العافية المفقودة والتحديات الصحية (2)
العافية المفقودة والتحديات الصحية (2)
الأمراض غير المعدية
هي الأمراض الشائعة والتي تسبب ما يقرب من 75% من الوفيات في العالم، ومنها أمراض القلب والأوعية الدموية ، والسكتات الدماغية ، والسكري ، وأمراض الجهاز التنفسي المزمنة، والسرطان والأمراض العقلية.
تمثل هذه الأمراض أعباء على الصحة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية ، ما يجعل تلازم وثيق بين المرض والفقر وخصوصا في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل ، أو التي لديها أنظمة صحية هشة وتعاني من تدهور بيئي ، وسلوكيات حياتية غير صحية ، ويتم الإنفاق على العلاج في معظمه من الجيب .
وفقا للتقارير السنوية، فإن أكثر من 44% من إجمالي الإنفاق على الصحة يصرف مباشرة من الجيوب ، حيث يبلغ الإنفاق السنوي على الصحة 8.5 تريليون دولار اميركي على مستوى العالم ، وتنتشر الأمراض على نطاق واسع وتستمر لسنوات طويلة وتشير الادلة إلى أن الأمراض غير المعدية وعوامل الخطر بها تزيد من إحتمال دخول المستشفيات أو الوفاة بسبب كوفيد -19 في جميع الفئات العمرية ، والأمراض غير المعدية تؤثر على التعرض للأمراض واداء مسببات الأمراض ، وقدرة النظم الصحية على التعامل مع التهديدات الصحية ، وبذلك تؤدي المعدلات المرتفعة للأمراض غير المعدية الى ادامة الفقر ، وإجهاد التنمية الاقتصادية ، واثقال كاهل الأنظمة الصحية الهشة . ناهيك عن التكاليف الاقتصادية الغير مباشرة للأمراض المزمنة ( غير المعدية ) أكبر بكثير جدا جدا مما يجعل البلدان أقل مرونة وقدرة على الاستجابة عند حدوث حالات الطوارئ والازمات الصحية ، مثل تفشي الأوبئة أو عند الكوارث الطبيعية وغيرها من الازمات. ولذلك إن عدم إتخاذ أي إجراء بشأن الأمراض الغير معدية ليس خياراً لأي جهة مسؤولة تهتم بشعبها واقتصادها ..
اذ تعزز معالجة الأمراض غير المعدية الأمن الصحي، والاقتصادي وتدعم تحقيق أهداف التنمية المستدامة . حيث وافقت جميع البلدان على اعتماد أهداف عالمية طوعية للحد من الامراض غير المعدية ، وتقليل الوفيات المبكرة من الأمراض الغير معدية بمعدل 30% بحلول 2030 ، وهذا قد يكون بالإمكان لعدد قليل جدا من الدول على مستوى العالم ، وللعلم أن 85% من الوفيات المبكرة تحدث في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل ، والتي تعاني من ضعف وهشاشة نظمها الصحية، مما يتطلب ضرورة دعم الأنظمة الصحية لتعزيز برامج تعزيز الصحة والوقاية من الأمراض وعلاجها المبكر ، وتنفيذ حقيقي للتغطية الصحية الشاملة، والحد من الفقر وتحسين النظم الغذائية الصحية ، ومكافحة التلوث ، وتنفيذ برامج الإصحاح البيئي ، والرفع من مستويات جودة الحياة .
ومن الضروري إيجاد سياسات فعالة لأنه لم يعد من الممكن تقبل عدم إتخاذ اجراءات صارمة للوقاية من اعتلال الصحة .
*حيث لم يعد من المقبول السماح بمرض الكثير من الناس بأمراض يمكن تجنبها*
وإن توسيع نطاق فوائد المعرفة الطبية والنفسية ، والمعارف الحياتية العامة ذات الصلة لكل فئات المجتمع أمر حتمي وضروري لتحقيق الصحة على أكمل وجه ، وهناك علاقة بين صحة الناس والظروف التي يولدون فيها وينمون ويعيشون ويعملون ويشيخون فيها ، وتتأثر بالدخل والعمل والتعليم والإسكان والبيئة والظروف والسلوكيات الاجتماعية ..
واذا تبنت كل دولة توفير التدابير الصحية والاجتماعية الكافية ، واتخذت السياسات والتدخلات والإستراتيجيات الصحيحة والعلمية المشفوعة بالامكانيات اللازمة ، والكوادر والقوى العاملة المؤهلة بالطرق والاساليب والمناهج العلمية المعتمدة دوليا ستكون حياة الناس أكثر صحة واسعد.
الأمراض المعدية
هي اضطرابات تحدث بسبب كائنات صغيرة مثل البكتيريا والفيروسات والفطريات والطفيليات، ويمكن أن تنتقل بعض الأمراض المعدية من شخص لآخر ، بعضها ينتقل بسبب الحشرات أو حيوانات ، أو بسبب طعام أو شراب ملوث ، أو التعرض لكائنات صغيرة في البيئة . وللاسف الأمراض المعدية قضت على ملايين من البشر ، وآخرها جائحة كورونا وتحوراتها التي لازالت مستمرة للعام الثالث على التوالي .
من هذه الأمراض المعدية المعروفة الحمى الشوكية (التهاب السحايا ) الحصبة – السل – الايدز – الانفلونزا الموسمية – انفلونزا الطيور – السارس- الحمى المالطية – حمى الضنك – الحمى الصفراء – حمى القرم ( حمى الكونغو النزيفية) – داء الكلب – الطاعون – النكاف – مارسا – داء الفيل – زيكا – الكوفيد 19 – الايبولا – شلل الاطفال – الكوليرا – ماربورخ – الجدري – الملاريا- الليشمانيا – العمى النهري – مرض النوم – مرض لايم – شاغاس- البلهارسيا .
وغيرها كثير من الأمراض المعدية منها معلوم ومنها غير معلوم.
والأوبئة والجوائح دوما تضع كل الأنظمة الصحية تحت ضغوط قوية ، وتحديات كبيرة ، فما بالك بالأنظمة الصحية الهشة والضعيفة ، أو في الدول الفقيرة ، أو التي تعيش في أضطرابات وظروف محفوفة بالمخاطر وتتعطل بها برامج الرعاية الصحية والوقاية من الأمراض ، وتنعدم لديها أنظمة الترصد والمراقبة ، وتعاني مجتمعاتها من الاكتظاظ ، وضعف خدمات المياه النقية الصالحة ، والصرف الصحي الجيد ، والتلوث البيئي ، وحتى في الدول الغنية تعاني الكثير من الفئات والمجتمعات لديها وخصوصا المشردين واللاجئين وكبار السن ، وتزايد الاتصال بين البشر والحيوانات ، وتنامي وثيرة السفر والهجرة مع التغيرات المناخية ، ونقص اللقاح .
كل هذا يزيد من إمكانية تفشي الأمراض المعدية في كثير من البلدان، وتهدد بمخاطر صحية واجتماعية واقتصادية على نطاق واسع ، وتعطيل الحياة الاقتصادية ، وتهدد بخطر تعرض الملايين من الناس للموت من هذه الأمراض والتي يمكن الوقاية منها .
بتدعيم النظم الصحية وبرامج الرعاية الصحية الأولية ، ومكافحة الأمراض المعدية ببرامج الإنذار المبكر ، والمراقبة ، والترصد ، والتحصين والتمنيع باللقاحات الروتينية والمتجددة ، وحماية المنافذ والحدود والمناطق النائية ، وتقوية نظام التأهب والاستجابة والمرونة بكوادر طبية وطبية مساعدة مؤهلة ومدربة ، مع الامكانات اللوجيستية المتكاملة التي تضمن إنشاء مستشفيات ميدانية ومراكز للعزل وسلاسل إمداد منتظمة. والتزام جميع القطاعات بسياسات مجابهة الجوائح والفاشيات ، والعمل الجاد بكل قطاعات المجتمعات بنشر الوعي الصحي ، والمعلومات الصحيحة .
والالتزام بالإجراءات الاحترازية اللازمة في حينها ، ومن خلال التجارب وآخرها جائحة كورونا أصبح من الضرورة الاستثمار في العنصر البشري بالتعليم والتدريب الطبي والصحي ، وزيادة الوعي المجتمعي ، والإصحاح البيئي ، والتغطية الصحية الشاملة ، ودعم الأنظمة الصحية للحد من كل المخاطر الصحية والاجتماعية والاقتصادية .
*الحوادث والإسعاف والطوارئ*