الإدارة الحكيمة للمستشفى الناجح… هذا ما يوصي به العلم الحديث!
الإدارة الحكيمة للمستشفى الناجح… هذا ما يوصي به العلم الحديث!
الإدارة الفعالة هي مفتاح النجاح لأي نوع من المنظمات أو المؤسسات أو الشركات، وهذا يشمل المستشفيات حكمًا، خصوصًا أنها إدارات تتصل بصحة الفرد والمجتمع، كما بنجاح القطاع وتميّز الدول. فقيادة المستشفى ما عادت كأي إدارة تقليدية بسيطة كما كانت في السابق، إنما بات الأمر أكثر تعقيدًا وأبعد عمقًا في مهارات الإدارة وكفاءة الأداء وحسن التواصل، وكذلك الإلمام بكل جوانب الأمر لتحقيق ما لا يقل عن الريادة، لأن الهدف هو الصحّة وهي لا تُقدَّر بثمن ولا تقبل بأنصاف النجاحات.
نظرًا إلى ذلك تحتل مسألة الإدارة الناجحة للمستشفى العصري مرتبة متقدِّمة في اهتمامات قادة المستشفيات والباحثين في علوم إدارة الإستشفاء وبرامج الحكومات، سعيًا لتحقيق أفضل النتائج وأحدث السبُل لرضى المرضى وكسب المستقبل.
يشدد جميع خبراء الإدارة لا سيما في المجال الطبي على أهمية الإدارة الناجحة في تحقيق النتائج الفضلى سواء على صعيد خدمة المرضى أو على صعيد نجاح المستشفى عمليًّا وماليًّا. على أهمية الجانب الصحى ورضى المرضى، يجب ألا يُستَهان بالجانب المالي لعمل المستشفيات، إذ إن هذا القطاع يتطلب أداؤه لمهمّته الكثير من الإنفاق لتوفير أكفأ الطواقم الطبية والتمريضية وأحدث المعدات وأفضل المباني هندسةً وملاءَمة لراحة المريض ومرافقيه.
يمكن أن تساعد استراتيجية الإدارة الناجحة للمستشفى العصري في توفير رعاية أفضل للمرضى. وتحسين مستوى العمل بين المتخصِّصين في الرعاية الصحية. كذلك تحسين نتائج المرضى على صعيد المستشفى. ومِن هنا ينشأ السؤال عن كيفية تحقيق إدارة متطورة ومميّزة لمستشفى عصري؟
نصائح أساسية لإدارة المستشفيات
تشكّل مسألة تبسيط سير العمل في ممارسة إدارة المستشفى وتوفير المزيد من الوقت للمرضى باستخدام منصة آمنة مثل Medesk أو ما يشابهها، أمراً مهمّا لإدارة الممارسات الخاصة البسيطة والفعّالة. وهذا يساعد في أتمتة الجدولة وحفظ السجلات، بما يسمح للمستشفى بإعادة إنشاء نهج فردي لكل مريض، ويوفر لهم أقصى قدر من الاهتمام. كما يساعد على تحليل سير العمل وتحسينه. طبعًا كل ما كان التوجّه الرقمي أكبر كل ما كانت النتائج أفضل، خصوصًا أننا في العام 2025 دخلنا آفاقًا أكثر اتساعًا في مجال التطوير والتقدّم الإداري والتقني. يورد المتخصصون نصائح أساسية لإدارة المستشفيات تقوم على التجارب والدراسات والممارسات السابقة ما يسدد الخطوات على هذا الصعيد. وتشدد هذه النتائج على أنه لا بد من تدريب الموظفين على العصر الرقمي. ففي الوقت الحاضر، يجب أن يكون لدى معظم المتخصّصين في الرعاية الصحية فهم عالٍ بما فيه الكفاية للتكنولوجيا. على الأقل، يجب أن يكونوا قادرين على استخدام الأجهزة الرقمية للوصول إلى سجلات المرضى عبر الإنترنت وإدخال بيانات جديدة.
يشير الأخصائيون إلى أنّ هناك عدة طرق عملية لتدريب المتخصصين في الرعاية الصحية ليصبحوا أفضل مع التكنولوجيا. من هذه الطرق، إعداد عمليات دمج تكنولوجيا المعلومات، وتدريب الموظفين خصوصًا الجدد من بينهم على كيفية إستخدام الأنظمة والأدوات الصحيحة. وبما أن هذا يتطلب مع غيره أستثمارات معيّنة، على إدارة المستشفى أن تقدم ميزانية سنوية لموظفي الرعاية الصحية لديها، لمتابعة تعليم تكنولوجيا المعلومات عبر الإنترنت. على سبيل المثال، إذا أرادوا متابعة دورة في وقت فراغهم، فإن المستشفى يغطي التكاليف. أما استخدم السجلات الصحية الإلكترونية فيساعد المستشفى على تقديم أفضل رعاية ممكنة للمرضى وتنسيق أفضل للرعاية. فإمكانية الوصول المبسطة إلى البيانات تتيح الوصول إلى السجلات الصحية الإلكترونية في أي مكان في العالم من قبل كل من الطاقم الطبي والمرضى. ومن خلال حفظ سجلاتك الصحية على الإنترنت، لن يضطر طاقم الرعاية الصحية لديك إلى إضاعة الوقت في إدارة مئات النماذج الورقية والمستندات المادية. عدا عن أن السجلات عبر الإنترنت تُعَد آمنة قدر الإمكان.
هذا بالإضافة إلى العمل على استراتيجية الاتصال الخاصة بالمستشفى المعني. إذ يمكن أن تشكل مشاكل الاتصال تحديًا كبيرًا للمستشفيات، وكذلك لأي نوع آخر من المنظمات. ولا يقتصر الأمر على التواصل بين الأطباء والمرضى، بل قد تنشأ مشاكل بين مختلف المتخصصين في الرعاية الصحية أيضًا. وتعتبر استراتيجية الاتصالات المنظمة SBAR (الموقف والخلفية والتقييم والتوصية)، واحدة من أكثر استراتيجيات الاتصال فعالية في مجال الرعاية الصحية. وكذلك الاستفادة من حل إدارة الممارسة بحيث يُتيح المستشفى لمرضاه إدارة مواعيدهم عبر الإنترنت من دون الحاجة إلى الاتصال بالمستشفى فعليًا. وتُقدِّم مثل هذه الدورات على الإنترنت إلى العاملين في المنظمات غير الحكومية، النظريات والممارسات والمسارات الرئيسية المرتبطة بالتواصل.
زيادة التركيز على المريض
بما أن كل عمل المستشفى يدور حول المريض وسلامته، فعلى الإدارة أن تولي هذا الأمر وكل ما يتصل به من قريب أو بعيد كل اهتمام وعناية. صحيح أن المستشفيات تقوم بما يلزم في مجال خدمة المرضى واعتماد أفضل الأساليب الطبية وأكثرها تطوّرًا، لكن لناحية الإدارة يبقى هناك ما يتوجّب فعله لاستثمار الكفاءات والتقنيات بالشكل الأمثل لتحقيق النتائج المثلى المرجوة من المستشفى.
فمثلاً بما أن نظام إدارة الممتلكات يسمح لمهنيي الرعاية الصحية بإجراء استشارات عبر الإنترنت من أي مكان في العالم، على المستشفى اعتماد ذلك وتفعيله وتطويره باستمرار. ولناحية إدارة علاقات العملاء الطبية، بات بالإمكان استخدام برنامج إدارة الممارسة لإرسال تذكيرات المواعيد تلقائيًا وتقليل معدلات عدم الحضور.
فالتمركز دائمًا حول المريض من أهم مميزات العمل الطبي الناجح. يقول خبراء إدارة المستشفيات: “من السهل أن تنشغل بكل الجوانب الإدارية لإدارة المستشفى، ولكن في نهاية المطاف، هناك شيء واحد فقط يهمك، هو توفير الصحة لمرضاك بأفضل السبُل. لذلك يجب توجيه كل ما يفعله مستشفاك نحو هذا الهدف، سواء أكنت تقوم بتعيين موظفين جددًا أو تبني برامج جديدة أو أي شيء آخر بينهما. ولتحقيق ذلك، يجب أن يكون لدى جميع المتخصّصين في الرعاية الصحية لديك فكرة واضحة عن مهامهم ومسؤولياتهم. على هذا النحو، إذا حدث خطأ ما، فمن السهل تحديد من ارتكب الخطأ من دون أن يوجه أعضاء الفريق أصابع الاتهام إلى بعضهم البعض، لأنه لم يكن هناك مكلّف محدّد للمَهمّة”.
ثمة أمور أخرى مُهمّة منها تتبُّع وقياس مؤشرات الأداء الرئيسية للرعاية الصحية الصحيحة. وهذه أفضل طريقة لفهم أداء مستشفاك من وجهة نظر تنظيمية. وإن بعض أهم مؤشرات الأداء الرئيسية التشغيلية التي يمكنك تتبعها هي: متوسط وقت الإقامة في المستشفى لكل نوع من أنواع العلاج. وهذا يساعد في فهم المدة التي يستغرقها كل نوع من أنواع العلاج في المتوسط، وما إذا كان يتوافق مع معايير الصناعة.
كما لا بد من السؤال عمّا إذا كان يتم استخدام الآلات التي يمتلكها مستشفاك بقدر ما يمكن؟ وكم من الوقت يستغرق المريض لرؤية أخصائي رعاية صحية معين؟ وما معدل دوران الأسرّة أو الغرف؟ وما مدى سرعة دخول المرضى وخروجهم من المستشفى؟
الاستثمار في تسويق الرعاية الصحية
لا يقوم عمل وينجح من دون رضى المتلقي أو العميل الذي يستند إليه أي عمل أو برنامج أو مشروع. هذا الوصول الناجح إلى المتلقي يتطلب تسويقًا ناجحًا للعمل. بما يخص المستشفى فإن نجاحه يقوم على رضى المرضى ما يتيح له استقطاب المزيد منهم، وهم المورد الرئيسي وربما الوحيد لدعم تطويره.
لذلك فإن استقطاب المرضى لمستشفاك يرتكز على الاستثمار في النوع الصحيح من إستراتيجية التسويق. تتضمن هذه الاستراتيجية بعض تكتيكات تسويق الرعاية الصحية المجرّبة والمختبرة.
من هذه التكتيكات إنشاء موقع ويب حديث. ففي العام 2025، تلعب جودة موقع الويب الخاص بالمستشفى دورًا حقيقيًا في ما إذا كان المرضى سيختارونك بدلاً من مستشفى آخر. إذا كان موقع الويب مصمّمًا جيدًا وسهل التنقل، فستكون متقدمًا بأميال على منافسيك. كذلك فإن تنفيذ أفضل ممارسات تحسين محرك البحث. في أغلب الأحيان، عند البحث عن مساعدة طبية، يستخدم المرضى Google. وبالتالي، فإن التأكد من تحسين موقع الويب الخاص بك بشكل جيد أمر ضروري.
يمكنك تشغيل إعلانات على Google للكلمات الرئيسية التي يستخدمها الأشخاص للبحث عن مشاكل صحية معينة. على سبيل المثال، يمكنك الإعلان عن كلمة رئيسية “أعراض القلب” أو “العلاجات الحديثة”. وما إلى ذلك.
حقائق في مرمى العمل الإستشفائي
لا شك أبدًا في أن القطاع الإستشفائي يُركِّز على كل التفاصيل، توسلاً لبلوغ الخدمة الأمثل للمرضى والصحة الأفضل للمجتمع. من أجل ذلك تُنفَق الإستثمارات وتُجرى الأبحاث وتقام ورش تدريب الموظفين، بالتوازي مع الإعتماد على أفضل الأطقم الطبية والتمريضية، وطبعاً أكفأ الإدارات.
فمستشفيات العالم المتقدِّم بما فيها مستشفياتنا العربية، تُحقق الكثير من الإنجازات على المستويين الطبي والإداري، وطبعًا على غيرهما من المستويات.
لكن من خلال الأبحاث، التي تُعدّها مجلة “المستشفى العربي”، تبيّن كم هو حجم الأهمية التي تقدّمها الإدارة الرشيدة للمستشفى الناجح. تبيّن كم من التفاصيل التي لو اتُخِذت بالاعتبار لغيّرت الكثير من الإتجاهات. وأيضًا كم هو مهم لدى الإدارة أن تكون مُلمَّة بكل نواحي العمل الإستشفائي مهنيًا وطبيًا ولوجستيًا، وليس فقط إداريًا.
ثمّة الكثير من المدراء الناجحين ما تحققت على يدهم المنجزات المرجوّة. وثمّة الكثير من الإستثمارات الضخمة ما توصلت إلى بناء عمل ناجح. السبب في ذلك عدم توافر كل عناصر النجاح في المشروع المستهدف.
وإذا كان معظم مستشفياتنا جديرًا بالتقدير على أداء إداراته ومستحقًا للثناء على نتائج جهوده، إلا أنه لا مانع من أن توضع الإستنتاجات والحقائق والمعلومات الحديثة في مرمى العمل الإستشفائي، لما فيه خير القطاع والمؤسسات والمرضى على حد سواء!