كما أن كل مريض يشكّل حالة خاصة بحد ذاته. وبالتالي، فالعلاقة التي تربط مريض التصلّب اللويحي المتعدّد بطبيبه هي العنصر الأساسي لنجاح إدارة المرض وهي عملية يجب تصميمها خصيصاً لتلبي احتياجات كل مريض. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى