مقالات طبية

إزالة المياه البيضاء لدى الأطفال: قصة حالة نادرة في المستشفى الأهلي

إزالة المياه البيضاء لدى الأطفال: قصة حالة نادرة في المستشفى الأهلي

د. غانغا براساد أميولا، استشاري طب وجراحة العيون، الكبار والأطفال، في المستشفى الأهلي / قطر

تُعد المياه البيضاء (الكتاراكت) من الأمراض المرتبطة في الأذهان عادةً بتقدم العمر، حيث تُصيب العدسة وتؤدي إلى تعتيم الرؤية بشكل تدريجي. إلا أن ظهور هذه الحالة لدى الأطفال يُعد من الحالات النادرة طبيًا، والتي تتطلب تدخلاً سريعًا وفريقًا طبيًا متخصصًا يمتلك الخبرة والتجهيزات المناسبة.

في هذا المقال، نستعرض تجربة علاجية متميزة في المستشفى الأهلي تمثلت في إجراء عملية إزالة المياه البيضاء لطفلة صغيرة تُدعى “ديفي”، في حالة نادرة تطلبت سرعة في التشخيص، دقة في التنفيذ، ورعاية تأهيلية متكاملة بعد الجراحة.

قصة “ديفي”: بداية القلق ومؤشرات الخطر

لاحظ والدا “ديفي” أن طفلتهما تُعاني من ضعف في التفاعل البصري، وتُحدق في الأشياء لفترات طويلة من دون استجابة واضحة. كما رصدا ظهور بقع بيضاء داخل العينين، ما دفعهم إلى طلب الاستشارة الطبية المتخصصة. وبعد التقييم الإكلينيكي والفحوصات الدقيقة، تبيّن أن الطفلة تُعاني من مياه بيضاء ثنائية الجانب، وهي حالة نادرة ولكنها قد تُسبب عواقب دائمة على تطور البصر إن لم تُعالج في الوقت المناسب.

المياه البيضاء لدى الأطفال: نظرة علمية

المياه البيضاء لدى الأطفال تُصنف إلى نوعين رئيسيين:

  • المياه البيضاء الخلقية التي تظهر منذ الولادة.
  • المياه البيضاء التطورية التي تتطور خلال الطفولة المبكرة.

غالبًا ما تكون الأسباب غير معروفة، حيث تُشير الإحصائيات إلى أن حوالى 80%  من الحالات لا يمكن تحديد سبب مباشر لها؛ وقد ترتبط أحيانًا بعوامل وراثية أو التهابات داخل الرحم أو متلازمات خلقية. تكمن الخطورة في أن المياه البيضاء قد تؤدي إلى حرمان العين من التحفيز البصري، ما يُعطّل تطور المسارات العصبية بين العين والدماغ ويؤدي إلى أمراض مثل:

  • كسل العين (الغمش).
  • الحول.
  • ضعف إدراك العمق.
  • تأخر النمو البصري والإدراكي.

أهمية الفحص المبكر والتشخيص الدقيق

تلعب الفحوصات الدورية دورًا محوريًا في اكتشاف حالات الكتاراكت لدى الأطفال، خاصةً في المراحل التي يكون فيها الطفل غير قادر على التعبير عن مشكلته البصرية. وفي المستشفى الأهلي، نُشجع على إجراء فحوصات عينية دورية للأطفال في أعمار مبكرة جدًا، خصوصًا عند ملاحظة:

  • تأخر في تتبع الأشياء أو الأشخاص.
  • تغيّرات في لون حدقة العين.
  • ضعف التنسيق الحركي البصري.
  • أعراض التشتت أو عدم التفاعل البصري.
  • الكشف المبكر يُعد حجر الزاوية في إنقاذ حاسة البصر ومنع المضاعفات المستقبلية.

الاستجابة الجراحية: دقة في التنفيذ ورؤية للمستقبل

بمجرد تأكيد التشخيص، تم تحضير الطفلة “ديفي” لإجراء عملية إزالة العدسة المتعتمة مع زراعة عدسة داخلية بديلة (IOL) في كلتا العينين. وتُعد هذه الجراحة في الأطفال من الإجراءات المتقدمة التي تتطلب:

  • مهارات جراحية دقيقة.
  • تجهيزات ميكروسكوبية متطورة.
  • تخدير عام آمن من قِبل فريق مختص في طب تخدير الأطفال.
  • تخطيط طويل الأمد لمتابعة نمو العين وتطورها البصري.

تجري جميع هذه العمليات في قسم العيون

في المستشفى الأهلي داخل غرف عمليات مجهزة وفقًا لأعلى معايير الأمان والجودة، وتحت إشراف طاقم طبي وتمريضي مؤهل لرعاية الأطفال. وبفضل هذه الإمكانيات، تمت العملية بنجاح، وبدأت الطفلة خلال ساعات قليلة في التفاعل البصري مع محيطها، مما شكّل مؤشرًا إيجابيًا على تعافيها التدريجي.

ما الذي يُميز المستشفى الأهلي في رعاية عيون الأطفال؟

يضم قسم طب وجراحة العيون في المستشفى الأهلي عددًا من المزايا التنافسية، أبرزها:

  • أجهزة تصوير وتشخيص متطورة مخصصة للأطفال مثل OCT وقياسات بيومترية دقيقة.
  • كوادر طبية متخصصة في عيون الأطفال والتخدير والرعاية ما بعد الجراحة.
  • برامج تأهيل بصري فردية لمرحلة ما بعد العملية.
  • بيئة علاجية داعمة توفر الراحة النفسية للطفل والأسرة.
  • ثقافة طبية تركز على الإنسان، وتدمج بين المهارة الطبية والتواصل الإنساني.

الرعاية بعد الجراحة: التكامل في التأهيل البصري

لا تنتهي رحلة العلاج بإزالة المياه البيضاء، بل تبدأ مرحلة جديدة من إعادة تأهيل الرؤية، وهي مرحلة حاسمة لضمان تعلّم الدماغ استقبال الصورة بشكل طبيعي. وقد شملت خطة “ديفي” بعد الجراحة:

  • وصف نظارات طبية لتحسين التركيز البصري.
  • تدريب بصري لتحفيز العين الضعيفة.
  • متابعة دورية لقياس تطور حدة البصر وضغط العين.
  • تعليم الأهل كيفية تعزيز التفاعل البصري في المنزل من خلال الأنشطة اليومية.

وقد أظهرت الطفلة تحسنًا ملحوظًا خلال أسابيع قليلة، حيث أصبحت أكثر وعيًا بالمكان، وتفاعلاً مع الألعاب والأشخاص من حولها.

رسالة توعوية: متى يجب زيارة طبيب العيون؟

ندعو أولياء الأمور إلى مراجعة طبيب العيون فور ملاحظة:

  • بياض أو تغيم في العين.
  • ضعف الاستجابة البصرية.
  • الحول أو اهتزاز العينين.
  • ميل الطفل لاستخدام عين واحدة.
  • وجود تاريخ عائلي لحالات مشابهة.

إضافةً إلى ذلك، نوصي بإجراء فحص روتيني للعين خلال السنة الأولى من عمر الطفل حتى في غياب الأعراض، لاكتشاف أي مشكلات في مراحلها المبكرة.

حماية البصر مسؤولية تبدأ من الرعاية المبكرة

تُجسد قصة “ديفي” مثالًا حيًا على أهمية التدخل المبكر والتكامل بين التشخيص الدقيق والجراحة الدقيقة والتأهيل البصري المنهجي. وقد ساهمت منظومة العمل المتكاملة في المستشفى الأهلي في منح هذه الطفلة فرصة جديدة للنظر إلى العالم بعيون مشرقة. نحن في المستشفى الأهلي نلتزم بتقديم رعاية طبية متخصصة، تواكب التطور العلمي وتضع المريض واحتياجاته في قلب كل قرار طبي. رؤيتنا واضحة وهي أن يتمتع كل طفل بفرصة كاملة لبصر سليم، وتطور بصري طبيعي، ومستقبل مشرق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى