الضهي… سن الأمل والعطاء
الضهي… سن الأمل والعطاء
الدكتورة أسماء عبد السلام، استشارية أمراض النساء والتوليد – المستشفى الأهلي / قطر
يُعرف الضهي بأنه مرحلة عمرية في حياة المرأة تبدأ من منتصف الأربعينات وتستمر حتى سن الخامسة والخمسين، يحدث خلالها تراجع في وظائف المبيضين إلى أن تتوقف بشكل كامل وتكون مصحوبة بتوقف الإباضة والدورة الشهرية ما يترتب عليه انخفاض مستوى هرمون الإستروجين في الدم وارتفاع قيم الهرمون المنشط للحوصلة FSH.
مراحل الضهي
ما قبل الضهي: الفترة الزمنية التي تبدأ مع منتصف الأربعينات من العمر وتستمر حتى قبل انقطاع الطمث.
الضهي: فترة زمنية تشمل انقطاع الطمث لمدة 12 شهراً متتالية.
ما بعد الضهي: الفترة الزمنية التي تبدأ ما بعد انقطاع الطمث لمدة 12 شهراً متتالية.
الأعراض
خلال هذه الفترة، تعاني بعض السيدات وبدرجات متفاوتة من عرض أو أكثر من الأعراض التالية:
- نفسية وعاطفية على شكل توتر أو اكتئاب خفيف أو تبدلات في المزاج.
- جسدية على شكل آلام العضلات والمفاصل وصداع.
- بولية على شكل تعدد بيلات وانتانات بولية متكررة.
- تناسلية على شكل انخفاض الخصوبة وانخفاض في الرغبة الجنسية.
- مشاكل في الطمث وتكون إما غزارة أو قلة دم الطمث.
- هشاشة العظام والكسور.
- وعائية– قلبية.
- الهبات الساخنة والتعرق الليلي والارق.
- جفاف المهبل والجلد وتساقط الشعر.
- زيادة الوزن.
- صعوبات في التركيز الذهني.
تتميز فترة الضهي وما بعدها بازدياد معدل حدوث بعض الأمراض مثل:
- ارتفاع التوتر الشرياني.
- الحوادث الوعائية الدماغية.
- الأمراض القلبية.
- السكري.
- هشاشة العظام.
- الأورام الخبيثة.
ولهذا، تُعطى هذه الفئة العمرية من النساء رعاية صحية مجتمعية نفسية خاصة تهدف الى الحماية والوقاية بالإضافة للمعالجة. وتتلخص في ما يلي:
- الدعم الأسري والاجتماعي والنفسي.
- المسح الدوري للكشف المبكر عن الأورام النسائية الخبيثة.
- الفحص السريري والفحوصات المخبرية الدورية العامة.
- التقصي والوقاية والعلاج من هشاشة العظام.
- المعالجة الهرمونية التعويضية تحت إشراف طبي.
- التشجيع على ممارسة الرياضة والأكل الصحي وتغيير نمط الحياة بشكل صحيح.
الهبات الساخنة
يمكن إعطاء السيدات المعالجة الهرمونية التعويضية لعلاج نوبات الهبات الساخنة والتعرق الشديد لمدة خمس سنوات قابلة للتمديد حتى عشر سنوات بعد مناقشة الفوائد والمخاطر المترتبة على ذلك مع السيدة بالأنواع الآتية:
- المعالجة المشتركة بالإستروجين والبروجستيرون على شكل حبوب فموية او لصاقات جلدية؛ هذا النوع لا يؤثر على معدل حدوث سرطان بطانة الرحم او المبيضين ولكنه يزيد من احتمالية حدوث سرطان الثدي والجلطات بشكل تراكمي بازدياد عدد سنوات الاستخدام 5/ 10 سنوات.
- المعالجة المشتركة بالإستروجين والبروجستيرون بالتتابع وهي أقل ضرراً من سابقتها ولكن مازال هناك زيادة في معدل حدوث سرطان الثدي.
- يزداد احتمال الخطر التراكمي للمعالجة الهرمونية التعويضية بعمر 69 سنة.
- يمكن استخدام الإستروجين بمفرده ولكن له تأثير في زيادة معدل حدوث سرطان بطانة الرحم؛ ولهذا لا يُعطى بمفرده الا اذا كان قد تم استئصال الرحم في السابق.
وعليه، الخيارات المتاحة لعلاج الهبات الساخنة تكون:
- المعالجة المشتركة بالإستروجين والبروجستيرون لمن مازال لديهن رحم أو الإستروجين بمفرده لمن خضعت لاستئصال رحم في السابق.
- لا تستخدم مثبطات استرداد السيروتينين الانتقائية والكلونديد بشكل روتيني.
- يوجد دلائل وبراهين على أن البدائل النباتية المستخلصة من نبات الكوهوش الأسود الموجودة في الصيدليات قد تكون ذات نفع ولكن لا يُعرف على وجه الدقة فعالية كل نوع والتداخلات الدوائية مع الأدوية الأخرى.
- العلاجات غير الدوائية مثل الارشاد النفسي الذهني والسلوكي قد تكون ذات نفع كبير ومساعِد.
الالتهابات المهبلية والبولية
لمعالجة حالات الالتهابات المهبلية المتكررة الناتجة عن التغيرات الضمورية في مخاطية المهبل في سن الضهي، يُعطى الإستروجين الموضعي على شكل مراهم أو جل أو تحاميل لحين تحسّن الأعراض وخاصة عند وجود موانع استخدام للهرمونات التعويضية عن طريق الفم ويمكن زيادة الجرعات لحين حدوث تحسن في الأعراض. يجب إعلام السيدة قبل معالجة التغيرات المهبلية البولية بالتالي:
- عند التوقف عن أخذ المعالجة قد تعود الأعراض مرة ثانية.
- الأعراض الجانبية الناتجة عن الإستروجين الموضعي قليلة ونادرة الحدوث.
- عند وجود جفاف شديد في المهبل يمكن استخدام المزلقات بجانب المعالجة الموضعية بالإستروجين.
- ليس من الضروري متابعة سماكة بطانة الرحم أثناء المعالجة الهرمونية الموضعية.
هشاشة العظام والكسور
تبدأ الوقاية من هشاشة العظام منذ الطفولة بالتغذية السليمة وبناء كتلة عظمية جيدة ومناسبة.
قياس الكثافة العظمية هو أحد الاختبارات لتشخيص هشاشة العظام وعلاجها، وفي حال تشخيص الهشاشة العظمية يتم إعطاء الأدوية المثبتة للكالسيوم في العظام بالإضافة الى اتباع العادات الجيدة مثل التعرض للشمس وممارسة الرياضة وتناول الأغذية الصحية الغنية بالكالسيوم وفيتامين “د”؛ كما ينبغي تأمين البيئة المحيطة بالسيدات المسنّات ضد حوادث الوقوع والانزلاق وما يترتب عليها من كسور مميتة.
السرطانات النسائية
يجب أن تخضع أي نزوف رحمية مهبلية حول أو بعد سن الضهي للاستقصاءات المناسبة من تصوير بالسونار او الرنين المغناطيسي مع اجراء تنظير لبطانة الرحم وصولاً للخزعات التشخيصية وذلك لنفي وجود آفات سرطانية أو ما قبل سرطانية.
يلعب التصوير بأمواج الصوت دوراً هاماً جداً في تشخيص الأورام النسائية والتنبؤ بماهية وطبيعة كيّسات المبيض باستخدام تصنيف ORADS وكذلك بطانة الرحم. كما أن أي آفات مشتبهة في الجهاز التناسلي يجب أن تخضع للاستئصال لدراستها نسيجياً في التشريح المرضي.
تولي دول العالم والبرامج الصحية اهتماماً كبيراً للكشف المبكر لسرطان عنق الرحم عن طريق إجراء فحص اللطاخة الدوري وفحص الهرمون الحليمي البشري، بالإضافة للكشف المبكر لسرطان الثدي عن طريق إجراء التصوير الشعاعي الماموجرام والتصوير الدوري بالأمواج فوق الصوتية.
وأخيرا نظراً لزيادة معدل الأعمار فإن هناك زيادة مطّردة في أعداد السيدات في سن الضهي لذا فإن هناك حاجة ملحة لوضع البرامج التثقيفية الصحية والبرامج الطبية المتعددة التخصّصات للعناية بهن بغية تحسين نوعية الحياة والإقلال من المراضة وتخفيف العبء على الاقتصاد الصحي بمنع الكسور والآفات الورمية المتقدمة.