مقابلات

د. زياد زكريا

جراحة الثدي: دقة متناهية بفضل الفريق المتعدد التخصصات

د. زياد زكريا، الأخصائي في جراحة الغدد وأورام الثدي في مركز كليمنصو الطبي في بيروت

الدكتور زياد زكريا، الأخصائي في جراحة الغدد وأورام الثدي في مركز كليمنصو الطبي في بيروت، يلقي الضوء على أحدث التقنيات والمستجدات في المجال الجراحي لسرطان الثدي، وهي رحلة علاج تتطلب دقة متناهية وتنسيقاً متعدد التخصصات لضمان أفضل النتائج للمريضات.

ما هو التطور الجراحي أو التقني الأكثر إثارة للاهتمام بالنسبة لك حالياً في مجال جراحة أورام الثدي؟ وما هي التغييرات التي تتوقعها في السنوات القادمة؟

شهدت الجراحة الحديثة لسرطان الثدي تطوراً هاماً تمثل في ازدياد عدد عمليات استئصال جزء من الثدي مع المحافظة على الجلد واستبقاء الحلمة والهالة، وهي عملية ممتازة تُقدم كخيار علاجي أو وقائي للمريضات المعرضات لخطر مرتفع للإصابة بالمرض، سواء كان ذلك بسبب تاريخ عائلي أو وجود خلل جيني معين. وتُعدّ هذه المقاربة الجراحية ذات أهمية كبرى؛ كونها تساهم بشكل فعال في تقليل اضطراب صورة الجسم وتحقيق نتائج تجميلية أفضل بكثير، مما يدعم التعافي النفسي والجسدي الشامل للمريضة.

ما هي المعايير الحديثة التي تعتمدونها لتحديد ضرورة تشريح العقد اللمفاوية الإبطية، وهل أصبحت خزعة العقدة الحارسة كافية في معظم الحالات؟

يُعدّ تقييم حالة العقد اللمفاوية الإبطية خطوة أساسية في تحديد مرحلة سرطان الثدي وتخطيط العلاج المساعد. ولهذا، تُعتبر خزعة العقدة اللمفاوية الحارسة (Sentinel Lymph Node Biopsy – SLNB)  إجراءً تشخيصياً لا غنى عنه، حيث تسمح لنا بتحديد ما إذا كانت الخلايا الخبيثة قد انفصلت عن الورم الأولي وبدأت بالإنتشار.

إن أهمية هذا الإجراء تكمن في كونه يوجّه القرار الجراحي التالي: فإذا أظهر فحص العقدة الحارسة، التي تُعد أول محطة لتصريف السائل اللمفاوي من الثدي، خلوّها التام من أي نقائل سرطانية، فهذا يمثل دليلاً قاطعاً على أن المرض لم ينتشر بعد خارج الثدي؛ وبالتالي يُستغنى تماماً عن إجراء التجريف اللمفاوي الإبطي الجذري.

هذا الاستغناء يقلّل بشكل هائل من المضاعفات الجانبية التي تؤثر على جودة حياة المريضة، وعلى رأسها الوذمة اللمفاوية المزمنة في الذراع.

ومع ذلك، لم يتوقف التطور عند هذا الحد؛ إذ أثبتت البيانات الإكلينيكية والبروتوكولات العلاجية المحدّثة أنه يمكن الآن التخلي عن إجراء خزعة العقدة الحارسة بالكامل في بعض الحالات. يشمل ذلك مريضات سرطان الثدي المبكر ذوات المخاطر السريرية والنسيجية المنخفضة، وبالأخص الأورام التي تُظهر حساسية قوية للمستقبلات الهرمونية.

هذا القرار المتقدم يُتخذ فقط عندما تكون العقد اللمفاوية سليمة تماماً عند تقييمها بواسطة الفحص السريري والأشعة التشخيصية قبل بدء الجراحة، ما يمثل خطوة نحو تخفيف العبء الجراحي من دون المساس بسلامة النتائج الأورامية.

ما هي التقنيات التي تستخدمونها لضمان إزالة الورم بالكامل مع هامش آمن، خصوصاً في الأورام الصغيرة غير الملموسة؟

نحن نضمن التنسيق الكامل مع فريق مختبر علم الأنسجة (Pathology Lab)  ليتم تحديد الورم (Tumor Margins)  جراحياً، ومن ثم يُرسل النسيج المستأصل مباشرة لإجراء فحص الزرع الفوري.

إذا اقتضت الضرورة، يتم استئصال نسيج إضافي لتأكيد خلو الجسم من الورم. ومن جهة أخرى، نطلب من فريق الأشعة تحديد منطقة الورم غير المحسوس باستخدام الموجات فوق الصوتية أو التصوير الشعاعي قبل العملية، وذلك لتسهيل تحديد موقع الورم بدقة أثناء الجراحة.

كيف تنسق عملك كجرّاح مع أخصائيي طب الأورام وأخصائيي العلاج الشعاعي لتحقيق خطة علاج متكاملة؟

نحن نعتمد نهج الفريق المتعدد التخصصات (Multidisciplinary Team – MDT) في إدارة حالات سرطان الثدي.

حيث يتم وضع بروتوكول علاجي فردي لكل مريضة بعد مناقشة معمقة لحالتها في اجتماعات الأورام الدورية، بحضور الزملاء المتخصصين في طب الأورام، الأشعة التشخيصية والتداخلية، العلاج الشعاعي، الجراحة التجميلية، التمريض المختص برعاية مرضى السرطان، وغيرهم من الكوادر المعنية، لضمان استعراض وتقييم جميع الخيارات المتاحة وتقديم أفضل رعاية متكاملة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى