داء الشريان السباتي… ما مدى خطورته؟ وما هي طرق العلاج؟
داء الشريان السباتي… ما مدى خطورته؟ وما هي طرق العلاج؟
دكتور هشام عثمان، استشاري جراحة عامة وأوردة دموية في المستشفى الأهلي – قطر
يحدث داء الشريان السباتي عندما يتراكم فيه خليط من المواد يسمى الصفائح الترسبية بداخله؛ ولدى كل منّا شريانان سباتيان، واحد في كل جانب من العنق. ينقسم كل منهما إلى الشرايين السباتية الظاهرة والباطنة.
تزوّد الشرايين السباتية الباطنة الدماغ بدم غني بالأوكسجين، بينما تزوّد الشرايين السباتية الظاهرة الوجه وفروة الرأس والعنق بالدم الغني بالأوكسجين. يعتبر داء الشريان السباتي خطير جدا لأنه يمكن أن يسبب سكتة دماغية التي تحدث عند انقطاع تدفق الدم إلى الدماغ.
عند انقطاع الدم لأكثر من بضع دقائق، تبدأ الخلايا في الدماغ بالموت، ما يؤدي الى تضرر أجزاء الجسم التي تتحكم بها خلايا الدماغ. يمكن أن تسبب السكتة الدماغية تلفاً دائماً في الدماغ أو إعاقة طويلة الأجل مثل مشاكل الرؤية أو الكلام أو الشلل (عدم القدرة على الحركة)، أو الموت.
كلّما كانت المعالجة أسرع، كلما كانت الفرصة في الشفاء أفضل.
يبدو أن داء الشريان السباتي يبدأ عندما تصاب الطبقات الداخلية للشرايين السباتية بالأذى.
تتضمن العوامل الرئيسية التي تساهم في حدوث هذا الأذى ما يلي:
- التدخين.
- ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم.
- ضغط الدم المرتفع.
- داء السكري.
- التقدم في السن يزيد خطر الإصابة بتصلب الشرايين.
- زيادة الوزن والسمنة.
- نقص في النشاط الجسدي.
- تاريخ عائلي لتصلب الشرايين.
- نظام غذائي غير صحي.
مع حدوث التلف، يبدأ الجسم السير بعملية الشفاء؛ وقد تسبب آلية الشفاء والتعافي تراكم الصفائح الترسبية في مكان تلف الشرايين. يمكن للصفيحة الترسبية في الشريان أن تتمزق، وفي هذه الحالة سوف تلتصق خلايا الدم المسماة بالصفيحات الدموية بموقع الأذية وقد تتكتل معاً لتشكل جلطات دموية. يمكن أن يؤدي تراكم الصفائح الترسبية أو الجلطات الدموية إلى تضييق شديد أو انسداد في الشرايين السباتية. ومن الممكن أن تنفصل الجلطات من موضع التضييق وتنتقل إلى الأوعية الدموية في الدماغ مسببة السكتة الدماغية. لكن وجود أي من عوامل الخطورة لا يعني الإصابة بداء الشريان السباتي. ومع ذلك، في حال وجود عامل خطر واحد او أكثر ينبغي اتخاذ الخطوات اللازمة للوقاية والمساهمة في منع حدوث المرض أو تأخيره. في حال تراكم الصفائح الترسبية في الشرايين السباتية، فقد يكون ذلك دلالة أيضًا على وجود تراكم في هذه الصفائح الترسبية في شرايين أخرى. المرضى الذين يعانون من داء الشريان السباتي في خطر متزايد لداء شرايين القلب الاكليلية.
قد لا يسبب داء الشريان السباتي علامات أو أعراض حتى يتضيق بشدة أو ينسد الشريان السباتي. خلال الفحص السريري، سوف يستمع جراح الأوعية الدموية إلى الشرايين السباتية باستخدام سماعة طبية، وقد يسمع صوتًا يطلق عليه اسم النفخة الشريانية لكن هذا العارض لا يتواجد عند كل من لديه داء الشريان السباتي. يمكن أن يشير هذا الصوت إلى ضيق في الشريان السباتي. ولمعرفة المزيد سيتم طلب اختبار التصوير الوعائي بالموجات فوق الصوتية.
النوبة الإقفارية العابرة )السكتة الدماغية الأصغرية(
بالنسبة للبعض، فإن حدوث نوبة إقفارية عابرة (النشبة الدماغية العابرة) هو أول علامات الإصابة بداء الشريان السباتي. خلال السكتة الدماغية الأصغرية، قد يعاني المريض من بعض أعراض السكتة الدماغية أو كلها. ومع ذلك، عادة ما تستمر الأعراض أقل من 24 ساعة.
قد تتضمن أعراض السكتة الدماغية والنشبة الدماغية العابرة ما يلي:
- دوار أو فقدان التوازن.
- عدم القدرة على تحريك واحد أو أكثر من الأطراف.
- اضطراب مفاجئ في الرؤية سواء في عين واحدة أو كلتا العينين.
- ضعف مفاجئ أو خدر في الوجه أو الأطراف، غالبًا على جانب واحد فقط من الجسم.
- صعوبة في التحدث أو فهم الكلام.
- تعتبر السكتة الدماغية الأصغرية بمثابة علامة تحذيرية بأن المريض عرضة لخطر الإصابة بسكتة دماغية وينبغي عدم تجاهل هذه الأعراض.
الحصول على الرعاية الطبية يساعد في البحث عن الأسباب المحتملة لسكتة دماغية أصغرية وإيجادها وبالتالي التعامل مع عوامل الخطورة. قد تسهم هذه الإجراءات في منع حدوث سكتة دماغية مستقبلاً. على الرغم من أن السكتة الدماغية الأصغرية قد تكون تحذيرًا من حدوث سكتة دماغية وشيكة، إلا أنه لا يمكن التنبؤ بذلك فقد تحدث بعد أيام أو أسابيع أو حتى أشهر من الإصابة بسكتة دماغية أصغرية.
السكتة الدماغية
أعراض السكتة الدماغية هي ذاتها أعراض السكتة الدماغية الأصغرية، لكن النتائج ليست كذلك. يمكن أن تسبب السكتة الدماغية تلف دائم في الدماغ، إعاقة طويلة الأجل، مثل مشاكل الرؤية أو الكلام أو الشلل (عدم القدرة على تحريك الأطراف)، أو الموت. معظم الأشخاص الذين يعانون من السكتات الدماغية لم يكن لديهم سابقًا سكتات دماغية أصغرية تحذيرية. من المهم جدًا الحصول على معالجة فورية للسكتة الدماغية. وسيكون لدى المريض فرصة أفضل للشفاء التام إذا تم إعطاءه العلاج لفتح الشريان المسدود خلال 4 ساعات من ظهور الأعراض. كلما كان العلاج أسرع، كلما كانت فرص الشفاء أفضل.
الاختبارات التشخيصية
الاختبارات التالية شائعة لتشخيص داء الشريان السباتي. إذا كان لدى المريض أعراض لسكتة دماغية أصغرية أو سكتة دماغية، فقد يستخدم الطبيب اختبارات أخرى أيضًا.
تصوير الشريان السباتي بالموجات فوق الصوتية:
يعد تصوير الشريان السباتي بالموجات فوق الصوتية الاختبار الأكثر شيوعًا لتشخيص داء الشريان السباتي. إنه اختبار غير مؤلم وغير مؤذِ بحيث يتم استخدام موجات صوتية لإنشاء صور لداخل الشرايين السباتية. يمكن لهذا الاختبار توضيح ما إذا كانت الصفيحة الترسبية قد أدت الى تضيق الشرايين السباتية ومدى ذلك.
يبيّن تصوير السباتي المعياري بالموجات فوق الصوتية بنية الشرايين السباتية. ويظهر دوبلر السباتي بالموجات فوق الصوتية كيف يتحرك الدم داخل الشرايين السباتية.
التصوير الوعائي للشريان السباتي
هو نوع خاص من الأشعة السينية يمكن استخدامه في حال كانت نتائج التصوير بالموجات فوق الصوتية غير واضحة أو لم تعطي الطبيب معلومات كافية. خلال هذا الاختبار، يقوم الطبيب بحقن مادة (تسمى الصبغة الظليلة) في الوريد، غالباً في الساق. تنتقل الصبغة إلى الشرايين السباتية وتظللهم على صور الأشعة السينية.
تصوير الأوعية بالرنين المغناطيسي
يستخدم تصوير الأوعية بالرنين المغناطيسي موجات مغناطيسية كبيرة وموجات راديوية لالتقاط صور للشرايين السباتية. يمكن للطبيب رؤية هذه الصور على شاشة الكمبيوتر.
في هذا الاختبار، قد يعطي الطبيب صبغة ظليلة لتظليل الشرايين السباتية على الصور.
تصوير الأوعية الدموية المقطعي
يأخذ تصوير الأوعية الدموية المقطعي صور شعاعية للجسم من العديد من الزوايا. ويقوم كمبيوتر بتجميع الصور ودمجها في صور ثنائية وثلاثية الأبعاد. في هذا الاختبار، قد يعطيك الطبيب صبغة ظليلة لتظليل الشرايين السباتية على الصور.
العلاج
قد تشمل علاجات داء الشريان السباتي تغييرات في نمط الحياة ليصبح نمطا صحيا مناسبا للقلب، بالإضافة الى الأدوية والإجراءات الطبية. أهداف العلاج هي منع تدهور المرض او حدوث السكتة الدماغية. يعتمد العلاج على الأعراض ومدى شدة المرض، وكذلك العمر والصحة العامة.
تغيير نمط الحياة
نوصي دائماً بتغييرات صحية لنمط الحياة بما في ذلك:
- تناول الغذاء الصحي.
- الحفاظ على وزن صحي.
- التعامل مع الإجهاد والشدة.
- النشاط البدني.
- الاقلاع عن التدخين.
الأدوية
إذا كان لدى المريض سكتة دماغية سببتها جلطة دموية، يتم إعطاءه دواء لحل الجلطة على أن يتم ذلك خلال 4 ساعات من بداية الأعراض. كلما كانت المعالجة أسرع، كلما كانت فرصة الشفاء أفضل.
تعتبر الأدوية التي تمنع جلطات الدم هي العلاج الأساسي للأشخاص الذين لديهم داء الشريان السباتي. فهي تمنع الصفيحات الدموية من التكتل وتشكيل جلطات في الشرايين السباتية، والتي يمكن أن تؤدي إلى سكتة دماغية. يوجد اثنين من الأدوية الشائعة هي:
- الاسبيرين.
- كلوبيدوغريل.
بالنسبة لبعض الحالات، فإن التغيير في نمط الحياة ليس كافياً للسيطرة على مستويات الكوليسترول. على سبيل المثال، قد يحتاج بعض المرضى أيضًا إلى أدوية ستاتين للتحكم في الكوليسترول أو خفضه. بتخفيض مستوى الكوليسترول في الدم، تقل فرص الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية. عادةً ما نقوم بوصف الستاتينات للأشخاص المصابين بمرض شرياني أو لمن يعاني من:
- داء السكري.
- مرض القلب أو إصابة سابقة بسكتة دماغية.
- ارتفاع مستويات الكوليسترول.
قد يحتاج بعض المرضى الى أدوية أخرى لعلاج حالات مرضية تؤذي الشرايين السباتية. قد يصف لك طبيبك أيضًا الأدوية من أجل:
- خفض ضغط الدم.
- خفض مستوى السكر في الدم.
- منع تكوّن جلطات الدم والتي يمكن أن تؤدي إلى السكتة الدماغية.
الجراحة والاجراءات الطبية
قد يحتاج البعض إلى إجراء طبي في حال وجود أعراض ناجمة عن تضيق الشريان السباتي. يستخدم الأطباء إحدى طريقتين لفتح الشرايين السباتية المتضيقة أو المسدودة: استئصال بطانة الشريان السباتي أو رأب الشريان السباتي وتركيب الدعامات.
استئصال باطنة الشريان السباتي
يستخدم استئصال باطنة الشريان السباتي بشكل أساسي للأشخاص الذين لديهم انسداد بنسبة 70 في المئة أو أكثر من الشرايين السباتية.
للقيام بهذا الإجراء، يقوم الجراح بعمل شق جراحي في العنق للوصول إلى الشريان السباتي المتضيق. بعد ذلك سيقوم بعمل قطع في الجزء الضيق من الشريان وإزالة البطانة الداخلية للشريان والتي تمنع تدفق الدم.
في النهاية سيقوم الجراح بإغلاق الشريان باستخدام غرز وفي بعض الأحيان باستخدام رقعة ويقوم بإيقاف أي نزيف. ومن ثم يغلق الشق الجراحي في العنق.
رأب الشريان السباتي وتركيب الدعامات
نقوم باستخدام إجراء يسمى رأب الأوعية الدموية لتوسيع الشرايين السباتية واستعادة تدفق الدم إلى الدماغ.
يتم تمرير أنبوب رفيع مع بالون مفرغ في نهايته من خلال وعاء دموي في العنق إلى الشريان السباتي المتضيق. وعندما يصل الى المكان المطلوب، يتم نفخ البالون لدفع الصفيحة الترسبية إلى الخارج من خلال جدار الشريان. ثم يتم وضع دعامة (أنبوب شبكي صغير) في الشريان لدعم جدار الشريان الداخلي. وتساعد الدعامة أيضًا على منع تضيق الشريان أو انسداده مرة أخرى.