مشكلات العين الناتجة عن الإفراط في استخدام الشاشات: حماية البصر في عصر التكنولوجيا
مشكلات العين الناتجة عن الإفراط في استخدام الشاشات: حماية البصر في عصر التكنولوجيا
الدكتور محمود فرح ، استشاري طب العيون في المستشفى الأهلي / قطر
في عصرنا الرقمي، أصبحت الشاشات جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية. الهواتف الذكية، أجهزة الكمبيوتر المحمولة، الأجهزة اللوحية، والتلفزيونات تسيطر على أنشطتنا اليومية. ومع ذلك، فإن الاستخدام المفرط للشاشات يترك أثرًا سلبيًا كبيرًا على صحة العين، ما يؤدي إلى مجموعة من المشكلات البصرية التي تُعرف باسم “إجهاد العين الرقمي”.
في المستشفى الأهلي، يلتزم قسم طب العيون، بقيادة د. محمود فرح، بتشخيص هذه الحالة المتزايدة ومعالجتها، مع تعزيز الوعي حول كيفية حماية العينين من تأثيرات الاستخدام المطول للشاشات.
ما هو إجهاد العين الرقمي؟
إجهاد العين الرقمي، المعروف طبيًا باسم متلازمة الرؤية الحاسوبية، هو حالة تنتج عن التعرض المفرط للشاشات الرقمية. هذه الحالة تتسم بأعراض عدة تنتج عن الإجهاد المتكرر للعينين بسبب التحديق المستمر في الشاشات وسط ظروف إضاءة غير ملائمة وانعكاسات الضوء الساطع.
تشمل الأعراض الشائعة:
- رؤية مشوشة أو مزدوجة.
- جفاف واحمرار وتهيج العينين.
- الصداع وآلام في الرقبة.
- صعوبة في التركيز.
- حساسية متزايدة تجاه الضوء.
يُوضح د. فرح: “معظم الأشخاص لا يدركون تأثير الشاشات على صحة أعينهم حتى تصبح الأعراض مزمنة ومستمرة.”
كيف يؤثر وقت الشاشة على الرؤية؟
الاستخدام المطول للشاشات يعرّض العينين إلى ضغط كبير، وينتج عنه المشكلات التالية:
- انخفاض معدل الرمش: يؤدي التركيز المستمر أثناء استخدام الشاشات إلى تقليل معدل الرمش، ما يتسبب في جفاف وتهيج العينين.
- التعرض للضوء الأزرق: تنبعث من الشاشات الرقمية أشعة زرقاء يمكن أن تخترق العين بعمق، ما يؤدي إلى إجهاد الشبكية وزيادة خطر التلف على المدى البعيد.
- الزوايا والمسافات غير الصحيحة: الإمساك بالأجهزة بزاوية غير مريحة أو على مسافات قريبة من العين يؤدي إلى إجهاد عضلات العين، مما يساهم في تطور قصر النظر.
- الوهج وتباين الإضاءة: التباين المفرط بين الشاشة والإضاءة المحيطة يزيد من العبء على العينين، ما يؤدي إلى شعور بالإجهاد وعدم الراحة.
الفئات الأكثر عرضة للإصابة بإجهاد العين الرقمي
بينما يمكن أن يؤثر إجهاد العين الرقمي على الجميع، هناك فئات معرضة للخطر بشكل أكبر:
- الموظفون المكتبيون: ساعات طويلة أمام أجهزة الكمبيوتر تزيد من احتمالية الإصابة.
- الطلاب: أدى التعلم عبر الإنترنت إلى ارتفاع نسبة التعرض للشاشات بين الأطفال والمراهقين.
- اللاعبون الإلكترونيون: الجلسات الطويلة للألعاب الإلكترونية تفرض إجهادًا شديدًا على العين.
- كبار السن: التغيرات الطبيعية المرتبطة بالتقدم في العمر تجعل استخدام الشاشات أكثر صعوبة.
الوقاية من إجهاد العين الرقمي
للحد من تأثير الشاشات على صحة العين، ينصح د. فرح بتبني استراتيجيات وقائية فعالة:
قاعدة 20-20-20
كل 20 دقيقة، انظر إلى شيء يبعد 20 قدمًا لمدة 20 ثانية على الأقل لتقليل الإجهاد.
ضبط إعدادات الشاشة
تقليل سطوع الشاشة ليتناسب مع الإضاءة المحيطة.
تكبير حجم النصوص لتقليل الإجهاد أثناء القراءة.
استخدام الوضع الليلي أو مرشحات الضوء الأزرق.
تحسين بيئة العمل
ضبط الشاشة على مستوى العين وبمسافة تتراوح بين 20-24 بوصة من الوجه.
استخدام شاشات مضادة للوهج وتوفير إضاءة مناسبة.
أخذ فترات راحة منتظمة
الاستراحات المتكررة من استخدام الشاشات تمنح العين فرصة للراحة.
زيادة معدل الرمش
التركيز على الرمش بوعي يساعد في الحفاظ على رطوبة العين ومنع الجفاف.
استخدام القطرات المرطبة
قطرات العين المرطبة المتوفرة من دون وصفة طبية يمكن أن تقلل من الجفاف الناتج عن انخفاض معدل الرمش.
الرعاية المتقدمة في المستشفى الأهلي
بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من أعراض مستمرة رغم تعديل نمط حياتهم، يقدم قسم طب العيون في المستشفى الأهلي خدمات تشخيصية وعلاجية شاملة. خدمات التشخيص الشامل تشمل:
- اختبارات دقيقة للرؤية.
- تقييم تأثير الضوء الأزرق على العين.
- فحص فيلم الدموع لتشخيص متلازمة جفاف العين.
خطط العلاج المخصصة
- نظارات طبية مزودة بمرشحات الضوء الأزرق.
- أدوية أو قطرات لعلاج جفاف العين.
- عدسات لاصقة خاصة لتقليل الوهج وتحسين التركيز البصري.
المخاطر طويلة الأمد للإفراط في استخدام الشاشات
إذا تُركت مشكلات إجهاد العين الرقمي دون علاج، فقد يؤدي ذلك إلى مشكلات طويلة الأمد تشمل:
- تفاقم قصر النظر: يؤدي العمل القريب المطول إلى زيادة معدلات الإصابة بقصر النظر، خصوصًا بين الأطفال.
- تلف البقعة الصفراء: يمكن أن يسبب التعرض المزمن للضوء الأزرق تلفًا تدريجيًا لشبكية العين والبقعة الصفراء.
- متلازمة جفاف العين المزمن: الجفاف المستمر قد يؤدي إلى التهاب وتلف سطح العين.
التزام المستشفى الأهلي برفع الوعي المجتمعي
يلعب المستشفى الأهلي دورًا رياديًا في نشر الوعي حول أهمية حماية صحة العين في العصر الرقمي، من خلال مبادرات مثل:
- برامج التوعية المدرسية: لتثقيف الطلاب والمعلمين حول تأثير الشاشات على عيون الأطفال.
- ورش عمل للشركات: لتقديم نصائح عملية لتحسين بيئة العمل وتقليل إجهاد العين الرقمي.
- معسكرات صحة العين: تقديم فحوصات بصرية مجانية وإرشادات في الفعاليات المجتمعية.
رؤية مستقبلية لصحة العين في العصر الرقمي
بينما تستمر الشاشات في كونها جزءًا أساسيًا من حياتنا، يصبح الحفاظ على صحة العين أولوية قصوى. في المستشفى الأهلي، يلتزم فريق طب العيون بتقديم رعاية شاملة باستخدام أحدث التقنيات وخطط العلاج المخصصة. يقول د. محمود فرح: “عيونكم هي نافذتكم إلى العالم. مع الرعاية الصحيحة والوقاية المناسبة، يمكننا الحفاظ على صحة بصرية مستدامة لعقود قادمة.”